الفقر والبطالة سببان رئيسيان في انتشاره .. عروسة البحر الأحمر عاصمة للتسول في اليمن.. والخميس يوم التسول في الحديدة

2010-05-13 05:51:19


استطلاع / غمدان أبو علي - عرفات مكي

يبدو أن الوضع الاقتصادي والفقر الذي تعيشه بلادنا وخاصة محافظة الحديدة يعد مؤشراً خطيراً لحصول كارثة إنسانية بسبب عدم وجود فرص عمل لأبناء هذه المحافظة الطيبة، مما ساعد على انتشار ظاهرة التسول في هذه المحافظة بصورة كبيرة والتي يوجد بها عدد كبير من هؤلاء الأشخاص "المتسولين "، فأينما يممت وجهك في جولاتها ومداخلها وحاراتها وأزقتها وجدت العشرات منهم ومن مختلف الأعمار، نساءً وأطفالاً وشيوخاً وأيضاً شباباً يطلبون منك المساعدة، مستخدمين في ذلك عشرات الأساليب المؤثرة والتي يرق لها قلبك ويجبرك على مساعدتهم سواءً كانوا محتاجين أو غير محتاجين.

وحول أسباب انتشار هذه الظاهرة في محافظة الحديدة والتي اعتبرها البعض عاصمة للمتسولين وخصوصاً في يوم الخميس والذي يعتبر يوماً مفتوحاً لهم ولتجمعاتهم قمنا بأخذ آراء عدد من المواطنين عن هذه الظاهرة في الأسطر التالية :

الفقر السبب الرئيسي !

البداية كانت مع المحامي / توفيق الشميري والذي سألناه عن رأيه حول أسباب انتشار المتسولين في الحديدة فقال: إن هناك سبباً رئيسياً يقف وراء انتشار منتسبي هذه المهنة وهو الفقر، هذا الشبح الذي يهدد اليمن بأكمله فكيف لا يكون هناك متسولون، ولولا الفقر لما كان هذا العدد الكبير من هذه الشريحة منتشرين في الشوارع بشكل واسع والتي أصبحت تتسبب العديد من الإزعاجات والمشاكل والتي منها مثلاً تشويه صورة اليمن عند الأجانب والزائرين لليمن من كل أنحاء العالم، إضافة إلى أنهم سبب رئيسي من أسباب وقوع الكثير من حوادث السير لأنهم يتواجدون بكثرة في الشوارع والجولات. . وأضاف انه إذا كانت توجد فرص عمل فإنه يعتقد أن المتسولين سيكون عددهم قليلاً، ولكن الوضع الذي تعيشه بلادنا وخاصة "الحديدة " والتي تعد من أفقر المحافظات ساهم في ذلك على الرغم من وجود العديد من المصانع فيها، بالإضافة إلى أنها تعتبر من المحافظات التي ترفد الخزينة العامة بالمليارات سنوياً. . .

وأشار الشميري إلى أن تواجد هؤلاء المتسولين في الجولات بأطفالهم ونسائهم خصوصاً هذه الأيام شجع الكثيرين على دخول هذه المهنة لأنهم رأوا فيها عملاً سهلاً لجمع الأموال بدلاً من القيام بأي عمل آخر. .

المتسولون كثروا ولا ندري من نساعد

بينما الأخ / نياز المقطري يقول إنه أصبح محتاراً، ولا يدري من يساعد من المتسولين الذين يصادفهم يومياً في الجولات وفي الأسواق والمساجد وفي كل مكان وهم بالعشرات، ، وأضاف بأن العديد منهم يطلبون منه المساعدة رغم أنه لا يبدو على وجوههم الحاجة بل وإن أكثرهم غير محتاج، ولكن أين الدولة من هؤلاء المتسولين والذين يتكاثرون بشكل مخيف ولا نلمس منها حلاً لإنهاء هذه المعاناة؟ ويستطرد قائلاً بأن سمعة اليمن أصبحت مشوهة في الكثير من المحافل الدولية وخصوصاً دول الخليج، فأصبح اليمني ينُظر إليه بأنه شحات فقط والسبب في ذلك الكثير من ضعفاء النفوس والذين يرون أن مهنة التسول مهنة بسيطة تدر عليهم بالمال دون عناء أو تعب ويقول إن الكثير من الشخصيات الكبيرة أيضاً تقوم بالتسول في دول عديدة وكيف لا يتسول المواطن العادي. .

متسولون في كل مكان

أما الأخ/ إبراهيم القيري طالب جامعي فيقول: لقد أصبح المتسولون منتشرين في كل مكان بالحديدة، هذه المحافظة الفقيرة، حتى الحرم الجامعي لم يسلم من هؤلاء المتسولين فتجد يومياً يدخل إلى قاعات المحاضرات العشرات من المتسولين يطلبون المساعدة ولا نعلم أين أمن الجامعة من هؤلاء المتسولين والذين يعكرون أجواء المحاضرات وبشكل غير طبيعي حتى أصبح يتهيأ لنا أن الشعب كله أصبح متسولاً؟ وأين " عمنا علي " من معاناة هؤلاء؟، هل الدولة عاجزة عن إيجاد الحلول لهؤلاء. . .

مضيفاً بأن هناك العديد منهم تجد معه أوراقاً يقول إنها تقارير طبية ويأتي يعرضها عليك وهو يدعو لك أن الله يرزقك و أن الله يستر عليك وغيرها من الدعوات والحيل التي تجعلك تتعاطف معهم وتساعدهم سواءً كان محتاجاً أم لا وأنت وقبيلتك. . .

ويرى الأخ/ القيري بأن الحلول الرئيسية لهذه الظاهرة وتقليصها هي بيد الحكومة التي يجب عليها أن تبحث عن حلول جذرية لمشكلة البطالة والتي هي سبب رئيسي في انتشار هذه الظاهرة بدلاً من زيادة الجرع على كاهل هذا المواطن المسكين. .

الشاب حسني المرزوقي بدأ حديثه بتحميل الحكومة كل الأسباب المؤدية إلى انتشار التسول فيقول إن الشعب أصبح اليوم في حالة يرثى لها ، فالعديد من أبناء هذا الوطن عاطلون عن العمل وعندما يرى أي شخص نفسه عاطلاً ولم يجد أي عمل وبدأ الجوع يطرق أبوابه يفكر مباشرة بالتسول من أجل أن يوفر لقمة العيش لأولاده وعندما يجربها ويحصل على المال فهو مباشرة يقرر أن يستمر فيها حتى ولو أنه حصل بعد ذلك على فرصة عمل لأنها مهنة لمن لا مهنة له.

ويضيف حسني بأن مشاهد المتسولين تخطفك من أول جولة، مروراً على مداخل المدينة النظيفة، فلمسات المسئولين والسلطة المحلية في الحديدة أهملت الإنسان وما يعانيه من فقر مدقع واتجهت نحو تشييد الأرصفة والطرق الدائرية والتفاخر بالمنجزات العظيمة التي تحققت للوطن ولم يجدها المواطن والتي كان من المفترض أن تتجه عنايتهم في البداية إلى المواطن.

الأخ / محمد علي رجل مرور وجدناه في إحدى الجولات يقول إن انتشار المتسولين في الجولات والشوارع أصبح يشكل خطراً كبيراً ويساهم في وقوع العديد من الحوادث المرورية التي ربما قد ينتج عنها حالة وفاة بسبب تواجد هؤلاء في الشوارع والجولات أثناء مرور السيارات.

ويضيف بأنه لابد من وجود تدخل من الجهات المعنية لمنع هؤلاء المتسولين من التواجد في الجولات المرورية من أجل أن لا تحصل الحوادث المرورية والتي كثرت في الحديدة بسببهم. .

واستغرب الأخ/ محمد من شجاعة المتسولين الذين أصبحوا لا يخافون السيارات والموتورات المسرعة حيث يندفعون بشكل كبير عندما تتوقف إشارة المرور إلى السيارات ويطلبون المساعدات ويتنقلون من جهة إلى أخرى بحثاً عن السيارات التي تحمل لوحات سعودية والسيارات الضخمة والجديدة حتى ولو الخط مفتوح والسيارات تمر.

أطلب المساعدة لإعالة أطفالي

وكنا قد التقينا بالحجة خديجة 45 عاماً في إحدى الجولات وسألنها عن سبب وجودها في هذا المكان فقالت إنها تأتي يومياً من أجل طلب المساعدة من الآخرين وذلك منذ ما يقارب خمسة عشر عاماً عندما توفي زوجها من أجل أن تحصل على مال تشتري به الغداء لأولادها الخمسة ، وتضيف: لم أجد أحداً يساعدني بعد وفاة زوجي فاضطررت إلى طلب المساعدة من الآخرين من أجل توفير لقمة العيش لي ولأطفالي. .

فسألتها أين أطفالك الآن فقالت إنها تقوم بتوزيعهم يومياً على الجولات المنتشرة في الحديدة حتى صلاة العصر، يجتمعون في مكان واحد وتقوم بأخذ ما جمعوه وتشتري به غداء ومتطلبات البيت وبعدها يتوزعون على الشوارع والأحياء والدكاكين والمساجد لنلتقي بعد صلاة العشاء لجمع ما حصدوه وهكذا يومياً حتى يفرجها ربك يا صحفي حد قولها.

أما الحاج / سالم حسن أربعين عاماً يشير إلى أنه يمتهن التسول منذ أكثر من عشرين عاماً والسبب في ذلك أنه لم يحصل على عمل في تلك الفترات واضطر إلى طلب المساعدة ومد يده للآخرين من أجل أن يصرف على أولاده وسألته عن سبب انتشار المتسولين فقال: يا ابني كنا زمان قليلين أما الآن فهم بالمئات. . واستغرب قيام بعض الشباب بالتسول وكذا الأطفال ويضيف وهو يضحك: حتى أنهم يا ابني أسر بأكملها تخرج من الصباح تتسول لكن أنا والله لحالي ولا يوجد معي أولاد سوى اثنتين من البنات وأخاف أن يخرجوا إلى الشارع لطلب المساعدة فانا أخرج يومياً حتى وإن كانت حالتي الصحية أحياناً لا تسمح. . . . .

وسألناه عن السر وراء تخصيص يوم الخميس للتسول في الحديدة فأجاب بأن التجار وأصحاب المحلات لما رأو بأن المتسولين يتكاثرون يوماً بعد يوم وأصبحوا يشكلون مصدر إزعاج لهم ولمحلاتهم قاموا بالاتفاق فيما بينهم وخصصوا يوم الخميس من كل أسبوع كيوم لتوزيع المساعدات المالية على كل متسول والتي لا تتعدى العشرة ريااااااااااالات لكل واحد.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد