محادثات الرياض والحوثيين... عطاء من لا يملك لمن لا يستحق.

2022-10-11 21:29:40 أخبار اليوم – تقرير خاص

 

مجدداً عاد الحديث عن محادثات سرية تجريها المملكة العربية السعودية مع مليشيا الحوثيين دون أن يكون ثمَّة حضور يذكر للحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، لكن هذه المرة بالتزامن مع فشل مساعي الأمم المتحدة لتمديد الهدنة الأممية إلى فترة إضافية رابعة.

وعلى ما يبدو أن الحرب التي كانت ظاهرياً حرباً يمنية، قد فقدت خياراتها المحلية بعد نجاح السعودية الغارقة بالفشل في إجراء تعديلاتها السياسية في قوام الحكومة ومعسكراتها الجائعة، لتبدأ مرحلة من الضغط من أجل الوصول إلى تسوية سياسية تخرجها من مأزق الحرب، وهو ما فرضت لأجله الهدنة التي تعد الأولى منذ نحو 7 سنوات، إذ كان آخر وقف منسق لإطلاق النار خلال أول محادثات للسلام عام 2016.

تجري المفاوضات السعودية الحوثية، برعاية حصرية من سلطنة عمان، حيث تعمل على تسهيل جريان المحادثات بين كبار المسؤولين من السعودية والحوثيين، من خلال اجتماعات ربما تكون مباشرة وتجري في مسقط، وسبق ذلك تنسيق لاجتماعات عبر الإنترنت عمدت على تأمين خطوط الاتصال فيها أجهزة المخابرات في مسقط والرياض وواشنطن العالقة في حرب أوكرانيا.

مؤمرة سعودية.

تكشف المفاوضات التي تجريها السعودية مع مليشيا الحوثيين حقيقة مؤامرات المملكة وتخبطها في اليمن ومحاولتها الإمساك بزمام الأمور بعد أن فشلت في تحديد خياراتها خلال ثمانية أعوام من الحرب، لكن لم يتحقق أي شيء بالرغم من بدايتها المبكرة، حيث بدأت هذه المفاوضات منذ 2016.

ما زالت الرياض مستمرة في مفاوضاتها مع مليشيات الحوثيين، وهي المسار الذي ما يزال متعثرا ومتقطعا حتى الآن، ويشكل أمن الحدود والهجمات الحوثية على أراضي المملكة والعلاقات المستقبلية بين الطرفين أهم محاور تلك المفاوضات، وفق ما يتسرب لوسائل الإعلام من معلومات بشأنها.

بعد فشلها في تحقيق أهدافها، تهتم الرياض اليوم بشأن الأمن على طول الحدود الجنوبية للمملكة والعلاقات المستقبلية بموجب أي اتفاق سلام في اليمن، وفق ما كشفت عنه وسائل إعلام في وقت سابق، وجاء في ذلك أن سلطنة عمان تسهل المحادثات بين كبار المسؤولين من السعودية والحوثيين.

هجمات مليشيا الحوثيين على الأراضي السعودية، بالطائرات المسيرة والصواريخ البالستية، واستهداف أهم منشآت المملكة النفطية ومطاراتها الحيوية، وضعت السعودية في وضع يثير الشفقة، وهو ما أثبت فشلها العسكري وكذا السياسي في اليمن.

تكتسب المفاوضات السياسية بشأن الحرب في اليمن، أهمية مختلفة عن سابقاتها نتيجة للمستجدات خلال الشهرين الماضيين، بالإضافة إلى أجندة الأمم المتحدة في البدء بالتفاوض بملفات جديدة.

غياب حكومي.

تسير المباحثات التي تجريها المملكة العربية السعودية، مع مليشيا الحوثيين الانقلابية، في اتجاه اتفاق شامل ومرضٍ للطرفين، دون أن يكون للحكومة الشرعية المعترف بها دولياً أي حضور، على الرغم من كونها التي قادت الرياض تحالفا لدعمها.

منذ شهرين تقريباً، لم تتوقف التسريبات الخبرية الكاشفة، عن مباحثات سعودية حوثية، ولا غرابة في ذلك، ولا يمكن اعتباره حدث فجائي، بل هو امتداد لمباحثات قديمة تجريها الرياض مع مليشيا الحوثيين منذ 2016 وبوساطات إقليمية ودولية، وفي كل مرة لم تحظى الحكومة بأية حضور سياسي فيها.

وكان الصحفي اليمني، محمد الخامري، منتصف ليل الخميس، تحدث عن بعض الشروط والمطالب، المطروحة على طاولة المفاوضات بين السعودية مليشيا الحوثيين وذلك في العاصمة العمانية مسقط.

وقال الخامري، وهو رئيس تحرير صحيفة إيلاف اليمنية، على صفحته في فيس بوك: " مفاوضات مسقط، عمان.. السعودية تمول صفقة أسلحة دفاعية روسية الصنع، لاعتراض الصواريخ، بأكثر من مليار دولار، مقابل الانسحاب من جبهات الحدود، وإيقاف معامل تطوير الصواريخ والطائرات المسيرة في صنعاء".

وأضاف: "الحوثيون يطالبون بإعادة إعمار ما دمرته الحرب، وتعويض ضحايا الأهداف المدنية بنسبة 20%مما أن تعويضه لضحايا لوكيربي".

ومضى الخامري، في عقد مقارنة بين ما تحرزه مليشيا الحوثيين من تقدم في ملف مفاوضاتها مع السعودية وما يمكن أن تحققه من مكاسب كبيرة، وبين الحكومة اليمنية الشرعية، وذلك بسخرية لاذعة.

وقال الخامري إن المسؤولين في الحكومة اليمنية الشرعية "يطالبون السعودية باستمرار صرف مرتبات الوزراء والوكلاء الذين عادوا إلى عدن، بالدولار والريال السعودي، وليس بالريال اليمني".

السلام الذي تسعى الرياض لفرضه في اليمن من خلال محادثاتها مع مليشيا الحوثيين دون أن يكون للحكومة الشرعية أي دور فيه، هو في الحقيقة السلام الذي تسعى من خلاله لتأمين أمن أراضيها من أي مخاطر تهددها.

بعد عجزها عن القتال وإرهاقها للحكومة الشرعية، تريد الرياض بكل بساطة الحفاظ على مصالحها ومصالح حلفائها الذي يخافون أن تؤثر الحرب على خطوط إمدادات الطاقة، ولم يعد خطر المليشيات الحوثية على الشعب اليمني أية أهمية بالنسبة لها، بقدر ما يعنيها خطر المليشيات الحوثية على أمنها القومي لاسيما وأن مليشيا الحوثيين تمثل بوابة أمام إيران، وتشكل خطرًا على منابع الطاقة في الخليج العربي.

في الوقت الحالي، لا تتطلع الرياض لأكثر من الحفاظ على توازن الضعف، بين القوى العسكرية داخل اليمن، وهو ما تعتقد أنه قد صار أمرًا ملحًا، لاستمرار حالة اللا دولة مع تعزيز علاقاتها بفصائل مسلحة تسيطر على الأرض، بغض النظر عن تحقيق السلام الأهلي والمجتمع من عدمه، أو زعزعة أمن اليمن أو استقراره، فتلك أمور ثانوية، لم تعد تكترث لها الرياض بقدر اهتمامها بتنفيذ أجندتها وأهدافها لا غير.

مستقبل الهدنة.

في السياق، يتوقع الكاتب الصحفي أحمد الشلفي أن الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة في اليمن ستمدد لشهرين آخرين وقد تكون هذه الهدنة هي الأخيرة قبل (جولة جديدة من العنف).

وقال الشلفي - في سلسلة تغريدات بحسابه على تويتر رصدتها "أخبار اليوم": "لا ندري بالضبط إلى أين ستقود لكنها لن تقود بالتأكيد إلى سلام مستدام بل ستقود إلى مرحلة جديدة تتربص فيها المليشيات بالسلطة والدولة في اليمن".

وأضاف "لا شيء يدل على أن مليشيا الحوثيين سينفذون تهديداتهم ضد السعودية والإمارات أو الشركات الأجنبية لأسباب موضوعية، ولأن إيران عبرت عن رغبتها في استمرار الهدنة في اليمن في أكثر من موضع ولذلك لا يعدو الأمر عن كونه وسيلة للضغط".

وتابع "يضغط الحوثيون بشكل واضح للحصول على أكبر قدر من الفوائد لكن لا يبدو هذا الضغط يتعلق برغبتهم فحسب بل إن هناك تخادم غير معلن مع الأحداث الإقليمية سواء ما يتعلق بالاتفاق النووي الإيراني أو مظاهرات إيران".

‎وأردف "تضمن المقترح الذي قدمه المبعوث دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية، وفتح طرق محددة في تعز ومحافظات أخرى، وتسيير وجهات إضافية للرحلات التجارية من وإلى مطار صنعاء، ودخول سفن الوقود إلى ميناء الحُديدة دون عوائق، وتعزيز آليات خفض التصعيد من خلال لجنة التنسيق العسكرية والالتزام بالإفراج العاجل عن المحتجزين، كما تضمّن الشروع في مفاوضات لوقف إطلاق النار واستئناف عملية سياسي شاملة، وقضايا اقتصادية أوسع، بما في ذلك الخدمات".

وأكد الشلفي أن الحكومة اليمنية وافقت على كل الطلبات التي قدمها المبعوث الأممي، لكن مليشيا الحوثيين رفضوا لأنهم يريدون دفع رواتب مليون ومئتي ألف موظف كما صرح قيادي في الميليشيات وغير ذلك كما وافقت الحكومة على كل البنود دون أخذ أي ضمانات بفتح الطرق في تعز أو تنفيذ أي بنود أخرى مثل دفع الإيرادات للبنك المركزي.

وقال "كلا الطرفين في موقف صعب فالحكومة ليس لديها ما تقدمه أكثر مما قدمت ومليشيا الحوثي لا تستطيع حاليًا تنفيذ تهديداتها بتوجيه ضربات صاروخية ضد أهداف في السعودية والإمارات فالوقت غير مناسب والمكاسب المرتجاة من الهجمات لن تكون مجدية حالياً ولربما كانت مليشيا الحوثي أكبر مستفيد من الهدن السابقة ومن أي هدنة جديدة".

                              

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد