النفط.. الكهرباء.. الماء.. الغذاء..

اليمن .. مسلسل أزمات !!

2011-07-28 16:48:52 تقرير/ بسام غُبر


يبدو أن اليمن تمر بمنعطف خطير لا يستطيع أحد الجزم بنتائجه... أزمات واحدة تلو الأخرى وكأنها في سباق مارثوني مع الزمن.
هكذا هي اليمن اليوم، تدهور اقتصادي كبير يشهده هذا البلد الطيب...فإذا ما بدأنا بسرد تلك الأزمات ستكون أزمة النفط هي ( سيدة الأزمات )، بل والرحم التي تولد معها الأزمات الأخرى، فأزمة النفط تسببت في تحويل البلاد إلى سوق سوداء تعطلت معها كافة مناحي الحياة خاصة الأعمال التجارية.
النفط (البترول أو الديزل )هو المحرك الفعلي للحياة في هذا العصر، ومع ذلك فقد اختفى فجأة في السوق اليمنية وتضاربت الاتهامات بين السلطة والمعارضة حول المتسبب بها، رغم إغفال دور المواطن والتاجر اللذين هما بظني المشكلة الأساس لهذه الأزمة، فالمواطن يندفع لتكديس العديد من مخزون النفط في بيته تخوفاً من حدوث الأزمة ذاتها وبذلك يولد نفس الشعور لمواطن آخر، كذلك دور التاجر الذي يدفعه الجشع والهلع إلى حشر سماسرة حوله وإخفاء مخزونه من النفط، فيقوم باستغلال عاطفة المواطن المغلوب على أمره ليجني أرباحًا مضاعفة له.
كما لا ننسى غياب الجهات المختصة التي تهدف في واقع الأمر إلى ترعيب المواطن..هذا ما تعودنا عليه مع هذه الأزمات والجرع المحلية، وربما حروب أفغانستان والعراق لم تنتجها!!.
هذه الأزمة التي ولدت ارتفاعاً مفاجئاً للسلع الغذائية والاحتياجات الأساسية وبل وأحرمت الناس أقواتهم، فمنهم سائقو التاكسي والباصات الذين لجأوا لإيقاف العمل بسبب انعدام النفط والبعض منهم قام برفع سعر الراكب في باصات الأجرة إلى 50 ريالاً بحجة أن الديزل معدوم وأن السائق لا يجد الدبة الديزل (20 جالون بلاستيكي ) إلا بشق الأنفس وبعد طول انتظار في محطات البنزين لفترة تصل إلى ثلاثة أيام وبأسعار باهضة قد تصل إلى ما يقارب 7000 ريال وليس هذا فحسب فقد يعود إلى بيته بخفي حنين...كل ذلك عمل على تعطل الحياة العامة للناس وهذا ما كان ينتظره النظام بعينه.


* التاجر يسعى بدافع الجشع والهلع إلى حشر سماسرة حوله وإخفاء مخزونه من النفط، مستغلاً حاجة المواطن المغلوب على أمره ليجني أرباحاً مضاعفة له

أزمة النفط التي ازدادت معها أزمة الكهرباء بسبب أن المولدات الرئيسية تحتاج إلى الديزل على مرأى ومسمع من جهات مسئولة، فزيادة انقطاع الكهرباء أصبحت معروفة لدى المواطن كالصلوات المفروضة علينا، إن أضيئت تضيء باليوم ما يقارب الست ساعات فقط هنا في مدينة تعز وبشكل متفاوت وذات أوقات محددة كما قلنا كالصلوات المفروضة.
خسائر هذه الأزمة عديدة جداً..فانقطاع التيار الكهربائي في الحديدة أدى الى تعفن الجثث الموجودة بالمستشفيات، بل وعانى الكثير من مرضى الفشل الكلوي..أما عن الشأن المادي فهناك العديد من الخسائر وقد لا تحصى، فارتفاع سعر الشمعة الواحدة إلى 50 ريالاً يمثل خسارة كبيرة على المواطن إذا ما استخدامه في اليوم الواحد 5 شمعات في الحد المتوسط، وفي المقابل فإن المحلات التجارية كانت كبيرة أم صغيرة تعتمد أساساً على المولدات لكي تمارس عملها، ولكن هذه المولدات لا تعمل دون بترول أو ديزل.
ضيف الله طاهر ـ مالك أحد الكفتيرات بمدينة تعز يقول: حسبي الله ونعم الوكيل بس.. الكهرباء هذه ما تجي إلا تسلم علينا سلام خفيف ويالله ومنحصلش ومع ذلك قمنا نأخذ ماطور علشان نطلب الله هذه الأيام صيف والعصائر لا يمكن أن تباع إلا وهي باردة، قاموا أعمونا بالديزل (وقفنا عمل ).
وهكذا تعمل أزمة النفط على تجسيد أزمة انقطاع التيار الكهربائي.
إذاً ومع هذا فان أزمة الكهرباء هي سابقة لأزمة النفط ولكن الثانية هي من ضاعفت الأولى، فاكتملت الصورة للأزمة الفعلية الحقيقة، ولأن الكهرباء تعتبر من الاحتياجات الأساسية فلا شك أن المياه لا تختلف أهميتها عن تلك بل إنها أشد أهمية من ذلك، فكما يقال الماء شريان الحياة ومسيرها الحقيقي فمن منا يستطيع أن يعيش دون ماء؟.. والله عز وجل يقول في كتابه العزيز (وجعلنا من الماء كل شيء حي)، فما بالكم أن تأتي أزمة تحل ببلدنا خاصة أن اليمن من البلدان المهددة بالجفاف.
اليوم محطات المياه الصالحة للشرب (الكوثر ) ترفع سعر الوايت الماء إلى ما يقارب 8000 ريال عما كان عليه سابقًا بـــ 4500 ريال، مع التحفظ على عدم توزيعه عشوائياً وهذا ما يضطر إليه صاحب محل بيع الماء بالتجزئة لرفع سعر الدبة التي وصلت لـــ 50 ريالاً عما كانت عليه سابقاً بـ30 ريالاً.
ووايتات السيارات الناقلة للماء العادي (غير الصالح للشرب) ترتفع بنسبة إلى ما يقارب 5000 ريال، خاصة وأننا في تعز يحل علينا ماء المشروع كالراتب الشهري في كل رأس شهر وبذلك فنحن بحاجة للوايتات التي تنقل لنا الماء للاستحمام والاغتسال، خاصة وأننا في فصل الصيف الذي تكثر فيه الحاجة إلى الماء.
آبار المساجد التي تكتظ بالعديد من المواطنين لأخذ المياه هي الأخرى أصبحت لا تؤتي أكلها والسبب في ذلك التيار الكهربائي الذي بواسطته يتم ضخ الماء من البئر عبر مضخات تعمل على الكهرباء...فبذلك تكون أزمة الكهرباء شريكاً هي وأزمة النفط بازدياد حدة هذه الأزمة التي عايشناها منذ وقت طويل.
إذاً أزمة تخلق أخرى... وواحدة تسطو على الثانية..ولهم جراً ولا ندري متى وكيف ينتهي بنا المطاف المتأزم ؟ ولعل ذلك من علامات النصر القريب وهو ازدياد الشدة وضيق الخناق... فالمواطن عليه أن يعجل بالنصر بعدم تكديسه للنفط والشعور بالتفاؤل إلى الخير وعلى التاجر أن يراعي حق الإنسانية في هذا المواطن المسكين وهذا البلد الطيب وعلى رموز النظام الباقية ألا يستخدموا خدمات المواطن الأساسية كأوراق سياسية كيفما يشاءون..
باعتقادي أنتم ثلاثتكم من تستطيعون الخروج من هذه الأزمات التي أشعرتنا بإخوان لنا في الصومال.
 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد