حروب الطاقة ومستقبل الأمن بعد تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية (4) والاخيرة

2022-11-09 14:35:19 أخبار اليوم/ متابعات خاصة

 

شنت جماعة الحوثي المسلحة ثلاث هجمات على الأقل خلال أكتوبر/تشرين الأول ) 2022 (على موانئ تصدير النفط الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، في أبرز تصعيد متعلق بالحرب منذ سيطرة الجماعة المسلحة على صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014 واشتداد القِتال عقب تدخل التحالف الذي تقوده السعودية دعماً للحكومة المعترف بها دولياً ضد الحوثيين المدعومين من إيران.

  

الحاجة الإيرانية، تمر الجمهورية الإيرانية بحالة فريدة من نوعها متعلقة بالتظاهرات،

حيث دفعت وفاة مهسا أميني ) 22 عاماً(، في 16 سبتمبر/أيلول بعد اعتقالها بثلاثة أيام

من قبل شرطة الأخاق في طهران،

إلى انتشار احتجاجات غير مسبوقة في إيران من حيث اتساع رقعتها الجغرافية لتشمل

معظم المدن الإيرانية، في أكبر تهديد يواجه بنية النظام الإيراني منذ الثورة الخمينية قبل

43 عاماً. وعلى عكس ما يراه البعض بأن التهديدات الداخلية للنظام ستؤثر في مستويات

دعمه لجماعة الحوثي المسلحة في اليمن، فإن طهران دأبت على استخدام التهديدات

الخارجية كأداة لمواجهة التهديدات والمطالب الداخلية.

وبغض النظر عن النتائج للمشاورات بين الحوثيين والسعوديين فإن النظام الإيراني بدلًا

من توجيه ضربة تشعل حرباً في المنطقة، قد يستخدم الحوثيين لتوجيه ضربة مباشرة

للمنشآت الحيوية في دول مجلس التعاون الخليجي خاصة السعودية والإمارات؛ يعزز ذلك

أمرين رئيسيين: تراجع المشاورات السعودية/ الإيرانية في بغداد خلال الأسابيع الماضية

بسبب ما تراه الرياض نظرة في جدوى فشل المفاوضات الغربية لعودة الولايات المتحدة

إلى الاتفاق النووي. والثاني، وجود مضادات دفاع جوي إسرائيلية في الإمارات حيث تعتقد

طهران أن وجود النظام الدفاع الجوي الإسرائيلي على مقربة من أراضيها جزء من حالة

الحرب بين النظام والاحتال الإسرائيلي وانتهاك لأمن المنطقة. كان قائد الحرس الثوري

الإيراني حسين سامي قد وجه في 20 أكتوبر/ تشرين الأول ما وصفه بأنه تحذير للقادة

السعوديين من الاعتماد على إسرائيل وأشار إلى أنهم «يحتمون بقصور زجاجية».

في نوفمبر/تشرين الثاني ) 2022 ( تبادلت السعودية معلومات مخابرات مع الولايات

المتحدة تحذر من هجوم إيراني وشيك على أهداف في المملكة 16 . عادة ما قام النظام

الإيراني باستخدام الهجمات الخارجية ومواجهة التهديدات الخارجية كمحاولة لصرف الانتباه

عن الاحتجاجات. وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي إن الولايات المتحدة

قلقة من تهديدات إيران للسعودية وإنها لن تتردد في الرد إذا لزم الأمر. «نحن قلقون

من التهديدات، ونظل على اتصال مستمر مع السعوديين من خلال القنوات العسكرية

والمخابراتية.. لن نتردد في التحرك دفاعا عن مصالحنا وشركائنا في المنطقة» 17 . منذ

بدء الاحتجاجات في سبتمبر/أيلول ) 2022 ( هاجمت إيران بالفعل شمال العراق بعشرات

الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة المسلحة، أسقطت طائرة حربية أمريكية إحداها

أثناء توجهها نحو مدينة أربيل، حيث تتمركز القوات الأمريكية.

وألقت طهران علنا باللوم على ما تصفه الجماعات الكردية الإيرانية الانفصالية المتمركزة

هناك في إثارة الاضطرابات في الداخل 18 .

عقب هجوم استهدف مدينة شيراز تبناه تنظيم الدولة )داعش( وأدى إلى مقتل 12

شخصاً، أعلن قائد الحرس الثوري حسين سامي مسؤولية السعودية والولايات المتحدة

عن التظاهرات وتوعدها بالرد 19 . كان الخطاب الإيراني واضحاً في اعتبار الاحتجاجات تحمل

يداً سعودية في تأجيج ما أسموه الفتنة بسبب ما يصفونه «فشل السعودية في اليمن» 20 .

عادة ما استخدمت إيران الحوثيين كأداة لتجنب اللوم بشأن مهاجمة السعودية، في عام

2019 م تعرضت منشآت النفط السعودية لهجوم مدمر اُتهمت إيران بشن الهجوم لكن

الحوثيين تبنوه على أي حال.

يخطئ صانعو القرار السياسي على المستوى الخليجي والدولي بشأن درجة سيطرة إيران

وحزب الله اللبناني على الحوثيين، ويقولون إنه على درجة متوازنة من تبادل المصالح،

يعزز الإيرانيون والحوثيون من هذه النظرة من خلال إعطاء تصريحات تناقض الأفعال. لكن

في الحقيقة فقد تعززت العلاقة بين الحوثيين والإيرانيين خلال سنوات الحرب وصولًا إلى

البنية الداخلية لصناعة القرار داخل الجماعة، حيث يوجد نائبين لزعيم الجماعة عبد الملك

الحوثي الأول من الحرس الثوري الإيراني والآخر من حزب اللبناني، ولا تقطع الجماعة أي

قرار متعلق بالهجمات وسلطة الحرب بدون موافقة مجلس يضم هذين النائبين 21 .

ليس أمام المجتمع الدولي إلا بضع خيارات لتخفيض التصعيد ابتداء من المستجدات

اليمنية:

الأول، الضغط على الحكومة اليمنية والسعودية والإمارات لتنفيذ شروط الحوثيين

والعودة إلى الهدنة، لضمان استمرار تدفق إمدادات النفط والغاز دون اعتراض. لكن ليس

هناك ضامن من أن الحوثيين الذين يُعتبرون فصياً مدعوماً وتابعاً لإيران أن يلتزموا بهذه

الهدنة.

سيناريوهات تخفيض التصعيد:

الثاني، دعم تحرك عسكري ضد الحوثيين لإجبارهم على تجديد الهدنة دون شروط، وهذا

الضغط سيحتاج إلى تدخل أمريكي وبريطاني يشارك في حماية منشآت وموانئ تصدير

النفط والغاز في اليمن ودول الخليج، وحماية الملاحة الدولية من التهديدات. وهو خيار

ممكن لكنه مرتبط بجدية السعودية والإمارات في تحقيق هذا التحرك العسكري.

الثالث، تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية لاعتبارات الأمن البحري، وورقة مساومة مع

السعودية لزيادة انتاج النفط بعد أن قلصت أوبك+ انتاج النفط مليوني برميل منذ بداية

نوفمبر/تشرين الثاني ) 2022 ( الجاري. وكان البيت الأبيض قد بدأ تقييم يعين تصنيف

الحوثيين منظمة إرهابية مطلع العام الجاري ) 2022 ( 22 بعد عام من إزالتهم من القائمة،

كما أن بريطانيا بدأت بدراسة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية في ابريل/نيسان ) 2022 ( 23 .

وساهمت الهدنة إلى حد كبير في تجميد تلك السلطات النقاشات بشأن إمكانية تصنيف

الحوثيين جماعة إرهابية.

تثبت الأحداث يوماً بعد يوم أن الحوثيين مصلحة إيرانية بدرجة رئيسية، وكل ما تحقق

من تقدم في تخفيض التصعيد في حرب اليمن، كان مرتبطا بالمفاوضات بين السعودية

وإيران في بغداد من جهة، وبين المجتمع الدولي وإيران بشأن الاتفاق النووي من جهة

أخرى، وعودة الحرب في اليمن بدءاً من استهداف مصادر النفط والطاقة، هو رد فعل

إيراني غير مباشر، قد يتطور ضد منشئات نفط الخليج، كلما ذهبت الأوضاع داخل إيران

للتصعيد.

ولذلك من المهم أن تفقد إيران ورقة الحوثيين في اليمن، لتقليل تهديداتها ضد منشآت

النفط والطاقة، وممرات التجارة الدولية.

 

نقلا عن مركز أبعاد للدراسات

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد