مشروع صاحبة الجلالة .. الحلم الذي مات في آخر سنة تخرج

2008-05-06 11:47:56

استطلاع/ إياد البحيري

عندما ينمو الحلم في قلب الطالب منذ بداية التخصص وينضوي يائساً في نهاية المطاف عند قرب تحقيقه تكون الحسرة والندامة هذا فيما يخص الطالب، لكن إذا كان الأمر يتعلق بطالب من نوع آخر - طالب جامعي في كلية الإعلام جامعة صنعاء وحال به الحول إلى تدمير حلمه وتغيير نظرته من إعلامي مبدع إلى إعلامي "شحات" يبحث وراء نقطة ضوء مهما كانت التضحية لتحقيق الحلم.

مشروع التخرج الذي يشغل هذه الأيام والليالي فكر وبال الإعلامي أو الصحفي حديث النشأة الذي سيؤهله هذا المشروع إلى الانتقال من مرحلة تلقي إلى مرحلة أكثر خطورة وإيجاد مخرج لما يرى من مآسي وأحزان من خلال وسيلة خطيرة جزئية مكفول لها الحرية يمتلكها هذا الطالب في كلية الإعلام وبدأ التجربة ليعيش هذا الواقع في آخر سنة تخرج، حيث يجد المفاجآت التي أعاقت هذا المشوار وشلت طموحه هي المادة والدعم وهي الوسيلة لإخراجه إلى النور.

الطالب في الكلية يتهم كليته ومدرسته وجامعته، والكلية تحمل الطالب وتصفه بالمغرور والمتهور واتفق الرأي بين الطالب والكلية في النظرة للإعلامي بالشحات الساعي إلى الاحتراف.. هذه نقاط أبرز ما جاء في استطلاع أجرته "أخبار اليوم" في كلية الإعلام بصنعاء حتى تشارك الطالب والكلية هموماً تزداد سنوياً.

بلال عبدالحميد الصبري دخل كلية الإعلام برفقة محمد الشدادي و3 آخرين وتخصص في قسم العلاقات العامة في ويحمل مخيلته مشروعاً سياحياً يكون بداية مشواره لتطبيق ما تناوله وتعلمه في الكلية هذا المشروع يقول بلال: إنه أول دليل سياحي لفنادق 5 نجوم في اليمن ويهدف إلى تنمية اليمن سياحياً.

بلال يفكر جيداً وبنظرة طويلة إلى ما بعد التخرج بما يخدمه ويخدم وطنه، إنه فعلاً وطني للغاية ويضيف: اليمن تتوجه إلى تنمية السياحة لما لها من فائدة على الوطن وزيادة الوعي تجاه هذه الموارد والتي تعد اليمن مهيأة وأرض خصبة لنمو الاستثمار السياحي، إلا أن هناك عائقاً وقف سداً منيعاً أمام هذا المشروع وأمام هذا الحلم، بلال لم يلق الدعم المناسب لإنجاز هذا المشروع وقد بذل جهداً كبيراً ولم يتوقف عن زيارة وزارة السياحة المعنية بالأمر، لأن بلال يعتبر نفسه بمشروعه هذا أنه يقدم خدمة لهذه الوزارة بالذات بعد الوطن، إلا أنه تفاجأ بعدم حماسية الوزارة بالموضوع وكأن الأمر لم يعنها فأعطته عن استحياء مذكرات تعريفية إلى الفنادق "5 نجوم" للحصول على المعلومات، وكانت الكارثة كما يؤكدها صاحب المشروع رفض أصحاب هذه الفنادق تقديم أي معونة أو خدمة لهذا الطالب وزملائه، رغم أن الأمل كان يحذوهم وهم يحملون أوراق الوزارة ويتجهون إلى أهم فنادق في اليمن وذات وجهة سياحية، إلا أن الأمر يبدو لا يعنيهم.

يقول الصبري: أصحاب هذه الفنادق لا يقدمون جهداً للآخرين ولا يعرفون معنى السياحة وقدر هذا الدليل في دعمهم إلا أنه في الأخير يرجع عدم التعاون إلى خلاف وزارة السياحة مع بعض الفنادق.

الأمر الخطير هو ما ذكره الطالب المتخرج وهو يتحدث عن مشروعه وهو أن وزارة السياحة أبدت استياءً كبيراً لطلبهم بل واستهزأت بهم ولم تقدر إن لم تثمن قدر العمل والجهد الذي بذل منذ بداية التفكير بهذا المشروع وحتى جمع المعلومات وتقديمها للوزارة كي تستفيد منها وتخدم جنباً إلى جنب مع خريجي كلية الإعلام برفد السياحة في اليمن، ورغم كل ذلك مازال بلال ورفاقه مصرين على إنجاز العمل من أجل وطن يحتاج إلى هذا الدليل، حتى ولو كان على النفقة الخاصة، من جانبنا أرشدناه بالتوجه إلى الكلية لأنها المعنية بالدعم واحتضان المشروع كإنجاز لها، إلا أنه يقاطعنا قائلاً: "الكلية لم تقدم لنا أي شيء حتى المذكرات إلى الجهات المعنية ألغتها.

رفيقه الشدادي لم يكن أكثر بعداً عنه فقد كانت تجمعهم هي فكرة واحدة فكرة إنجاز المشروع وتحقيق الحلم"، ويضيف علي زميله " الوزارة أبلغتنا بأنها مستغنية عن هذا المشروع ولا تحتاج إلى جهدنا لأنها لا تعتمد أصلاً على إعلام اليمن فمن يعمل في علاقاتها العامة يأتون من الخارج وبالخصوص من روسيا حاملين كل البروشورات والأدلة وما يحتاجه الترويج، وهذا كله ما قالته فنادق اليمن السياحية".

القانون لا يحمي المبدعين:

لم يكن مشروع الدليل السياحي الضحية الوحيدة بل رافقه مشروع آخر تحدثت عنه الطالبة إلهام عامر تخصص إذاعة وتليفزيون والتي قالت: كان حلمي في مشروع العنف ضد الأطفال لأن هذا الموضوع من أهم المواضيع في الحياة الاجتماعية لكن أسباب مادية مؤلمة حالت دون تحقيق الحلم، ولجأت بعده إلى مجموعة أخرى في مشروع آخر يتعلق بالدراما اليمنية إلى أين؟، ونفس الشكوى التي تحدث عنها أصحاب المشروع الأول حكتها إلهام وزادت: "الكلية لم تدعم لا مالياً ولا معنوياً بل عملت على توليد الإحباط واليأس في نفوس الطلاب"، وهذا ما دفع بإلهام وزملائها إلى التفكير بتأجيل مشروع التخرج إلى عام قادم، ونفس المشروع تحدث عنه الطالب الممثل خالد شرف، وأضاف أن سبب اختيار المشروع هذا نتيجة المشاكل التي تمر بها الدراما والممثلين بشكل عام من أوضاع مادية سيئة للغاية وماذا يفعل الإبداع بدون المادة، وقال: إن المعاناة إذا رافقت الممثل في الفترة القادمة سيموت الإبداع والقانون لا يحمي المبدعين، وقال: إن الكلية لا ترحم ولا تجعل رحمة ربنا تنزل ونحن فقراء لا نستطيع إنجاز مثل هذا المشروع بدعم ذاتي، وأكد أن فشل الدراما اليمنية متعمد.

وعن الجامعة قال اليوسفي: "إن الجامعة تضرب الآن ميت بمشروع التخرج والضرب على الميت حرام، حيث منعت الإرساليات ومنعت الدعم فكيف يستطيع طالب الإعلام إنجاز مشروع تخرج أمام ذلك".

واقترح اليوسفي على الجامعة وكلية الإعلام أن تبتكر مادة تدريس فن الشجاعة حتى يستطيع الطالب أن يستفيد وينجز المشروع.

إيناس ومشروع الجمال

قسم الصحافة القسم الثالث في كلية الإعلام ومشروع تخرج الطالب فيه لا تقل تكلفته عن سابقيه ..حدثتنا الطالبة إيناس أحمد العوامي عن مشروع تخرجها الذي فضلته بمشروع متخصص أو صحيفة متخصصة عن الصحة والجمال.

وهذا ليس غريباً فهي تبدوا أكثر جمالاً ورقة وأول ما ذكرت مشروعها عرفت أن المشاعر الداخلية تنعكس على الواقع بفعل صاحبتها وهنا جاءت بفعل صاحبتها.. فإيناس تريد التعرف أكثر عن عالم الجمال وتعرف عزيزتها حواء عند ذلك، وهذا من حقها إلا أن نفس العوائق واجهتها كصدمة لم تفقدها جمالها ولا حتى مشاعرها بل أثرت على معنوياتها ونظرتها تجاه الكلية التي تحتضن أكبر عدد من صحفيي المستقبل.

واشتكت العوامي من تصرفات بعض الدكاترة التعسفية حيث كانت هي وزملائها مشرفين على إنجاز مشروع كلفوا به من قبل الكلية إلا أن أحد الأساتذة والذي جاء مشرفاً ألغى كل ذلك، وطلب منا إعداد بحث فقط وهذه الصدمة الأخرى التي واجهت إيناس ودفعت بها إلى مشروع الصحة والجمال رغبتها الأولى والأخيرة وتقول أنها انفردت بمفردها لأنها لا تريد أن تتكل إلى أحد فقط خانتها الكلية فكيف بالآخرين.

وأكدت عدم شعورها هي وزملائها بأي مشاركة أو اهتمام من قبل الكلية أو الأقسام أو الدكاترة والغرض من المشروع، حسب نظرهم هو الحصول على شهادة وهذا عكس ما نحمله نحن.

المشروع لم يكتب له النجاح

العقل الإعلامي دائماً يفكر فيما يخدم الوطن أولاً ويعود بالنفع على صاحبه ثانياً وما المشروع الاستثماري وإنقاذ الدراما اليمنية وإيجاد صحيفة خاصة بالجمال، إلا لأن حواء وقريناتها يبحثن وراء ذلك وهذا يعد تلبية لحاجة الوطن وكل ذلك شاهد على ما يحمله ويفكر فيه طالب الإعلام.. عطان أمين الروحاني أحد هؤلاء الطلاب فقد نظر إلى مصارف اليمن وتفحصها جيداً ووجد أن الشيء الذي ينقصها هو الثقافة وأن هناك جهلاً كبيراً لهذه المصارف فقرر أن يكون له لمسة طيبة لم يبدئها أحد من قبله، وهذا بالطبع فطرة كل إعلامي أو صحفي يحاول دائماً أن يبتكر ويفكر بالجديد ولكن الأمر نفسه يوقف هذا الإبداع، حيث يجد الطالب نفسه وهو يعد مشروع التخرج وحيداً منبوذاً الكل ينظر إليه كشحات، رغم أن العيب لا وجود له في أن يطلب هذا الطالب من الجهة المستفيدة أن تساعده في إنجاز المشروع لأن الفائدة عامة.

يقول الروحاني: "أكثر من شهرين ونحن نعد المشروع إيماناً منا بأن الكل سيشاركنا هذا العمل، إلا أن إيماننا لم يكن في محله فقد خانتنا حتى الكلية أقرب الناس إلينا والتي تعد بمثابة الأم لنا، حيث بخلت علينا حتى بورقة بسيطة كان زملائنا في السابق يحصلون عليها".

وأضاف أن مشروعه يكلف أكثر من 600 ألف ريال، وهذا المبلغ لا يملكه لا هو ولا زملائه حتى لو عمل بقية عمره، يقول: البنوك أغلقت الأبواب في وجوهنا وأخبرونا بأنهم مستاءين منا ومن الجامعة.

حالة هذا الطالب وغيره من الزملاء يرثى لها فقد قرر أن يتخلى عن مشروعه رغماً عنه والبحث عن مشروع آخر أقل تكلفة، محملاً الكلية تبعات ذلك، التي أخبرته - حسب قوله- أنها غير ملزمة بإعطائه دعماً أو إرسالية.

وتساءل الروحاني عن ميزانية الجامعة قائلاً: ألم يخصص جزء منها لخدمة الطالب وتلبية احتياجاته، وأكد أن هذه المشاريع التي يقوم بها الطالب وخاصة طلاب الإعلام تعد بحوثاً علمية والجامعة تدعي دعمها لهذه البحوث لكن أفعالها تخالف أقوالها، واعتذر في نهاية حديثه من المجتمع الذي يعيش فيه إن لم يستطع تقديم خدمة له، ووعد بدعمه في المستقبل.

ونصح الطلاب الذين مازالوا في السنوات الأولى أن يوفروا جزءاً من حياتهم وأموالهم لهذا اليوم الموعود وحذر من الاعتماد على الكلية.

الطالب "شحات"

بعد أن أفرغ الطلاب جزءاً مما يحملونه في عقولهم من حمل وتحدثوا بحسرة عن الظروف التي أجبرتهم على التخلي عن مشاريعهم ومستاءين من الكلية التي لم تكن عند حسن ظنهم.. اتجهنا إلى رواد الكلية لنعرض هذه المأساة عليهم ونعرف وجهة نظرهم تجاهها فوجدنا عميد كلية الإعلام الدكتور/ محمد عبدالجبار سلام/ وجدناه نعم الدكتور فهو أب رحيم على طلابه إلا أنه لا يمتلك شيئاً يقدمه أكثر مما يبذله من أجلهم يقول: حاولنا هذا العام أن نجعل مشاريع التخرج حسب إمكانية الطالب وإمكانية الكلية، أما بالنسبة للرسائل التي يطلبها الطلاب إلى الشركات والمؤسسات فقد منعتها الجامعة لأنها تجعل الطالب قريباً من الشحات حتى الطالب نفسه يقول: نحن تخرجنا بدرجة شحات.

وأضاف سلام "مشروع التخرج هو عبارة عن مادة لها 100 درجة والطالب يعمل بقدر الإمكان ليثمن نجاحه في هذه المادة وحتى يثبت لنا أنه استفاد مما تعلمه في الكلية ونحن لا نريد منه أن يفعل حاجة فوق طاقته وما عليه إلا أن يجمع المادة ونحن في الكلية سنساعده بإمكانياتنا الموجودة في الكلية.

ويقول عميد الكلية: إنه تم اكتشاف عدد من المخالفات يرتكبها الطلاب من خلال الاستخدام غير الصحيح لتوجيهات الكلية، الأمر الذي يشوه سمعة الكلية والطالب، فقد اتفق الاثنان عميد كلية الإعلام ورئيس قسم الصحافة بالكلية الدكتور/ عبدالملك الدناني في مسألة منع إرساليات الكلية التي يطلبها الطلاب للحصول على معونات، ويقول الدناني: إنهم منذ العام الماضي لجأوا إلى أساليب جديدة في التعامل مع الطلاب الخريجين من حيث تقديم التسهيلات اللازمة وحسب مقدور الكلية كذلك عملت الكلية على تفريغهم أيام كثيرة لإنجاز مشروعهم والتطبيق الميداني.

أما حكاية الدعم المادي التي يتركز عليها نجاح المشروع فقد أكد الدناني أن الكلية فتحت خطوط للتعامل مع المؤسسات الإعلامية من أجل التعامل مع الطلاب الخريجين من حيث طبع المشاريع وتقديم التسهيلات اللازمة، ويضيف: مشاريع التخرج في كل دول العالم يتحملها الطالب ونحن لا نطلب من طلابنا مراعاة لظروفهم أن يحملوا أنفسهم فوق الطاقة بل تقديم مشاريع متواضعة ولا يهمنا فيها إلا ما يتضمنه المشروع من معلومات وهل استطاع الطالب أن يطبق ما تعلمه في الكلية من أنواع الفنون الصحفية، وأكد أن هناك غروراً لدى بعض الطلاب فلا يريدون إلا صحيفة ملونة وإعلانات وكأنها تجارة.

وفي جوابه على سؤال لماذا لا تقدم الكلية الدعم للطلاب؟ رد قائلاً: ليس المطلوب من الطالب إلا أن يعكس ما تعلمه على الواقع وليس التباهي والكلية ستستقبل المشروع حتى ولو كان مطبوعاً في سيديهات.

أما بالنسبة لرسائل الكلية فقد قصرناها على الجانب المعلوماتي فقط أما الدعم المادي فنكتفي بما تملكه الكلية من إمكانيات.<

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد