نتيجة لـ 9أشهر من العقاب الجماعي..

وضع اقتصادي منهار ينذر بكارثة اقتصادية وأخرى إنسانية

2011-10-29 04:33:27 استطلاع/ ماجد البكالي


شهدت الحياة الاقتصادية الوطنية خلال تسعة أشهر من عمر الثورة اليمنية ركوداً وجموداً وخسائر هي الأسوأ في حياة اليمنيين, موظفون كانوا أو عمال,وحتى المؤسسات الاقتصادية لم تسلم، آثار اقتصادية سلبية طالت كل أفراد المجتمع اليمني,بل ونذيره بظواهر كارثة..
ولتسلط الضوء على الحياة الاقتصادية باعتبارها عماد حياة الناس وقوامها والتي عمد بقايا النظام إلى إنهاء ما تبقى من دعائمها وأصولها من خلال ما فرضه على أبناء الشعب من سياسة العقاب الجماعي ولمعرفة الآثار السلبية  للوضع الاقتصادي المنهار وطبيعة تلك الآثار, وعن القطاعات الأكثر تضرراً جراء ذلك الوضع "أخبار اليوم" استطلعت آراء مختصين ومعنيين بهذا المجال ـ فإلى الحصيلة:


البداية كانت مع الأخ/ منير الجبلي ـ مدير بنك اليمن والكويت المركز الرئيسي والذي قال أن الآثار الاقتصادية السلبية التي يعانيها اليمن ـ مواطن أو مؤسسات ـ والتي تضاعفت خلال هذا العام،حقائق ينطق بها الواقع ويلامسها ويتجرع مرارتها كل يمني،مضيفا: إننا بحكم عملنا نصل إلى مؤشرات اقتصادية عملية تدعم ما يلامسه أي يمني أو يتابعه أي مراقب..فالبنوك الوطنية مع بدء المظاهرات والإعتصامات شهدت تخوفاً غير مسبوق من العملاء وإقبال على سحب أرصدتهم وتحويلها إلى عملات أخرى..لكن تلك الثقة سرعان ما عادت للعملاء بمرور شهرين من بدء المظاهرات ليعود العمل بشكل شبه طبيعي..
غير أنه أشار إلى أن تحول شارع الزبيري خلال الفترة الأخيرة إلى شارع صراع ومواجهة دفع الناس إلى الخوف من التعامل مع المصارف الوطنية، خصوصاً أن الإدارات العامة لكل المصارف الوطنية موجودة في هذا الشارع،ومن الصعب والمخاطرة على المواطنين الوصول إلى هذا الشارع ـ في ظل الصراعات التي اتخذت منه ميداناً لها بأـنه وحتى إن وجدت حلولل لذلك من خلال نقل الإدارات العامة للبنوك إلى أماكن أخرى..إلا أن الواقع السياسي والميداني اللذين لم يحملا أي مؤشرات للانفراج والاستقرار يدفعان بالناس إلى عدم الثقة بأي مكان أو شخص أو مؤسسة..
واوضح الجبلي بأن المؤشرات الاقتصادية للعام الحالي والتي ينطق بها،بل وتمثل خلاصة أداء المصارف الوطنية هي في غالبها مؤشرات سلبية والأسوأ طوال عمر البنوك المحلية، مستشهداً ببعض من تلك المؤشرات والتي أوجزها في "تراجع الإيداعات بنسب مخيفة..منع البنوك من بيع الدولار..تدني الإقبال على البنوك وتراجع العمليات المصرفية (تحويلات مالية,بيع وشراء عملات,خطابات ضمان بنكية,إيداع،فتح حسابات,و..) إلى ما دون الـــ50%مقارنة بالأعوام السابقة,علاوة على غياب السيولة النقدية لدى غالبية الناس وعجز عدد ممن عليهم التزامات مالية عن الوفاء بسدادها"..
وعن الاجراءات التي تتخذها ادارات البنوك والمصارف الوطنية قال إن إدارات المصارف الوطنية تعمل بكل تفانٍ وفي مختلف الظروف على كسب ثقة العملاء بل إنها أكثر حرصاً منهم على أموالهم وتستثمرها أو تودعها في ظروف كهذه في بنوك أجنبية،وكذلك العميل اليمني ـ كما يصفه ـ أصبح يتمتع بثقة كبيرة بالمصارف المحلية ولا يخيفه شيء سوى تضاعف الأوضاع السياسية والميدانية سوءا الأمر الذي سيفقده ربما الثقة حتى في البقاء.
وتوصل إلى أن القطاع المصرفي في اليمن يعيش أزمة اقتصادية غير مسبوقة هي في الغالب انعكاس للوضع الاقتصادي شبه المنهار لعامة الناس،حيث يلاحظ أن أناساً كانوا قبل سنوات في عداد الطبقة الوسطى معيشياً, تراجعوا وانضموا إلى فئة الفقراء أو مستورين الحال والحالات كثيرة وواقعية ـ.      
توقف
الأخ/ حسين القرشي ـ شركة العمقي للصرافة – أشار إلى أن الصراعات والهجمات الميدانية وإشاعة الفوضى من قبل النظام تسببت في إيقاف مشاريع كانت طور التنفيذ وأخرى مستقبلية كنتيجة طبيعية لتخوف المستثمرين على أموالهم وكانت تلك المشاريع ستشكل إضافة مهمة كانت في سبيل التنمية الاقتصادية المجتمعية بما ستستوعبه من أياد عاملة والخدمات التي ستقدمها..
واستشهد القرشي بأحد المشاريع المتعثرة نتيجة لما تشهده البلاد من مواجهات، هي شركة العمقي كمثال لواحد من المشاريع الاقتصادية التنموية التي لم يفصلها عن الممارسة الفعلية لنشاطها سوى أيام وأسست انطلاقاً من إيمان صاحبها وإدارتها بالدور الوطني والاجتماعي الواجب على المستثمرين اليمنيين إزاء مجتمعهم ولأحداث تنمية مجتمعية فعلية والمساهمة في التخفيف من الفقر والبطالة.
واكد القرشي بأن مصرف العمقي كان جاهزاً للافتتاح بإمكانياته المتكاملة ولم يعق المستثمر عن بدء تقديم خدمات ذلك المصرف سوى الأوضاع السياسية والميدانية التي شهدتها وتشهدها البلاد، لاسيما بعد أن قرر النظام البدء بقتل المتظاهرين والمعتصمين سلمياً وإشاعة الفوضى والبلطجة، الأمر الذي دفع بالمستثمر إلى التأجيل في افتتاح هذا المصرف وتقديم خدماته، مشيراً إلى أن خدمات المصرف كانت تستهدف بالدرجة الأولى الفقراء والمعوزين من خلال تقديم قروض تمويلية ميسرة تعينهم على تدبير شؤونه وتجاوز دائرة الفقر،بتمويل مشاريع إنتاجية،أو خدمية وبما يعود بالنفع على التنمية المجتمعية ككل, مؤكداً على أن ذلك الدور والواجب هو ما دفع الشركة لافتتاح فرع آخر لها في حي شميلة بأمانة العاصمة بعد أشهر من المظاهرات والاعتصام ـ لتقديم خدماتها للمواطن وفق عمل مؤسسي يحفظ حقوق الناس ويلتزم بمصداقية التعامل والأداء وبعيدا عن الاستغلالية
وتطرق إلى أبرز الظواهر السلبية التي تشهدها السوق وألقت بظلالها على الوضع الاقتصاد المنهار وهي إقبال الموظفين مع نهاية الشهر لتحويل الجزء الأكبر من مرتباتهم إلى دولار..وهو ما يراه عدم ثقة بين المواطن اليمني وعملته، بل إن المواطن حسب تأكيده هو أبرز أسباب التدني المستمر للعملة الوطنية لاستهانته بها وتفضيل العملات الأخرى عليها في تعاملاتهم داخل الوطن بيع وشراء "السلع والخدمات" وكذا في الادخار وهو ما تراه دول العالم الأخرى ممارسات يعدونها انتهاكاً للسيادة الوطنية يعاقب فاعلها..
أضرار صحية
القطاع الصحي يعد من أكثر القطاعات تضرراً مما تعانيه اليمن من انطفاء مستمر للتيار الكهربائي وارتفاع جنوني للمشتقات النفطية كون، عملها معتمداً على التيار الكهربائي أو البديل (المشتقات النفطية)وهما خياران أحلهما مر...
في هذا الشأن تحدث الدكتور/ عبد الوهاب محرم مدير مستشفى الصفاء قائلاً: إن المستشفيات وتحديداً الأهلية لم تمر بمرحلة أسوأ من التي تعيشها منذ بداية العام الحالي.. إذ تسبب انقطاع التيار الكهربائي في شلل شبه تام للمستشفيات التي عمدت إداراتها مضطرة إلى شراء المشتقات النفطية وبأسعار جنونية، كون عمل المستشفيات معتمداً على التيار الكهربائي أو المشتقات النفطية كبديل ؛لتشغيل الأجهزة التشخيصية أو ثلاجات حفظ الدواء أو العمليات.
مشيراً إلى أن اعتماد المستشفيات على المشتقات النفطية وبالأسعار الجنونية التي شهدتها هذه السلعة وما تزال 90%من إيرادات المستشفيات تذهب لشراء هذه المشتقات ؛ الأمر الذي فرض على أغلب المستشفيات التخلي عن عدد كبير من موظفيها, وتصارع حالياً من أجل البقاء فقط، فيما بعض المستشفيات ومع طول الأزمة واستمرارها على وشك إغلاق أبوابها.
كوارث
وهو ما أكده د.عبد الرحمن الزبيدي ـ مدير مستشفى الزبيدي ـ بأن المستشفيات ومنذ بداية العام الحالي تصارع من أجل البقاء وليس من أجل الاستثمار, بل إن ما ربحه المستثمر خلال سنوات مضت يخرجه هذا العام لتغطية العجز المستمر الذي تعانيه المنشآت الصحية نظراً للأوضاع المعيشية لعامة المواطنين والذين لا يقدرون على سداد كافة الرسوم المستحقة للمستشفيات لافتقاد المجتمع ككل للسيولة النقدية، علاوة على ما تخسره المستشفيات من مبالغ باهظة لشراء المشتقات النفطية تفوق أحياناً إيراداتها في سبيل الاستمرار بتقديم خدماتها للمرضى..
وقال إن الوضع العام الذي تعيشه اليمن ككل والمستشفيات الطبية بوجه خاص في ظل العقاب الجماعي واللاإنساني المفروض على الشعب اليمني من بقايا النظام صالح والذي أنهك الجميع وتسبب في مضاعفة الفقر والبطالة وتخلي مؤسسات القطاع الخاص بما فيها المستشفيات عن عدد من موظفيها لعدم قدرتها على الوفاء بالالتزامات التي تثقل كاهلها بل وتدفعها لإغلاق أبوابها..
وتابع: إن هذه الممارسات والتي لم يقدم عليها أي نظام من أنظمة الحكم العربية التي يعصف بها الربيع العربي تؤكد مدى استبداد نظام الحكم في اليمن ومدى ضرورة وأهمية نجاح الثورة لهذا البلد..
منوهاً بأن استمرار الوضع على ما هو عليه سيدفع بأغلب المستشفيات بما فيها الحكومية إلى العجز عن تقديم الخدمات الطبية للمرضى والشلل شبه التام، لاسيما أن المواطن اليمني يعاني أزمات معيشية في ظل الظروف الراهنة لا يقدر على مواجهتها والصمود طويلاً لا في وجه أسعارها الملتهبة ولا في وجه البطالة المتنامية التي تشعره بالفراغ القاتل..كل ذلك ينذر بكوارث إنسانية وصحية على وشك الحدوث في المجتمع اليمني لن تحمد عواقبها.
معاناة موظفين
 لم يقتصر الضرر الاقتصادي على المصارف والقطاع الصحي، بل إن موظفي القطاع الخاص كانوا المتضرر الأكبر بانضمامهم إلى رصيف البطالة، حيث يعاني أغلب موظفي القطاع الخاص من حملة قسرية لضمهم إلى سوق البطالة كضرورة لسير العمل، كما يعانون اضطهادا في رواتبهم وغياب لمستحقاتهم وتهرب أرباب عملهم من سداد المستحقات التأمينية لهم..
هذا الواقع أكده والأخ/ عبد الرقيب ناشر ـ مدير المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بأمانة العاصمة ـ والذي قال إن المؤسسة ومن قبيل القيام بواجبها إزاء هذا الوضع الذي ألقى بظلاله على المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وكلفها خسائر باهظة دفعت من موازنتها دون أن يكون لذلك اعتماد من وزارة المالية كما هو الحال مع مؤسسة التأمينات والمعاشات، كرواتب تأمينية وتغطية لعجز وتهرب عدد من مؤسسات القطاع الخاص..
موضحاً بأن خسائر الموسسة تضاعفت خلال العام الجاري نتيجة استغناء أغلب إن لم تكن كل شركات القطاع الخاص عن أغلب موظفيها منذ بداية العام وتزامناً مع الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالوطن،وضم كل تلك الأعداد إلى رصيف البطالة،مما يضاعف الصعوبات والتحديات التي تواجه المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية نتيجة شحة الإيرادات التأمينية،كون أغلب الموظفين تم الاستغناء عنهم وهي معنية بالقطاع الخاص,وكذا تدني رواتب من بقي منهم..
وأكد ان مجلس إدارة المؤسسة..أقر في اجتماعه عدة قرارات ذات صلة بالموظف في القطاع الخاص ومنها إقرار :مبلغ 20000ريال حد أدنى للمرتبات والأجور في القطاع الخاص نتيجة للوضع الاقتصادي والمعيشي الذي يشهد تدنياً من يوم لآخر..من حيث ارتفاع الأسعار وتهاوي العملة الوطنية في مقابل تلك الارتفاعات السعرية..
غير أنه أشار إلى أن عدم استقرار الأوضاع يجعل من الصعب تطبيق ذلك القرار،لاسيما أن عدد موظفي القطاع الخاص في تناقص من يوم لآخر والانفلات والعشوائية يجعلان من الصعب اتخاذ أية إجراءات عملية. 
وبيّن أن موظفي القطاع الحكومي يعانون أيضا جراء تدهور الوضع الاقتصادي من عدم صرف المكافآت والحوافز التي اعتادوها وخصميات من الرواتب الأساسية من قبل مدراء ورؤساء المؤسسات والذي قال إن ثورة الشعب ضد الظلم والاستبداد ـ التي تعد ممارساتهم هذه واحدة من ممارسات السلب والاستبداد ـ لم تردعهم حتى الآن..    
واستشهد على ذلك بما قام به رئيس المؤسسة العامة للمسالخ وأسواق اللحوم العميد العسكري من استقطاع لرواتب موظفي فرع الأمانة والبالغ عددهم 770موظفاً استقطعت من رواتبهم تزامناً مع ذكرى ثورة 26سبتمبر مبالغ مالية فاقت 25مليون ريال بحجة أقساط غياب و.. دون معرفة مصيرها..مع أن الراتب الأساسي للموظف وفي ظل الغلاء المعيشي لا يكفي لمواجهة نصف متطلباته الأساسية,وعلاوة على ذلك غيب إيرادات الفرع تاركاً السندات الرسمية في المخازن والاستلام يداً بيداً ذلك مثال وغيره كثير في الوزارات والمصالح العامة للبلد من يستغلون العشوائية القائمة اليوم للقضاء على ما تبقى من المال العام ونهب مقدرات البلاد، غير مبالين بثورة هذا الشعب ولا بما يدور فيه ولا بحلال أو حرام. 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد