مونديال 1958.. ولادة الملك بيليه وتشوّه خُلقي "رائع" بالبرازيل

2022-11-11 23:43:31 أخبار اليوم/ متابعات

 

أخبر الطبيب النفسي لمنتخب البرازيل المدرّب فيسنتي فيولا أن بيليه، ابن الـ17، ليس ناضجا بما فيه الكفاية لخوض مونديال 1958. ردّ عليه فيولا معتمدا على فراسته "قد تكون على حقّ، لكنك لا تفقه شيئا في كرة القدم"، وشارك الجوهرة وقاد "سيليساو" لأوّل لقب في تاريخها، في طريقه لأن يصبح "ملك" اللعبة.

اكتفى اللاعب الوحيد الذي أحرز 3 ألقاب مونديالية، بخوض مباراة الاتحاد السوفياتي في الدور الأول، قبل أن يسجّل هدف المباراة الوحيد في ربع النهائي ضد ويلز، ولعب دورا كبيرا في تخطي فرنسا في نصف النهائي (5-2) بثلاثية، قبل أن يتألق في النهائي أمام السويد (5-2) مسجلا هدفين.

أصغر بطل

بات بيليه، بعمر 17 عاما و249 يوما، أصغر لاعب يفوز بكأس العالم، كما نجحت البرازيل في أن تصبح أول دولة تحرز اللقب خارج قارتها، بتنظيم تكتيكي ثوري 4-2-4 بدلا من 5-3-2 أو 3-4-3 التقليديين آنذاك، واعتمد المدرب على لعب ديناميكي عبر الأجنحة، وخلّد بيليه الرقم 10، لكن عن طريق الخطأ. إذ نسيت البرازيل إرسال أرقام لاعبيها إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، فتمّ اختيارها بطريقة عشوائية. حصل حارس المرمى جيلمار على الرقم 3، وقلب الدفاع زوزيمو على الرقم 9، وشاءت الصدف أن ينال بيليه الرقم 10 الذي التصق بتاريخ اللعبة، وقال عنه مدرب اللياقة باولو أمارال "يسدّد باليسار واليمين، وكانت لديه رؤية استباقية لكل شيء ما أن يلمس الكرة، كان خارقا".

تحدّث إدسون أرانتيس دو ناسيمنتو (بيليه) عن هدفه الرائع ضد ويلز، وهو الأول له من أصل 12 هدفا في كأس العالم، قائلا "أعتقد أنه أروع هدف لا يُنسى في مسيرتي"، بدوره، قال كليف جونز جناح ويلز "لم نكن نعرف شيئا عن بيليه. ركّزنا على غارينشا وديدي. هذا الفتى البالغ 17 عاما. من هو؟ لم نكن نعلم. لكننا اكتشفنا ذلك".

بيكاسو كرة القدم

ارتبطت البطولة أيضا باسم غارينشا. كان فتى فقيرا ذا جسم نحيف، وُلد بتشوّهات خلقية مع اعوجاج في الركبتين والعمود الفقري والحوض. دعا أهله ليل نهار حتى يتمكن ابنهم من الوقوف والمشي ولو بطريقة غير سليمة، وتحدّى غارينشا الإعاقة بمراوغات بارعة جعلت منه أشهر جناح أيمن، وقيل عنه "إنه بالنسبة لكرة القدم كبيكاسو للفن"، بعد النهائي، أقرّ قائد السويد نيلس ليدهولم "خسرنا المباراة النهائية (للمونديال) بسببه (غارينشا)، لقد صنع هدفين خارقين".

لكن "الملاك صاحب الساقين الملتويين" فارق الحياة عام 1983 عن 49 عاما بعد إدمانه على الكحول ومعاناته المادية.

ديدي الأفضل

صحيح أن مونديال 58 ارتبط ببيليه وغارينشا والفرنسي المولود في المغرب جوست فونتين، الوحيد الذي سجّل 13 هدفا في نسخة واحدة بعد مشاركة غير متوقعة بدلا من زميله المصاب رينيه بليار، إلا أن أفضل لاعب في البطولة كان ديدي.

اللاعب، الذي أمضى 6 أشهر على كرسي متحرّك بعمر الـ14 بعد ركلة عنيفة تطوّرت إلى التهاب كاد يؤدي إلى بتر رجله، عزز بنجاح هجمات المهاجمين فافا وبيليه وغارينشا وزاغالو، ثم قاد البرازيل بعد 4 سنوات إلى لقبها الثاني.

أصبح خبير الركلات اللولبية الساقطة "فوليا سيكا" (الورقة الجافة) التي ألهمت التسديدات العصرية لجونينيو وأندريا بيرلو وكريستيانو رونالدو، عشية المباراة الحاسمة مع الاتحاد السوفياتي في الدور الأول، طرق ديدي (30 عاما) مع المخضرم نيلتون سانتوس والقائد بيلّيني باب المدرّب فيولا طلبا بالدفع بلاعب الوسط زيتو، لمنح حرية إضافية لديدي إلى جانب المهاجمين. وافق المدرّب، ولولا الحارس السوفياتي العملاق ليف ياشين لكانت النتيجة أعمق بكثير من هدفي فافا.

بعد تلقي هدف مبكر أمام السويد في النهائي، ارتعب زملاؤه وهرع إليه ماريو زاغالو، الذي أخذ في البطولة مكان لاعب آخر يخشى الطيران، وهو يصرخ "أسرع، نحن نخسر". أجابه ديدي بهدوء "استرخ يا زاغالو. نحن أفضل منهم. سنسجّل الكثير من الأهداف". انتهت المباراة 5-2 للبرازيل أمام نحو 50 ألف متفرّج على ملعب راسوندا في ستوكهولم.

العرب يرفضون مواجهة الكيان الصهيوني

كان هناك حراك كبير في كرة القدم خلال الفترة التي سبقت كأس العالم، حيث ظهرت مسابقة أندية جديدة في القارة العجوز أطلق عليها الكأس الأوروبية، وسُمّيت فيما بعد دوري أبطال أوروبا، كذلك بدأ التحضير لكأس أمم أوروبا ونظيرتيها في آسيا وأفريقيا، شهدت كأس العالم 1958 بثا تلفزيونيا لأول مرة، تطوّر في النسخة الجديدة وأصبح بثا عالميا. لكن دول أوروبا الشرقية لم تستقبل الإشارة لعدم جاهزيتها، أقيمت كأس العالم في السويد، التي لم تتضرّر بالحرب العالمية الثانية، بمشاركة 16 منتخبا، بينها 12 من أوروبا، وظهر البطل الأولمبي الاتحاد السوفياتي للمرة الأولى.

رفضت الدول العربية، على غرار مصر والسودان، مواجهة إسرائيل في تصفيات شاركت فيها 55 دولة (رقم قياسي آنذاك)، وفشلت أخرى عريقة في التأهل، أبرزها إيطاليا وأوروغواي المتوجتين مرّتين، وسُجّلت مشاركة المنتخبات البريطانية الأربعة وهي إنجلترا وأسكتلندا وويلز وأيرلندا الشمالية للمرة الوحيدة.

تأثّرت إنجلترا بكارثة مطار ميونخ، حيث اصطدمت طائرة نادي مانشستر يونايتد ببناء، مما أسفر عن مقتل 8 لاعبين قبل 4 أشهر من المونديال، منهم 3 أساسيين في منتخب الأسود الثلاثة، أبرزهم اللاعب الصاعد دانكن إدواردز الذي توفي متأثرا بجراحه، وخطفت البرازيل وفرنسا الأضواء في أوّل بطولة دون مؤسّسها الفرنسي جول ريميه الذي توفي قبل سنتين، بإحراز الأولى اللقب، والثانية لحلولها ثالثة، علما أن الترشيحات كانت تصبّ في مصلحة الاتحاد السوفياتي والسويد وألمانيا الغربية ويوغوسلافيا.

انهيار المجر

قدِم فريق المجر وهو منهار تماما بسبب هروب أغلب اللاعبين خارج البلاد نظرا للاجتياح السوفياتي، فلم يحضر من الفريق القوي الذي اكتسح خصومه في البطولة السابقة وحلّ وصيفا سوى حارس المرمى ومدافع، في ظل غياب أمثال بوشكاش وكوتشيش وتسيبور، الذين فرّوا إلى إسبانيا.

هُزمت المجر أمام ويلز بالمباراة الفاصلة (بلاي أوف) ضمن الدور الأوّل، في ظلّ إعدام الاتحاد السوفياتي الزعيم المجري إيمري ناج قبل أيام من المباراة. تأثّر اللاعبون والجماهير التي رفعت الرايات السوداء حدادا على روحه.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد