لا تعتبر مشكلات أرسنال الحالية أزمة مؤقتة، بل جاءت إثر تراكمات امتدت لأكثر من 15 عاما من الإهمال والأخطاء، حيث كان هذا الاسم العريق قريبا جدا من كبار أوروبا، لكنه حاليا بعيد عنها بمراحل شاسعة، والحل يبدو بعيدا والمشاكل أكثر تعقيدا مما نراها، حيث أهملت إدارة النادي فريقها لسنوات، وفشلت فشلا ذريعا خاصة في ملف التعاقدات.

وفي الوقت الذي كانت فيه الأندية الإنجليزية تتعاقد مع نجوم كبار، كان أرسنال يكتفي بالمراقبة، ويتعاقد مع لاعبين صغار السن، أو لا يتناسبون مع اسمه وطموحه. وكانت الأندية الإنجليزية تتعاقد مع عدة نجوم، وأرسنال يكتفي بضم نجم واحد فقط. وفي أحد المواسم، لم يضم سوى حارس مرمى وهو بيتر شيك! وعلى الرغم من شهرة أرسنال بموضوع الإحصاءات، إلا أنه يتصرف بأسلوب عشوائي عندما يتعاقد مع اللاعبين، ولنضرب هنا عدة أمثلة بلاعبين مثل لوكاس ومصطافي وكولاسيناك ومن شابههم، والذين لم يقدموا شيئا يذكر. كانت تعاقدات هذا الموسم تبشر بخير بوجود بارتي وغابرييل، لكن صفقات التعاقد مع المدافع ماريا والجناح وليان وسيدريك لا معنى لها.

أسلوب القوة والسرعة

برز أرسنال من خلال أسلوب القوة والسرعة قبل عام 2004 وبعده، وعندما تحول إلى أسلوب المتعة لم يحقق شيئا، وبالتالي يمكن تلخيص مشكلة أرسنال بأنه عندما كان هجومه هادرا وقويا وقادرا على تسجيل العديد من الأهداف، كان دفاعه مهزوزا ومرماه هدفا سهلا للصغار، وعندما يحل مشكلة ضعف الدفاع يهتز الهجوم ويضعف، وعندما يتمكن الفريق دفاعيا وهجوميا يكون حارس مرماه ضعيفا، مثلما كان يحرس مرماه حارس مغمور مثل ألمونيا. وكان أرسنال في الموسم الماضي قويا للغاية هجوميا، لكن دفاعه هش، وفي الموسم الحالي انعكست الصورة، فبوجود البرازيلي غابرييل هناك تحسن دفاعي ملموس مع عقم هجومه!

بناء فريق أرسنال يجب أن يتم حول الحارس لينو، والمدافع غابرييل، والظهير الأيسر كيران تيرني ولاعب الوسط المدافع بارتي. ومع المؤشرات الحالية، لن يحصل أرسنال على المركز الرابع هذا الموسم في بطولة الدوري الإنجليزي ولا حتى المركز الثامن، وفي نفس الوقت لن يهبط الفريق إلى الدرجة الأدنى، ولن يفوز ببطولة يوروبا ليغ ليعود إلى دوري الأبطال، فما الحل؟

يمتلك أرسنال مواهب معتبرة من نجوم صغار في مرحلة انتقالية تتراوح أعمارهم بين 17 و22 عاما، ومن الأفضل منحهم فرص المشاركة في الموسم الحالي من أجل تجرع الخبرة والنضوج الفني والتعود على المنافسات. في النهاية، هذا العمل لن يكتمل أو ينجح مع أرتيتا لأنه يحتاج إلى مدرب قادر على العمل مع اللاعبين الصغار وتطويرهم مثل مدير كرة نادي أياكس الهولندي مارك أوفرمارس، ومدرب نادي لايبزيغ الألماني يوليان ناجلسمان.

أبدى الإسباني ميكيل أرتيتا، المدير الفني لفريق أرسنال، ثقته في أن الأداء السيء لفريقه في الآونة الأخيرة سيمثل ومضة في ما بعد، لكنه أكد أن الظرف الحالي يحتم على اللاعبين ضرورة الوقوف إلى جانب الفريق. ويحتل أرسنال المركز الخامس عشر في ترتيب الدوري الإنجليزي، وخسر المباراة الماضية على ملعبه أمام بيرنلي، مما تسبب في انتقادات عديدة من وسائل الإعلام. وأضاف أرتيتا في تصريحات للصحافيين “دائما أشعر بأن خسارة المباريات تولد لدي الحافز للعودة مرة أخرى إلى طريق الانتصارات”. وتابع “استمرار تراجعنا في الترتيب أكثر من مرة ليس هو الوضع الذي نرغب في أن نكون به”.

وضع حقيقي

تابع أرتيتا “لكن ذلك هو وضعنا الحقيقي في الوقت الحالي ويجب علينا مواجهته، ومن أجل ذلك علينا أن نتحلى بالشجاعة وأن نقاتل وألا يستسلم أحد”. وقال أرتيتا إن على النادي بأكمله أن يتحلى بالمسؤولية ويظهر أن بإمكانه تخطي الوضع الحالي والنجاح. وتولى أرتيتا منصبه كمدير فني لأرسنال في ديسمبر من العام الماضي، وأنهى الموسم الماضي في المركز الثامن بالدوري الإنجليزي، كما أنفق أكثر من 76 مليون جنيه إسترليني (101.500 مليون دولار) في سوق الانتقالات، ومنها 45 مليون جنيه إسترليني دفعت لضم الغاني توماس بارتي لاعب وسط أتلتيكو مدريد الإسباني. وأوضح أرتيتا “هذا ليس وقتا للاختباء، إنه وقت مواجهة الحقائق، أنا أسف لكن علينا أن نواصل تلقي الصدمات”.

وتابع “جميعنا نعلم حينما تسلمت تلك المهمة، بأن ذلك لم يكن حلا سريعا على الإطلاق”. وواصل “العديد من الأشياء بحاجة للإصلاح هنا، وكذلك الكثير من القرارات الكبيرة يجب اتخاذها”. وأضاف أرتيتا “جميعنا يعلم أن الأوقات الصعبة كانت ستحل بنا على أي حال، لقد أوضحت ذلك كثيرا في هذه الغرفة، الأمر يتعلق بالطريقة التي سنتعامل بها مع الأمر، ومدى القوة التي نتحلى بها لكي نعبر تلك الأزمة، وأحيانا حينما تكون الأمور أكثر صعوبة من الضروري أن تكون طريقتنا في التعامل معها أفضل وأكثر إشراقا”.

وأضاف أرتيتا أنه يتحمل المسؤولية كاملة في الوضع الحالي للفريق. وتابع “نحن لا نفوز بالمباريات، لذلك فأنت لديك الحق أن تأتي إلى هنا وتنتقدني وتوجه لي اللوم وذلك لأنني لست فائزا”. واختتم تصريحاته قائلا “إذا ما الذي علي فعله، بالتأكيد سأبذل قصارى جهدي من أجل أن أطور الأمور وأجعلها أفضل، هذه هي الطريقة التي يجب أن نتعامل بها مع الأمور من وجهة نظري”. وسيستضيف أرسنال، الأربعاء، فريق ساوثهامبتون صاحب النتائج المميزة في الآونة الأخيرة.