مع بزوغ شمس كل يوم يخرج إلى دكانه المتواضع "صندقة" حيث يبدأ نشاطه التاسعة صباحاً، يوزع كميات الصحف مما تبقى لديه من إصدارات اليوم السابق، يُنمقها، ويرتبها بشكل متناسق، يعرض بضاعته من ألوان الفكر والثقافات المتباينة والمتناسقة، الرأي والرأي الآخر، كل الألوان ...

بجوار أمن المحافظة وبالقرب من مجمع حجة الحكومي، على الشارع العام حيث يراه الجميع، يقع كشك العبالي "عادل" والوحيد بمركز المحافظة وسط المدينة، ينشر الثقافة والأفكار عبر قصاصات الصحف وأوراق المجلات، حيث الثورة والجمهورية، أخبار اليوم تُطالعك بآخر المستجدات على الساحة المحلية والإقليمية في شتى المجالات، وفي الزاوية الأخرى تشدك عناوين المسيرة والصحوة، وهاهي الثوري والوحدوي والمستقلة والوحدة إلى غيرها من ألوان "صاحبة الجلالة" .

وأنت تتنقل بين معروضات "الكشك" المتواضع تناديك مجلة العربي للانتقال إلى عوالم متعددة بين صفحاتها المتميزة، ولا ينسى "العبالي" أن يجلب للأطفال ما يسليهم فمن العربي الصغير إلى أسامة إلى سمسم وغيرها من إصدارات الرسوم والتشكيلات الفنية الخاصة بالطفولة التي طالما قضينا على حاضرها والمستقبل بالزج بها في أتون الحروب.

منتدى ثقافي يومي /

"الكشك" ورغم مساحته الصغيرة إلا أنه يُعد بمثابة منتدى ثقافي يلتقي فيه بصورة مستمرة إن لم تكن يومية متابعي الصحف من مثقفين ومهتمين ليتبادلوا الآراء حول مستجدات الأحداث على الساحة الوطنية بحماسة، كلٌ يحاول إقناع الآخر بفكرته ليفترقوا بعد ذلك ما بين راضٍ وساخط، غير أن ما يُلفت النظر تلاقح الأفكار في هذه الساحة الواسع المدى الضيقة المكان، وكأن الكشك يقوم بالدور الذي من المفترض أن يكون لمكتب الثقافة الذي لا يصحوا كل عام سوى مرتين ليؤدي موظفوه هذيان الموسيقى السنوية ليعودوا إلى سباتهم من جديد.

إلا أن "الكشك" لا يمل في جمع الثقافة وروادها بصورة يومية.. إنبهار ما بعدهـ يُلقي بظلاله على المدينة بشعور أو لا شعور..

 

زوايا معتمة بمروجي العنف

هذه الزاوية الوحيدة بمركز محافظة حجة "جبهة" بحد ذاتها تواجه من يؤججون الأوضاع الأمنية في زوايا عديدة "جولات، مراكز تكتل مسلحين، مقرات إرهابية مسلحة، أسواق، في الشارع العام ذهاباً وإياباً ......إلخ"، حيث لا مكان لهذه الزوايا العبثية في حياة المواطن الطامح للعيش في ظل المدنية الحديثة، بل أصبحت تلك الزوايا تبعث بالاشمئزاز في نفسية سكان المدينة - رغم ضجيجها المسلح وصلفها العنجهي – إلا أن الفكر أقوى وفرق بين من يهدي فكرة وينشر المعرفة والعلم وبين من يحمل السلاح في غير مكانه ليرعب الآمنين وينشر الخوف بدلاً عن الأمن...

وهنا لابد من رسالة شكر وتقدير لهذا الكوخ الصغير وسط مدينة حجة (الكشك) الذي يُصارع لاإرادياً العنف والقوة و الفوضى، برسالته التي يقوم بها، رسالة الفكر والمعرفة، من كل الألوان، الرأي والرأي الآخر..