بين متخوف من نوايا يبيتها النظام و أفخاخ لمسيرات قادمة..

شباب الثورة المشاركون في مسيرة " سلمية النظام " يتحدثون عن مصفحات الموت المزودة بمكبرات الصوت

2011-11-01 04:03:48 أخبار اليوم/ توفيق السامعي


 لم تكل عزيمة الثوار بعد، فرغم كل تلك المجازر التي أفزعت العالم بوحشية مرتكبيها والتي لم تقتصر على الأسلحة النارية فحسب، بل امتدت نحو السيوف والفؤوس وسرقة جثامين الشهداء واختطاف الجرحى وتعذيبهم وإزهاق أرواحهم، إلا أن الثوار لا يزالون يمضون قدماً نحو تحقيق أهداف ثورتهم.
تسعة أشهر وهم مرابطون في ميادين الحرية وساحات التغيير ورغم ما تعرضوا له من قتل وتنكيل من هذا النظام - الذي سفك بدم بارد أرواح ما يربو عن التسعمائة ثائر - إلا أنهم مصرون على إسقاط النظام مهما كلفهم الثمن.
مع مرور الأيام، يدرك الثوار ما يخفيه لهم نظام صالح، الذي بدأ بمسرحية هزيلة ـ الخميس ـ وهو ينادي المشاركين في المسيرة التي شقت طريقها باتجاه جولة عصر، يناديهم عبر مكبرات الصوت: "نحن معكم يا شباب، استمروا بأعمالكم السلمية فذلك حق مكفول لكم".

كان ذلك الصوت يصدر من إحدى مصفحات الأمن المركزي التي قامت مراراً بقتل الشباب بل ودهسهم بكل وحشية.
يبدو بأن القناصة حينها كانوا يغطون في نوم عميق، وأن البلاطجة قاموا بالإضراب حتى أستلمو مستحقاتهم، في حين كان النظام منهمكاً بالتحضير لمجزرة جديدة.

في تلك المسيرة التي شارك فيها عشرات الآلاف من الثوار ضد نظام حكم الرئيس صالح، والتي نددت بالمجازر المرتكبة في صنعاء وتعز وأرحب ونهم، ردد فيها المتظاهرون شعارات غاضبة تطالب بالقبض على الرئيس صالح ومحاكمته ونظامه أمام المحكمة الدولية في لاهاي، وردد المشاركون عاش الشعب اليمني عاش"، كما هتف المتظاهرون ضد الرئيس السوري بشار الأسد وحيوا الشعبين اليمني والسوري فهتفوا للشعبين ضد الرئيسين

توقع الأسوأ
 والبداية كانت مع عبدالباسط صلاح - أحد المشاركين في هذه المسيرة، والذي أشار إلى أن المتظاهرين لم يكونوا يخفون تخوفهم من أن تتعرض مسيرتهم السلمية للقمع والقتل، موضحاً بأن الشباب قد عبروا عن هذا الشعور عبر أكثر من صورة لعل أهمها تلك الصورة التي رأينا فيها عشرات المتظاهرين يؤدون ركعتين على أرصفة شارع الستين قبل وصولهم إلى النقطة الفاصلة وحد التماس في جولة عصر الستين وسط جمع غير قليل من قوات الأمن المركزي وبلاطجة صالح، فقد اعتادوا في ذلك المكان على المجازر الواحدة تلو الأخرى.
 وأكد أن شباب الثورة لا يزالون متمسكين بخيارهم السلمي ورغم القمع الوحشي الذي يتعرضون له من قبل قوات صالح وبلاطجته.

رسالة سياسية

وفي جولة عصر دفعت قوات الأمن المركزي بقوات كثيرة مزودة بعربات مصفحة وعربات مكافحة الشغب، التي صاحبتها مكبرات الصوت تنطلق منها تعليمات قائد تلك العربة للشباب بالتزام السلمية. لقد كان الضباط في تلك العربات يقولون بمكبرات الصوت: "أحسن شباب..إلتزموا السلمية، عبروا عن ما تريدون بأسلوب حضاري"، وكأن المسيرات في كل مرة لم تلتزم السلمية، وتلكم هي الصورة التي أراد النظام إيصالها للعالم مع مرافقة التصوير والبث من قناتي اليمن وسبأ.
كما انتشرت مجاميع مسلحة من المسلحين بزي مدني، ممن يوصفون بالبلاطجة، حاول بعضهم الاعتداء على مصور موقع "نيوز يمن" لالتقاطه بعض الصور لهم.
كانت المواجهة على غير العادة هدوء حذر لم يخل من توظيف سياسي للمظاهرة لصالح النظام ولصالح أجهزته الأمنية التي رافقتها كاميرات قناتي اليمن وسبأ.
كان كثير من المتظاهرين يتساءلون باستغراب: "لماذا لم يعترض جنود الأمن المركزي للمسيرة كما يفعلون في كل مرة؟!"، إذ أن الأمر صار معكوساً مع هذا النظام فبدلاً من السؤال: لماذا تم الاعتداء على المسيرات السلمية؟ صار العكس: لماذا لم يتم الاعتداء هذه المرة على هذه المسيرة؟!
عن كل تلك التساؤلات أجاب الشاب/ محمد حميد - أحد الشباب المشاركين في هذه المسيرة - بالقول: "المبعوث الأممي جمال بن عمر في طريقه إلى اليمن والنظام لا يريد أن يظهر بالمظهر القمعي حتى لا يدان بعد قرار مجلس الأمن 2014".
أما الشاب/ عبدالواسع مهيوب - وهو أيضاً أحد المشاركين في المسيرة - فأجاب عن التساؤلات ذاتها بالقول: "لقد جاءت الأجهزة الأمنية بمعية عدسات اليمن وسبأ لكي يقول النظام للعالم - مع قرب وصول المبعوث الأممي - نحن نحمي هذه المسيرات ولا نقمعها".
وتساءل زايد أحمد - وهو أحد المسنين المشاركين أيضاً في المسيرات جنباً إلى جنب مع الشباب في استغراب استنكاري بالقول -: "من يحمي المسيرات لا يحاصرها بعرباته المصفحة من كل اتجاه، ولا ينشر البلاطجة على مداخل الشوارع في كل الزبيري".

تعبئة خاطئة
في كل مكان كان يتواجد جنود الأمن المركزي والحرس الجمهوري كان شباب المسيرة يحيونهم وبعضهم يقبل رأس هذا الجندي أو ذاك كناية عن السلمية والمحبة وسط لافتات مكتوبة "لأجلكم خرجنا..ومن أجلكم ثرنا"..كما لم يبخل الشباب الذين حملوا معهم مشروبات الكولا الغازية التي يستعملونها كمخفف من لهيب الأعين حال تعرضهم للقنابل الغازية السامة، لمنحها للجنود على جوانب الشوارع التي يمرون منها وهم يهتفون لهم "حيا بهم حيا بهم".
بعض الجنود كان يأخذ الشراب بطيبة نفس بينما البعض الآخر كان يتجهم في وجه مانحه وأحياناً يتعرض له بالشتم والسب.
هذه الصورة الأخيرة تنبئ عن تعبئة خاطئة للجنود ضد إخوانهم المتظاهرين، بعض الجنود كان يبوح لزملاء له ممن هم في الساحة عن نوع هذه التعبئة بالقول: "نحن نرفض أن نأخذ أي شراب أو طعام من أي متظاهر؛ لأن قادتنا في الوحدات الأمنية يحذروننا من ذلك، والسبب كما يقال لنا، إن المتظاهرين سيعطوننا أطعمة أو أشربة فيها مواد سامة أو منومة أو مخدرة ولذلك لا نتعاطى مع هذه الهبات".

أفخاخ لمسيرات قادمة:
لم يخف كثير من المشاركين في هذه المسيرة قلقهم وتوجسهم من التعامل مع المسيرات القادمة بتلك الصورة من السلمية رغم تكشير أنياب البلاطجة.
 فقبل مسيرة السبت بتاريخ 15 أكتوبر والتي سميت بمسيرة الورود والتي أحدث فيها النظام مجزرة مروعة بحق المتظاهرين السلميين سبقتها مسيرة لم يحدث فيها أية مواجهة مع الأجهزة الأمنية وكانت بمثابة الطعم الذي التهمه الثوار أغراهم في تسيير مسيرة أخرى تمر من نفس المكان فكان أن قامت هذه الأجهزة بارتكاب مجزرة بحق المتظاهرين استشهد فيها 12 متظاهراً.
وفي هذا الشأن نقل الشاب عبده طه (30 سنة) - وهو أحد المشاركين في هذه المسيرة -: لا نأمن لنظام صالح فقبلها عدة مرات خرجنا مسيرات سلمية في اليوم الأول لا يتم الإعتداء علينا وفي اليوم التالي نتعرض لأبشع أنواع القتل والإجرام، فنحن لانثق بـ "علي صالح وأجهزته القمعية".

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد