أحياناً يسرف في تعذيبنا سياسة وتوقعات ونصائح..

الغرب: الحلول المزيفة .. وسياسة المواساة ونسيان الواجب الأخلاقي

2011-06-11 16:01:01 تحليل/ محمد علي اللوزي


الغرب يتعامل مع اليمن من باب الربح والخسارة كأن رسملة الغرب قانون علينا بلا ضوابط، أحياناً يتدخل لدرجة السيطرة ومصادرة الإنسان.

يحدثنا الغرب عن ثقب الأوزون ونحن نعاني من ثقوب الحياة فينا، بل من فجوات لا يمكن ردمها بيننا، ويقدم لنا الغرب الاستعلائي النصح ويمعن في تجاهل دوره الإنساني، يحدثنا عن حريق الغابات ولا يلتفت لحرائقنا البشرية، يذهب إلى النصح في الديمقراطية ولا يسخى على التفريط بالدكتاتور، مشكلة الغرب معنا أننا حالات ترفيه لديه وفائض تفكير، ثقب الأوزون لديه مقدم على حاجتنا للحرية وحقوقنا كبشر، ومشكلتنا مع الغرب انه غرب فعلاً، اتجاه جغرافي ونفسي واقتصادي وسياسي ....الخ، فلا هذا الغرب اتجه نحو الشرقي ولا الشرقي تخلص من أزماته ليجد نفسه بعيدا عن غرب استحواذي أناني.. وإذاً ثمة حواجز فينا ومعنا، الغرب يواسينا ويتناسى واجباته الأخلاقية، يتعامل معنا من باب الربح والخسارة، كأن رسملة الغرب قانون علينا بلا ضوابط، أحياناً يتدخل لدرجة السيطرة ومصادرة الإنسان، وأحياناً يسرف في تعذيبنا سياسة وتوقعات ونصائح وأمور أخرى.



ليس أمام المملكة سوى قراءة المشهد اليمني بدقة والتعامل مع الجماهير أولاً والانحياز للثورة ومقاربتها بدلاً من التخوف منها


وحين نظن خيراً به نقع في أزمة التصالح مع الذات، فلا نحن انجرفنا إليه ورضينا حلوله المزيفة، ولا هو أقلع عن لعبته السلطوية معنا، كأن هذا الغرب لا يشبع سادية وهو يتابع عذاباتنا ويمارسها هواية لديه.
وفي اليمن كنموذج يتصدر الغرب أمريكا الدائمة البحث عن العولقي ولم تبحث مرة عن حل لبطالة، تريد اليمن مفتوحة براً وبحراً وجواً، تلاحق من تريد وتعبث كما تريد، تارة تهدد النظام بالثورة وأخرى تهدد الثورة بالنظام، وبين الأمرين لا يعنيها هذا ولاذاك قدر اهتمامها باليمن جغرافيا وبوابة جنوبية لأكبر مخزون من الثروات النفطية في العالم، فيما النظام يقبل بالمعادلة التي يستفيدمنها ليكون سلطوياً وتقبل أمريكا به لتكون الفاعلة وبين الأمرين ثمة لاعب إضافي ذكي (إيران) يقبل بها الغرب في حدود لعبة المصالح، يمنحها العلاقة ذات البعد الديني الشيعي في مواجهة السني ممثلاً بالسعودية ويريد لهذا الصراع أن يكون أكثر سخونية ضمن تفعيل المتوتر اليمني "النظام وأحزاب المشترك" بتحديات الفقر والبطالة وتدخلات الخارج الإيرانية وترهيب السعودية لتتكئ على أمريكا في الخصومة مع (طهران) وبين الحالتين تكون اليمن حلبة الصراع ومركزه.. هنا فقط أمريكا تجد ضالتها، هي مع النظام بقدر التسهيلات لها في التدخل العسكري، ومع الثورة في مساومة السعودية التي تملك كامل خيوط اللعبة في اليمن ولا تجيد استخدامها وتفضل الأمريكي الذي يقبل بهذا الدور ليوسع من أرضية الملعب على الساحة اليمنية بما يسمح لطهران التدخل بما يهدد دول الخليج دونما تحمل مسؤولية ما يترتب على هذا التهديد، لنجد التالي: تحالف "أوروأمريكي فارسي" في البوابة الشرقية من خلال العراق، وذات التحالف بصورة أخف في البوابة الجنوبية من خلال اليمن.
هكذا تغدو مسألة التغيير في الداخل اليمني، تتجاذبها قوى خارجية فتهدد أمريكا المعارضة أنها لن تعترف بأي تشكيل سياسي تقوم به، وتضغط على السعودية في ذات الاتجاه لإبقاء الثورة تسويف ومبادرات ووساطة وتشاور ووعود ...الخ، فيما طهران تتحرك بجدارة لتمكين سياسي ما بغلاف طائفي شيعي وربما استطاعت أن تقدم المعبرعنها بجدارة في هذا المنحى ولعبت ضمن تسهيلات "أوروأمريكية" في سياق صحيح لتتشكل قوة ضغط في اتجاه الجزيرة والخليج وضمن فوضى تنتج تداعياتها ببرامج الثورة ذاتها وتخلي السعودية عن حضورها الفاعل لأمريكا وطهران، ففي الوقت الذي تطرح السعودية أراءً غامضة لعرقلة شباب التغيير وتحاول الحد من فاعلية الثوار لهواجس ومخاوف من مسمى( الثورة) والديمقراطية – في ذات الوقت تمضي تحالفات "إيراأمريكية" للاشتغال على الدفع في توتير الأجواء لخلق فوضى قابلة للتصدير إلى ما وراء الحدود اليمنية.


طهران تلعب عبر قواها في الداخل على شحن الشباب بكثير من العداء للسعودية باعتبارها تقف أمام التغيير وتدعم نظاماً ديكتاتورياً لم يحقق منجزات تذكر.


وهنا نقع على سياسة مصالح تهديد الخليج مطلب (إيراني )وابتزاز شعوب المنطقة مطلب (أمريكي) باسم مكافحة الإرهاب وبين هذين الأمرين استطاع النظام أن يشتغل على توافق يلبي مصالح ذات القوى وليوهم( السعودية ) أنه من يوقف الزحف الشيعي وأن علاقته بالبيت الأبيض في إطار مكافحة الإرهاب ليجد سنداً سعودياً أيضاً ولعله قد استطاع أن يقمع ساحات التغيير وأن يسمح للتدخل الخارجي أيضاً، ولعل هذا قد جعل انتقادات الغرب على ممارسات النظام للقمع تبدو على استحياء إن لم تكن منعدمة قياساً بـ(سورية)التي تمت معاقبة النظام فيها.
هنا فقط تقع السعودية في خطر تخليها عن حلفائها الذين يقفون إلى جانب الثورة وتعرقل انجازاتهم الضرورية لنصل إلى مخاوف حقيقية تشتغل عليها (طهران )من خلال 1- فوضى تؤدي إلى تقسيم اليمن شمالاً جنوباً 2- إيجاد امتداد شيعي جنوب المملكة وفي المقابل تكوين دولة سنية جنوب اليمن وبين الحالتين تلك يتحقق الارتياح الأمريكي لهذا الجغراسياسية التي تسمح لأمريكا بالتدخل حفاظاً على مصالحها والقابل لأن يحدث انتقالاً بالفوضى البناءة إلى السعودية باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان لتقع المملكة فيما كانت تخشاه من الثورة، وفي السياق نفسه تلعب طهران عبر قواها في الداخل على شحن الشباب بكثير من العداء للسعودية باعتبارها تقف أمام التغيير وتدعم نظاما لم يحقق منجزات تذكر، وتتطور هذه اللعبة لطرحها علناً أن المملكة العربية السعودية هي من وقف أمام الشعب إلى جانب الملكية في ثورة1962م، وأن هذا قد أدى إلى حرب استمرت 7سنوات مازالت تداعياتها قائمة وهي اليوم تقف ضد الثورة لصالح نظام ديكتاتوري، كل ذلك لخلق عداوة تاريخية تتيح لتدخل طهران بقوة وقناعة حين يجد شباب الثورة نفسه مضطراً للتعامل مع التدخلات الخارجية مادامت تضمن التخلص من النظام.
ويبدو أن استحضار التاريخي بين اليمن والسعودية يتم على أساس فتح ملفات الجغرافيا اليمنية لتعطيل اتفاقيات تمت بين اليمن والسعودية كنواة لتدخل خارجي، ولن يكون ذلك إلا من خلال تشطير اليمن وعودة الحدود مع المملكة إلى ما كانت عليه قبل الوحدة، باعتبار أن دولة الوحدة لم تعد قائمة.
على هذا الأساس تشتغل السعودية من حيث لا تدري في السياق ذاته، وهو ما يجعل من القوى الشبابية للثورة في الجانب المعادي للمملكة عبر أمرين الأول :- إما أن تفشل الثورة لتتجه اليمن إلى حرب أهلية وفوضى تصدر بدعم خارجي إلى السعودية والخليج.. الثاني:- تشطير اليمن ونسف كل اتفاقيات مع المملكة تمت بعد الوحدة، باعتبار أن النظام الشطري ليس له أي تعهدات تلزمه الوفاء بها، واذا ليس أمام الجزيرة والخليج سوى الوعي العميق بالمأزق اليمني ودعم ومساندة الثورة دونما اعتبارات لمخاوف سياسية لمسمى (الثورة)، واستكمال ما يتطلع إليه الشباب لكسب هذه القوى بدلاً من دعم الفرد والسياسة الأوروفرسية التي تلحق ضرراً بالغاً بالمملكة العربية السعودية ودول الخليج، وأمام السعودية فرص كبيرة قد تندم من حيث لاتدري إن هي أضاعتها وهي دعم الشباب وثورته والوقوف مع حلفائها الحقيقيين دون تفريط، والانحياز للشعب كتعويض عن موقف سابق للمملكة من الثورة اليمنية والتي هي ماثلة اليوم لدى الشباب بتسخين أمريكي فارسي. بمقدور المملكة بثقلها أن تفشله كمؤامرة خفية قابلة للتنفيذ.
ونحن هنا نذكر بالتدخل في الكويت والبحرين وحتى شرق المملكة وفي اليمن وقبل هذا كله في العراق، فطهران لا تفوت فرصاً عبر قواها في حين تتخلى السعودية عن قوى حليفة وموثوق بها أكثر من النظام..
فهل تعي اعتمالات الواقع ؟هل تقف إلى جانب الخيار الثوري كمطلب شعب ؟هل تتجاوز مؤامرة تستحضر التاريخي مع اليمن ؟أم أنها ستتجه لدعم النظام وهو ما تريده التدخلات الخارجية لتجد نفسها أمام متغير يجتاحها بقوة عبر نظرية الفوضى البناءة والتحالف الأمريكي الشيعي ضد السني المقاوم للمشروع الصهيو أمريكي.. أسئلة القريب يكشف عنها والواقع أن الوقوف ضد الثورة الشبابية يدفع باتجاه إفشالها كمطلب ضرورة، هذا الفشل إن تم له تداعياته الواسعة وهو ما تمضي فيه طهران وتصمت عنه أمريكا وتقدمه هدية سياسية السعودية بانتهاجها ذات الأسلوب لنجد ثورة سقط فيها شهداء كثر لم تنجح وشباب طموح سدت أمامه أبواب التغيير وعليه الآن البحث عن ايقاع سياسي آخر (الفوضى البناءة) والتعامل مع قوى خارجية كطهران تريد هذا المستوى من اللعب على الخارطة اليمنية بما يسمح بتنامي الشعور بالكراهية والعداء ضد من أفشلوا الثورة والاتهام موجه مباشرة للسعودية ويقود من ذات الموقف إلى تشطير بالغ الخطورة على دول المنطقة، لكنه يحقق مطامع ومطامح فارسية في مواجهة الدولة السنية التي تتعرض لحملة كبيرة من أنها متخلفة، حيث المرأة لايسمح لها بقيادة السيارة مثلاً، كما أن الوهابية تكفير للآخرين وتمجيد للأنظمة الدكتاتورية.
ولعل التزامن بين ما يحدث من حملات داخل المملكة حيال منع المرأة من قيادة السيارة وماهو في الداخل اليمني يتم بالتنسيق الذكي مع مثقفين شيعة لهم حضورهم الإبداعي في البلدين ويكاد هذا الفريق أن ينجح في الوصول لتشويه السياسة السعودية التي تتناولها من ذات البعد قناة (العالم) والإعلام الأوروامريكي كقناة(الحرة ) وبمواضيع محددة وتعبئة الداخل السعودي والجوار اليمني لوضع المنطقة أمام أخطار التحرر وانجازه عبر العنف بعد أن تكون الثورة الشبابية قد وصلت إلى مرحلة انسداد يسهل معه نقل المعركة إلى الضفة الأخرى جنوب المملكة.
وهنا تنجح مخططات طالما عمل من اجلها التحالف الفارسي الأمريكي والقابلة لأن تضع دول المنطقة وفي المقدمة السعودية أمام أمرين ا:-التطبيع مع إسرائيل وفق مخطط تصفية القضية الفلسطينية.. أو بـ:- نقل الفوضى إلى الدولة السنية بين معسكري التشدد التيار السلفي وبين تيار الانفتاح الداعي إلى إصلاحات تمس بنية النظام السياسي السعودي في الصميم ويتبنى هذا في المقدمة المثقف السعودي وعلى وجه الخصوص( النخبوي) في التيار الشيعي بدعم إعلامي سياسي أوروأمريكي فارسي، لعل تمظهراته اليوم واضحة بقوة ويجري تنفيذها من مواقع عدة: إفشال ثورة في اليمن تدعم، وهذا المسار من حيث لا تدري المملكة ومن خلال حملات منظمة ضد السعودية كنظام منغلق بفعل الديني (الوهابي ) الخصم الرئيس للدولة الاثني عشرية( إيران) الذي يمثل بالنسبة لها حجر عثرة أمام التمدد الفارسي ولابد والحال كذلك من تشويهه باستغلال جوانب تخلف مثل منع المرأة من قيادة السيارة وتوسيع هذا البعد ليشمل تكوين النظام ذاته.
وإذاً ليس أمام المملكة سوى قراءة المشهد اليمني بدقة والتعامل مع الجماهير أولاً والانحياز للثورة ومقاربتها بدلاً من التخوف منها.. وثانياً مواجهة الإعلام الأوروفارسي عبر كشف بعده الاستعماري بالتوازي مع إصلاحات على وجه الدقة فيما يخص المرأة السعودية ..هذان كفيلان بإفشال مخطط التدخل الخارجي من وجهة نظري.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد