كلية التربية بطور الباحة.. مسيرة شاقة في عقد من الزمن

2011-01-18 00:53:39 استطلاع/ أبوبكر الجبولي


ترقى مؤسسات التعليم العالي بوعي المجتمع وتمكنه من مزاحمة التطورات المتسارعة حوله، فبها يقاس نضج الأمم، لهذا فمن البديهي أن تفاخر الدول بانجازاتها في هذا المجال وتتوسع فيه بالرغم من التأخر العربي في هذا المجال مقارنة بالدول المتقدمة الأخرى، إلا أن هناك اهتماماً لا بأس به وان لم يكن ملبياً للتطلعات لكنه يبشر بخير.
بلادنا رغم الظروف الصعبة التي تعانيها مؤسسات التعليم العالي فيها، إلا أنها لم تعقها تلك الظروف عن التوسع في اعتماد مؤسسات للتعليم العالي في كل المحافظات، بل وبعض المديريات وإن كانت في نفس الوقت تفتقر لبعض معايير التعليم العالي، لكن يبقى وجودها مبعث أمل على الأقل.
كلية التربية بطور الباحة، التابعة لجامعة عدن، واحدة من تلك المؤسسات التي لها الأثر الإيجابي الكبير في إحداث نقلة متميزة في خمس مديريات متجاورة تتبع ثلاث محافظات في مجالات شتى.
"أخبار اليوم" تجولت في أروقتها واطلعت على أنشطتها وعن قرب تعرفت على معاناتها وتطلعاتها للمستقبل بعد إحدى عشر عاماً من تأسيسها وخرجت بالحصيلة التالية:

بالتكاتف نحقق الحلم:
مع مطلع الشهر الأول من العام الميلادي 2000م، كان إشراق نورها حلماً لطالما راود أبناء خمس مديريات متداخلة ومتجاورة هي طور الباحة –المقاطرة –القبيطة –المضاربة- حيفان.
تسارعت الخطى وتتابعت التنازلات، موظفو الدولة يتبرعون من مرتباتهم لصالح كليتهم الوليدة، إدارة التربية يوم ذاك بقيادة الأستاذ / خالد عبدالعظيم تتنازل عن مبنى الثانوية العامة في عاصمة المديرية والتي أنشئت بتمويل من دولة الكويت الشقيقة.
قائمة طويلة من أبرز الشخصيات الأكاديمية والاجتماعية ومسؤولي الدولة يمثلون المديريات الخمس، كان لهم دور فاعل في التأسيس، فجمعهم يوم الافتتاح وكأنه يلم شمل ليس لصرح تعليمي فقط وإنما لحضن اجتماعي على طول الرقعة الجغرافية لتلك المديريات.
فما إن بدأ النشاط يدب في قاعاتها الدراسية حتى تقاطر إليها الشباب والشابات يروون عطشهم المعرفي، فوفرت عليهم الكثير من الجهد ومعاناة السفر للمدن ومتطلبات الدراسة هناك.. هذا فيما يخص بعض الذكور، أما النساء فلم يكن أمامهن إلا القعود في البيوت بعد الثانوية.. فبالكاد يتحمل الأهل أعباء دراسة أبنائهم الذكور.
فأضحى الأمر مستحيلاً بالنسبة للإناث، حتى انبلج صبح افتتاح الكلية، ففتحت أبوابها للذكور والإناث، بل إن بعض أقسامها تجاوزت نسبة الإناث نسبة الذكور.
تطلع للأفضل رغم المصاعب:
بحكم موقعها في منطقة تفتقر للخدمات الأساسية وتعاني الكثير من المشكلات أبرزها الأمنية، كلية التربية بطور الباحة ليست بمعزل عما يدور حولها، بل إنها أول من اكتوى بالمعاناة واضحي العمل فيها صراعاً من أجل البقاء ، ورغم وعي المجتمع ونظرته للكلية كصرح علمي مقدس يحاولون الحفاظ عليه وتنزيهه من كل ما يسيء لرسالتها السامية، إلا أن المخاطر ما تزال محدقة بها وتتطلب مزيداً من الوعي والتثقيف.
واقعها الحالي والتطلعات المستقبلية وكذا الاهتمام ببنيتها التحتية كانت محور حديث عميدها الدكتور/ عبدالله داغم محمد إلينا حيث قال" الكلية وجه المنطقة المشرق والانجاز الذي لا يضاهيه انجاز في المنطقة حتى الآن، لأنها استطاعت احتواء المجتمع المحيط واحدثت نقلة نوعية فيه ،ويمكننا القول بأن الكلية تخرج في كل عام نخب المجتمع.. ولخمس مديريات محيطة، إضافة إلى القادمين من خارج طور الباحة، فيوعيهم الثقافي أحدثوا تغييراً في مجتمعهم ولو حتى يسيراً لكنه مثمر.
وأضاف: فيما يتعلق بظروف الكلية الحالية فإنها جزء مما يحيط بها، تعاني من أزمة المياه وتتحمل تكاليف الماء بشكل يومي، إضافة إلى افتقارها للكهرباء، حيث تعتمد على مولد خاص يكلفها مبالغ باهظة للوقود والإصلاح، ناهيك عن السفر اليومي لمعظم هيئتها التدريسية وقيادتها من عدن والعودة وكثير ما يعترض الباص الذي يقلهم متقطعون ويتهددونهم بالسلاح لأسباب لا علاقة للكلية بها أبداً.
ومع ذلك فنحن مستمرون رغم صعوبة الظروف ونتطلع للأفضل وخصوصاً في توسع المبنى وتنوع التخصصات، وحل مشكلة متعاقدي الكلية، ونثمن دور رئيس جامعة عدن الدكتور/ عبدالعزيز بن حبتور لتفاعله معنا وتقديره لظروف منطقتنا.
توجهات أكاديمية:
لا تقتصر العملية الأكاديمية على العطاء المعرفي أو تنحصر في التحصيل العلمي فقط، بل يجب أن تتعداه لما هو أبعد من ذلك، أي لابد أن تسهم العقول الأكاديمية في عملية التنوير، سواءً في إطار العملية التعليمية أو خارجها أثناء التواصل مع المجتمع المحيط.
هذا ما لمسناه من الدكتور/علي الزبير –نائب العميد للشؤون الأكاديمية- حيث قال: يلعب أعضاء هيئة التدريس في الكلية إلى جانب عملهم الأكاديمي دوراً مهماً في محيطهم واستطاعوا أن يقيموا قنوات تواصل متينة مع كل الجهات، بهدف تعميق روح الشراكة لخدمة الصالح العام حيث يتجلى ذلك من خلال الندوات العلمية واللقاءات الدورية والتي تتناول قضايا المجتمع وهمومه.. والإسهام في اقتراح الحلول بأسلوب علمي وحضاري.
وعن العملية الأكاديمية داخل الكلية يضيف د.الزبير: " الكلية تضم هيئة تدريسية وتدريسية مساعدة من مختلف التخصصات ولدى معظمهم شهادات عليا والبعض في طور التأهيل في الداخل والخارج، أما بالنسبة للتخصصات العلمية في الكلية فإننا نطمح إلى التوسع للتخصصات النوعية وفتح أقسام جديدة وهذا ما نرجو تحقيقه في القريب العاجل بإذن الله.
الطلاب المحور الأهم
تزدحم القاعات الدراسية بالطلاب من كلا الجنسين ـ ذكوراً وإناثاً ـ وهو تحول فريد في تاريخ المنطقة مقارنة بالسابق، حينما كانت العوائق الاجتماعية تقف حائلاً أمام تعلم الفتيات، وهم في هذا التفاعل يشكلون وحدة متماسكة في الإطار التعليمي.
 د. يوسف عبدالعزيز ـ نائب العميد لشؤون الطلاب ـ تحدث إلينا عن قضايا الطلاب وتفاعل الكلية مع تلك القضايا قائلاً(( الكلية تولي الطلاب، والطالبات اهتماماً منقطع النظير في شتى المجالات سواءً المعرفية أو في مجال الأنشطة المتنوعة، إضافة إلى دورات الحاسوب".
 وأضاف: طلاب الكلية من مختلف المناطق سواءً من المديريات المجاورة أو من المحافظات الأخرى، فلدينا طلاب من محافظات "عدن ـ تعز ـ شبوة ـ وعدد كبير من أولئك الطلاب بحاجة إلى سكن طلابي ونحن في إنتظار بناء سكن طلابي لهم من الجامعة التي قامت سابقاً ببناء سكن خاص بالطالبات وهي مشكورة على ذلك.
وعن عدد الدفع المتخرجة من الكلية تقول الأخت/ دينا عبدالحبيب ـ مديرية القبول والتسجيل بالكلية ـ "إن عدد الدفع المتخرجة من الكلية منذ تأسيسها حتى هذا العام 10 دفع في مساق الدبلوم و"6" دفع في مساق البكالوريوس وفي مختلف التخصصات، "رياضيات ـ لغة عربية ـ لغة إنجليزية ـ جغرافيا ـ تاريخ ـ كيمياء ـ أحياء"، وعدد الطلاب حالياً ما يزيد على "800" طالب وطالبة، يتوزعون على تلك الأقسام، أما إجمالي الخريجين فقد بلغ 2500 طالب وطالبة.
وعن الالتحاق للعام الحالي تضيف: نسبة الالتحاق متوسطة وصلت لأكثر من 250 طالباً وطالبة.
وعن الشؤون الطلابية يوضح الدكتور/ يوسف أن الكلية بحاجة إلى مبنى منفصل لشؤون الطلاب ليسهل الإجراءات على الطلاب ويخفف من الازدحام على الموظفين.
وقفة لا بد منها
كلية التربية في طور الباحة فالكلية تعاني من نقص شديد في عدد القاعات وبحاجة ماسة إلى توسيع المبنى، فهي بحاجة لأكثر من ست قاعات دراسية ومعمل حاسوب، إضافة إلى مختبرات علمية، والأكثر من ذلك هي بحاجة إلى رفع سورها للحفاظ على منشئاتها، إضافة إلى سكن للطلاب وحافلة لنقل المدرسين.
ولابد في نفس الإطار أن نشير إلى الأيادي البيضاء التي دعمت الكلية ولم تنس الأهل، إنه الأكاديمي د. حسن قائد الصبيحي ـ مستشار الشيخ زايد رئيس دولة الإمارات رحمه الله ـ فقد وفر للكلية تكلفة حفر بئر إرتوازية، وكذا مشروع بناء مكتبة، إضافة إلى ما قدمه من كتب قيمة للكلية.
ومما يجدر الإشارة إليه هنا الدور الذي يلعبه عميد الكلية د.عبدالله داعم في التواصل مع كل الجهات وعلاقته الوطيدة مع الجميع سواءً في المنطقة أو داخل الكلية، مما جعله محل احترام الجميع والمرتكز الأساس لبقاء الكلية في ظل ظروف محيطة غاية في التعقيد.
نأمل أن تؤخذ مطالب الكلية بعين اعتبار المسؤولين، فبها سيظل ارتباط طور الباحة بالدولة وثيق الصلة والعرى.


المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد