الأمهات في اليمن .. بين قصور التوعية الأسرية وتقصير الجانب الحكومي

2010-02-20 03:31:49

د. رجاء مفرح : هناك أطباء مقصرون والسبب يعود إلى عدم توفر الإمكانيات

د. سوسن عبدالغفور: يجب على الأطباء بذل المزيد من أجل خدمة المواطن والمريض

د. يسرى مريط: الدولة وحدها لا تتحمل مسئولية ارتفاع وفيات الأمهات

د. سوسن نديش : لا بد من الاهتمام والتركيز في جانب التوعية والتثقيف الصحي

د. جميلة أبو أصبع: اليمن يفتقر إلى نظام التأمين الصحي أسوة بباقي دول العالم


تحقيق/ هاني أحمد علي

لم تكن تعلم الطفلة فوزية عبد الله يوسف (12) عاماً التي أجبرت على الزواج في سن مبكرة أنها على موعد مع القدر في منتصف شهر سبتمبر الماضي بأحد مستشفيات حجة بسبب مضاعفات الولادة، بعد أن فشل الأطباء في إنقاذها.

توفيت الطفلة فوزية قبل أن تتمتع بطفولتها المسلوبة ، واغتيلت براءتها قبل أن تعرف معنى البراءة ، وجردت من الابتسامة قبل أن تعلم معناها ، حرمت حتى من أبسط حقوق الطفل البسيطة كاللعب واللهو والمرح.

الطفلة فوزية التي نشأت في أسرة معدمة والدها مصاب بفشل كلوي أجبرت على الزواج في سن الحادية عشرة وحملت في العام التالي.

وكون بلادنا تفتقر إلى وجود قوانين تحدد السن الأدنى للزواج تجعل من الصعب على المسؤولين المحليين حظر زواج الأطفال وخاصة البنات منهم، أو عقاب الوالدين أو الزوج بسبب ما قد ينجم عن مثل هذا الزواج من كوارث.

حالة فوزية تدل على مأساة من نطلق عليهن اسم "عرائس الموت"، وهن طفلات لا يزيد عمر الواحدة منهن عن 15 عاما يكرهن على الزواج لدوافع مادية في معظم الأحيان" أو لأسباب أخرى اجتماعية تصبح الفتيات هن الضحايا في آخر المطاف ، وكل هذا ناتج عن الفقر والجهل والأمية، مما يؤدي إلى تدمير حياة الفتيات وجعلهن عرضة للموت نتيجة للحمل والولادة في سن مبكرة.

(أخبار اليوم) ناقشت ظاهرة ارتفاع وفيات الأمهات في اليمن مع العديد من الطبيبات المتخصصات في مجال النساء والولادة فإلى حصيلة هذا التحقيق :

أهمية نشر الوعي الصحي

في البداية تحدثت الدكتورة/ سوسن علي نديش - أخصائية نساء وولادة - مستشفى السبعين - قائلة : أن من أهم أسباب وفيات الأمهات باليمن نزيف ما بعد الولادة وارتفاع ضغط الدم أو ما يسمى تشنجات ما بعد الولادة نتيجة لارتفاع ضغط الدم.

كما أن الإهمال من قبل الأسرة والتأخير في نقل المريض وعدم أخذها إلى الطبيب أثنا فترة الحمل وقلة الوعي الصحي لدى الأسرة كلها أسباب تؤدي إلى ارتفاع معدل وفيات الأمهات.

وكذا صعوبة نقل الأم من المناطق الريفية إلى المراكز الصحية ولأن الوقت الذي يمر على المريض في حالة النزيف عند الولادة يؤدي إلى وفاة الأم، بالإضافة إلى عدم توفر المال والمواصلات، كلها عوامل تساعد في ارتفاع معدلات وفيات الأمهات.

وأشارت الدكتورة/ سوسن نديش إلى أن خفض معدلات وفيات الأمهات يأتي عن طريق نشر الوعي الصحي عن طريق الدورات التدريبية والمنشورات ووسائل الإعلام المختلفة.

موضحة أن دور الطبيب يقتصر في نشر التوعية بإطار عمله وعلى الجهات المعنية والرسمية نشر الوعي بصورة أكبر لتصل إلى كافة شرائح المجتمع.

وعن دورها كطبيبة قالت الدكتورة نديش إن الأم الحامل تتقبل النصيحة عندما تسمع النصيحة والتوعية فيما يخص التغذية وتجنب المخاطر وفحوصاتها المستمرة ومتابعة حالتها.

ولفتت إلى أن هناك عوامل مشتركة بين المريض والمرافق كون المرافق هو الذي ينقل المريض ويقوم بأخذ الحذر والحيطة عليه حيث أن بعض المريضات يرفض تقبل النصيحة بسبب الخوف العائلي أو العادات والتقاليد وعدم الوعي الصحي داخل الأسرة.

وطالبت الدكتورة/ سوسن في ختام حديثها بتحسين الوضع الصحي والاهتمام بجانب التوعية والتثقيف الصحي وطالبت الأسرة بعدم تجاهل الأمهات كون غياب الوعي وعدم الإدراك يؤدي إلى القضاء على حياة الأم.

الزوج يتحمل المسئولية

الإهمال وعدم المتابعة المستمرة أثناء الحمل من قبل الأسرة وعدم توفير الإمكانيات اللازمة في المراكز والمستشفيات وعدم قدرة الكثير من طبقات المجتمع دفع تكاليف الخدمات الصحية والباهظة كل أسباب قد تؤدي إلى وفاة الأمهات حسبما أكدت الدكتورة/ رجاء مفرح- أخصائية نساء وولادة - مجمع الوحدة الطبي للأمومة والطفولة- حيث أكدت أن الفقر وغلاء المعيشة يضطر الكثير من الأمهات إلى الولادة في المنزل دون المتابعة لحالتها حيت تصل إلى مرحلة متقدمة من المرض وتصعب معالجتها فيما بعد مما يؤدي إلى مضاعفات للأم تتمثل في فقر الدم الحاد مما يؤدي إلى النزيف الذي بدوره يقضي على حياة الأم والطفل.

وحملت الدكتورة/ رجاء مفرح الجميع مسئولية حياة الأمهات، فالنسبة لبلادنا الخدمات الصحية متدنية مقارنة بدول العالم، المستشفيات محدودة وخدمات المراكز الصحية محدودة والإمكانيات المتاحة للطبيب قليلة.

عدم توفير الأدوية المجانية في كل الأوقات بحيث أن حالة فقر الدم تكون تكلفة علاجها كثيرة وفترتها طويلة.

الزوج أيضاً يتحمل مسئولية إهمال زوجته لعدم قدرته على إيصالها في الموعد المحدد، كما أن هناك أطباء مقصرون ولكن السبب يعود إلى عدم توفر الإمكانيات والوقت للطبيب.

وقالت الدكتورة/ مفرح أنه يجب أن نكون متعاونين أكثر مع المريضة حيث نقدم لها خدمة عالية ويجب أن لا نقصر كأطباء في تقديم النصيحة دائماً للأمهات الحوامل من النظافة والعلاج والتغذية المتكاملة.

كما أن هناك أمهات يتقبلن النصائح يعملن بها وهناك أمهات لا يتقبلن.

وبدورها كطبيبة نساء وولادة للحد من هذه المخاطر أوضحت الدكتورة رجاء مفرح أنها تعطي المريضة حقها حيث تعمل على سماع مشاكلها وتقوم بنصحهها وإعطائها إرشادات ووصفات طبية.

كما أننا نحاول أن نتابع الأم الحامل باستمرار ونؤكد بأن تأتي كل زيارة في وقتها مع إحضار الفحوصات ومتابعة حالتها من البداية.

كما أنه من واجب الأم متابعة الطبيب باستمرار.

وتمنت الدكتورة/ رجاء مفرح في ختام حديثها ل"أخبار اليوم" الصحة والعافية للجميع ودعت كل مريضة إلى متابعة نفسها وحالتها بصورة مستمرة والابتعاد عن الإهمال حتى لا تصل إلى مرحلة سيئة لأنه كلما تطور المرض كلما صعب علاجه. . وتمنت من وزارة الصحة توفير خدمات وإمكانيات أفضل.

الدعم الحكومي للأسر الفقيرة

بدورها أوضحت الدكتورة/ جميلة أبو أصبع- أخصائية نساء وولادة- المركز التنموي الصحي للمرأة والطفل أن هناك أسباب عدة وراء معدل وفيات الأمهات المرتفعة فهناك أسباب مباشرة مثل تعسر الولادة وانفجار الرحم تهتك المشيمة وهناك أسباب غير مباشرة تحدث بعد الولادة مثل حمى النفاس والالتهابات بالإضافة إلى الأسباب المصاحبة للحمل كالأمراض المعدية وعدم فحص دم الحامل مما قد يؤدي إلى إعاقة عملية الولادة وبدوره يؤدي إلى الموت.

وأشارت الدكتورة أبو أصبع إلى أن هناك سبب مهم يؤدي إلى وفاة الأم وهو سبب شائع وهو النزيف والذي يكون سببه ضعف الحالة المادية وسوء التغذية وصعوبة الوصول في الوقت المناسب بالإضافة إلى نقص التوعية.

ولفتت الدكتورة / أبو أصبع إلى أن بعض النساء يفضلن الولادة في المنزل غير مدركات عواقب هذه الولادة خصوصاً عندما ينعدم تشجيع العائلة لهن بالولادة الآمنة في المراكز الصحية والمستشفيات.

وأكدت الدكتورة/ أبو أصبع أن نسبة الوفيات كانت مرتفعة في السابق حيث كانت توجد 400 حالة وفاة لكل 100. 000 ألف وبعد ذلك حدث تحسن في الفترة الأخيرة في جانب الصحة الإنجابية حيث خففت هذه النسبة إلى 365 حالة لكل 100. 000 ألف ولهذا لا زالت وزارة الصحة تحتاج إلى وقت كبير للوصول إلى تخفيض هذا الحد والنسبة وكذا توفير كامل الخدمة الصحية والنفسية للأم الحامل وأثناء الولادة.

وعن دورها كطبيبة تجاه هذه المشكلة أكدت الدكتورة جميله أبو أصبع يجب أن نشعر المرأة الحامل بأهمية الولادة الآمنة في المستشفيات والمراكز الصحية حتى تتم الولادة بصورة صحية وآمنة، كما أن المرأة اليمنية لها القدرة أكثر من غيرها على تحمل آلام الولادة ولها القدرة على استيعاب تلك المخاطر.

وفيما يخص الدور الحكومي أكدت الدكتورة أبو إصبع أن الدولة عملت الكثير في هذا الجانب ولكن لا زال هناك تقصير من قبل وزارة الصحة في جانب برنامج الدعم الشعبي ومراعاة ظروف المواطنين المادية التي تدفعهم إلى الهروب من المستشفيات والمراكز الصحية.

وتطرقت الدكتورة / جميله أبو أصبع إلى موضوع هام وحساس وهو نظام التأمين الصحي الذي يفتقر إليه جميع أبناء الشعب كباقي الدول ويجب أن يحظى المواطنون الفقراء بالدعم الحكومي ويجب أن تكون طوارئ الأطفال مجانية مثل دول العالم.

كما يجب أيضاً أن تكون حالات الولادة القيصرية والعلاج مجاني وهذا أقل ما تقدمه وزارة الصحة للمواطن.

وتمكنت الدكتورة/ أبو أصبع إلى أن تحقيق النظام الصحي لكل المواطنين واجب وبالنسبة للفقراء يجب على الحكومة أن تدفع عوضاً عنهم.

وتمنت أن تحظى كل الأمهات في المستقبل بالرعاية الكاملة وكذا تحسين الوضع الصحي والتعليمي.

وطالبت الدكتورة/ جميلة أبو أصبع بدعم ذوي الدخل المحدود والفقراء وكذا تحسين الخدمات الصحية في المستشفيات الحكومية، كون المستشفيات الخاصة تجذب المواطنين وتشعرهم (بالعناية والاستقبال والاهتمام) ولكن هذه المستشفيات الخاصة تثقل كاهل المواطن الفقير بالنفقات.

ضرورة المباعدة بين الولادات

من جانبها أوضحت الدكتورة / يسرى إسماعيل مريط- أخصائية نساء وولادة - مديرة مكتب الصحة بمديرية التحرير- أن الأسباب المباشرة التي تؤدي إلى وفيات الأمهات مثل النزيف والإسقاط أسبابها نقص الرعاية الصحية عند سقوطها في المنزل بطريقة عشوائية والتي قد يحدث لها تسممات وبالتالي تفقد حياتها.

وأشارت الدكتورة/ مريط إلى أن هناك خدمات غير موجودة في المراكز الصحية ونقص الطوارئ التوليدية في المراكز الصحية واقتصارها على المستشفيات الكبيرة، وأيضاً قلة فرص المواصلات كون الأم تصل إلى المستشفى وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة.

وأكدت الدكتورة / يسرى مريط إلى أن التوعية مهمة جداً في مجتمعنا لأنه صاحب الحكمة لقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ( الإيمان يمان والحكمة يمانية) وأصحاب الحكمة هم أكثر استجابة للتوعية.

والإنسان اليمني عندما يذهب إلى الخارج فهو يتعايش مع أوضاعهم ثم يعود إلى بلاده فيرى أن من واجبه نشر التوعية لما عايشه خارج الوطن.

وإذا كان كل شخص أخذ على عاتقه توعية الشعب وزيارة المراكز الصحية أثناء الحمل ومعرفة أهمية تنظيم الأسرة واستخدام الوسائل المتاحة الموجودة حالياً للمباعدة بين الولادات فإن ذلك سيقلل من مخاطر وفيات الأمهات وسيحافظ على حياة الأم.

وبدورها كطبيبة قالت الدكتورة / يسرى أن الإنسان اليمني يقبل أي نصيحة توجه إليه كما أن النساء المقبلات على زيارة المراكز الصحية بشكل دوري يتم توعيتهن بإجراء الولادة في المراكز المتخصصة وعلى أيادي آمنه ومؤهله.

كما يجب على الأسرة توفير مبلغ من المال أثناء عملية الولادة لمواجهة تكاليف العلاج الباهظة والإسعاف.

وأشادت بدور وزارة الصحة في تدريب عدد كبير من الأطباء في طوارئ التوليد وتوفير الدم من خلال جلب المتبرعين بالإضافة إلى اهتمام وزارة الصحة الكبير في هذا الجانب.

موضحة أن الدولة لا تتحمل المسئولية تجاه ارتفاع معدلات وفيات الأمهات لأنها تحاول جاهدة تحسين الوضع الصحي وأن السبب الرئيسي لهذه المشكلة هو الفقر وضعف الحالة المادية للأسرة.

وتمنت أن يأتي العام 2025م وقد انخفض عدد وفيات الأمهات إلى 75 حالة لكل 100. 000 مقارنة ب365 لكل 100. 000 حالة حالياً.

وطالبت بتكاتف الجهود من أجل خفض وفيات الأمهات وتحسن الوضع الصحي في بلادنا.

خدمات طبية ضعيفة

عدم متابعة الأم أثناء الحمل وسوء التغذية وفقر الدم وعدم أخذ الأدوية المطلوبة والفيتامينات كلها عوامل تؤدي إلى ارتفاع نسبة وفيات الأمهات بحسب ما أشارت إليه الدكتورة/ سوسن عبدالغفور الشرجبي- أخصائية نساء وولادة - المستشفى الجمهورية - حيث أرجعت الأسباب أيضاً إلى المضاعفات أثناء الولادة مثل انفجار الرحم الذي يؤدي إلى إلنزيف الحاد.

كما أن جهل المجتمع وقلة التوعية وتدني الخدمات في الكثير من المناطق الريفية عوامل تساعد في ارتفاع معدلات وفيات الأمهات باليمن.

وأوضحت الدكتورة الشرجبي أن هناك خدمات طبية لا تغطي احتياجات المرضى وعجم توفير المتطلبات اللازمة مثل نقل الدم وغيرها في المناطق الريفية.

ولفتت إلا أنه وبالرغم من تحسن الوضع الصحي في بلادنا عما كان عليه في السابق إلا أن التقصير الرسمي لا زال موجوداً.

وعن دورها كطبيبة قالت الدكتورة/ سوسن الشرجبي أنها تقوم بنصح المريضة بأخذ الأدوية والفيتامينات اللازمة ونصيحتها بأن تتم الولادة في المراكز الصحية والمستشفيات حتى تكون الوالدة آمنة.

وأكدت أن هناك من الأمهات من يرفضن تقبل النصيحة بسبب جهل الأسرة وعدم الوعي بمخاطر الولادة في المنزل خصوصاً أن هناك من الأسر من يرون أن الولادة في المنزل أهم من الولادة في المستشفى بسبب العادات والتقاليد الاجتماعية وهناك حالات تتقبل النصيحة وتتم ولادتها في المستشفى في الوقت المناسب كما أن النصيحة تعتمد على أسلوب الطبيب.

وطالبت الدكتورة/ سوسن عبدالغفور الشرجبي في ختام حديثها الجميع بمتابعة حالة الأم الحامل، كما طالبت الجهات الرسمية بتغطية العجز الباقي من الخدمات والإمكانيات الناقصة في المراكز والمستشفيات، كما طالبت الأطباء عمل الجهد اللازم من أجل خدمة المواطن والمرض.

المعتقدات الخاطئة وراء وفيات الأمهات

الدكتورة/ رجاء السنفي - طبيبه نساء وولادة - جمعية رعاية الأسرة اليمنية أرجعت أسباب معدل وفيات الأمهات إلى الإهمال الأسري وغياب الوعي الصحي لديهم خصوصاً أن الكثير من الأسر لديها معتقدات خاطئة أو فكرة سيئة بأن المستشفيات تضر أكثر من نفعها، كما أن الولادة المنزلية بدلاً عن المراكز الصحية والمستشفيات يعود أسبابها إلى العادات والتقاليد وعدم الإدراك بالمخاطر التي قد تواجهها الأم أثناء ولادتها المنزلية.

واستغربت الدكتورة السنفي من أن الكثير من الأمهات يرفضن الولادة في المراكز الصحية والمستشفيات التخصصية نتيجة للمخاوف التي تولدت لديها من قبل الكثيرات من أقاربها أو صديقاتها والتي يدعين فيها بأن الولادة في المراكز الصحية تؤثر على صحة الأم وانه يتم إرهاقها أثناء الولادة وأنه يحصل لها أشياء غير متوقعة أثناء ولادتها في هذه المراكز.

وفيما يخص دورها كطبيبة تجاه هذه المشكلة أكدت الدكتورة رجاء السنفي أن الطبيب لا يستطيع أن يقوم بدوره إلا إذا كان هناك قناعة لدى الأمهات بأهمية دور الأطباء والطبيبات في الحد من أي مشاكل قد تحصل للأم خلال فترة حملها، وأوضحت أن هناك محاضرات وأفلام وثائقية يتم عرضها للأمهات خلال فترتي الحمل والولادة، وأكدت على دور الأطباء في تقديم النصيحة خاصة إذا كان وضع الأم سيئاً ويتطلب أن يتم إرشادها وإعطاءها التعليمات فيما يخص المباعدة بين الولادات حفاظاً على حياة الأم.

الدكتورة/ رجاء السنفي لم تنفي أي تقصير من الجانب الحكومي إزاء المراكز الصحية الموجودة في القرى والمناطق النسائية التي تفتقر إلى أبسط المقومات.

وتمنت الدكتورة / السنفي أن يتحسن الوضع الصحي في بلادنا إلى الأفضل كون ذلك ينعكس على المشاكل الموجودة، فالصحة والتعليم هما أساس تنمية المجتمع.

أرقام مرعبة وأسباب ظاهرة

لا تزال اليمن من البلدان ذات معدلات عالية في وفيات الأمهات وحديثي الولادة حيث تبلغ النسبة (365) حالة وفاة لكل (100000) ولادة حية و(37) حالة وفاة في أوساط حديثي الولادة لكل (1000) طفل على التوالي، وتعود 42% من وفيات الأمهات في سن الإنجاب إلى مضاعفات الحمل والولادة ، كما أن 70% من وفيات حديثي الولادة يمكن تجنبها من خلال المواءمة بين صحة الأم والطفل.

وتتعدد أسباب وفيات الأمهات ما بين الأسباب المباشرة كالنزيف وتعسر الولادة والإنتان (العدوى) ، وبين الأسباب غير المباشرة والمتمثلة في الأسباب الاجتماعية والاقتصادية من عدم الاهتمام بالفتاة منذ طفولتها والإنجاب المبكر والفقر والممارسات غير الصحية المبنية على المعتقدات الخاطئة.

ولهذا فإن الغرض من هذا التحقيق هو التعرف علي الأسباب والعوامل المتعلقة بوفيات الأمهات في اليمن حيث أجري التحقيق في العديد من المستشفيات والمراكز الصحية.

لقد أوضحت العديد من الإجابات التي حصلنا عليها أثناء نزولنا الميداني على لسان العديد من طبيبات النساء والولادة أن هناك خصائص كثيرة تساعد علي حدوث وفيات الأمهات بهذا المعدل العالي مثل الجهل والفقر وصعوبة الانتقال لوعورة المناطق الجبلية وبعدها عن أماكن تلقي الخدمات الصحية والتجمعات السكانية مما يزيد من التأخر في طلب الخدمة الطبية أو الانتقال إليها علاوة على العادات والتقاليد الراسخة في المجتمع حول المعالجة.

ولذا فإن الحالات تصل إلى اشد المضاعفات المرضية مثل الصدمة النزفية أو الانتانية أو بحالة تشنجات الاكلامبسيا أو عسر الولادة أو انفجار الرحم وهذه المضاعفات تواجه قصوراً في تقديم الخدمة الطبية علي مستوي التشخيص والمعالجة ونقل الدم لأسباب تتعلق بتلبية الخدمة كانعدام أو قصور في جوانبها المختلفة بشرية، دوائية، أو نقل دم.

وما وصلنا إليه أن أسباب وفيات الأمهات تتعلق بجوانب يمكن الوقاية منها وتشخيصها ومعالجتها دون تكلفة مادية باهظة لأنها تتعلق بجوانب الخدمة الطبية والممكن تدبيرها وترشيدها في الحضر والريف مع ربط بعضها ببعض وأخرى تتعلق بالتثقيف الصحي الهادف عبر وسائل الإعلام المختلفة عن الحمل والولادة ومخاطرها وكيفية الوقاية منها مع التشخيص والعلاج.

كما أن الأمهات في الأرياف يفقدن حياتهن لأسباب عديدة تتمثل في تأخر اتخاذ قرار إسعاف الأم الحامل، وتأخر وصول الأم إلى المركز الصحي بسبب بعد المسافة ووعورة الطريق، وثالثها تأخر تقديم الخدمات الصحية في حال وصول المرأة إلى المركز الصحي.

بما معناه أن فرص نجاة الأمهات في الأرياف منخفضة بخاصة إذا نظرنا للنسبة 25% والتي تشكل نسبة تغطية الخدمات الصحية في الأرياف، مقارنة بالمدن ومراكزها والتي تصل إلى 80%، بحسب ما ذكر في وثائق المؤتمر الرابع لسياسة السكان 2007.

اليمن الأعلى بين البلدان

وبحسب تقرير منظمة اليونيسف حول وفيات الأمهات والأطفال في اليمن الذي أصدرته مطلع 2009 فإن اليمن لا يزال من البلدان الأعلى بالنسبة لارتفاع الوفيات بين الأمهات، وترتفع هذه النسبة إلى ثلاثة أمثال المعدل في جيبوتي ، غير أن الوضع في جنوب السودان لا يزال هو الأسوأ عالمياً بدون منازع، حيث ترتفع نسبة وفيات الأمهات هناك إلى ثمانية أمثال المعدل العالمي حيث تصل إلى 2، 037 وفاة لكل 100، 000 حالة ولادة.

وأكد التقرير أن نسبة النساء الحوامل اللواتي يحصلن على الرعاية الطبية قبل الولادة في اليمن لا تتجاوز 40%، كما أن ما نسبته 27% فقط من حالات الولادة تتم تحت إشراف طبي.

موضحا أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تمثل ما نسبته 4% (21، 000) من حالات وفيات الأمهات الناتجة عن مضاعفات الحمل والولادة والبالغة عالمياً 515، 000 حالة وفاة. وتبلغ نسبة مخاطر وفيات الأمهات الناتجة عن الولادة وما قد يصاحبها أو ينتج عنها من مشاكل صحية على مدى الحياة في المنطقة حالة واحدة بين كل 140؛ وهو رقم يكاد يصل إلى عشرة أضعاف المعدل العام في الدول الصناعية المتقدمة.

وبحسب التقرير فإن نسبة مخاطر وفيات الأمهات الناتجة عن الولادة وما قد يصاحبها أو ينتج عنها من مشاكل صحية على مدى الحياة تبلغ حالة واحدة من بين كل 19 حالة في كل من اليمن وجيبوتي، بينما تصل هذه النسبة في الكويت مثلاً إلى حالة واحدة من بين كل 6000 حالة وفي البحرين حالة واحدة من بين كل 1200 حالة وهذا يبين الفروقات الشاسعة ما بين بلدان المنطقة. <

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد