العرب في مواجهة التطرف الصهيوني

2008-09-21 04:03:35 صالح النعامي


من دواعي الاستهجان والاستغراب ألاّ يركز الإعلام العربي على طبيعة المواقف التي يعبر عنها المتنافسون على رئاسة حزب "كاديما" الحاكم في إسرائيل والتي لا تدع مجالاً للشك حول وجهة الكيان الصهيوني المستقبلية.

فالمواقف التي يطرحها المتنافسون على زعامة الحزب الحاكم في الكيان الصهيوني لا تدع مجالاً للشك بأن هذا الكيان لا يتجه فقط نحو مزيد من التطرف السياسي، بل إن النخب السياسية في تل أبيب لا تألو جهداً في الحرص على ضمان بقاء كل العوامل التي تبقى جذوة الصراع مع العالم العربي مشتعلة.

فالمواقف التي يتبناها المتنافسان الرئيسيان، تسيفي ليفنى وشاؤول موفاز تؤكد مسبقا فشل الرهان على أي مستقبل للمفاوضات مع هذا الكيان. فعلى سبيل المثال أعلن موفاز رفضه المطلق تنفيذ أي انسحاب من هضبة الجولان ولو كان المقابل التوقيع على اتفاق تسوية تاريخي مع سوريا، ويرفض بكل قوة إبداء أى مرونة في موضوع القدس واللاجئين وغيرهما من القضايا، فضلاً عن تعهده بتصفية القيادات السياسية والعسكرية لحركة حماس في حال فاز بزعامة الحزب وبرئاسة الحكومة الصهيونية.

ومن أجل إقناع الناخبين بأنه يمكن الاعتماد عليه في تحقيق هذه الأهداف فقد أعاد للأذهان أكثر من مرة أنه كان "مهندس سياسة الاغتيالات" عندما كان رئيساً للأركان ووزيراً للحرب أثناء انتفاضة الأقصى. وقد شعر بارتياح كبير عندما كشف النقاب عن أنه أصدر تعليماته في مطلع انتفاضة الأقصى بأن يقوم الجيش كل يوم بقتل 70 مدنياً فلسطينياً. مقربو موفاز اعتبروا أن الكشف عن هذه التعليمات يمثل في الواقع "شهادة جدارة له كمرشح لقيادة الدولة".

أما ليفني، فهي لا تقل تطرفاً عن موفاز، فقد أبدت معارضة شديدة لإجراء المفاوضات بين حكومتها وسوريا، فضلاً عن رفضها المطلق لمسودة اتفاق المبادئ الذي اقترحه أولمرت على رئيس السلطة الفلسطينية، رغم أنه يهدف إلى تصفية القضية الوطنية الفلسطينية، ناهيك عن تشديدها على وجوب العمل على التخلص من فلسطينيي 48 بوصفهم "خطرا ديموغرافيا" على الكيان الصهيوني، بالإضافة إلى تأكيدها على أنها "عازمة على سحق" التطلعات الوطنية للشعب الفلسطيني المتمثلة في استعادة حقوقه عبر استخدام القوة.

فإذا كانت هذه مواقف النخب السياسية التي تمثل "الوسط" الصهيوني، فما بالك بالمواقف التي تتشبث بها القوى اليمينية التي تؤكد استطلاعات الرأي العام أنها ستفوز بأغلبية مقاعد الكنيست في أى انتخابات تجرى في المستقبل. فزعيم حزب "الليكود" اليميني بنيامين نتنياهو يرى أن حل القضية الفلسطينية يتمثل فقط في تحسين الظروف الاقتصادية للفلسطينيين، على أن يتولى الأردن إدارة شؤون التجمعات السكانية الفلسطينية في الضفة الغربية، مع بقاء كل مظاهر الاحتلال والتهويد في الضفة الغربية والقدس.

أما القوة اليمينية الثانية من حيث الشعبية فهو حزب "إسرائيل بيتنا"، الذي يدعو إلى فرض "السيادة اليهودية" على الحرم القدسى الشريف، وتكثيف الاستيطان في الضفة الغربية وتهويد مدينة القدس وتغيير معالمها الإسلامية وتوطين اللاجئين في صحراء سيناء وتأديب النظام في سوريا، وقصف السد العالى لتوجيه ضربة اقتصادية قوية لمصر.

إن جملة المواقف آنفة الذكر تعكس حالة الاغتراب عن الواقع الذي تحياه الأنظمة العربية في علاقتها مع إسرائيل ومقارباتها المختلفة من قضية حل الصراع مع الكيان الصهيوني. فالمواقف التي تعبر عنها النخب السياسية الصهيونية تدلل بشكل لا يقبل التأويل على أنه لم يعد من المنطقي أن يواصل العرب التمترس خلف مبادرة السلام العربية دون أن يكون للمواقف الرسمية الصهيونية الواضحة والجلية أى تأثير على الموقف العربي.

إن جملة المواقف الصهيونية تفرض على الدول العربية التداعى لعقد لقاء قمة عربية لإعادة تقييم الموقف من المبادرة العربية والعمل على صياغة استراتيجية جديدة في مواجهة إسرائيل..

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد