استطلاع / علي الصبيحي
منطقة صلاح الدين، الواقعة على بعد خمسة وثلاثين كيلومتراً غرب محافظة عدن، إحدى مناطق مديرية البريقة. . كل شيء في هذا المكان له قصة. . ولكن ليست كل قصة لها نهاية سعيدة. . فالمياه الراكدة والمجاري الطافحة أضحت مصدر قلق للسكان الذين يخشون البعوض المستوطن فيها. . والبطالة جعلت من الشباب كالخفافيش والحشرات السامة، لا يخرجون إلا ليلاً ليسهروا في الأزقة المظلمة حتى بزوغ الفجر. . الناس فيها هلكى. . ما تغيرت أحوالهم، لم تعد ملامحهم صافية. . يبدو الغمور على محياهم جراء تدهور الوضع المعيشي وارتفاع التكاليف. . الأطفال لم يجدوا متنفساً عدى أماكن تجمع القمامة. . بنايات بدت أعمدتها وأسقفها متهالكة. . لا يجد أصحابها طعم الطمأنينة، لا يدرون متى تنهار على رؤوسهم. . شوارع الحارات تبدو حالكة الظلام، إلا من شعاع ضئيل من الضوء المتسرب من بعض حجرات المنازل في ظل غياب الإنارة العامة. . ليل موحش يولد فيه الرعب. .
مباني الطيارين. . متهالكة:
في البدء التقينا المواطن/ عثمان مساعد محمد الذي تحدث بالقول: نحن نسكن هذه البيوت منذ الثمانينات إلا أننا اليوم واقعون تحت خطر انهيارها في أي لحظة نتيجة تآكل جدرانها بسبب الملوحة وكذا تشقق السقف الذي يعرضنا لأشعة الشمس ودخول مياه الأمطار إلى منازلنا. . ونحن كنا قد أعددنا تقريراً وتوجهنا به إلى المحافظة وعرضنا عليهم المشكلة لكن لا حياة لمن تنادي وحالياً نحن لا نستطيع أن نقوم بترميم منازلنا لأننا من ذوي المدخل المحدود ونناشد الجهات المختصة بتدارك الأمر قبل وقوع الكارثة.
مجاري ومستنقعات. . ولا منافذ للمياه:
أما عن وضع المجاري قال صالح عبدالله الأسود: ينتشر البعوض بشكل مخيف بسبب المجاري الطافحة التي تحيط بالمنازل بالإضافة إلى المياه الآسنة والتي تتجمع عقب هطول الأمطار ولا توجد لها أي منافذ حتى أنها تدخل إلى المنازل وتعيق الحركة في المواسم، ونحن نخشى انتشار الأمراض خاصة وأن فرق الرش الوبائي لا ينزلون لمسح المنطقة.
طريق متعثر:
وقال سيف حسن حميد: تفاجأنا صباح ذات يوم بدكاكة وهي تدك الإسفلت القديم للشارع الذي هو من أيام بريطانيا وعندما سألت قالوا سيتم صيانة الشارع وسفلتته من جديد واستبشرنا بخير وإلى اليوم والطريق مكسر ولم يتم العمل فيه. . فنحن نريدهم أن يعيدوه كما كان وكثر الله خيرهم.
مستشفى عقيم:
قال حسين العسل: عندنا مستشفى عسكري وفيه كادر طبي لكن للأسف لا يوجد فيه أبسط مقومات الرعاية الصحية ولا ندري أين تذهب الأدوية التي تصل إليه حتى حقنة "الفولتارين" لا تتوفر فيه، فنحن نناشد وزارة الصحة بإعادة تفعيل دور المستشفى وبالأخص قسم النساء والولادة.
نادٍ مفقود. . حدائق غائبة. . مجالس محلية صامتة:
قال رشاد عباد أحمد: لكل أطفال العالم امتيازات خاصة إلا أن أطفالنا حرموا حتى من المتنزهات والحدائق العامة ولا يوجد في المنطقة رغم كبرها نادٍ رياضي والمجالس المحلية نائمة ولم تحرك أي ساكن لتوفير متطلبات المنطقة واحتياجاتها.
فقر وبطالة مزمنة:
قال منصور عبده الزبيدي: لدي عشرة أبناء عاطلين عن العمل وأنا أعولهم بمبلغ عشرين ألف ريال شهرياً وهو لا يكفي لسد حاجاتهم من غداء وملبس ومدارس خاصة مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وقد تلقينا وعوداً بتوظيف أبنائنا في شركة مصافي عدن لكنها وعود وهمية.
قمامة منتشرة وغربان مزعجة:
قال توفيق أحمد ناصر: القمامة اليوم تعرقل طريق الناس بسبب غياب براميل النفايات التي تجمع بداخلها، وعندنا مشكلة الغربان التي أضحت مصدر قلق للسكان لما تسببه من أذية، فنحن نناشد الجهات المختصة بحل هذه المشكلة.
الإنترنت مفقود والاتصال مقطوع:
قال ياسر حسن عبدالله: لقد وصل الانترنت إلى كل أنحاء العالم إلا عندنا في صلاح الدين بسبب أنه لا توجد خدمة "DSL" وقد تلقينا وعوداً من المجالس المحلية بإدخال الشبكة وإلى الآن ونحن ننتظر وكذلك مشكلة الاتصال الثابت مقطوع عن أكثر من ألف وخمسمائة بيت.
زيادة أجرة المواصلات:
قال غسان عباد أحمد: لا توجد رقابة على سائقي الأجرة وهناك ارتفاع مزاجي يومياً يطرأ في سعر المواصلات نظراً لبعد المنطقة والمجالس المحلية نائمة ولم تعالج المشكلة.
شوارع مظلمة :
قال فهد عبادي: ليلنا موحش، يولد فيه الرعب لغياب الإنارة العامة للشوارع مع أننا تقدمنا بأكثر من طلب لكن لم يلتفت إلينا أحد، فأطفالنا لا يستطيعون حتى الخروج إلى المسجد من شدة الظلام الدامس المخيف وكأننا في قرية ولسنا في مدينة.
خاتمة:
الدخل المحدود وارتفاع الأسعار والبطالة والفقر وانعدام الخدمات وأخيراً التهميش معاناة لا تنتهي في منطقة صلاح الدين والناس فيها صرعى، وجوه حزينة وعيون غارقة ونفوس حالمة بالأمل البعيد تنتظر. . ويبلغ السؤال منتهاه: أين دور قيادة السلطة المحلية؟ وأين موقع صلاح الدين من خارطة الوطن؟
فهذه استغاثة علها تجد لها منقذاً أو معيناً يلملم أشلاء هؤلاء الضعفاء. . نتمنى ذلك.
