اللاعبون يحصلون على أموال فلكية من أنديتهم والمشاركة الدولية مغامرة شبه تطوعية..

رفض بن وايت الانضمام لمنتخب إنجلترا يُظهر أن الولاء يتحول تجاه الأندية

2024-03-25 01:42:31 أخبار اليوم/ متابعات

  

يسعى كثيرون الآن للوصول إلى تفسير منطقي لرفض بن وايت الانضمام لقائمة المنتخب الإنجليزي، قبل ثلاثة أشهر من نهائيات كأس الأمم الأوروبية 2024. في الحقيقة، ربما يكون الشيء الأكثر إثارة للدهشة بشأن هذا القرار هو أن هذا الأمر لم يحدث بشكل علني في كثير من الأحيان، بمعنى أن كثيرا من اللاعبين كانوا يرفضون الانضمام لمنتخبات بلادهم في السابق لكنهم كانوا يتحججون بأشياء أخرى مثل الإصابة أو غيرها، لكن الأمر مختلف تماما هذه المرة مع بن وايت.

سوف يُلقي البعض باللوم على المدير الفني للمنتخب الإنجليزي، غاريث ساوثغيت، ويتهمونه بالفشل في التواصل مع اللاعبين بشكل جيد. لكن النتيجة الأكثر ترجيحاً هي أننا سنشهد خلال السنوات المقبلة قيام كثير من اللاعبين برفض الانضمام إلى منتخبات بلادهم!

ويجب الإشارة هنا إلى أن ساوثغيت تحدث بصراحة مع بداية توليه مسؤولية المنتخب الإنجليزي عن الحاجة إلى الاستمرار في تحفيز اللاعبين من أجل القدوم واللعب. وإذا عدنا إلى العقود الماضية، فسنجد أن كثيرا من اللاعبين كانوا يرفضون الانضمام إلى المنتخب الإنجليزي بحجة الإصابة. لقد اعتزل بول سكولز اللعب الدولي مع منتخب إنجلترا وهو في التاسعة والعشرين من عمره، لا لشيء إلا لأنه لم يعد يستمتع به بعد الآن! ولم ينضم رحيم سترلينغ إلى المنتخب الإنجليزي أكثر من مرة، قبل أن يتم استبعاده بشكل متواصل مؤخرا.

لكن الفرق هذه المرة هو أن بن وايت وساوثغيت لا يشعران بأي تذمر أو غضب. لقد أوضح اللاعب مسبقاً من خلال ناديه أنه لا يريد أن يتم اختياره ضمن قائمة المنتخب الإنجليزي. وقد أعلن ساوثغيت عن الأمر هذه المرة بنفسه، وتحدث بتفصيل كبير مؤخرا عن الطريقة التي رفض بها بن وايت الانضمام، موضحاً أن هذا القرار خاص ببن وايت، وأنه بذل كل ما في وسعه من أجل تحفيزه وحثه على الانضمام للمنتخب.

هناك أسباب وجيهة جعلت ساوثغيت يخرج على الملأ لتوضيح الأمر هذه المرة، لعل أهمهما هو أن بن وايت يقدم مستويات رائعة مع آرسنال، وبالتالي فإن استبعاده من قائمة المنتخب الإنجليزي كان سيثير الكثير من علامات الاستفهام. والأهم من ذلك، أن غياب بن وايت يمثل ضربة موجعة للمنتخب الإنجليزي في الوقت الحالي. صحيح أن كايل ووكر يظل هو الخيار الأول في مركز الظهير الأيمن، لكن بن وايت يقدم مستويات جيدة أيضا، بالإضافة إلى أنه أفضل من ووكر في النواحي الهجومية، وهناك تفاهم كبير بينه وبين بوكايو ساكا في هذه الجهة، لأنه يلعب بجواره في آرسنال.

والأهم من ذلك أن بن وايت يلعب أيضاً قلب دفاع. صحيح أنه لا يلعب في هذا المركز بشكل منتظم في الوقت الحالي، لكنه لا يزال يلعب كل أسبوع مع متصدر جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز، ويتمتع بلياقة بدنية كبيرة ويجيد الاستحواذ على الكرة ويمتلك شخصية قوية. وبالتالي، كان من السهل للغاية أن يحجز بن وايت مكانه في التشكيلة الأساسية للمنتخب الإنجليزي على حساب هاري ماغواير، الذي لا يملك أيا من هذه الإمكانات، ليشكل ثنائيا دفاعيا قويا مع جون ستونز.

يعرف الجميع جيدا أن الفوارق البسيطة تكون حاسمة في البطولات الكبرى، وبالتالي فإن عدم القدرة على استدعاء أحد المدافعين القلائل المتاحين الذين يلعبون بانتظام في أحد أندية النخبة يُعد ضربة موجعة للمنتخب الإنجليزي، إذا كان يريد حقا المنافسة على لقب البطولة. ويأخذنا هذا للحديث مرة أخرى عن مسألة من المخطئ ومن يجب إلقاء اللوم عليه. لقد كانت قدرة ساوثغيت على احتواء اللاعبين وبث روح الحماس والقوة بداخلهم تمثل إحدى أبرز نقاط القوة للمدير الفني للمنتخب الإنجليزي. لكن الحقيقة أنه لا توجد سابقة واضحة لرفض لاعب الانضمام لقائمة منتخب بلاده والمشاركة في بطولة كبرى، على الرغم من أنه من المرجح أن يكون أساسيا ولا يزال في منتصف العشرينات من عمره! فلماذا يحدث هذا الآن؟

الجواب، كما هو الحال دائماً، يتمثل في النظام الذي تقوم عليه كرة القدم في الوقت الحالي، فكرة القدم على مستوى المنتخبات تخضع لنفس القوى التي تؤثر على كل جزء من صناعة هذه اللعبة الترفيهية العالمية، مثل الأموال وجدول المباريات. فإذا نظرنا إلى المشهد من كثب، سنجد أنه من المدهش حقا أن عددا كبيرا من اللاعبين لا يزالون قادرين على مواصلة اللعب مع منتخبات بلادهم بنفس القوة، على الرغم من ممارسة هذه اللعبة المنهكة للغاية على مستوى النخبة، والتي تتطلب من اللاعبين أن يكونوا في قمة مستواهم البدني والذهني باستمرار.

وهناك أيضاً شعور بتغير الاحتياجات وتغير الولاءات، بسبب الأموال الطائلة التي يحصل عليها اللاعبون من الأندية التي يلعبون لها. وعلى مدار فترة طويلة، كان اللعب باسم المنتخب يُعد خياراً عقلانياً وعاطفياً أيضاً، حيث كانت المشاركة الدولية تعني دخلا أكبر ومكانة متزايدة وتحسنا في حقوق الرعاية بالنسبة للاعبين. لكن الآن يحصل اللاعبون على أموال فلكية من أنديتهم، وبالتالي لم تعد هناك حاجة للمغامرة بالاشتراك في المباريات الدولية في مهمة شبه تطوعية كل صيف! في النهاية، كرة القدم على مستوى المنتخبات تتعلق ببساطة بالولاء والمشاعر، وكلنا نعرف أن المشاعر متقلبة وتتغير من وقت لآخر.

وفي الوقت الحالي، يبدو رفض بن وايت أمراً غريباً يمكن التغاضي عنه، لكنه ربما يعود في الوقت المناسب، وربما حتى بعد الصيف مباشرة إذا رحل ساوثغيت! لكن غيابه هو تذكير بهشاشة هذه الأشياء، وحقيقة أن كرة القدم على مستوى المنتخبات موجودة أساساً لأن الناس يريدونها، وأنها ستتوقف عندما يتوقف ذلك. كما أن غياب بن وايت يُعد ضربة حقيقية للمنتخب الإنجليزي الذي، على الرغم من كل نقاط قوته، لا يزال يعاني من نقاط ضعف حقيقية، ليس أقلها الثغرة الموجودة في قلب الدفاع والتي كان من الممكن أن يملأها لاعب مثل بن وايت!

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد