ثورة تصحيحية أو حرب أهلية طاحنة.. خياران كلاهما مُر..

وطن يتآكل على مشارف عتبتين

2014-10-27 08:50:17 ملف خاص/ وليد عبدالواسع- محيي الدين الأصبحي

لم يعد اليوم أمام اليمن, في ظل تشظٍ سياسي وانهيار اقتصادي واختلال أمني وغيرها من الأوضاع التي لا تسر, سوى خيارات تبدو مخيفة ستجعل من البلد المفكك ساحةً لصراعات غير محمودة العواقب..

وليس بغريب أن يظهر المدير القطري للبنك الدولي في اليمن/ وائل زقوت ليقول إن اليمن اليوم أصبح أما طريقين: إما ثورة تصحيحية أو حرب أهلية مدمرة, وإن المخاطر ما زالت كبيرة.. فكثير من المراقبين يسيرون في نفس الاتجاه في حديثهم عن الأوضاع المرشحة للانفجار ومستقبل البلد الذي يخشاه الجميع..

لكن الآمال تبقى معلقة في مخيلة كثيرين من أبناء هذا البلد الذي اكتوى بنيران الصراعات والحروب وما يزال مواطنوه يتكبدون أثقال صراعات ساسته من اللاهثين وراء مطامعهم ومصالحهم الشخصية الضيقة التي جعلت من الوطن غنيمةً للتقاسم على حساب ملايين الناس الحالمين بوطن الدولة المدنية يعمه الرخاء والعدالة والمواطنة المتساوية..


مخاوف جديدة في دولة تتمزق

يتخوف مراقبون من أن ينزلق اليمن نحو المجهول في ظل التوتر الذي يسود معظم أنحاء البلاد.. وتؤكد صحيفة الواشنطن بوست الأميركية أن اليمن تعيش حالياً أزمة خطيرة وتمزقها فوضى الأطراف المتمردة والمتحاربة، مشيرة إلى أن الحكومة الضعيفة في اليمن لم تعد قادرة على التعامل مع هذه الأطراف.

وكانت تقارير حذرت من فشل المحادثات،. وتوقعت اندلاع حرب أهلية شاملة باليمن، أو الاتفاق على صفقة لنزع فتيل التوتر.

وقالت الواشنطن بوست إنه إذا فشلت المحادثات، سيزداد الانقسام الطائفي وبالتالي تتعالى حدة الخطاب الملهبة للمشاعر والتي قد تؤدي إلى حرب أهلية شاملة، مردفاً: وبدلاً من ذلك، بإمكان جميع الأطراف الاتفاق على صفقة لنزع فتيل التوتر.

واعتبرت الصحيفة أن مسألة أن تصبح اليمن دولة فاشلة لم يعد خوفاً جديداً, إلا أنها أكدت في الوقت ذاته أن اللحظة التي تعيشها اليمن حالياً مزعجة للغاية بعد أن استطاعت مليشيا الحوثي السيطرة على رقعة كبيرة من الأراضي بما في ذلك العاصمة اليمنية صنعاء..

وقالت الصحيفة إن اتفاق السلم والشراكة الذي تم توقيعه بين الحوثيين والحكومة اليمنية أصبح هشاً للغاية، والرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يرأس حكومة وفاق بلا سلطات..

وأشارت الصحيفة إلى أن هناك مخاوف لدى بعض الخبراء من تفكك الدولة في اليمن إلى إقطاعيات متحاربة أو العودة إلى الحكم الاستبدادي، مضيفة: “ربما في شكل نجل صالح”.

 ونقلت الصحيفة عن “سيلفانا توسكا”- وهو باحث في شئون منطقة الشرق الأوسط- قوله إن تزايد نفوذ الحوثيين ليس مرتبطاً بدرجة رئيسية بقوة السلاح أو الحماس الدينية, فالحوثيون لديهم ارتباطات مع الانفصاليين في جنوب البلاد.

وذكرت الصحيفة أن مشاكل اليمن لا تبقى في مكانها، وهو أمر تعرفه الولايات المتحدة جيداً، الأمر الذي قد يجعل للفوضى في اليمن صدى أكبر في المنطقة؛ لذا يقول “جون الترمان”، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، لقربها من السعودية ومضيق باب المندب والقرن الأفريقي، فإن انهيار اليمن سيكون له تأثير عميق على جيرانها”، مضيفاً “ماذا يعني عندما ينحدر في مزيد من الفوضى نموذج رئيسي تحاول الدولة الغربية وحلفاؤها تكراره”.

سيناريوهات التشظي

يبقى اليمن بانتظار العديد من السيناريوهات التي يخشى العديد من السياسيين أن تكون بعضها غير مأمونة العواقب ويرون أنها قد تقود البلد إلى أتون حرب أهلية أو العودة بها عقودا للوراء من الصراعات المسلحة وقد تصل إلى درجة التشظي السياسي والجغرافي.

ويرى الصحفي والمحلل السياسي المعروف عبد الباري عطوان سيناريوهات كثيرة يقف على أعتابها البلد بعد هذا الانقلاب الكبير في كل المعادلات السياسية والقبلية والعسكرية والإقليمية التي كانت تحكمه طوال السنوات الخمسين الماضية.

ويشير عطوان إلى أن السيناريو الأول هو أن يستولي الحوثيون على السلطة، ويعيدون النظام الملكي مثلما كان عليه الحال قبل الثورة عام 1962، فالهاشميون موجودون في اليمن، وزاد حضورهم في الفترة الأخيرة، وما زالوا يتطلعون للعودة إلى السلطة، والجيل الثالث منهم تعلم في الخارج واكثر تعليما وخبرة من الأجيال السابقة.

السيناريو الثاني أن يتحول عبد الملك الحوثي زعيم “الحوثيين” إلى “مرشد اعلى” لليمن على طريقة السيد علي خامنئي في ايران، ويمسك بزمام الأمور في يديه، ويحكم البلاد من خلال حكومة تنفيذية قوية يتزعمها شخصية موالية له. أما السيناريو الثالث أن يبقى الرئيس اليمني الحالي عبد ربه منصور هادي في السلطة “شكليا” ودون أي صلاحيات ولو لفترة مؤقتة، ويكون التيار الحوثي هو صاحب القرار الحقيقي في البلاد، ويحكم من خلف ستار. والسيناريو الرابع هو الفوضى المسلحة، وتفكك الدولة لان التيار الحوثي غير مهتم ببسط سلطته على الجنوب، ويحصر اهتمامه في المناطق الزيدية فقط في الشمال، فمن جنوب صنعاء وحتى مدينة تعز يعتبر اليمنيون الشوافع انفسهم في حل من الدولة ومن يريد أساساً محاولة السيطرة على مناطق جنوبية مقسومة بين الحراك الجنوبي الذي يريد الانفصال، ومناطق الجنوب الشرقي التي يسيطر على معظمها تنظيم “القاعدة” أو بالأحرى يتواجد فيها بشكل مكثف.

ويشير مراقبون أن اليمن يواجه خيارات صعبة للخروج من أزماته المتلاحقة، إثر التصعيد العسكري لجماعة الحوثي المسلحة على العاصمة صنعاء واحتمالات انفجار الوضع عسكريا في أي وقت خلال الأيام القليلة المقبلة.

وتؤكد التحليلات أن اليمن يواجه اليوم "خطر التفكك الطائفي بين مجموعات مسلحة شيعية مدعومة من إيران نجحت في السيطرة على أجزاء واسعة من شمال اليمن واتباع القاعدة في الجنوب" وفقا للصحيفة التي كشفت عن تنفيذ إدارة أوباما عمليات مكثفة ضد القاعدة في اليمن لكن سيطرة الحوثيين على شمال اليمن، ستجعل من الصعب مواصلة مثل هذه الغارات الأميركية على القاعدة".

وقالت صحيفة "الموند" الفرنسية إن اليمن السعيد يواجه خطر التقسيم وعلى حدود التفكك, بعد ثلاث سنوات على الإطاحة بعلي عبد الله صالح الذي حكم اليمن مدة 33 سنة.

وتساءلت الصحيفة في تقرير لها عن الوضع باليمن: "هل يواجه اليمن السعيد خطر التقسيم؟ في ضوء المعارك الطاحنة التي تدور بين المسلحين الشيعة والسنة ونقلت الصحيفة الفرنسية العالمية عن عبد الرحمن الراشد الخبير في الموضوع اليمني قوله إن "مثل هذا الحل سيحمل معه بذور الفوضى، وان أي عملية تقسيم لشمال اليمن عن جنوبه ستزيد حدة المشاكل القائمة نظراً إلى عدم وجود سلطة قادرة على وضع حد للاقتتال الداخلي.

وأكدت تمكن الحوثيون، خلال الأسابيع الأخيرة من استغلال الفراغ في السلطة من إحكام قبضتهم على صنعاء والحديدة. في حين قالت إن القبائل المحلية السنية التي تسيطر على الجنوب وتتماهى مع القاعدة" تقف في مواجهتهم وفقا لترجمة صحيفة النهار اللبنانية.

ويؤكد عطوان أن الدولة انهارت في اليمن، وكل عمليات “الترقيع″ المقترحة من المبعوث الدولي أو غيره لن تمنع هذا الانهيار، وان منعته فلفترة قصيرة، لنا في ليبيا خير مثال للأسف الشديد، ولذلك قد يكون السيناريو الأخير هو الأكثر ترجيحا، فلا احد يهتم باليمن للأسف، وكل الاهتمام ينصب حاليا على “الدولة الإسلامية” في الشمال العربي.

ويوضح أن انهيار الدولة اليمينة ومؤسساتها سيشكل عامل عدم استقرار للجوار الخليجي، وللمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، فمجلس التعاون الخليجي ارتكب اكبر خطيئة في تاريخه عندما اهمل اليمن وجوّع شعبه، ووضع العراقيل أمام انضمامه إلى ناديه الثري، ولم يضع مبكراً خططاً حقيقية للتنمية والاستقرار من خلال مشاريع تحفز اقتصاده، وتخلق فرص العمل لشبابه العاطل حيث تصل نسبة البطالة في صفوفه إلى اكثر من خمسين في المئة، وطالما انه لا يريد فتح أسواق العمل في الدول الخليجية له.

اليمن يتفكك

بعض مدن الشمال وحراك جنوبي يطالب بالانفصال.. هكذا أصبح التفكك مصير اليمن، حد مراقبون فالحوثيون سيطروا على محافظات كثيره العاصمة ذمار إب و الحديدة التي تعد أكبر المدن اليمنية وعلى مينائها الاستراتيجي على البحر الأحمر، ومطارها، في خطوة تؤكد استمرار المتمردين الشيعة المتهمين بتلقي الدعم من إيران في توسيع رقعة نفوذهم في اليمن.

وفي الجنوب، شارك الآلاف من أنصار الحراك الجنوبي في ساحة “الشابات خور مكسر” في عدن، لإحياء الذكرى 51 لثورة 14 أكتوبر ضد الاحتلال البريطاني، ولإطلاق اعتصام مفتوح للمطالبة بالانفصال واستعادة دولتهم السابقة التي كانت مستقلة حتى عام 1990.

وقدم أنصار الحراك الجنوبي من محافظات لحج والضالع وشبوة وأبين وحضرموت إلى عدن، استجابة لدعوة أطلقت من قبل قيادات فصائل في الحراك الجنوبي، حاملين شعارات مطالبة بالانفصال ومناهضة للوحدة مع الشمال، وشوهدت مئات السيارات آتية من

المحافظات الأخرى في شوارع عدن، وهي تتجه نحو ساحة “الشابات”، وبات الآلاف موجودين في ساحة العروض ويرفعون أعلام الدولة الجنوبية السابقة. ويرى جنوبيون كثر أن ما تشهده صنعاء منذ سيطرة المسلحين الحوثيين على مقرات عسكرية وأمنية ومؤسسات حكومية وعدم قيام أجهزة الدولة بالدفاع عنها وانشغال النظام بالصراع الدائر بين القوى الشمالية، كلها عوامل تؤمن فرصة سانحة لاستعادة دولتهم الجنوبية

بين القاعدة والحوثيين

مع بداية الثورة اليمنية في عام 2011 وتنحي الرئيس علي عبد الله صالح عن الحكم، تعيش البلاد تجاذبات، ومشكلات، وتحديات مختلفة، متزامنة ومتراكمة. ولم تنجح جلسات الحوار الوطني السابقة، وما تمخض عنه من نتائج في نزع فتيل كل تلك الألغام. وفى مقابل تراجع الحوار والإدارة السلمية لأزمات البلاد وصراعاتها، تصاعدت لغة السلاح والمواجهة والتحدي.

وبدا ذلك واضحاً في المواجهة الدائرة بين القوات الأمنية والحوثيين، واستعراض الحوثيين قوتهم. فقد باتوا يشكلون دولة داخل الدولة، وهددوا أكثر من مرة باقتحام العاصمة صنعاء بعد سيطرتهم على مدن ومناطق مهمة في البلاد في الشمال وفى مدن استراتيجية مثل صعدة، ويعدها عمران والحديدة وذمار وإب وعلاوة على هذا، فرضوا شروطهم لوقف القتال، من أهمها إلغاء قرارات رفع أسعار الوقود التي اتخذتها الحكومة اليمنية، والتي استجابت جزئيًا بعودة جزء من الدعم السابق على الطاقة.

وفى الجبهة الثانية من المشهد اليمني، هناك تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذى وظف حالة الفراغ الأمني في البلاد، وازداد تغلغه وعملياته العسكرية بل وسيطرته على محافظات مهمة خاصة في شبوة وعمران وصعدة.

ونفذ عمليات اقتحام ومهاجمة عسكرية ضد مراكز ومقار قوات الأمن اليمنية ووصل إلى اقتحام وزارة الدفاع اليمنية في صنعاء. كما وظف التنظيم حالة التدهور الاقتصادي في البلاد، والتهميش الذى تعانيه مناطق يمنية خاصة على الأطراف في استقطاب شباب وأبناء.

العزعزي: عودة الدولة إلى الواجهة هي المخرج الوحيد للبلد

يؤكد وكيل وزارة الثقافة وعضو اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية السلمية/ عبد الهادي العزعزي أن حالة الشلل القائمة في البلد لا تفسير لها سوى أن الدولة أسقطت الدولة. وأشار إلى أن هناك حالة من التخاذل وأن الإشكالات الحاصلة في السلطة السياسية هي من أوردت هذا الوضع.

وقال العزعزي- في حوار قصير لـ" أخبار اليوم"-: هناك حالة من التعطيل امتدت إلى تدمير جهاز الدولة أو شل حركته تماما هي حالة شلل عام الآن أشبه بحالة صدمة كهربائية هذه مسألة ليست لها علاقة بتشكيل الحكومة ولا بالاتفاق, هذه مسائل مرتبطة بأداة ما نسميه جهاز الدولة الإداري.. نص الحوار:

* أنتم كقوى شبابية أمام الوضع القائم في البلد الذي يقول كثيرون بأن اليمن أصبح أمام خيارين؛ إما حرب أهلية أو ثورة عارمة, أنتم كشباب ما دوركم للخروج بالبلد من هذا الوضع ؟

- اعتقد أن الدور الأساسي أن تعود الدولة إلى الواجهة بأي طريقة لأنه المخرج الوحيد باعتبار أن الدولة هي المؤسسة العامة التي يتقبل الجميع هيمنتها وسيطرتها دون الشعور بأي إقصاء. واعتقد أن الأجهزة المعنية هي من تخلت بشكل أساسي عن دورها, هي من استسلمت لنفسها ولم تقم بدورها المطلوب.

وهناك فرق مابين المسألة السياسية والدولة الإدارية. مع الأسف الشديد إن السلطة السياسية أدت إلى إنهاء الدولة الإدارية, والدولة الإدارية لا علاقة لها بالسلطة السياسية. يمكن أن تبقى الدولة الإدارية المتمثلة بالخدمات العامة وبالمؤسسات- أي مؤسسات- بوكيل وزارة باتجاه الأسفل. هذه المسئولة عن تقديم خدمات أجهزة الشرطة خدمة مدنية كجهاز مدني لديه القدرة أيضاً مع دعم عسكري قائم هو المعني بهذه المسألة.. مدراء الأمن وكلاء الوزارة مدراء على مستوى المديريات وكلاء المحافظات هذه مهامهم.

*وماذا يعني هذا السقوط؟

- حالة الشلل القائمة في البلد لا تفسير لها سوى أن الدولة أسقطت الدولة يعني ما هو حادث هو أن الدولة أسقطت الدولة وان هناك حالة من التخاذل نحن نربط حتى الموظف البسيط ورجل الإدارة بالسلطة السياسية, لا علاقة له بالسلطة السياسية حتى الإشكالات الحاصلة في السلطة السياسية هي من أوردت هذا الوضع, أيضاً هناك إشكال اكبر الآن تقريباً البلد الوحيد الذي يستخدم الجيش في مهام أمنية وهذه إشكالية برغم وجود مؤسسة كبيرة جداً هي الأمن المركزي أو الأذرع المساعدة للداخلية "الأمن المركزي قوات النجدة الأمن العام" هذه إجمالاً لا يجري الاستفادة منها كما لم يجرِ الاستفادة من النظام التقليدي في البنية الريفية.

هناك حالة من التعطيل امتدت إلى تدمير جهاز الدولة أو شل حركته تماماً هي حالة شلل عام الآن أشبه بحالة صدمة كهربائية هذه مسألة ليست لها علاقة بتشكيل الحكومة ولا بالاتفاق, هذه مسائل مرتبطة بأداة ما نسميه جهاز الدولة الإداري .

* ما المطلوب لحل مثل هذا الشلل وما يحدث في البلد؟

- المطلوب أن جهاز الدولة الإداري يعود إلى الواجهة ويقوم بمهامه المحددة بالقانون وآلية الدستور السابق إلى أن يأتي الدستور الجديد وهذه مسألة أخرى لكن يظل الحال على ما هو عليه من حيث القوانين وسيادتها ونفاذيتها وهذه مسألة سهلة, أي أن شكل الدولة الإدارية لا علاقة له بالسلطة على حتى حكومة الأعمال أن تبث بهذه المسائل وان تحاكم المقصرين .

* القوى السياسية، القوى المدنية، والقوى الثورية, ما دورها في هذا الجانب؟

- مع الأسف الشديد أصيب الجميع بحالة الشلل غير مبرر تماماً منذ فترة أحداث صنعاء ما قبل عيد الأضحى وإلى اليوم لم تتعافى المسألة حتى على المستوى الشعبي. أيضاً عدائية الإعلام وهو جزء أساسي في تحليل الدولة لان الدولة عندما يتم تحليلها تقسم إلى 3 أجزاء سلطة سياسية وجهاز إداري للدولة ثم أيديولوجية الدولة الذي هو الإعلام أو قوى السيطرة الناعمة. مع الأسف الشديد الخطاب الإعلامي القائم في الجمهورية اليمنية سواء العام أو الخاص يمارس بطريقة لا يخدم الدولة أو ليس له توجه سياسي إيديولوجي باتجاه خدمة بناء الدولة أو آلية الحفاظ على ما هو قائم من السلطة الذهنية في أذهان الناس. هناك تدمير لوجود الدولة في الصورة الذهنية عند المواطن وهذه مسألة خطيرة جداً.


الزرقة: اذا انهار الاقتصاد سيتحول الجميع إلى بنادق بأيدي الجماعات المسلحة

يؤكد الصحفي والمحلل السياسي أحمد الزرقة لــ "أخبار اليوم" بأن اليمن ليس بحاجة إلى ثورة بل إلى مصالحة وطنية شاملة، ويشير إلى أن البلد لا تحتمل الآن وضعاً ثورياً، بقدر ماهي بحاجة إلى مرحلة من التصالح والتسامح وأيضاً تحقيق العدالة الانتقالية، وبالتالي وضعها في الطريق نحو وطن يتسع للجميع وشراكة وطنية بين جميع المكونات السياسية، ونزع أدوات العنف من الجماعات المسلحة وبالتالي تعزيز سيادة القانون وبسط نفوذ الدولة على جميع الأبواب اليمنية.

وأوضح الزرقة بأن الوضع الذي يجب أن يكون هو انجاز الدستور والاحتكام لسيادة الدستور والقوانين الوطنية المختلفة، أما الاتفاق حسب الصراعات بالسلاح, فسيؤدي إلى المزيد من الخسائر سواء الأمنية أو الاقتصادية أو السياسية وتخرج البلد باتجاه الاقتتال الأهلي .

وعن السيناريو القادم الذي يمكن أن ترسمه الحكومة الجديدة, قال الزرقة: هذه الحكومة ولدت ميتة وبالتالي لن يكون لها حضور، والواضح في ظل سيطرة جماعة المسلحة على الوضع مازالت البلاد بحاجة إلى تسوية الملعب السياسي، والآن قضية المحاصصة والتقاسم انجر بها اليمنيون كثيراً وهي اصبحت جزءاً من الأخطاء التي لا يجب تكرارها، كان يجب ان تكون هناك حكومة ذات كفاءات وطنية وحكومة تكنوقراط ليس حكومة تقاسم ومحاصصة وتقرر نفسها، محكوم عليها بالفشل كون هناك طرف يتحكم في المشهد السياسي والأمني ضد بقية الأطراف باستخدام السلاح، وبالتالي يجب ان تكون الحكومة أولاً يتم الاتفاق على خروج المسلحين من المدن ووقف الصراعات والنزاعات وأيضاً إعادة انتشار قوات الجيش والأمن واستكمال أيضاً أدوات الدستور من اجل ان يكون هناك هدف مرحلة أو أهداف زمنية؛ مرحلة مزمنة بالتحديد تسعى في استعادة الدولة من الجماعات المسلحة .

وحذر الزرقة من مواجهة اليمن للخطر الأكبر وهو الانهيار الاقتصادي الذي يمثل التحدي الأول الذي يواجه البلد خاصة أن هناك صعوبات اقتصادية كبيرة جداً, فضلاً عن مخاطر انتشار الجوع وسواء التغذية وغيرها, بالإضافة إلى الخطر الأمني المتمثل بالانزلاق نحو مواجهات أمنية بشكل واضح وفي مناطق متعددة ويصعب السيطرة بعد ذلك عليها وبالتالي ما قد تؤدي إلى انهيار الدولة بشكل كامل والدخول في مرحلة الفوضى.

وأضاف" أنا لا أتحدث عن حرب أهلية ولكن أتحدث عن انهيار للدولة، لن يكون هناك حرب بقدر ما سيكون هناك تقسيم للبلد بشكل واضح وسيكون هناك عبارة عن بؤر توتر وعنف لكنها في الأخير هناك مخاطر اقتصادية وهي الخطر الأكبر تحدياً للدولة وللوجود الحقيقي للدولة، اذا انهار الاقتصاد يتحول الجميع إلى مجرد بنادق بأيدي الجماعات المسلحة، وبالتالي هناك انقسام حاصل في المجتمع يبشر بالمزيد من المواجهات الدامية, لكن أن نقول إن هناك حرباً شاملة، سيكون هناك جماعات تسيطر على مناطق كبيرة وسيكون هناك بؤر من الصراع في مناطق محددة على أساس جهوي على أساس طائفي و مناطقي".

ودعا الزرقة القوى السياسية في البلد إلى أن تحترم نفسها وان تقول للناس ما الذي يحدث وتتخذ مواقف مختلفة وتحدد مواقفها من جميع الأحداث بدون المغالطة و بدون خوف، لكن الاستمرار بالمراوغة ومحاولة الاستيلاء على السلطة أو المشاركة فيها بهذا الشكل المهين والشكل الغير وطني، سيمثل- حد قوله- وصمة عار في جبين هذه القوى التي تواطأت وسمحت للبلد أن تسقط في دوامة العنف وهي تبحث فقط عن حصصها وعن مكاسبها الفردية.

 وقال: لا بد أن يكون هناك مشروع وطني لهذه الأطراف، تبحث أيضاً عن دولة تسعى لتغليب مصالح الوطن على المصالح الذاتية للجماعات ولأعضاء هذه النخب السياسية التي ربما هي جزء من المشكلة ولا تستطيع أن تصبح جزءاً من الحل.

العديني: الرئيس والحكومة والقوى السياسية ارتهنوا للخارج

يؤكد عضو مجلس النواب- الشيخ/ عبد الله احمد علي العديني أن اليمن تمر بخطر كبير ومؤامرة كبرى يديرها المجتمع الدولي ودول إقليمية كما تديريها قوى داخلية.

وقال في تصريح لـ" أخبار اليوم" إن الكل يتآمر على كل مفاصل القوة في هذا البلد على الدين والسيادة والوحدة. وحمّل العديني القوى السياسية والأحزاب السياسية كامل مسئولية ما يحدث لأنها استجابت لرغبات المجتمع الدولي ونفذت له كل ما يريد ولذلك رئيس الدولة والحكومة والأحزاب يتحملون هذه المسؤولية لأنهم ارتهنوا للقوى الخارجية فإذا بالقوى الخارجية تبيع الأحزاب السياسية والدولة بأكملها.

وأشار العديني إلى أن العلماء أُزيحوا تماماً من المشهد السياسي منذ ثورة فبراير 2011م مروراً بمؤتمر الحوار الوطني الذين لم يتم استيعابهم فيه وغيبوا تماماً حتى اليوم، كما أُغلقت المساجد في وجوههم، كما حُورب العلماء بالإعلام بشدة وبالتالي لم يصبح للعلماء كلمة، وقال: اُستبعدت القوى الفاعلة في الحوار والقوى العاقلة اُستبعد العلماء والمشايخ والدكاترة، اليوم العلماء أُبعدوا تماماً لأن القرار لم يعد بأيدي العلماء إنما بيد القوى الدولية التي أصبحت تعادي العلماء.

ودعا كل علماء اليمن أن يجتمعوا وأن يتقدموا بحل نظري وحلول عملية ويخرجوا إلى الميدان بقيادة الجماهير وتوعيتهم وتبصير الناس بخطورة الوضع الذي تعيشه اليمن.

 كما دعا جميع القوى السياسية وبالذات الحوثيين والحراك والقاعدة أن يتقوا الله في دماء اليمنيين وأن يتعقلوا وأن يذهبوا إلى رشدهم وأن يقفوا موقفاً إسلامياً وطنياً ويجنبوا البلاد هذه الأزمة الراهنة.

وأضاف" إننا لن نصل إلى حل إلا إذا عدنا لتطبيق شريعة الله ، وأن مؤتمر الحوار الوطني أعلن فيه حرباً على الشريعة الإسلامية فعاقبنا الله عز وجل لأن الأحزاب السياسية والدينية وقعت على الحوار الوطني وأصبح الحوار كله حرباً على الشريعة الإسلامية ، وينبغي التوبة مما ارتكبته القوى السياسية في مؤتمر الحوار والعودة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية والعلماء يؤدون دورهم".

الدكتور/ الذيفاني: ما يحدث الآن صورة مصغرة لما حدث للعراق

دعا أستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور/ عبد الله الذيفاني القوى السياسية وكذا المكونات الثورية والشباب الذين ضحوا في السنين الماضية أن يأخذوا زمام المبادرة ومثلهم الأكاديميين والسياسيين وأنصار السلم أن يخرجوا بصوت مرتفع يقولون لهذه الهمجية وهذه البربرية: كفى نحن لا نريد مليشيات مسلحة لأي طرف لا نريد دماً يسفك لأي طرف نريد بلداً آمناً ونريد دماً مصوناً ونريد مواطناً كامل المواطنة لا انتقاص في مواطنته لأي سبب من الأسباب.. جاء ذلك في حوار قصير مع صحيفة "أخبار اليوم".. نص الحوار:

* اليوم اليمن تتجه إلى طريقين؛ إما ثورة عارمة تصحيحية وإما طريق آخر وهو الحرب الأهلية المدمرة كيف تقرأ هذه الخيارات؟.

- إلى الآن لم أرَ لم ألمس لم أسمع لم أشاهد لم لم ولم .. أن هناك طريقاً نحو التغيير الذي ننشده نحو الدولة المدنية التي حلمنا بها نحو دولة النظام والقانون نحو دولة المؤسسات ما أشاهده هو حروب هناك وهناك ما أشاهد هو مليشيات مسلحة تنتشر في كثير من المدن والمحافظات ما نشاهده هو إقبال على السلاح من قبل اطراف كثيرة, ما نشاهده أن المجتمع ربما يُحضّر لمعارك لا يعلم مداها إلا الله سبحانه وتعالى, ما نشاهده اليوم يحتاج إلى وقفة حقيقة من القوى التي تدعي أنها تنتصر للتغيير وتعمل من اجل الوصول إلى الدولة المدنية, لا بد من موقف حازم وحاسم يوقف هذا المد الذي سيفجر اليمن وسيجعلها ساحة قتال لا يستفيد ولن يستفيد منها إلا أعداء اليمن بكل المقاييس .

* ألا توجد أي مؤشرات لتجاوز الوضع والخروج باليمن من أزماته الطاحنة ؟

- أي تغيير حقيقي والتمدد الحوثي على سبيل المثال والميليشيات التي تقتحم الوزارات وتفرض رقابة ثورية باسم من؟. "لا ادري والله!". وتدخل الوزارات وتوجه توجيهات تمنع الوزارات من ممارسة مهام معينة وتفرض نفسها حارسة أمنية على حق باسم الشعب لا أدري من هو الشعب الذي يصوت ويعني مفروض أنها تسمي نفسها لجان حوثية وأنها تعمل باسم الحوثي وهذه مسألة ستكون لها تفسيراتها, لكن أن تكون قضية أن تصبح الأمور منفلتة وهيبة الدولة كل يوم تضيع والجيش كل يوم يتوارى والأمن صوته يخفت.

أين هي المؤشرات للدولة المدنية الحديثة, أين هي المؤشرات التي تقول لنا انه فعلا أن البلد تسير نحو بناء الدولة بكل المعاني والإبعاد التي عرفناها ودرسناها وانتظرناها طويلا وخرج الناس جميعا الثورة الشبابية الشعبية السلمية في 2011م من اجل التعبير عنها وقدموا ازكى ما ليدهم من دماء وأرواح وتضحيات مختلفة؟. اعتقد بان على القوى السياسي أن تتخذ زمام المبادرة وان تتخذ موقفاً سلباً لمنع التجاوزات والعودة إلى تنفيذ مخرجات الحوار والسير في بناء الدولة المدنية الحديثة وتنفيذ اتفاقية السلم والشراكة التي هي الآن حبر على ورق وهذا الحبر لن يكون لها قيمة مالم يبعث فيه الحياة من قبل الأطراف الموقعة عليه لا بد من سحب الأسلحة من المليشيات لابد من تحرير البلد من السلاح والعودة إلى القلم العودة إلى الفكر العودة إلى العقل العودة إلى إنتاج المعرفة إلى إنتاج الدولة التي بدونها لن نستطيع أن ننتقل إلى مستقبل أفضل ومستقبل آمن ومزدهر ومستقر .

* أمام هذا الوضع السياسي وتصدعه والانهيارات الاقتصادية والاختلالات الأمنية وأمام ووصول السياسيين إلى وضع لم يستطيعوا تقديم حلول يرى الناس بأن اليمن تمر أمام خيارين؛ إما ثورة عارمة أو حرب مدمرة, هل يعني أننا بحاجة إلى ثورة وهل البلد قادر على تحمل هذه الثورة؟

- الثورة التي نريد ليست ثورة البندقية ولكن ثورة الفكر أن تكون ثورة مستمرة سلمية تخرج إلى الشوارع إلى هذه الدولة ترفض المليشيات تنبذ العنف تنبذ السلاح تدعو إلى الأمن والاستقرار ترفض حل الجيش لأنه ما يحدث الآن كأنه صورة مصغرة لما حدث للعراق.

حل الجيش والقوات المسلحة والأمن واستبداله بقوة مليشيات هذه مسألة لابد أن يرفضها المجتمع بدعوى انتمائه إلى حضارة اليمن, اليمن دولة لها في التاريخ ولها في مراحلة التاريخ إسهامات عظيمة في الجانب المدني والثقافي ينبغي أن تكون الثورة في هذا الاتجاه ثورة مستمرة من اجل البلد ليس من اجل البندقية؛ ثورة بصدور عارية ثورة سليمة ترفض هذا العنف المبتذل الذي اصبح يسفك بدم بارد وأصحبت الأرواح تزهق بدم بارد.

يعني لم يعد هناك قيمة للإنسان لا لدمه ولا لماله ولا لأمنه ولا لاستقراره يعتقد بان هذه الثورة التي نريد لكي لا نصل إلى حرب أهلية. الحرب الأهلية لن تبقي ولن تذر الحرب الأهلية معناها أننا ندخل في انفاق لا يمكن أن نخرج منها بيسر ولا بسهولة ولا بمسافات زمنية قريبة كما يعتقد البعض الدخول سهل لكن الخروج صعب جداً.

* ألا يوجد سيناريو للخروج بالبلد من هذا الوضع؟

- نقول العمل السلمي واحتشاد أنصار الدولة المدنية أنصار المجتمع المدني هم الذي سيفرضون الحل وهم الذي سيكون على أيديهم بوابة الخروج من هذا التيه الذي نعيشه. على القوى السياسية التي فيها حياء أن تكون مبادرة وعلى المكونات الثورية أن تأخذ أيضاً زمام المبادرة على الشباب الذي ضحوا في السنين الماضية أن يأخذوا زمام المبادرة على كل الأكاديميين والسياسيين وأنصار السلم أن يخرجوا بصوت مرتفع يقولوا لهذه الهمجية وهذه البربرية كفى نحن لا نريد مليشيات مسلحة لأي طرف لا نريد دماً يسفك لا طرف نريد بلداً أمناً ونريد دماً مصوناً ونريد مواطناً كامل المواطنة لا انتقاص في مواطنته لأي سبب من الأسباب.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد