المواطنون في صنعاء تظاهرات تدعم غزة وترفض بقاء سلطة المليشيات الحوثية المصنفة دوليا "منظمة إرهابية "

2024-02-18 01:09:35 أخبار اليوم / يمن مونيتور

 

 

  

لا يعني خروجنا للتظاهر أننا من أنصار الجماعة أو نؤيد استمرار سلطتها للدولة لقد فشلوا طوال تسع سنوات” قال متظاهر في صنعاء خرج الجمعة الماضية إلى أكبر ميادين التظاهر في العاصمة الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي.

 

محمد السراجي (32 عاماً) تحدث لـ”يمن مونيتور” إلى جانب أكثر من عشرة أشخاص ومسؤولين حكوميين في صنعاء، يقولون إنهم لا يحبذون سلطة الجماعة في صنعاء لكن قصف اليمن بطائرات أمريكية وبريطانية مستفز ويثير الغضب؛ كما أن الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة تفوق خيال الإنسان.

 

يخرج عشرات الآلاف في صنعاء أسبوعياً للتظاهر ضد الهجمات الأمريكية والبريطانية، يقول (ميليشيات) الحوثيون إنهم مؤيدون لها ولسلطتها.

 

يقول السراجي وهو ينفخ سيجارته: لا يعنينا ما يقولون طوال 10 سنوات وهم يكذبون باسمنا لم يعد الأمر فارق، خرجنا للتظاهر رفضاً للاستفزاز الأمريكي ومواجهة الغزو المحتمل، داعمين نصرة “إخواننا” في غزة.

 

يشير السراجي إلى أحد أصدقائه ويقول إن أحد أفراد أسرته معتقل لدى ميليشيا الحوثي منذ سنوات ومع ذلك يشعر بغضب من الأمريكيين والبريطانيين. سألناه عن تبديل موقفه رد بابتسامة ساخرة: لم يتغير موقفي أبداً الفارق أن الأمريكيين والبريطانيين قصفوا اليمن، وكان من الأفضل أن يوقفوا حرب غزة وينهون شماعة ميليشيا الحوثي بدلاً من شن حرب علينا.

 

في معظم شوارع صنعاء يتحدث الناس عن الحرب الجديدة، يسخرون من الأمريكيين والبريطانيين لكنهم يتوجسون من سلطة ميليشيا الحوثي التي تفرض جبايات وتهدد بارتفاع الأسعار في ظل عدم دفع رواتب الموظفين خلال سنوات. ويتحدث سكان العاصمة بذكاء عن الأحداث ويتابعون الأخبار من التلفاز وشبكات التواصل الاجتماعي.

 

قال رجل أعمال في صنعاء لـ”يمن مونيتور”: يرفض (ميليشيات) الحوثيون رفع الأسعار لكنهم في الوقت ذاته يقاسمون الجميع أرزاقهم بجبايات مرتفعة مع ارتفاع قيمة دولار الشيكات إلى أكثر من 850 ريالا وهي قيمة كبيرة مقارنة بالواقع حيث قيمة الدولار لا تتعدى 520 ريالا. ومع الوضع الحالي وارتفاع الشحن والتأمين سنخوض مفاوضات صعبة مع قادة الجماعة.

 

ويشير إلى أن “عدم دفع الرواتب تسبب في كسر الدورة الاقتصادية، لا يملك الناس المال للشراء”.

 

في ميدان السبعين حيث يخرج المتظاهرون يوزع عناصر ميليشيا الحوثي لافتات للميليشيات على المتظاهرين ويرددون شعاراتهم في محاولة لكسب ولاء الناس الذين يخرجون. يقول السراجي إن “هم يستفزوننا ويزيدون الحقد والغضب منهم، لن أحمل شعارات ميليشيا الحوثي حتى أموت”.

 

يكرر (ميليشيات) الحوثيون شعاراتهم، ويعتمدون الزوامل الشعبية التي تمجد عائلة “بدر الدين الحوثي” والد زعيم ميليشيا الحوثي، وتدعو بالموت للأمريكيين والغرب.

 

وتُمنع وسائل الإعلام اليمنية المستقلة التي تعتبرها ميليشيا الحوثي غير موالية لها من العمل في صنعاء، ويمكن اعتقال الصحفيين إذا نقلوا أخباراً لا تتوافق مع سياسة الميليشيات المسلحة. لذلك نُفذ هذا التقرير بعيداً عن أعين ميليشيا الحوثي.

 

عشرة أضعاف

وفي الأسابيع القليلة التي سبقت العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول كان (ميليشيات) الحوثيون يحشدون أنصارهم من كل المحافظات إلى صنعاء ولا يخرج 10% ممن يخرجون اليوم –حسب ما أفاد مسؤول في ميليشيا الحوثي مسؤولا عن التنظيم.

 

وقال متظاهرون في ميدان السبعين: إن معظم هؤلاء تحملوا نفقاتهم ليشاركوا في التظاهر. وفي الماضي كانت ميليشيا الحوثي تتكفل بكل النفقات إلى جانب حصص غذائية من إغاثة الأمم المتحدة التي كان ميليشيا الحوثي توزعها.

 

يقول مسؤول من ميليشيا الحوثي ضمن فريق تنظيم التظاهرة في ميدان السبعين لـ”يمن مونيتور”: زاد حجم التظاهرات أكثر من عشرة أضعاف، هذا سيل يتدفق لم أشاهده خلال سنوات الحرب. معترفاً أن الكثير لا يؤيدون سلطة الجماعة لكنهم “يقفون ضد الأمريكي والإسرائيلي”!

 

يقول السراجي ورافقه إن من المسيء اعتبار ما يحدث زيادة في شعبية ميليشيا الحوثي؛ مضيفاً: كل شيء باقِ على حاله فقط أن الجرائم الإسرائيلية والاستفزازات الأمريكية سيئة ويمكنها أن توحد الجميع لكن لا أعتقد أن أحداً يريد بقاء ميليشيا الحوثي في السلطة، جربناهم تسع سنوات هذا كافي.

 

عودة الوضع إلى حالة

تخوض ميليشيا الحوثي حرباً ضد القوات الحكومية المعترف بها دولياً المدعومة من تحالف فضفاض تقوده السعودية منذ 2014م، أدت إلى انقسام كبير في المجتمع في مناطق ميليشيا الحوثي بين مؤيد للحكومة ورافض لوجودها. في السنوات الأخيرة كانت ميليشيا الحوثي تواجه سخطاً متزايداً مع إحكام قبضتها على السلطة ورفض دفع رواتب الموظفين منذ 2016 وزيادة الجبايات، وزاد الفساد في السلطة لمستويات غير مسبوقة، ما دفع الجماعة للتفاوض مع السعودية لدفع الرواتب وتجنيبها غضب الناس.

 

وقال عضوا في المجلس السياسي للميليشيات لـ”يمن مونيتور” إن الوضع قبل 07 أكتوبر “كان سيئاً مع زيادة الانقسامات، وغضب الناس، لكن المشاركة في دعم إخواننا في فلسطين ساهم في خفض حدة احتقان المجتمع ورجال القبائل الغاضبين”.

 

لكن السراجي وثلاثة من أصدقائه وعشرة آخرين تحدثنا لهم في صنعاء يقولون إن “انتهاء العدوان الصهيوني على غزة سيعيد الوضع إلى حالة إذا توقف الأمريكيون وغادروا البحر الأحمر”.

 

“لن أقبل بإدارتهم”

وفيما ينظر اليمنيين بريبة تجاه تأثير الهجمات البحرية على حياتهم اليومية لكنهم يؤيدون جزئياً الهجمات رغم عدم ثقتهم بميليشيا الحوثي. قال محمد التعكري (48 عاماً) وهو موظف حكومي قديم إن “تأييدي لهجمات أنصار الله (الحوثيين) ضد السفن الإسرائيلية أو رفض الهجمات الأمريكية لا يعني أن أتخلى عن راتبي الذي لم أتسلمه منذ سنوات”. مضيفاً: ولا أقبل طريقة إدارتهم للسلطة والفساد الذي يقومون به منذ تسع سنوات.

 

يتحدث سكان صنعاء مع الغرباء بحذر خشية أن يكونوا جواسيس لميليشيا الحوثي، لذلك رغم سخطهم يصفون ميليشيا الحوثي بالاسم الذي يحبون أن يطلق عليهم “أنصار الله”.

 

يقول السراجي: قد يفقد الناس مصالحهم، أو يتعرضون للعداء من قِبل قيادات الجماعة إذا كان أحدهم يتحدث بسوء عنهم بشكل دائم أو لعائلاته مقاتلين مع “العدوان”.-في إشارة إلى الحكومة المعترف بها دولياً والتحالف.

 

في السنوات الأخيرة كان الغضب من ميليشيا الحوثي يتصاعد وكانت الأصوات تعلو ضد الميليشيات في شوارع صنعاء والمدن الأخرى. اعتقلت ميليشيا الحوثي أكثر من 1000 متظاهر في سبتمبر/أيلول الماضي خرجوا للتظاهر في ذكرى الثورة اليمنية “26 سبتمبر” واتهموا الحوثيين بأنهم امتداد للنظام الإمامي الوراثي الكهنوتي. كانت أصوات داخل الجماعة قد تصاعدت تطالب بإصلاحات داخل نظام الحكم والسلطة بسرعة ومحاربة الفاسدين دفعت زعيم ميليشيا الحوثي لإعلان ما وصفه “بالتغييرات الجذرية” لتهدئة الشارع والحفاظ على وحدة الجماعة.

 

يقول قيادي سابق من ميليشيا الحوثي تحدث في مجلس قات لـ”يمن مونيتور”: تم تأجيل كل شيء، جاءت الهجمات الأمريكية، والعدوان على غزة لتنقذ القادة الحاليين من تنفيذ الالتزامات.

 

ويذهب الباحث اليمني محمد علي ثامر إلى أبعد من ذلك، قائلاً إن الحوثيين ربما يحاولون “صرف الانتباه عن مسؤولياتهم تجاه الشعب اليمني”.

 

وقال ثامر: “بدلاً من العمل على تحقيق سلام دائم في اليمن، وضمان دفع رواتب الموظفين العموميين وتشكيل حكومة وطنية، يبدو أنهم يعطون الأولوية للتعاطف الرمزي من العالم العربي والإسلامي

 

يضيف القيادي السابق إنه يتوقع أن جماعته أجلت فقط الغضب الشعبي لبعد الحرب. و”الناس جربونا خلال 9 سنوات وفشلنا، ودون إصلاحات كبيرة واتفاق سلام ستحدث حرب داخلية أكبر، لو كنا نصرنا غزة قبل إدارتنا الفاشلة كان يمكن أن يقبلوا بنا لكن الآن بعد تجربتنا هذه المدة الطويلة لن يقبلوا”.

 

يبدو أن إدارة بايدن ارتكبت حماقة كبيرة للغاية، فمعظم نظرائهم في المنطقة والمحللين السياسيين يتفقون أن الإدارة الأمريكية قدمت لميليشيا الحوثي ما كانوا يحتاجونه للتهرب من كل شيء.

 

ونتيجة لذلك يرى آخرون غاضبون من ميليشيا الحوثي أنها مؤامرة كبيرة. وعلى متن سيارة نقل دفع رباعي في الطريق إلى مدينة تعز محمد الشرعبي الذي يملك محل بقالة في صنعاء أن “ما يحدث هي لعبة أمريكية بريطانية مع ميليشيا الحوثي لإنقاذهم من سخط الناس ودفع القبائل أكثر للقبول بميليشيا الحوثي بصفتهم يحاربون.

 

كان الوصول إلى مدينة تعز صعباً للغاية حيث أخذت الطريق من آخر نقطة يسيطر عليها ميليشيا الحوثي في “الحوبان” أكثر من 7 ساعات بسبب حصار ميليشيا الحوثي للمدينة بدلاً من 6 دقائق. طوال الطريق كان الركاب يتحدثون عن القصف الأمريكي ويظهرون غضباً من سلوك الأمريكيين والبريطانيين ويتنبئون بغزو كما حدث في العراق، لكن ذلك لا يعني أن غضبهم من ميليشيا الحوثي تراجع أو أصبحت الميليشيات أكثر شعبية.

  

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
صحفي من تهامة يروي تفاصيل مرعبة لعملية اختطافه وتعذيبه ولحظة مهاجمة الحوثيين لمنزله بالأطقم العسكرية

بينما كنت أمسح رأس طفلي، كانت أصوات المليشيات الحوثية تتردد في أرجاء منزلي الكائن في السلخانة الشرقية، بمديرية الحالي، في يوم 13 نوفمبر 2018. في سردٍ مأساوي مليء بالقهر والألم، يستعرض محمد علي الجنيد، تلك اللحظة الفارقة ال مشاهدة المزيد