انضمام فئات جديدة إلى صفوف الفقراء جراء ممارسة السلطة سياسة العقاب الجماعي

في بلد الـ9 ملايين جائع

2011-07-19 17:07:00 تقرير/ نجيب العدوفي



اشتدت معاناة اليمنيين هذه المرة جراء الأزمات الاقتصادية المتتالية، وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) قد توقع ازدياد نحو 20% من اليمنيين إلى صفوف الفقراء.
ووفقاً للتقارير الدولية الصادرة نهاية 2010، فإن 48% من الأسر تعيش تحت خط الفقر، محذرة من دخول اليمن في أزمة غذاء، وجاء هذا التحذير قبل حدوث الأزمة التي تعيشها اليمن اليوم، وكشفت هذه التقارير أن اليمن بحاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية، هذه التقارير الدولية كانت تتابع الوضع الاقتصادي لليمن الذي يعاني من التهميش في أجندة الحكومة اليمنية، ليدخل اليوم في مرحلة حرجة جراء الممارسات التي تقوم بها السلطة عن طريق الزج بالاقتصاد الوطني في غضون الأزمة السياسية التي تعيشها البلد. 
الشعب الذي يتوق إلى الحرية ويحلم بواقع معيشي مستقر، يواجه تحديات اقتصادية تهدد أمنه الغذائي، وتزداد حدة المخاوف مع قدوم شهر رمضان وسط غياب للعديد من السلع الغذائية التي يتطلبها شهر الصوم، وإن وجدت فهي لا تخضع لأية رقابة جراء غياب الدولة ومؤسساتها، وتبقى خاضعة للاحتكار والبيع وفق رغبات التجار.
ما تمر به اليمن اليوم من حالة انهيار اقتصادي، بدءاً باختفاء المشتقات النفطية وانتهاءً بالارتفاع الجنوني للأسعار، يصفه المراقبون للأوضاع في البلد بأنه عقاب جماعي يمارسه نظام الحكم ضد الشعب المطالب برحليه وتأسيس دولة مدنية حديثة تحقق له الرفاهية الاقتصادية، وفي ذلك أبدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان قلقها إزاء التدهور في الحالة المعيشية للمواطن اليمني، وقالت المنظمة إن التدهور المعيشي في اليمن يقود نحو شل الحياة بمختلف مناحيها، حيث باتت الأسواق تفتقد للعديد من السلع الغذائية الأساسية، إضافة إلى تدهور الخدمات جراء غياب الوقود والانقطاعات المتكررة للكهرباء، محذرة السلطة من الاستمرار في ممارسة هذه الأساليب التعذيبية للشعب.
كارثة غذائية
وفي ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية، فقد حذر مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي من كارثة غذائية في اليمن جراء انعدام المشتقات النفطية والكهرباء والإرتفاع المخيف في أسعار السلع والخدمات في اليمن.
وتوصل المركز في نتائج دراسة ميدانية حول الأوضاع المعيشية للمجتمع اليمني إلى أن عشرات الآلاف من الأسر اليمنية الفقيرة دخلت مرحلة الجوع وهي عدم القدرة على ايجاد المقومات الأساسية للحياة أو ما يسمى بالأمن الغذائي.
وأوضح أن أسعار بعض المواد الغذائية كالقمح والدقيق والسكر والزبادي والحليب ومشتقاته ارتفعت بنسب تتراوح بين 40-60%، فيما ارتفعت أسعار مياه الشرب بنسبة 202% وأسعار المواصلات بنسبة تصل إلى 60%. " مرفق تفاصيل بارتفاع الأسعار التي شهدها السوق اليمني خلال الأشهر الأخيرة مقارنة ببداية العام الجاري " .
وفي ذات السياق أوضح مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن سعر الخبز ارتفع بنسبة 50% في الأشهر القليلة الماضية، متوقعاً مزيداً من انهيار العملة الوطنية والتي ستدفع بفئة أخرى من اليمنيين تحت خط الفقر والمقدرة نسبتهم نحو 15%.


وقال (أوتشا) في تقريره الصادر مطلع يوليو الحالي إن الإحصاءات تشير إلى أن واحداً من كل ثلاثة أشخاص يعاني من انعدام الأمن الغذائي ونقص التغذية، كما يعاني أكثر من 50% من الأطفال من وقف النمو.
وأكد مركز الإعلام الاقتصادي أن أسعار المشتقات النفطية كالبنزين والديزل وصلت مستويات غير معقولة، حيث بلغت نسبة الارتفاع 900%، متجاوزة الأسعار العالمية بكثير، الأمر الذي أدى إلى زيادة في أسعار جميع السلع والخدمات بنسب متفاوتة، وتوقف كثير من القطاع الاقتصادي وبعض الأنشطة الخدمية.
وقال المركز إن الارتفاعات السعرية تضع صعوبات في وصول 9 ملايين من اليمنيين الفقراء للغذاء، محذرا مما سيخلفه ذلك من أضرار نفسية واجتماعية مستقبلية لن تتجاوزها اليمن خلال فترة قصيرة.
ودعا المركز الأطراف التي تمسك بالسلطة بتحمل المسئولية القانونية والأخلاقية تجاه حالة الانهيار التي يتعرض له الاقتصادي اليمني، والحالة المأساوية التي تتعرض لها الأسر اليمنية الفقيرة، مطالبا عناصر الجيش المسيطرة على منافذ المدن والعقلاء من أبناء القبائل بالسماح بدخول المشتقات النفطية إلى المدن.
السوق السوداء
كما طالب مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي حكومة تسيير الأعمال بإتاحة المجال للقطاع الخاص باستيراد احتياجاته من مادة الديزل بالأسعار العالمية بصورة مؤقتة خلال الأزمة الراهنة، بالتنسيق مع شركة النفط اليمنية للاستفادة من خزاناتها، وبحيث تعفى المادة المستوردة من الرسوم الضريبية والجمركية، داعياً إلى توفير مادة الديزل للمؤسسات الخدمية التابعة للقطاع الخاص كالمخابز بالسعر المدعوم ووفق خطة محكمة.
حيث وصل سعر اللتر الديزل في السوق السوداء إلى 500 ريال، فيما يبلغ سعره وفقا للأسعار العالمية 175 ريالاً للتر مقارنة بـ 50 ريالاً كما هو السعر الرسمي في اليمن قبل الأزمة الراهنة.
وكشف المركز عن سوق سوداء يديرها كبار المتنفذين لبيع المشتقات النفطية من البنزين والديزل في الأسواق اليمنية، لاسيما أمانة العاصمة، مشيرا إلى اعترافات وزير الصناعة والتجارة بأنه تم نقل 500 قاطرة محملة بالبنزين إلى أمانة العاصمة.
وكان مدير شركة النفط اليمنية عمر الأرحبي قد أكد في تصريحات صحفية عجز الشركة عن الوفاء باحتياجات البلاد من الديزل، وأن الشركة تسلمت 70 ألف طن خلال الشهر الماضي من 260 ألف طن هي الكمية الاعتيادية، وجرى توزيعها على الجيش والأمن والمصانع والمستشفيات ومحطات الكهرباء وغيرها.
وتوقف ما بين 700 – 800 مصنع من مجموع المنشآت الصناعية في اليمن جراء انعدام مادة الديزل، في حين انخفضت ساعات الإنتاج في المصانع الأخرى، كما جرى تسريح ما بين 40-60% من العاملين في تلك المنشآت الصناعية ومنح آخرون إجازات بدون رواتب إلى حين انتهاء الأزمة.



الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد