إخفاقات الحزب الحاكم في إدارة حوار للوطن مبني على الشراكة الوطنية وخيارات القادم!!

2011-04-23 03:39:24 الشموع- تحليل خاص


يبدو أن الأغنية الحزينة لتلك التي انتظرت حبيبها عله يأتي هي التي تعبر عن واقع الحال بين المعارضة والحزب الحاكم وتقول مطلعها "جمعة وراء جمعة ويوم وراء يوم"، وفعلاً هذا هو الحاصل، حشود أسبوعية وحشود يومية وبين الحشد والآخر وساطة وحوار وحوار ووساطة لا ينقطعان كأن قدر هذا الوطن أن يظل في المساعي الحميدة وغير الحميدة لحوارات جمة ومختلف ألوانها ولا تحقق شيئاً، فمنذ بواكير هذه الأزمة والحزب الحاكم متمسك في حواراته بالشرعية الدستورية، وتسأل ما هي هذه الشرعية، فيرد عليك أصحاب الحملة الحوارية البقاء في الحكم حتى عام 2013، وكأن الدستور هو الكرسي فقط وأن الشرعية هي الفرد ولا مجال لطرق أخرى مثل تقديم الاستقالة إلى مجلس النواب، وهي أيضاً نص دستوري، وتمضي الأيام والأسابيع والأشهر ونحن في ذات الاسطوانة والدعوة إلى الحوار، ما هو الحوار لديكم البقاء حتى عام 2013 ..إذاً لماذا الحوار من الأساس وقد وصلتم إلى النتيجة؟! وماذا يعني الحوار وهناك مسلمة واحدة فقط..؟! يُرد عليك: الحوار من أجل الأمن والاستقرار والمصالحة الوطنية.. ونقول المصالحة موجودة، ما عليكم إلا الاستجابة لنداء الشعب الذي يرفع شعار " الشعب يريد إسقاط النظام"، يرد عليك أصحاب حملة الحوار: هناك أغلبية صامتة لم تفصح عن نفسها والصندوق هو الحكم، لا بد من المرور عبر الصندوق.. ولم يعلم هؤلاء ماذا يكتنف الصندوق من أسرار وما بداخله من أمور غير معلنة وعلى ما يستند هذا الصندوق في الحملات الانتخابية، وكيف يجري استغلال ظروف البسطاء وإنفاق مال الدولة من أجل كسب الأصوات، وكيف أن المعركة الانتخابية غير متكافئة بين الحزب الحاكم وبقية الأحزاب المعارضة.
ويصدق الداعون للحوار أن هذه هي الطريقة الأمثل للتداول السلمي للسلطة والانتقال الآمن والسلس.. المهم حكاية تطول ولا تدل إلى على حوار أجدب لا يفضي إلا شيء ولا يقدم أي حلول. ويبدو أن تجربة الحزب الحاكم عن الحوار وفي الحوار طويلة جداً ولديه تراث غير عادي في الدعوة إلى الحوار ولكن ضمن "نجم لي ونجمي الأسد" دونها هذا الحوار باطل ولا معنى له ومن ينادي بخلافه هو إرهابي وعميل وخارج عن الشرعية الدستورية التي لا تطبق في أي من مجالات حياتنا إلا في مسألة الكرسي فقط، لكن أين الشرعية في إدارة بلاد ونظام وقانون واحترام الحقوق والحريات وتكافؤ الفرص وإطلاق الطاقات ومكافحة الفساد وتحقيق الأمن والاستقرار وتطوير الاستثمارات الاقتصادية.. كل ذلك ليس مهماً وليس من الشرعية في شيء، وإذاً فإن شرعية الحزب الحاكم أن يظل حاكماً إلى الأبد وأن تبقى تلك السحنات والأوجه التي عفى عليها الزمن هي التي تدير حكومة وما بعد حكومة، وإلا ماذا يعني أن يبقى وزير ما قرابة ثلاثين عاماً في الوزارة وقرابة عشرين عاماً وفي أحسن الأحوال ينتقل من وزارة إلى أخرى، هل عجزت هذه البلاد أن تنجب وزيراً جديداً..؟!

حينما يسبق الحوار اشتراطات عام 2013 كنتيجة ينعدم التوافق ويبقى التباين الكبير هي فجوة مسافة التوتر

وماذا يعني جيل بأسره هو الآن في الخمسينات من عمره ولم يجد نفسه ممثلاً في إدارة وطن بل ومقصي تماماً لأن كل مفاصل الدولة هي محتكرة بيد أسرٍ محددة ووزراء محددين.. إلخ
إذاً ما الذي يجعل هذا الجيل بكامله يرتاح إلى هذا الحكم؟! كيف يؤمن بمواطنة متساوية وهو مغيّب تماماً؟!
وكيف له أن يخلص للحاكم الذي يستبد به؟!
وإذا كان الأمر كذلك لمن بلغوا الخمسينات ولم يطالوا حقهم فالأولى أن على الشباب أن يأتيها من آخرها ويطلب "إسقاط النظام"، وهو مطلب يتعاطف معه الجيل السابق لكونه مبني على معطيات تؤكد احتكار السلطة وجعلها تخدم النظام فقط وليس الشعب.
من هنا النظام فقد شرعيته الدستورية لأنه ليس في صالح وطن بعد أن جعلته أصحاب المنافع والمصالح الذاتية في زاوية محددة بما يستقيم وأمورها الدنيوية، وسخرت كل إمكانيات وطن من أجل الحاكم وحولته من ديمقراطي إلى مستبد وتريده أن يبقى هكذا لا يؤمن بالتغيير أنه سنة من سنن الكون حتى على مستوى الوزراء والوكلاء الذين هم بلغوا في مناصبهم لأكثر من عشرين عاماً.. وبالطبع فإن هؤلاء لن يكونوا مخلصين لوطن قدر انتهازيتهم في احتكار السلطة ومحاصرة النظام حتى لا يبصر إلى أجيال تتلو أجيال وجميع هذه الأجيال لم تأخذ حقها، لأن الشخوص هي ذاتها التي تدير بلداً بأسره وبعقلية الستينيات والسبعينيات، وهذا ما أدى إلى الانفجار الكبير، لأن النظام لم يجدد نفسه، ولم يتعامل مع مقتضيات العصر، ولم يؤمن بالتنوع في إطار الوحدة، ولأنه بقي مرتهناً لقوى مريضة في عقلياتها ونفسياتها أصابها التآكل فلم تعد ترى غير ذاتها من خلال الحاكم، لذلك مجدته وألهته، وهو لا يريد ذلك غير أنه شيئاً فشيئاً استخذى لهذه الحالة وشجع عليها فيما بعد وأصبحت مقياساً للانتماء والوطنية، ونذكر كمثال هنا:
سُئل ذات يوم موظف في التنسيق البرامجي بالفضائية اليمنية: لماذا لا تقدم الشاشة فيروز أو أم كلثوم أو عبدالحليم ولو مرة في السنة ؟! ما هو السر في أنكم لا تقدمون مثل هذا الطرب الأصيل؟ وعلى سبيل المزحة رد الموظف قائلاً إنهم ممنوعون من الظهور، وقيل له ما سبب هذا المنع السفور أم الكلمات الساقطة؟! فرد هؤلاء لم يغنوا للسيد الرئيس.. كان يقولها وهو يتلفت يميناً وشمالاً ويبتسم طبعاً، فإن الموظف يريد أن يقول باختصار ما هي عليه السياسة الإعلامية المنفرة والتي تحولت إلى شاشة لعبادة الفرد فقط ولدرجة غابت فيها المشاعر الإنسانية النبيلة.. لأن ثمة إدارة لهذه السياسة الإعلامية رابضة في المزايدة والكذب واختلاق الأوهام ولأنها مريضة نفسياً يتملكها الحقد على كل شيء ينبض حياة وترى فيه ما يستحق أن يحارب، لذلك جاءت الرسالة الإعلامية بلا معنى مملة ورتيبة وسطحية، لأن من يتحكم فيها هو لا يعقل أن الوطن فيه خمسة وعشرون مليون نسمة، ولا يرى في كل هذا سوى فرد واحد يسخر له كل وسائل الإعلام لدرجة مرهقة وأخذت بتماديها تؤتي ردوداً عكسية تماماً وأصبح الزعيم المحبوب غير مرغوب فيه، لأن الإدارة فاشلة تناصب العداء للشعب اليمني، وتخلق بفعل هذه السياسة هوة بين الشعب والحاكم حين تقصي الأول وتشتغل للثاني فقط.
وحين ترى الوطن هو الفرد الحاكم، وحين تورط الحاكم في المسؤولية كلها بأنه القائد الرمز الوفي الصانع للانتصارات هو من يتحمل المسؤولية بينما المستفيدون يتمتعون بهذه المسؤولية.
وكم مرة قلنا من خلال صحيفة "الشموع" أن الحاكم مظلوم إعلامياً ولا يوحد من يقدمه كإنسان ولا كصاحب فكر ولا كبطل في التاريخ وكان ينظر إلينا أننا محبطون وأصحاب مؤامرات لتكشف الأيام من هم الذين يحقدون على الجمال ويناصبون الفرح عداوة دائمة؟! ومن هم سقيمو التفكير وينزعون نحو تأليه الفرد؟! من هم الذي حمّلوا الرئيس كل المسؤولية ليواجه كل الشعب؟! باسم أنه صانع المعجزات.
كل ذلك لم يكن من الحكمة في شيء قدر ما كان تعبيراً عن نزوعهم العدواني إزاء الآخرين وإلغاء شعب بأسره من أجل حاكم كان يمكن أن يكون الأهم في هذا الشعب ولكن ليس على طريقة "لولاه لأظلمت".. إن هذه الشعاراتية الزائفة قد خلقت ارتداداً نفسياً كبيراً لدى فئة المثقفين المسحوقين ولدى أجيال لم تجد نفسها في هذا الوطن بفعل الإقصاء واحتكار السلطة بيد معدودين ووجوه هي ذاتها لم تتغير.
ونذكر هنا أن إحدى الدراسات عن تكاليف الشعارات التي ترفع لتمجيد الحاكم والصور المختلفة المقاسات وذات القيمة العالية أنها بلغت لثلاثين عاماً ما يبني ثلاثة آلاف مدرسة ومائة مستشفى، وكهربة الوطن من أقصاه إلى أقصاه دون عجز، وتوصيل المياه إلى كل الأزقة والحارات في المدن الحضرية.
فهل كل تلك الدعايات فعلت شيئاً مرغوباً؟! انها أعطت أو قدمت رد فعل عكسي ، حيث الجماهير اليوم تنشد التغيير وتريد إسقاط النظام، والمسؤولون عن هذا اليوم هم الوزراء والمقربون من الحاكم، انهم الذين لم يكونوا صادقين واعتمدوا التزلف والنفاق للوصول إلى هذا الاحتقان الكبير.
واليوم نجد أن ذات التسويف مستمراً الحوار الذي يؤجل حواراً ولا يحل قضية الحوار الذي يريد كسب الوقت على أمل إسقاط الجماهير وطموحاتهم وبذات الطريقة التي اعتمد عليها الحاكم في حرب صيف 1994م، حيث كان الحوار تحضيراً للحرب وليس للوفاق والاتفاق، واليوم نحن لا نريد الحوار الملبد بالغيوم أو الحوار المحشو بالديناميت، فالجماهير تريد التغيير ومأساة الحاكم أنه لم يقدم على خطوة واحدة نحو التغيير قدر المزيد من التصلب والتشدد وكان بإمكانه أن يحل مشكلة وطن بالإنفاق الذي سخره لمواجهة ميادين التغيير والجماهير المطالبة بإسقاط النظام، ولو أنفق كل المال في التنمية لكان الرهان اليوم على الشعب يريد هذا النظام ، لكن الجلاوزة ونافخي الكير يريدون حشودً وراء حشود ومواجهة مستمرة وأرباحً تتنامى، وإن على جماجم البشر الطيبين.
لذلك يغدو الحوار هنا لا معنى له، إنه مضيعة للوقت وبحث عن مفقود وانتظار للانتظار. ولا بد والحال كذلك أن يكون لأحزاب المشترك قرارها حتى لا تظل مثل جمل الصحراء لا يعرف إلى أين، عليها اليوم أن تلتحق بميادين التغيير وأن تقلع عن حوار نتيجته معدة سلفاً.
 فأما أن تقبل بالنتيجة فتحرق نفسها وتخون الشباب في ميادين التغيير وأما أن تقطع حواراً عدمياً وتقدم الراية للشباب فمن حقه وحده أن يقرر ما الذي يريد فهو الذي أنجز الثورة ومن حقه أن يتمسك بمطالبه دون أي عرقلة أو تشويه.. الشباب وحده من يقدر على إزالة المرهق وإلحاق أكبر الضرر بأولئك الانتهازيين والوصوليين الذين يزورون الحقيقة ويجعلون الوطن كله في شخص الحاكم.



تسليط الأضواء الإعلامية كلها على شخصية الرئيس جعلته يتحمل مسؤولية أخطاء الحكومة كلها بينما المستفيدون يتمتعون بهذه المسؤولية ويتهربون في نفس الوقت منها

الشباب إنهم القوة التي لم تكن في أي يوم مهزومة، هم من يصنعون الثورات عبر التاريخ، وهم حلم الوطن ورايات انتصاراته، وعلى أحزاب المشترك أن تسير إليهم معتذرة عن إخفاقات عرقلة التغيير زمناً ليس بالقصير، فأحزاب المشترك لا تقل في ممارستها السياسية عن غباء الحزب الحاكم في تمجيده الفرد وتحميله كامل المسؤولية ليضيع وطن، ويتحمل فرد أخطاء حكومة وبرلمان وشورى ومؤسسات..إلخ.
وكان على أحزاب المشترك أن تفقه نتيجة الحوار وتحسم الأمر بدلاً من التطلع إلى أفق مسدود لا معنى له. وفي كل الأحوال إن ميادين التغيير ما زالت تستوعب الجميع، وبصمت على المشترك أن يسلم راياته كاملة، وقد خسر معركة حوار لا يقدم ولا يؤخر وأن يعترف بالفشل وأنه ما زال حبيس النظرة المثالية وأن الشباب أكثر تبصراً وقراءة للمستقبل وأنهم من يصنعون التغيير بإرادة لا تلين ودونما تسويف أو تأجيل وضمن خطوات عريضة ليس فيها أي مجال للمناورة.. فالحوار الذي طالما اشتغل عليه المشترك فترة ليست بالقصيرة وأوشك أن يتلاشى بفعله كظاهرة سياسية لا بد أن ينتشل اليوم نفسه ويدرك أن شباب التغيير أكثر رصانة وقدرة وقوة في الالتحام بالثورة اليمنية وإعادة المجد لها، وربط كل ذلك في السياق التاريخي الذي يستحضر كل جلال وهيبة الانتصارات العظيمة ويعمل على رفدها بإصلاح مسار التاريخ للثورة اليمنية، من خلال التأكيد على أهدافها وقيمها النبيلة وتعزيز التلاحم الوطني والهوية الحضارية لشعب طال انتظاره لعدالة اجتماعية وحرية.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد