الجسور والانفاق فساد يتربص بأرواح البشر

2014-12-14 17:45:57 الاقتصادي/ عمر عبدالملك


كشف تقرير صادر عن الإدارة العامة للشؤون الهندسية في الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، عن مشروع جسر العمري برقم 3187 لسنة 2014م تقاطع جولة الدائري مع شارع خولان, أن مشروع جسر العمري، كانت قيمة العقد الأصلي للمشروع مبلغ (1,858,120,000) ريال، بموجب مناقصة عامة، وتم إلغاء العقد الأصلي وعمل عقد آخر نهائي بمبلغ (2,229,722,260) ريال, بزيادة بلغت (371,602,260) ريالاً عن سعر المناقصة التنافسي لصالح المقاول.

وقال التقرير إن قطاع الأشغال والمشاريع بأمانة العاصمة، عمل تصاميم ورسومات لجسر بطول 760 متراً (ترابي – خرساني) وتم إنزال المناقصة والمنافسة على هذه التصاميم والمخططات، وتم إرساء المناقصة على الإدارة العامة للإنشاءات والتركيبات الفنية بالمؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية (وزارة المواصلات).

إضافة إلى عمل محضر بين الجهة المالكة (القطاع) والجهة المنفذة (المواصلات) بشأن تغيير المخططات والرسومات، وتم إعداد المخططات والرسومات الجديدة لجسر خرساني بطول 640 متراً وسلمت إلى الجهة المنفذة (دون توضيح الأسباب الفنية والاقتصادية التي أدت إلى مثل هكذا تغيير, وما الأفضلية بذلك).

وما سبق اتضح عدد من المخالفات في الدراسة والتصميم، تمثلت في قيام كوادر قطاع الأشغال العامة والمشاريع بأمانة العاصمة بالموافقة على الدراسات والتصاميم السابقة وإنزالها في مناقصة عامة في صورتها السابقة تعني عدم إدراك القطاع أهمية وحجم تلك المشاريع, وتوحي أن إدارة عشوائية وعبارة عن أعمال فردية واستحواذية لا علاقة لها بالأسس الهندسية والتخصص وتقسيم الأعمال والعمل الجماعي للفريق الواحد.

وأشار التقرير إلى أن ما حدث من تعديلات، بل تعديل كامل الجسر، دليل واضح على القصور الكبير والواضح في مرحلة الدراسات والتصاميم، وهو ما يعد مخالفاً لقانون المناقصات والمزايدات للمادة رقم (99)، وإهدار للجهد وللمال العام (مال الشعب) في صرف قيمة التصاميم الأولى، بالإضافة إلى صرف مبلغ (800,000) ريال مقابل مراجعة التصاميم الأخيرة.

كما كشف التقرير عن وجود أعمال إضافية من داخل وخارج العقد، وأن أعماق القواعد بسيطة، وكذلك المسافة بين الركائز 20 متراً، الأمر الذي يقلل نسبة الأمان.. إذا ما استدعت الضرورة لعمل نفق مستقبلاً، وستكون المعالجة المستقبلية مكلفة جداً، وذلك بالمخالفة لقرار اللجنة العليا رقم (226) بتاريخ 9/11/2009م والتي تنص على أن (تتحمل الجهة المسؤولة إمكانية التوسع المستقبلي للجسر إذا ما تطلب الأمر تنفيذ أعمال إنشائية أخرى غير الجسر عند التقاطع لتسهيل عملية المرور).

ناهيك عن عدم تماثل الجسر من المنتصف (بالرغم أن التصميم الأول كان متماثلاً) مما جعل نسبة الميول عالياً من جهة دون الأخرى والذي يؤثر على مسافة الرؤية كما أدى إلى ارتفاع الجدار الساند مما خلق منظراً غير جمالي وسط الشارع، كما أنه لم يكن اختيار نوع الوسائد المطاطية موفقاً، حيث إن الاختبارات الخاصة بها توضح أن عمرها الافتراضي (15 سنة) وبالتالي ستتم أعمال الصيانة بعد انتهاء عمرها الافتراضي، هذا إذا لم تتم الصيانة قبل تلك الفترة.

وأيضاً كشف التقرير عن مخالفة المواصفات العامة فيما يخص البند (15.2) في صفحة 86 من كراسة المواصفات والشروط العامة والذي يحدد الالتزام بالمساحات المطلوبة للحديد المستخدم وبجميع أنواعه وما تم استخدامه من الحديد فعلياً عند تنفيذ المشروع لم يحقق المساحات التصميمية للحديد والناتج عن اختلاف الأقطار لجميع الأنواع للحديد وبالتالي نتج عن ذلك ظهور فوارق في الأوزان وبنسبة تصل إلى (2%-3%)..

 إذ فنياً يجب على طاقم الإشراف تعويض الفارق في المساحات بإضافة كمية من الحديد التي تلبي المساحات التصميمية, وتحفظ الجهاز الفني للرقابة والمحاسبة على مدى سلامة المنشأة ويحمل الأمانة المسؤولية الكاملة عن أي خلل قد يحدث مستقبلاً, حيث استفسر الجهاز الفني للرقابة والمحاسبة عن هذا الخلل وتم الرد عن ذلك (الكلام للمختصين بقطاع الأشغال والمشاريع بأنهم قاموا بتعويض النقص بإضافة أسياخ ولكن لم يتم تحديد الأماكن التي تم التعويض فيها ولا الكميات).

هذا مع عدم تنفيذ الاشتراط المتعلق بتوسعة عرض الوسط للجسر عن العرض لمدخلة وذلك بما لا يقل عن 3 أمتار وفقاً لاشتراطات جمعية موظفي الطرق السريعة بالولايات المتحدة AASHTO، وعدم فتح حرية المسار لسير السيارات بشكل غير مقيد للسائق في مستوى أسفل الجسر (الخط الدائري)، وهو الهدف الرئيسي الذي أنشئ الجسر من أجله، وهذا يدلل على عدم تحقيق الهدف الرئيسي من إنشاء الجسر وتنفيذ المشروع.

علاوة على أن الميل الطولي للطريق نسبة إلى الطول المنفذ للارتفاع أو الهبوط عالٍ نسبياً بحيث يترتب عنه انخفاض ملحوظ بسرعة المركبات المقبلة على الجسر، وهذا يعني انفصالاً في حرية انسيابية السرعة لحركة المرور، وذلك يأتي بالمخالفة للمتطلبات المعيارية لتصميم الجسور.

أيضاً من الاشتراطات التي لم يتم التأكد منها، معامل الاحتكاك على سطح الإسفلت فوق الجسر لمنع الانزلاق، لكون منطقة أعلى الجسر خطيرة في حالة انزلاق أي مركبة أو سيارة عن أسفله، وهو ما يخالف الاشتراطات العالمية للتصاميم المعيارية للجسور وتعريض حياة المواطنين والمارة للخطر، وربما الموت.

وظهور الحاجز الموجود بداية الجسر، والذي يفصل حركة السيارات لليمين أو لأعلى الجسر والذي في الغالب يكون بارزاً وعرضة لاصطدام السيارات بالحاجز، فقد أنشئ من خرسانة مسلحة عالية الصلابة خلافاً للاشتراطات المعيارية التي حددت بأن يكون هذا الجزء من الجسر (الحاجز البارز) من الخرسانة الهشة (قليلة الاسمنت) حتى لا يجرح بقوة أي مركبة يصدم به ويودي إلى خسائر في الأرواح.

وفي مجال جداول الكميات كشف التقرير عن عدم تحديد لمن تؤول ملكية (السيارات والأجهزة المساحية والكتل الخراسانية الجاهزة واللوحات المرورية بعد انتهاء المشروع)، وعدم تحديد الأسلوب الذي تم اتباعه في تحديد أسعار البنود التغييرية وخاصة لجسور المشاة ومواكبتها للأسعار السائدة المعتمدة بوزارة الأشغال العامة والطرق.

إضافة إلى أن العمل على خدمة المقاول (المواصلات) بغية الحصول على أكبر نسبة أرباح ! وذلك بزيادة الكميات ذات الأسعار الجيدة (بند الحديد والخرسانات والجرانيت وشبك الحماية)، ووجود تباين في مواصفات البند الخاص بالوسائد المطاطية ما بين الرسومات والكميات المنفذة على الواقع.

وكذلك إهدار للمال العام (مال الشعب) والمتمثل في وجود أعمال ليس لها ضرورة فنية (الجرانيت + بند أحواض الزهور غير الموجودة على الواقع)، ففي بند (1.03) والخاص بإزالة الإشارات المرورية والكاميرات عبارة (إن وجدت) تدل على عدم التحري والتدقيق عند المسح الأولي الميداني للمواقع من قبل مهندسين قطاع الأشغال والمشاريع.

وفصل بند الحديد وجعله بنداً مستقلاً والمتعارف عليه مهنياً ومالياً خرسانة مسلحة، إذ نصت البنود (3.07+3.06) على كلمة (رين فورسيد باللغة الانجليزية) دون غيرها من البنود وهو بدورة يؤدي الى تضليل المتقدمين للمنافسة, ورد المهندسين في قطاع الأشغال والمشاريع بأن المقصود (خرسانة فقط)!

وتحديد وحدة القياس لبعض البنود بحرف (أيم بالانجليزية) فقط دون تحديد ما إذا كان المقصود متراً طولياً أو خلافة، إذ أن وجود البند رقم (12.01) والخاص ببند الخدمات دون تحديد الذي يؤدي بدوره إلى فسح المجال لإهدار المال العام وأموال الشعب..

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد