أطفال الشوارع قنابل موقوتة.. وجيل الغد في منحدر خطير..

2007-11-14 09:58:50

اطفالنا هم فلذات اكبادنا وواجبنا نحوهم ان نربيهم التربية الصالحة الحسنة ونعلمهم أصول دينهم الإسلامي وحبهم لوطنهم باعتبارهم عماد اليمن بعد بضعة أعوام ولكن للأسف الشديد مع تزايد غلاء الأسعار للمواد الغذائية الأساسية وتدني المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى ذلك إلى خلق ظواهر غير منطقية يعكس اثرها السلبي على الأطفال والاسرة أيضاً، انها ظاهرة أطفال الشوارع التي تعصف بأولادنا ملحقة اضراراً اجتماعية واسرية وأصبح البعض منهم يركضون وراء الرزق الصعب وآخرين يتسلقون السيارات العابرة لتصفيتها وتنظيفها من اجل توفير لقمة عيش هنية لتسد رمقهم، ناهيك من مشكلة حديثة اسهمت في الكشف عن الاحتياجات الضرورية للأسر التي كثير منها لجأت إلى حرمان أولادها من التعليم واخراجهم من المدارس ليفترشوا الطرقات بغرض التسول أو بيع ما يتناسب معهم من البضائع فئة بريئة قست عليها الظروف وجعلتها عرضة للابتزاز من قبل اشخاص نزعت من قلوبهم الرحمة.

في التحقيق الذي بين أيديكم تجدون العجب والعجيب فقد تجولنا في عدة مناطق محافظة عدن العاصمة الاقتصادية وخرجنا بالتالي:

تحقيق/ فواز بجاش

> حياة على الرصيف

كانت بداية جولتنا في حي القاهرة بمديرية المنصورة وجدنا الطفل مشتاق قاعداً على الرصيف متكئاً بجسده النحيل إلى حائط المبنى وبشرته قد اسودت من حرارة الشمس وعمره لا يتجاوز 12 عاماً بادرته بالسؤال:

> ماذا تفعل هنا؟.

-ابحث عن عمل ولصغر سني لم اجد عملاً.

> وانت في هذا السن ألم يكن من الأفضل ان تتعلم؟.

- والدي معاق وانا هنا في عدن اريد ان اشتغل اي شيء من اجل أن أوفر لأبي واخواني احتياجاتهم «حق الدقيق» ولأنني لم اجد العمل المناسب والخفيف فكرت ان اقوم بجمع العلب التالفة للمياه المعدنية وسأبيع الجونية الواحدة ب«80» ريال وسأبدأ من غدٍ في شارع تعز -عدن كون الشارع مليئ بالفنادق السياحية.

اما في التواهي في ساعة متأخرة من الليل وجدنا طفلاً «لم نعرف اسمه» نائماً بجوار شركة كانون يفترش الأرض دون ان يجد شيئاً ينام عليه أو يغطي جسده قعدت على مقربة منه عسى ان يصحو من ضجيج سيارات الموكب العرائسي وابواقها المزعجة التي مرت بجانبه دون ان يشعر بها نتيجة للارهاق الذي اصابه من العمل الشاق طوال ساعات النهار طفل بريء يفترش الشارع بالتأكيد سيكون عرضة لأي مكروه ومن خلال مطالعتنا رأينا صوراً أخرى لأطفال صغار في السن وهم يقومون بدفع العربات ونقل بضائع المتبضعين من الأسواق رغم نحافة اجسادهم إلا انهم يتسابقون من اجل الفوز بالأجرة وفي جولة البجع بخور مكسر لاحظنا طفلين شقيقين «فاطمة وسامر» يستقبلان حوافل الأجرة التي تقل طلاب الجامعة والموظفين وعند اقتراب الحافلة يتقدمان الشقيقان للتسول وحينما جاورناهما سألت فاطمة:.

> لماذا تتسولين؟.

- ليس لدينا «حق الغداء» واتينا من محافظة تعز للتسول يرافقنا شقيق آخر يأتي لجمع المحصول.

> هل تتسولين في هذا المكان فقط؟.

- لا وانما في عدة اماكن ففي الصباح أجلس في هذه الجولة اما في المساء في سوق الطويلة بكريتر.

> التفكك الأسري شريك الظاهرة

وبعد الاستماع لهموم هؤلاء الأطفال اتجهنا نحو مكتب وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بعدن حاملين هموم هذه الشريحة إلى مدير المكتب ايوب ابو بكر ايوب للحديث معه كونهم جهة مسؤولة عن ما يلحق بأطفالنا والذي اكد لنا ان ظاهرة اطفال الشوارع تمثل كارثة لليمن في ظل هذا التزايد اليومي لانتشارها، معتبراً ان اسبابها هو الفقر واتساع رقعته والذي اصبح يقطن في غالبية المنازل، بالإضافة إلى عدم وجود فرص عمل لأرباب الأسر وهذا يؤثر اقتصادياً على الأسرة وصولاً إلى درجة عدم وجود القوت الأساسي الضروري واضاف ايوب ابو بكر حينما تكون الأسرة في ظروف معيشية صعبة تكثر المشاكل الاجتماعية كعزوف الاسرة عن التكافل ونجد ربَّ الاسرة في ضجر وتعامله مع ابنائه في يكون أشد القسوة وزوجته ايضاً مما يؤدي إلى التفكك الاسري، من هناك يصبح الاب والام غارقين في المشاكل لذا يلجأ الاطفال إلى الخروج إلى الشارع باعتباره ملاذاً لهم في حال عدم وجود من يسأل عنهم!.

موضحاً ان الأطفال في الشارع يتعرضون للانحراف لأن هناك الكثير من الأشخاص السيئين الباحثين عن هؤلاء الأبرياء لاستخدامهم في عدة اشياء غير إنسانية ثم بادرناه بالسؤال:

> ما دوركم كجهة مسؤولة عن الطفل والوقوف امام هذه الظاهرة؟.

- نحن قمنا بمعالجة هذه الظاهرة والتخفيف منها وذلك بالاتفاق مع منظمة اليونسيف على فتح مركز للطفولة الآمنة لإيواء اطفال الشوارع وقد تم افتتاح المركز منذ اربع سنوات في مديرية المعلا استوعب «120» طفلاً «60» منهم من تم جلبهم من الشوارع وبفريق عمل متخصص وتقدم لهم خدمات من خلال الرعاية الاجتماعية والصحية والتعليمية، بالإضافة إلى قسم آخر في نفس المركز يسمى «الاستقبال النهاري» يستوعب الاطفال الذين لديهم الرغبة للمارسة بعض الانشطة ثم يعودون إلى مواقع سكنهم حتى لا نتيح الفرصة للاطفال ان يكون عرضة الشارع.

> دافع الفقر

دوافع مادية واقتصادية واجتماعية تسعى وراء انتشار ظاهرة اطفال الشوارع ولم تقم الجهات المعنية بالوقوف امام هذه الظاهرة للحد من تكاثرها هكذا بدء الاستاذ المساعد قاسم عوض الحبيشي -رئىس جمعية الشباب والطفولة في حديثه لنا ثم سألناه:

> كونك رئىس جمعية الشباب والطفولة ترى ما أسباب هذه الظاهرة؟.

- الفقر المدقع هو السبب الرئىسي فعندما لا يجد الطفل القوت الضروري ومأوى وحياة كريمة فكيف لا يخرج إلى الشارع للبحث عن حياة أفضل وكذلك عندما يرى الطفل ان الأسرة تمر بظروف معيشية صعبة في ظل الغلاء المتزايد للمواد الغذائية.

فهنا يبدأ الاثر السلبي على الطفل يظهر تدريجياً وهو الخروج إلى الشارع والانجرار نحو الخطر والممنوع لقضاء حياته في الشارع ليس حباً فيه وانما بداوفع اقتصادية فمنهم من يمارس عملية التسول والاعمال الشاقة كالعمل في «مطعم-بنشر- اماكن تصليح سيارات- متجر في السوق وغيرها من الأعمال».

ومنهم من يتجه نحو الممنوع كتناول حبوب «الديزبام» ويتعرضون للاغتصاب والتحرش من قبل شباب ذو سمعة سيئة مما يصبح هذا الطفل سلعة بيد هؤلاء الشباب لتنفيذ مهامهم كالسرقة وغيرها.

> وهل توفير القوت الضروري اللازم كالطعام والشراب سيمنع الطفل من الخروج إلى الشارع؟.

- بالتأكيد لأن الطفل ليس راشداً عندما توفر له القوت الضروري سيمنع عن الخروج إلى الشارع فالطفل بحاجة إلى ان يلعب ويشتري لعبة وملابس مقارنة بزملائه بحاجة إلى ما يجذب نظره ويريد ان يتعرف علي كل شيء وعلى سبيل المثال الطفل حينما يسمع المعلم يتحدث عن فاكهة التفاحة أو يقرأ عنها في الكتاب تدخل فكرة في ذهن الطفل يريد ان يتذوق هذه التفاحة فالاطفال الذين اباؤهم فقراء ولم يستطيعوا توفيرها لابنائهم وهذا يعني ان تربية الأطفال تعتمد على البيئة والناس بحاجة إلى مثل عليا اكثر مما هم بحاجة إلى مواعض وارشادات.

الكانجوس والفرنسي مربي الاطفال قال هم بحاجة إلى ان تعطي لهم بيئة نظيفة للتربية لا ان تكبح فطرتهم التي فطرهم الله عليهما فطرة بالتساؤل وفطرة بتعليم وحب الحياة ولديهم رغبات كثيرة في التعرف على الأشياء.

> خروج الأطفال إلى الشارع باعتباره ملاذاً لهم فما هي التأثيرات التي سيكتسبها الطفل؟.

- الشارع فضاء مفتوح ومدرسة تعلم الخبث والحقد والكراهية والنذالة وكل شيء متوقع هذا اذا تعرض هؤلاء الأطفال للحرمان ولم يجدوا الامان والحاجات الاساسية مما يجعل الطفل يحس ان هذا الوطن لا يحبه ولا يهتم به والخوف الآن هو ان هؤلاء الاطفال قنابل موقوتة واسباب الارهاب تكمن في هذا الجذر المخيف.

كما قال علي بن ابي طالب -رضي الله عنه- الجوع كافر فمعظم الشباب الذين التحقوا بقاعدة الإرهاب هم من الفئة المحرومة المحتاجة كما قال احد علماء النفس اعطوني دزينة من الاطفال سأجعل منهم العبقري والقديسي والطبيب واللص والمجرم والمنحرف.

> عوامل اقتصادية ونفسية

> وباعتبار عامل التشرد للأطفال له دوافع نفسية واقتصادية اتجهنا إلى الدكتور وحيد محمد سليمان -رئىس قسم علم النفس في كلية الاداب جامعة عدن سألناه أولا هل هناك دراسة حول الدوافع التي تلجئ الطفل لشارع.

- طبعاً هناك العديد من الدراسات عن الدوافع التي تلجئ الطفل الشارع وكانت نتائجها ان العامل الاقتصادي يمثل أهم عامل في ذلك فنجد ان عدد الأسر الفقيرة في المجتمع اليمني تشكل حوالي «30%» من اجمالي الأسر وتختلف درجة الفقر من مجتمع لآخر وقد أورد تقرير التنمية البشرية لسنة 2001م فقد وضع اليمن في المرتبة 133 من اصل 262 بلداً تم تصنيفها حسب مستوى التنمية البشرية.

وأضاف ان تلك العوامل قد اتاحت لكثير من الأسر الفقيرة ان تدفع بأولادها إلى الشارع لغرض التسول وتوفير لقمة العيش لاسرته.

> ما هو تعليقك حول تسرب الأطفال من المدارس؟.

- التسرب والتشرد والتسول هي منظومة متكاملة بالنسبة لاطفال المدارس فإن هروبهم ناتج عن انعدام الرغبة الكاملة في دراسة فتجدهم يتركون الدراسة ويذهبون إلى سوق العمل الذي يفوق قدراتهم الذهنية والبدنية كل ذلك من أجل الحصول على بضع ريالات لتوفير الاكل لاسرته التي لم تستطع الزامه لمواصلة دراسته والبعض الآخر يلجأ إلى الشارع ومن هنا يكتسب سلوكيات خطيرة باعتباره في سن مبكرة ويمكن عقله الصغير أن يقوم بتقليد الكبار ومن ثم ينحرف.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد