العيد في لودر .. أحزان في أحزان فمن يعيد إليها فرحتها التي سلبت وهي مدينة السلام والأنس والثقافة والكرم وأم المساكين ؟

2010-11-21 04:12:17 استطلاع/ سالم لعور

مدينة لودر عاصمة مديرية لودر استقبلت عيد الأضحى المبارك في ظل أوضاع مأساوية تعصف بأهلها على كافة الأصعدة الاجتماعية والأمنية والاقتصادية وغيرها .. هذه الأوضاع عكست آثارها على احتفائية الناس بمناسبة عيد الأضحى المبارك الذي وجد مواطنو مديرية لودر كغيرهم من المواطنين في مختلف محافظات البلاد أنفسهم عاجزين عن توفير متطلبات العيد من ملابس وأضحية وغيرها من ضروريات العيد وكمالياته حتى الفرحة سُلبت من الوجوه في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية وحاجيات العيد وفي ظل التداعيات المسلحة الأخرى التي تحدث هنا أو هناك ويذهب ضحيتها أبرياء كل يوم .

(أخبار اليوم) رصدت كيف استقبل أبناء مديرية لودر عيد الأضحى المبارك وعلى مدى حلقتين سيتابع القارئ الكريم معاناتهم التي عانوا منها خلال أيام العيد وقبيل قدومه بأيام بل وأشهر وسوف يتعرف القارئ عن ابرز العادات والتقاليد الايجابية التي تصاحب الأعياد في مدينة لودر وغيرها من مناطق المديرية منذ سنوات طوال وتلك العادات والتقاليد الايجابية التي سادت في الماضي القريب واندثرت اليوم واختفت ملامحها بشكل نهائي.

ونأمل أن يعاد الاعتبار لمدينة لودر المعروفة بتاريخها ومكانتها التي تعاني اليوم من أبشع أنواع الظلم والتهميش ومحاولة إقصائها وترويع أهلها وهي مدينة السلا والطرب والسلام والثقافة وأهلها هم أهل الكرم والشجاعة والطيبة وتلك هي أمنيات أبنائها ورواد ها في نشر بذرات العلم والثقافة والأدب والفقه وغيرها من خلال هذا الاستطلاع .

 

الدكتور حسين محمد عمر البطر الأستاذ المحاضر ورئيس قسم اللغة العربية بكلية التربية زنجبار جامعة عدن تحدث عن مظاهر استقبال عيد الأضحى المبارك بمدينة لودر قائلا : " العيد هذا العام ليس كغيره من الأعياد لما مرت به مدينة لودر من أحداث وتداعيات عسكرية وأمنية ولا تزال حتى الساعة بحيث صار العيد لا طعم له ولا لون ولا رائحة ومعظم أبناء المدينة لا يزالون خارجها حتى اللحظة وهذا مما اكسب العيد طابعاً حزيناً بعكس ما تعهده هذه المدينة ولا سيما في مثل هذه المناسبة "

وفيما يخص مستلزمات العيد العامة والاضحيات قال الدكتور البطر : "مستلزمات العيد وتوابعها صارت هي الأخرى ذات ارتباط شديد بما تعانيه المنطقة من الأزمات التي تمر بها مع العلم أن سكان المدينة الأصليين وأبنائها محرومون من الوظائف ومن كسب لقمة العيش الشريفة مما أضاف إلى ما تعانيه المدينة حزناً آخر مقنعاً لما يحمل وراءه من نفوس منقبضة وقلوب آسية ومشاعر منكسرة بسبب الارتفاع الجنوني لأسعار ملابس العيد والعاب الأطفال والأضحية التي لا تتناسب وظروف الناس المعيشية والمادية الصعبة وتقدر نسبتهم 60% وهي نسبة كبيرة تثير القلق والخوف مقارنة بتاريخ المنطقة المعروف بالأفراح والسلا عبر التاريخ والذي عبر عنه الشاعر المرحوم ناصر محمد جعبل نائب سلطان العواذل بقوله :

يا أهل لودر مزيد سلاكم

ريتني موت وأحيا معاكم

يا أمبشع داوني من دواكم

 واسقني من عسلكم وماكم 

(وماكم بمعنى ماءكم وحلت الأدواء بدل الأدوية) !

وأشار الدكتور حسين البطر إلى "أن هناك كثيراً من العادات والتقاليد الايجابية التي عرفتها منطقة لودر قد اختفت وصارت في عداد الذكريات منها على سبيل المثال لا الحصر أن هذه المدينة كانت تستقبل العيد قبل موعده بنحو عشرة أيام أو يزيد وتتمثل مظاهر العيد في إعداد الأطعمة والأشربة المتنوعة والأثاث المنزلي وزيارات الأقارب والأباعد وكانت لدى الناس نوايا صادقة في التكافل الاجتماعي والتواد والتراحم والتزاور لكنها مع هذه الأيام وما سبقها قد اختفت نهائياً لمسببات يعرفها القاصي والداني ومع هذا لا تزال كثير من العادات الايجابية لدى أهل هذه المنطقة متأصلة في النفوس والكثير منهم يحافظ على بقائها واستمرارها رغم كل شيء حيث لا يزال الناس في خير رغم الظروف الصعبة إذ لا يزالون يعطفون على بعضهم البعض ويأثرون على أنفسهم غيرهم رغم شحة الإمكانيات وصعوبة الظروف التي يعيشونها "

وختاماً نؤكد للجميع أن هذه المنطقة ذات تاريخ عريق على كافة الأصعدة وان أهلها طيبون ومسالمون وشجعان وكريمون من الدرجة الأولى ( لودر أم المساكين ) إلا أن البعض فهم هذه المدينة فهماً خاطئاً ومورس عليها ظلم وزور وبهتان وتكالبت عليها الأنفس الشريرة من كل حدب وصوب وصارت هذه المدينة مرمى غضب وهزئ وسخرية من قبل الذين لا يعرفون مكانتها وتاريخها .

ونرجو من كل ذي حرص على حب اليمن أن يجعل هذه المدينة لودر نصب عينيه صغر أم كبر لإعادة الاعتبار الكامل لها شرفاً وتكريماً لرجالها وأهلها جميعاً الصادقين مع الله أولاً ومع اليمن بكافة نواحيه ثانياً ومع الجانب الإنساني ثالثاً وأخيراً "

أما الأستاذ بدر احمد فرج فتحدث قائلاً : " في البداية اشكر صحيفتكم التي أتاحت لي الفرصة للحديث عن عادات وتقاليد العيد في مدينة لودر م / أبين مدينة السلام والأنس والمحبة والعلم والثقافة ومدينة الكرم والسخاء كونها تكرم وتحسن إلى كل جائع وفقير ومسكين وأهلها يعزون ويحترمون ويوقرون الوافدين إليها فهي مدينة خيرية ومن خان عهده أو أساء إليها فإنه لن يفلح معها .

أما حول عادات وتقاليد العيد فيها فأقولها وبملء فمي أن لودر هي الخير والسلام والفرح والغبطة والسرور كما عهدناها وعرفناها حيث اعتدنا في مناسبة العيد بان نتوجه في الصباح الباكر لأداء صلاة العيد والتي كانت تقوم في مطار لودر سابقاً يتقدمنا ويأتم بنا فضيلة العلامة الشيخ عمر محمد باهرمز طيب الله ثراه قاضي ومفتي السلطنة العوذلية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي وبعد الانتهاء من خطبة العيد والصلاة يقودنا هذا الشيخ الموقر بصحبة نجليه الشيخين عبدالله وسالم عمر محمد باهرمز مشياً على الأقدام مرددين الأناشيد الدينية بكل شعور وروحانية من المطار حتى تحت منزله الكائن في قلب مدينة لودر والمعروف للقاصي والداني وبعد أن يفرغ الشيخ من قراءة الفاتحة والدعاء للجميع يتجه كل منا إلى منزله لتقديم التهاني والمعايدة لأهله وذويه ومن ثم نأكل ما تيسر من الأضاحي والكيك الخاص بمناسبة العيد وبعدها ننطلق لزيارة الأقارب وبعدها نقوم بترتيب الرقصات ( الشرح البدوي ) الذي يجيد أداءه أهل لودر مرددين :

يا أهل لودر مزيد سلاكم

ريتني موت وأحيا معاكم

يا أمبشع داوني من دواكم 

 واسقني من عسلكم وماكم 

وخلال هذه المناسبات تسهم هذه المدينة وأهلها في حل المشاكل المستعصية وأي خصومات حقوقية أو زوجية.. ونستطيع القول بان العيد كان في السابق فرحة في فرحة وابتهاج باختلاف أعياد اليوم التي نستطيع أن نوصف الفرق بينها وبين أعياد الأمس بالفرق بين السماوات والأرض وشتان ما بينهما وأي عيد هذه الأيام نفرح به ونستقبله في ظل أن معسكرات الجيش تحيط بمدينة لودر من الأربع الجهات الأصلية وأي عيد نستقبله في ظل الانفلات الأمني الذي لا تضمن فيه حياتك أو حياة أفراد أسرتك، وأي عيد نفرح به وأنت مصاب بالإحباط من ظروفك المحيطة بك، وأي عيد في ظل إثارة النعرات وإحياء عامل الثأر الذي وأدناه قبل 40 عاماً ولكنه أصبح متفشياً في ظل شريعة الغاب بين القبيلة والأخرى وأصبحت مدينة لودر للأسف مسرحاً لتنفيذ ردود أفعال الثأر الشنيعة والتي حرمها ديننا الحنيف في أحكامه الشرعية، وأي عيد نفرح به ونستقبله في ظل عدم استطاعة الأب على شراء أضحية لأولاده لارتفاع سعرها الذي لا يتفق مع دخله المحدود كونه يستلم راتباً لا يتجاوز 40 ألفاً وقيمة الأضحية تساوي راتبه أو تفوقه فمن أين يواجه بقية المتطلبات الأخرى من كسوة ونفقة وغيرها ؟ هذا بالنسبة للمواطن الموظف فكيف سيكون الحال بالنسبة للأسر التي ليس لها عائل ولا تمتلك أي مصدر دخل تعتمد عليه أو يكون عائلها بدون وظيفة.

وأي عيد نستقبله في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي نكتوي بنارها يومياً دون حسيب أو رقيب من الدولة التي لا تزال في سبات عميق ولا تهمها شئون الرعية بل أن ما يهمها هو مصالح مسئوليها وتوفير الرقي والخدمات الجليلة لهم ولأسرهم دونا عن بقية أفراد الشعب المغلوب على أمره .

فوالله ثم الله أنهم مسئولون أمام الله يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .ولذا فأنني أؤكد بان الفرحة والابتسامة قد طمست عن ثغر لودر عروسة أبين والسبب في ذلك هو انعدام كل شيء فيها بسبب السلطات والحكومة وهم المسئولون مسئولية مباشرة عما لحق بهذه المدينة منذ التاسع من رمضان وحتى يومنا هذا وربنا يحفظ لودر ويرفع عنها كل بلاء وأذى آمين يا رب العالمين "

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد