في ذكرى أعيادهم الثورية

رغم معاناة الواقع: اليمنيون بين عزاء الماضي والتطلع للمستقبل

2011-10-20 05:34:21 ماجد محمد البكالي


يعيش اليمنيون ذكرى أعيادهم الثورية التاسع والأربعون لثورة 26سبتمبر و14لثورة أكتوبر في ظل واقع معيشي واقتصادي يمني الفقر هو سمته البارزة والملازمة واجتماعي سمته البطالة والتناحر والصراع ,وسياسي اتضح فيه بجلاء استبداد نظام الحكم باليمن وأهله وتشبثه بالملكية واقعا والديمقراطية شعارا ,واقع يمني لا يختلف عن واقع ما قبل ثورة 26سبتمبر1962م يتضح ذلك من خلال مقارنة وربط أهداف ثورة 26سبتمبر بالواقع اليمني الذي يؤكد إن كل تلك الأهداف لم تتحقق في واقع اليمنيين ,سواء تلك المتعلقة بالشأن الاقتصادي أو الاجتماعي أو الأمني ,والسيادة الوطنية ,و..ورغم إن اليمنيين أدركوا طوال سنوات الماضي إن أهداف ثورة سبتمبر لم تتحقق في واقعهم طيلة 33عاما ..يعولون في عامهم هذا على ثورتهم التي لم تغادر الساحات والميادين في مختلف محافظات الجمهورية أن تعيد الاعتبار لأهداف ثورة سبتمبر وأكتوبر ,وتعوض اليمنيين عما فاتهم أكثر من 3عقود من الزمن وحلم به وضحى من اجله أجدادهم الثوار,عن أجواء ذكرى الثورات اليمنية في عام الثورة اليمنية الموحدة أجرت الأولى الاستطلاع التالي:


الآم وطموح

في البدء كان الحديث مع الأستاذ عادل البروي الذي أكد على أن الذكرى التاسعة والأربعون للثورة اليمنية جاءت في فترة مؤلمة وشديدة الصعوبة تجعل من الصعب إدخال الفرحة إلى قلوب اليمنيين بهذه الذكرى نتيجة للأوضاع المعيشية وتدني الوضع الاقتصادي لكل أبناء الشعب اليمني ,وسيلان الدم اليمني في عدد من محافظات الجمهورية والدمار والخراب الذي تشهده عدد من مناطق وإحياء البلاد وتشرد الآلاف من أبناء اليمن من منازلهم وقراهم ـ واقع لا يتيح لأحد أن يفرح أو يحتفل فعلا بذكرى الثورة اليمنية ـ ؛لأن الآم الحاضر ومعاناته وآفاته ومخاوف عدم الاستقرار (امني ,أو معيشي) تشغل الجميع عن الفرح بالماضي والاحتفاء به ,مشيراً إلى أن لثورة 26سبتمبر و14أكتوبر إنجازات في مختلف مجالات الحياة اليمنية لا يغفلها أحد وفي مختلف مجالات الحياة تعليمية أو صحية و..وفي مقدمتها إعادة تحقيق الوحدة اليمنية ,غير أن ما تشهده الساحة اليمنية اليوم منذ 8 أشهر وضع غير عادي ,لا يستهان به يؤكد أن اليمن حتما قادمة على تغيرات مستقبلية يصعب التكهن بها أو تحديد ملامحها في ظل ضبابية المواقف السياسية للأطراف الفاعلة على الساحة اليمنية وتدهور الأوضاع الميدانية والأمنية ,لكن حتمية تلك التغييرات المستقبلية التي لن تعيدها ضبابية السياسيين ,تقطع كل حديث وتدفع بالجميع للالتفات والتطلع إلى قادم الأيام ,ومع أن ذلك لا يعني بالضرورة إنكار الجيد والجميل مما تحقق لليمن وأهله كثمار لثورة سبتمبر وأكتوبر ,إلا إن جدة وحداثة لمواقف وأحداث مصيرية تلفت الانتباه إليها أكثر من الماضي علاوة على أن أحلام البسطاء والعامة من أبناء شعبنا اليمني ونحن من هؤلاء تتطلع إلى حياة أفضل في معيشتهم واقتصادهم وحرياتهم وحقوقهم ,فالذكرى السنوية للثورة اليمنية هذا العام تتزامن مع مزيج من متناقضات خوف وآلم واقع وآمال وتطلعات مجهول محققها ومستقبلها ,فرحمة الله على شهداء ثورة سبتمبر وأكتوبر ,ونسأل الله أن يجنب وطننا وأهله الاقتتال والفتن .
غياب
ذكرى توجب على الجميع الوقوف عندها وقراءة أهدافها في ضوء واقعنا ,والاستفادة من نبل وقيم وأخلاقيات ثوارها لتمكين المصلحة الوطنية من أن تحل محل المصالح الشخصية ,ذكرى تمثل أدبياتها وأهدافها كل الحاضر ودعائم المستقيل ..ذلك ما أكده د.محمد الحسيني بالقول :إن ذكرى الثورات اليمنية ,ليس المقصود به الاحتفالات وإيقاد الشعل والشموع والتبذير في صرف المال العام بحجج الاحتفالات بالأعياد الوطنية ولا الاحتفال لمجرد الاحتفال ,لكن المهم في الذكرى هو العودة إلى المضمون ..مضمون الثورة اليمنية ولماذا قامت وعلى من وما كانت غاياتها وهل تلك الغايات مرتبطة بزمن ؟ كل ذلك وغيره ما يجب أن تثيره ذكرى الثورة اليمنية في أذهان اليمنيين حكاما أو محكومين ..فإلى اليوم رغم مرور 49عاما على قيام الثورة اليمنية ماذا تحقق من أهدافها إلا القليل وشكليا لا واقعيا ..فمادا عن الفقر والبطالة ,والعدالة الاجتماعية والجيش الوطني وغيرها من الأهداف التي نشدتها ثورة سبتمبر وأكتوبر لاسيما ذات الصلة بحياة المجتمع اليمني الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والصحية ..جميعها مجالات ينطق الواقع اليمني بتراجعها وتدنيها وعدم تحققها كأهداف رئيسة لثورة سبتمبر وأكتوبر ..موضحا إن اليمن اليوم وتزامنا مع هذه الذكرى التاريخية تعيش ثورة ميدانية مشوبة بالصراع ,ومحاولات الاقتتال وتدمير البلاد بين أطراف نافذة استغلت الوطن وثرواته ومقدراته طوال 33سنة تتصارع اليوم فيما بينها لسلب الشعب حقه في العيش الكريم وإبقاءه تحت رحمة وسلطة أحد أطراف الصراع ..فالشعب اليمني والغالبية المطحونة منه هم الحزينين والمغلوبون في ذكرى وصراع الحمر ؛لأن أبنائهم هم من يقتلون وتسلب حقوقهم وممتلكاتهم تدمر فبماذا يحتفلون أو يفرحون بشعارات لم تجد طريقها للتطبيق على أرض الواقع طيلة ما يزيد عن 4عقود من الزمن حققت خلالها دول صغيرة في العالم نهضة صناعية وتنموية وأضحت رقما له اعتباره في الاقتصاديات العالمية والمواقف السياسية والثقل الإقليمي والدولي أما بلادنا فأين موقعها من الإعراب؟ أم يفرحون بواقع ضبابي ـ حالياـ يعانون فيه المجاعة والفقر والضعف ويدفعون يوميا الدماء والممتلكات في سبيل الانفراج وزوال تلك الضبابية.

أسوأ فترة
   من جانبه يرى د.طاهر يحي عيظة أن اليمن اليوم ومنذ 8أشهر مضت يمر بأسوأ فترة ومرحلة في تاريخه منذ قيام الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر فترة سوداوية يعاني فيها الشعب اليمني العقاب الجماعي بحرمانه من كل الخدمات اللازمة له من الدولة كالكهرباء والمياه والمواصلات والصحة فترة هي الأسوأ في حياة اليمنيين وتاريخهم وذلك العقاب الجماعي بلا شك مسئولية الدولة سواء كانت العصابات المنفذة لذلك العقاب من المعارضة أو من الحزب الحاكم فمهمة الدولة هي قمع والقضاء على تلك العصابات أيا كانت ,وما هو جيد في هذا العام وتزامنا مع ذكرى أعياد ثورة سبتمبر وأكتوبر رغم معاناة الشعب اليمني ..هي الثورة الشبابية الشعبية السلمية التي التف حولها كل اليمنيين بمختلف أعمارهم وانتماءاتهم ,وتوجهاتهم ومستوياتهم ,ثورة طال عمرها مقارنة بثورات عربية أخرى لسلميتها التي لم تعط مبرر للحاكم بالقضاء عليها ,علاوة على عدة عوامل وفي مقدمتها الأمية التي يعانيها أكثر من70%من سكان اليمن ,والجهل السياسي والثقافي الذي يعانيه حتى المتعلمين ,ومع كل ذلك فأن هذه الثورة حتما منتصرة وفي اعتقادي الشخصي إنها حققت من أهدافها حتى الآن ما يزيد عن 60% وبالتالي فأن اكتمال نجاح هذه الثورة اليمنية الموحدة والجامعة هو الآمل والمستقبل بالنسبة لليمنيين اليوم أما واقعا وحالياً تزامنا مع ذكرى ثورة سبتمبر وأكتوبر أو ما قبل ذلك فلا يوجد ما يسر أو يفرح اليمنيين بل ما يكدر عيشهم وينغص حياتهم من عقاب جماعي يسلبهم كل الخدمات ,وغياب الأمن والاستقرار ,و..

مكاسب
ويرى فريق آخر أن ذكرى الثورة اليمنية تعني المنجزات التي تحققت لليمن منذ قيام الثورة إلى اليوم ومقارنة فترة ما قبل الثورة بما بعدها وهو ما يراه الأستاذ عارف النزيلي موضحا أن ذكرى الثورة اليمنية رغم الأوضاع والظروف الصعبة التي تمر بها اليمن اليوم إلا أن الذكرى تلفت انتباهنا إلى المكاسب الوطنية التي تحققت إثر ثورة سبتمبر وأكتوبر في المجالات المختلفة تعليم أو صحة أو طرق وتنمية معمارية ,وإعادة الوحدة اليمنية ,وحرية ,و..وغيرها من الانجازات التي لا ينكرها أحد والتي تستحيل معها المقارنة بين وضع اليمن قبل وبعد الثورة .

ويوافقه فيما ذهب إليه الأستاذ يحي العوامي ويضيف أن الأوضاع التي تمر بها بلادنا اليوم ومنذ أشهر أوضاع غاية في الصعوبة ,يعاني فيها المواطن اليمني أزمات مركبة ومعقدة تكاد تعصف بحياة اليمنيين واستقرارهم مس ضررها جميع أبناء الوطن الغني والفقير الذكر والأنثى الشيخ والطفل معاناة معيشية وأمنية غير مسبوقة منذ قيام الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر ..لكنه يردف بالقول :إن تلك المعاناة وهذا الواقع وأن لم يتيح لليمنيين الاحتفال بذكرى ثورتهم ,غير إن ذلك لا يلغي ما تحقق للوطن من ثمار الثورة 26سبتمبر و14أكتوبر من مشاريع وطنية كالوحدة اليمنية,و تنموية وخدمية شملت كل مجالات الحياة تعليم وصحة ,ومواصلات و..وغيرها من المشاريع والمكاسب التي لولا ثورة سبتمبر وأكتوبر ما تحققت ..ورغم ذلك فأن الفساد الذي عانته مؤسسات الدولة وأداء الموظف العام مثل اخطبوطً ضاراً قضى على آلاف المشاريع وغيبها وكانت جديرة بالارتقاء بالوطن وأهله ليضاهي دول الجوار ,وهو ذات السبب الذي أوصلنا واليمن إلى ما نحن عليه اليوم.

ثورة اليوم
أما د.عبد القوي الشميري فيرى إن ذكرى الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر تذكر اليمنيين بالأهداف العظيمة والنبيلة لتلك الثورة أهداف عطلت في ظل حكم صالح الذي أعاد الحكم إلى عائلي وقضى على كرامة وحقوق اليمنيين فأصبحت الغالبية العظمى من اليمنيين تعاني الفقر والبطالة ,وعمق الجهل والتخلف إذ تشير الإحصائيات إلى إن أكثر من 70%من اليمنيين أميين القراءة والكتابة ,نظام استبدادي قمعي سلب الناس حقوقهم وصادر السيادة الوطنية في اتفاقيات اسماها دولية ,وقتل وشرد من اليمنيين عشرات الآلاف ..مؤكدا على إن الإمعان في أهداف ثورة سبتمبر وأكتوبر وربطها بالواقع اليمني في أيام وسنوات حكم صالح يمكن أي ملاحظ أو متابع إلى الخلاص إلى حقيقة مفادها عدم تطبيق أهداف الثورة اليمنية وإن حكم صالح قد خان دماء شهداء ثورة سبتمبر وأكتوبر بل كان بمثابة الانقلاب على الثورة اليمنية ..ويستطرد بأن اليمنيين اليوم وبعد إدراكهم لحقيقة صالح وخيانته للوطن وأهله يعولون على الثورة اليمنية الصامدة في ساحات وميادين الحرية منذ 8أشهر ,ثورة اليمن الواحد والإرادة الوطنية الواحدة في أعادة الاعتبار لأهداف ثورة سبتمبر وأكتوبر ,ولليمن واليمنيين ,والسيادة الوطنية والكرامة اليمنية .,والتي هي بإذن الله ماضية في تحقيق كل أهدافها بعد أن حققت نجاحات غير عادية نجاحات تتجاوز الــ70%.      


 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد