في السادس من فبراير/شباط الجاري، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن الجيش الأميركي بدأ في جمع بقايا منطاد المراقبة الصيني، الذي سبح أعلى الولايات المتحدة وأسقطته طائرة مقاتلة من طراز "إف-22 رابتور" ( F-22 Raptor ) بصاروخ واحد قبالة سواحل كارولينا الجنوبية.

وأضاف البيان أن عملاء من مكتب التحقيقات الفدرالي "إف بي آي" ( FBI ) وجهاز التحقيقات الجنائية البحرية اندمجوا مع أفراد عمليات الانتشال للمساعدة في فهم تركيب المنطاد وما احتواه من أجهزة استشعار وما جمعه من بيانات، خاصة وأنه حلّق فوق ولاية مونتانا حيث موقع إحدى القواعد النووية الأميركية.

وبينما أكد الجيشان الأميركي والكندي أن المنطاد كان مخصصًا للمراقبة والتجسس، ردت الحكومة الصينية بأنه كان منطادا مدنيا لأبحاث الأرصاد الجوية لكنه خرج عن مساره. وقد أدى الحادث إلى زيادة التوترات بين الولايات المتحدة والصين.

مناطيد للمراقبة

ينضم المنطاد الصيني إلى فئة المناطيد عالية الارتفاع، وهي عبارة عن مناطيد ضخمة عادة ما تكون مملوءة بالهيليوم أو الهيدروجين، ويتم إطلاقها في طبقة الستراتوسفير من الغلاف الجوي، وتصل إلى ما بين 18 و37 كيلومترا أعلى سطح الأرض.

يعمل المنطاد حاملا للأجهزة التي تكون أسفله، وعادة ما تكون بمثابة أجهزة إرسال أو كاميرات أو أنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية، إلى جانب أجهزة تخص هدف المنطاد، وغالبا ما يكون بغرض دراسة الطقس أو بعض الأعمال البحثية.

بيد أنه في بعض الأحيان قد يستخدم المنطاد لأغراض التجسس. ويمكن للمنطاد على هذه الارتفاعات أن يحصل على صور عالية الدقة وخرائط للأرض، فضلا عن مراقبة التغييرات بها بمرور الوقت. كما يمكن لهذه الأجهزة اعتراض وتحليل إشارات الاتصال بين الجهات العسكرية، بل يمكن له مراقبة حركة الأفراد والقوات.

في حالة المنطاد الصيني، فإن حمولته السفلية كانت ضخمة، وقدرت بطول 3 حافلات مدرسية (حوالي 20-30 مترا) ووزن حمولة حوالي طن كامل، وكان مدعوما بـ16 مصفوفة من ألواح الطاقة الشمسية المثبتة عليه.

لماذا تُستخدم المناطيد للتجسس؟

لا تمتلك المناطيد من هذا النوع ميزات كبيرة نسبيا مقارنة بأجهزة التجسس الأخرى، إذا ما قورنت معا من حيث القدرة على التهرب من الكشف عبر الرادارات الأرضية، لكن الارتفاع الكبير وبرودة الطقس في طبقات الجو العليا تصعب عملية ترصد واكتشاف مثل هذه المناطيد.

والسر الرئيسي في استخدام هذه المناطيد للتجسس يمكن في:

   أولا هو قرب المنطاد النسبي من سطح الأرض.

   ثانيا هو حركته البطيئة نسبيا مما يمكنه من جمع أكبر قدر من المعلومات.

بالمقابل تنقسم الأقمار الصناعية التي يمكن أن تستخدم في المراقبة إلى فئتين:

   الأولى تدور في مدار أرضي منخفض، وتكون الأقرب للأرض لكنها تظل على ارتفاع مئات الكيلومترات، ويمكن أن تستخدم هذه الأقمار الاصطناعية لالتقاط الصور، غير أنها تظل صورا بعيدة، كما أن هذه الأقمار عادة ما تجري بسرعة كبيرة، حيث تصنع مدارا حول كامل الأرض كل 90 دقيقة.

   النوع الثاني من الأقمار الاصطناعية يدخل فيما يسمى المدار المتزامن مع الأرض، يكون ثابتا ويمكنه التركيز على منطقة واحدة، لكنه يكون بعيد جدا عن الأرض.

وعادة ما تمتلك مناطيد التجسس تقنيات توجيه، لكنها بشكل أساسي تعتمد على حركة تيارات الهواء من نقطة انطلاقها إلى نقطة الوصول، ولذلك لا ترجع هذه المناطيد إلى نقطة انطلاقها، وبالتبعية يجب أن تحتوي على أدوات إرسال بيانات قبل أن تنتهي مهمتها ويتم إسقاطها في مكان آمن.

وبالنسبة للمنطاد الصيني، فإن الدلائل لا تزال غير واضحة، وتلك نقطة مفصلية بكشفها يمكن الجزم حول الدور الذي لعبه المنطاد. فإن كشفت التحريات عن وجود مروحة يمكن تحريكها، أو دفة توجيه أو قدرة على التوجيه الذاتي مع مسار مبني داخل الأجهزة، فإن ذلك يعني احتمال أن يكون منطاد تجسس، إلى جانب تحليل القطع التقنية الأخرى.

* الجزيرة