نقل "48" مركزاً امتحانياً أساسياً وثانوياً حتى الآن والحجرية الأكثر انضباطا..ً الامتحانات في تعز .. فوضى وخلل أمني وغياب محلي

2010-06-24 06:09:14


تقرير/ أحمد النويهي

باتت امتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية العامة بتعز أشبه بمعركة حرب بين اللجنة الفرعية للامتحانات بالمحافظة من جهة وبين السماسرة ودعاة الفوضى ومشيعي ثقافة الغش الذين يمثلون الجهة الأخرى في هذه المعركة. . فبعد أن أصبحت محافظة تعز تحتل المرتبة الأولى في إخراج أجيال معتمدة على الغش في السنوات الأخيرة رأت اللجنة الفرعية للامتحانات البدء في تنفيذ إجراءات رأت بأنها تشكل البداية الحقيقية للقضاء على هذه الظاهرة التي أساءت لسمعة تعز كمحافظة منتجة للنوابغ والأذكياء على مدار عقود مما أهلها لتكون المحافظة الأولى التي امتلكت قصب السبق في تطور العملية التعليمية وانتشارها على رقع واسعة من الوطن، وكثير ما اتهمت التربية والتعليم في السنوات الماضية بأنها مكمن الداء من خلال تساهلها في تفشي ظاهرة الغش من خلال عدة عوامل أبرزها سوء اختيارها للجان الإمتحانية والتي كانت تحابي للمشائخ والشخصيات الاجتماعية وتذعن لمطالبهم ، وإغفال دور الرقابة والمحاسبة وتعمد التسيب والتغاضي تجاه ما يحصل في المراكز الإمتحانية.

هذا الأمر أعطته اللجنة الفرعية للامتحانات برئاسة الأستاذ/ عبدالكريم محمود - الكثير من الاهتمام هذا العام وعملت منذ البداية على تقنين اختيار رؤساء اللجان وحصرتهم على فئة الموجهين ومدراء المدارس أو الوكلاء وإعفاء الإداريين وكافة الفئات الأخرى من ترؤس هذه اللجان وفق شروط محددة يجب توافرها في من يتم اختيارهم مثل الأمانة والنزاهة والكفاءة وعدم سوداوية التقارير الخاصة بهم في السنوات الماضية لمن شارك سابقاً لتكون النتيجة طيبة للغاية ، مما جعل كل المتابعين والمهتمين يعجبون بالشأن التربوي والذي تأكد لهم أن عملية الاختيار لم تكن قائمة على المحاباة أو المجاملة أو وفق مبدأ العمولات كما كان معهوداً، وعملت اللجنة على تقليص المراكز الإمتحانية الثانوية من 192 إلى 157 في العام الحالي حيث يؤدي الامتحان فيها 37136 طالباً وطالبة ، و445 مركزاً أساسياً و56756 طالباً وطالبة ، إضافة إلى حسن اختيار الملاحظين وتوزيعهم على مدارس مختلفة كي لا يجد رئيس أي لجنة نفسه واقعاً تحت وطأة ورحمة ملاحظين بإمكانهم أن يشكلوا "لوبي" عليه.

ومن خلال اجتماعاتها التي وصلت إلى الرقم 37 حتى أمس الأربعاء وقفت اللجنة الفرعية للامتحانات على التفاصيل الدقيقة والكبيرة للعملية الإمتحانية برمتها وكل ما يتعلق بها ويتطلب النظر إليه منذ البداية وكافة مراحلها، ولم تقف الإجراءات عند هذا الحد بل إنها شملت امتحانات النقل والشهادة الأساسية والتي حظيت بنفس الاهتمام لأول مرة مما ولد الإحساس لدى غالبية فئة التربويين وجود الإرادة القوية لتغيير الوضع الحاصل وصولاً إلى اجتثاث ظاهرة الغش التي أصبحت سمة سائدة للمجتمع التعزي في غالبية مديرياته.

لكن رغم مرور يومين فقط من الامتحانات فوجئت اللجنة الفرعية للامتحانات بمدى تغلغل سرطان الغش لدى فئات المجتمع وبروز من يدافع عنه بقوة وعلى مستوى عالٍ من المكانة والمسئولية، الأمر الذي أشعر اللجنة الفرعية بأنها تعمل لوحدها خاصة مع ضعف الإمكانات المادية المعتمدة للامتحانات والتي لا تتعدى 26 مليون ريال، وظلت وزارة التربية والتعليم تقدمها كما هي من قبل قيام الوحدة ، غير آبهة بالتزايد المضطرد في عدد الطلاب والمراكز الإمتحانية وارتفاع مستوى المعيشة وزيادة التكاليف المطلوبة للقيام بالعملية الإمتحانية على أكمل وجه.

لكن ورغم ذلك حاولت اللجنة العمل بما لديها من إمكانات على أمل أن يقوم المجلس المحلي بدوره المتمثل بالمساهمة بدعم الامتحانات وتغطية نسبة العجز الذي يصل إلى 65 مليون ريال والذي لا تمتلك التربية والتعليم مورداً لتسديده في ظل إصرار المجالس المحلية على توريد إسهامات المجتمع كاملة إلى حساباتها.

وبالعودة إلى أجواء الامتحانات فقد تكشف للجنة الفرعية للامتحانات وجود إسهام مجتمعي كبير في تفشي ظاهرة الغش بدءاً تسجيل كم هائل من الطلاب في مدارس ريفية معتمدة فيها مراكز امتحانية في مديريات شرعب السلام والرونة والتعزية ومأوية ومقبنة وجبل حبشي والتي من خلال قيام عدد من مدراء المدارس في المديريات المذكورة بتسجيل عدد كبير من الطلاب في قوائم المدارس في حين لا وجود لهم في الفصول الدراسية ولا يتناسب مع قدرة تلك المدارس لاستيعابهم، ومرد هذا الأسلوب الذي تنتهجه تلك المدارس لكونه ذلك يشكل مورداً هاماً لها حتى ولو كان على حساب العملية التعليمية أو طلاب المنطقة الذين تطالهم العقوبات أو حتى إن كان سببها الوافدون إلى مدارسهم في كثير من الأحيان ، بل ومصدر رزق ينمو مع الامتحانات بعد أن غدت تلك المراكز ملاذاً للهاربين من المدارس والذين يعتمدون على الغش في النجاح وخاصة القادمون من مناطق ومديريات أخرى تحت تساهل مدراء المدارس وتشجيعهم لهذه الظاهرة التي تعد واحداً من أسباب الاختلالات في المراكز الإمتحانية وعاملاً مهماً لتفشي ظاهرة الغش.

ولم تستطيع التربية والتعليم في الأعوام الماضية وضع حد لها كون تلك المراكز تجد مسئولين وشخصيات يتولون الدفاع عنها وإرجاعها مرة أخرى إذا ما تعرضت للنقل وهو ما عمل على الاستهانة بمكانة التربويين الذين كانوا يرضخون تحت تلك العوامل وجعلهم يعيشون تحت سياسة الأمر الواقع.

لكن اللجنة الفرعية للامتحانات هذا العام عملت على وضع حد لعدم تكرار هذا، فقامت حتى الآن بنقل 28 مركزاً امتحانياً في الثانوية العام وما يقارب العشرين مركزاً في الشهادة الأساسية ولا تزال اللجنة رافضة إعادتها إلى مواقعها السابقة احتراماً لهيبة القرار وتماشياً مع سياسة التغيير التي تنتهجها وتصر وتعمل بها، لتؤكد للجميع أن التربية والتعليم لم تعد مكمن الخلل كما كان يعتقد بعد قيامها بعملة تصحيح لكل الأخطاء المرافقة للامتحانات في سابق الأعوام، إضافة إلى اتخاذ العقوبات الرادعة تجاه أي تربوي ثبت ضلوعه في ممارسة الغش أو تسهيله، معتمدة بذلك على تقارير رؤساء اللجان الإمتحانية الذين رفضوا الإذعان لكافة المغريات وتحملوا ألوان التهديد والسب والشتم من مختلف الشرائح الاجتماعية التي تريد القيام بالغش بالقوة حتى ولو كان ذلك عبر اقتحام المراكز الإمتحانية وممارسة الغش الجماعي بالقوة وتحت تهديد السلاح ناهيك عن الصراع الحاصل بين بعض المشايخ ورؤساء اللجان في بعض المديريات والذي أسفر عن منع الطلاب بالقوة من الدخول إلى القاعات الإمتحانية لأن الغش أصبح صعباً.

هذه التصرفات الغير مسئولة والتي تعبر عن الغوغائية ودليلاً على الجهل المسيطر على كل تلك العقليات اصطدمت بإرادة قوية وصلبة من اللجنة الفرعية للامتحانات والتي فضلت نقل المراكز التي لا تتوفر فيها الأجواء الهادئة والآمنة إلى المدينة أو إلى مديريات مجاورة من أجل حماية الطلاب الذين جدوا واجتهدوا وتوفير الأجواء الهادئة لهم ولم تلجأ إلى الأسلوب الآخر المسموح به والمتمثل بإلغاء أي مادة في أي مركز خرج عن السيطرة وأضحي مسرحاً للغش في ظل الضعف الأمني الواضح والذي لم تستطع الجهود المبذولة من قبل إدارة اللجنة الأمنية إلى تفاديه في ظل قلة المردود المادي للجنود المكلفين بالحماية الأمنية للجان الإمتحانية مقابل الإغراءات التي تأتيهم من المتواجدين المتجمهرين قرب المراكز وبعضهم مشائخ وأعضاء مجالس محلية وضباط كبار في أجهزة أمنية مما يجعل التربية والتعليم ولجنتها الفرعية بتعز أمام تحدٍ حقيقي لمواجهة هذا الغول وإعادة الاعتبار لمحافظة تعز.

وما يجب الإشارة إليه هو أن المراكز الإمتحانية في الحجرية خرجت عن المسار السابق وشكلت ما نسبته 95% من المراكز المتواجدة في مديريات الحجرية نموذجا للانضباط والاعتماد على الذات من قبل الطلاب وتدني نسبة ثقافة الغش والفوضى حتى الآن على أقل تقدير.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد