حضور اللا جدوى.... أجندات تعيق الحركة السياسية والعسكرية لمجلس القيادة الرئاسي

2022-12-19 19:42:54  أخبار اليوم – تقرير خاص

 

ركود وضمور سياسي تعيشه طاولات مجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، وعلى الصعيد العسكري، فحالة من الخمول يشهده المعسكر الحكومي في جبهات القتال ضد ميليشيا الحوثيين الانقلابية، وهي الميليشيا ذاتها التي صنفت من قبل لجنة الدفاع الوطني كـ"منظمة إرهابية"، التصنيف الذي كان يفترض أن تأتي تباعًا له تحركات عسكرية من الجانب الحكومي

لعل فترة الرئيس السابق "عبدربه منصور هادي" قد اتسمت، بالعجز والفشل إنْ كان على الصعيد الإداري والخدمة أو على صعيد الحرب ضد ميليشيا الحوثيين، كما أن "هادي" سلَّم أمر اليمن للسعودية والإمارات، اللتين أدارتا شؤونه بما يشبه حالة الوصاية، وقد أدى ذلك إلى تآكل التأثير والفعل لسلطة "هادي" في المناطق المحررة

لكن مقياس نجاح مجلس القيادة الرئاسي الذي جاء ليرث تركة الرجل العجوز، يتطلب تغيرات ملحوظة في أداء أجهزة الدولة، وتمكُّنها من تحسين الأوضاع الأمنية والاقتصادية في تلك المناطق، ويشمل ذلك تثبيت سعر صرف العملة أو منع تدهورها الحاد، وتحسين مستوى الخدمات الأساسية، وتوحيد القوات العسكرية، أو على الأقل تقليص تبعثرها، وتحجيم الوضع الفوضوي الذي تشهده البلاد

لكن للمفارقة عكس ذلك، فمنذ تولي مجلس القيادة الرئاسي إدارة الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا لم يتمكن من تحقيق أي تقدم يذكر، لا على الصعيد السياسي ولا العسكري، غير أنه دفع ثمن مكانته تنازلات كبيرة كانت الحكومة الشرعية وحدها من يتحمل ثمنها الباهظ

 

إدارة مفككة  

يتشكَّل المجلس من أطراف ذات أجندات متناقضة، تلك هي الطبيعة السياسية التي يتكون منها مجلس القيادة، إذ خاض بعض هذه المكونات صراعات عنيفة ضد الحكومة وبعض المكونات الأخرى، وعلى الرغم من أنه كان يفترض بمجلس القيادة أن ينجح على الأقل بإنهاء حالة الاحتقان السياسي بين مكوناته، إلا أنه وعلى عكس ذلك فقد بدا المجلس كعصاة بيد المجلس الانتقالي

يُعتبر المشروع الانفصالي، أهم مشكلة تواجه اليمنيين، فالعاصمة المؤقتة، عدن، وبعض المحافظات الجنوبية تحت السيطرة العسكرية والأمنية للانفصاليين، ونجاح المجلس يتطلب أن تعمل مؤسسات الدولة بحرية من عدن، وهو ما يستدعي أن تكون القوات الأمنية والعسكرية تحت إمرة الحكومة وليس القوى الانفصالية، غير أن المجلس حتى اللحظة لم يتمكن من تحقيق أي تقدم يذكر على هذا الصعيد

واقع الوصاية المفروضة على مجلس القيادة من قبل الإمارات ودول التحالف العربي، تجعل إمكانية عدن والمدن الجنوبية مقرًّا متاحًا لعمل المجلس والحكومة ومؤسسات الدولة، أمرًا مستحيلًا، ليظل وجود هذه المؤسسات وجودًا شكليًا كما كان الحال بالنسبة لوجود حكومة مَعين عبد الملك في عدن، والذي كان بدون سلطة حقيقية، وتحديدًا على القوات الأمنية والعسكرية

في السياق، باتت اختلاف الأجندات الحقيقية للإمارات والسعودية، أمرًا في غاية الوضوح، وهو ما ينعكس سلبًا على أداء مجلس القيادة الرئاسي الذي يجد نفسه منقسمًا بين الرياض وأبو ظبي، لا سيما مع التأثير القوي لهذه الدول على مخرجات المجلس وان تعارضت مع سيادة الحكومة والدولة اليمنية

وخلال سنوات الحرب الثمانية، ظهر جليًا أنه للإمارات أهدافها الخاصة، من قبيل دعم الانفصال في الجنوب ومحاربة حزب الإصلاح، وهي قضايا ليست لها الأولوية من وجهة نظر السعودية، ووجود هذا الاختلاف سيسهم في استمرار الفوضى والصراع بين أطراف المجلس

 

غياب الهدف العسكري  

من البداية، جرى الإيحاء وبشكل مقصود، أم من قبل دول التحالف ممثلةً بالمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، أو من خلال خطاب المجلس نفسه، بأن المهمة الرئيسية للمجلس هي تحقيق السلام في اليمن وليس تصعيد مستوى الحرب

ففي قرار هادي الخاص بتشكيل المجلس، وفي البيان الختامي للمشاورات، وكذلك في خطاب رئيس المجلس، رشاد العليمي، وردت إشارات واضحة إلى أن من مهام المجلس التفاوض مع ميليشيا الحوثيين الإرهابية.

وعلى ما يبدو، فإن خطاب السلام موجه للعالم الخارجي بالدرجة الأولى، إذ إن من مصلحة السعودية والإمارات أن تُظهِرا المجلس على أنه خطوة في سبيل تحقيق السلام، وليس مجلس حرب، وذلك الهدف الذي تسعى من خلاله السعودية لإجهاض ما بقي من الحكومة أمام التوسع الحوثي الذي بات هو القوة الضاربة في اليمن

هدف تحقيق السلام الذي تحلى به المجلس منذ أول اليوم، سلب الحكومة الشرعية قرارها العسكري وحولها إلى جعبة مثقوبة تنزف بالتنازلات أمام الشروط الحوثية الثقيلة والتمادي الذي دائما ما يضع الحكومة والمجلس في وموضع مخزي، ومع ذلك يظل المجلس متمسكًا بمفردات السلام على أمل أن يحظى من خلاله بالشرعية والقبول الخارجي، وتصويره على أنه يُلِحُّ على وقف الحرب والتوجه نحو المفاوضات

كان المناوئون للميليشيا الحوثية يطمحون لأن يؤدي تشكيل المجلس إلى توحيد القوات العسكرية لهزيمة ميليشيا الحوثيين، وكل هذا يشير إلى أن احتمالات استمرار الحرب أكبر من احتمالات السلام بعد تشكيل هذا المجلس، غير أن عدم تجانس أعضاء المجلس وتناقض أجنداتهم لم يساعدا على تحقيق إنجازات عسكرية، بل ما حدث كان على العكس من تطلعات اليمنيين

في الواقع هدفت السعودية هدفت من تشكيل المجلس إلى تغيير أسلوب تدخلها المباشر في الحرب، عن طريق توقفها عن استخدام الضربات الجوية مقابل توقف ميليشيا الحوثيين عن مهاجمتها

لكن المؤسف هو في النتيجة النهائية لقرار تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، وهي النتيجة الحالية التي أدت لتوقف العمليات العسكرية بشكل كلي، بل وتحول اليمن إلى قطاعات متجزئة لكل مقاطعة مجلس سياسي وفصيل سياسي يحكمها ويدير شؤونها دون الحاجة لتواجد الحكومة .

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد