فيما البعض يرون فيه كابوساً مزعجاً ترافقه أزمة خدمات..

اليمنيون في استقبالهم للعيد: يرحب على الحاصل

2011-11-03 04:36:37 استطلاع/ ماجد محمد البكالي


في وطن يعيش أزمات وصراعات متعاقبة لم تخل كل أعوامه منها وكل أزمة أقوى من الأخرى، واقع ينحت في بقاء العامة من أبناء هذا الشعب بعد أن صادر منهم كل فرحة أو ترف معيشي وأجبرهم على صراع البقاء.. وتحولت مناسبات الأعياد الدينية أو الوطنية إلى كوابيس فراغ تجعل اليمني حبيس الهموم والمعاناة, نتيجة عدم قدرتهم على ممارسة السلوكيات التي كانوا يعتادونها قبل أعوام ويقضون فيها إجازة العيد من سفر للأرياف وزيارة الأقارب, وشراء الأضاحي و..إلخ.
ولعدم توفر الإمكانات اللازمة حتى لجزء من تلك المتطلبات التي كان يراها اليمني كعادة لاستقبال أعياده من كساء, وجعالة العيد المتنوعة تحولت كماليات منبوذة, بل إلى عدو لدود يسلبه متطلبات الحياة الضرورية, امتزجت الحياة السياسية اليمنية السلبية, وممارسات مراكز القوى والنفوذ, بواقع اليمنيين وطغت على كل جوانبها ويتجه جل تفكيرهم حالياً مع قصص خيالية وتوقعات ترسم عيدهم الحقيقي بمستقبل وطن خالٍ من عصابات التخلف والمشايخ والنافذين المعيقين للتنمية.. يمن الدولة المدنية الفعلية.. رحلة خيال بلا مطبات أو حواجز.. خالية من كل الأفراح, والجعالات, مليئة بمخاوف جمة من القادم.. ولسان حالهم يقول:عيد بأية حال عدت يا عيد.. بما مضى أم بأمر فيه تهديد.

ما نلمسه في الواقع اليوم أن الحديث عن العيد لدى قسم من الناس يعد سخافة وقفزاً فوق الواقع؛ لأن في نظرهم ما تعيشه البلاد وتمر به طوال أشهر مضت أمر جلل وأكبر من كل حدث ومناسبة, وضع يهدد مستقبل وحياة وتكوين بلد بكامله، لا مجال معه وفي ظله حتى لمسمى الأفراح.. فيما البعض يرى في الأعياد عادة قديمة وأمراً غير مقبول منطقياً ودينياً.. عند قياسها بالعادات والتقاليد اليمنية القديمة وما يصاحبها من إسراف ما أمر به الدين ولا أوجبه الشرع، وأن العيد فقط يوم من أيام الله لا يختلف في شكلياته وساعاته وإن اختلفت قيمته المعنوية فقط بين العبد وخالقه, وما يمارسه المسلم من طقوس دينية ومستحبات في أيام التشريق بدون سبلة العيد, فيما البعض يتساءل لماذا نعيد؟ وبماذا؟ موضحين أن عيدهم الذي أدوا فيه فريضة الصوم, عيدوا فيه بقدر استطاعتهم, وأن العيد الحقيقي سيكون بتغيير الأوضاع ومنظومة الحكم القديمة والراديكالية في بلادهم.

حراف وهموم:

ولتدعيم ما أسلفنا ذكره من الرؤى والانطباعات الواقعية التي يستقبل بها اليمنيون عيد الأضحى المبارك التقينا عدداً من الأشخاص وكانت البداية مع الأخ/عبده عبد الله العزيزي والذي تحدث بالقول: نستقبل العيد بالحراف والطفر والهموم "أيش من عيد وأيش من طلي؟!" لم أفكر حتى الآن أن أمامنا أيام عيد, لكن يسموها كيف ما شاءوا فلا فرق عندنا بالاسم المهم أنه يوم يجزع وخلصنا منه).
وهو ما ذهب إليه الأخ/ سعيد قاسم أحمد، مضيفاً أنه لا فائدة من الأعياد في هذا الشعب الذي يعتمد 90% من مواطنيه على دخلهم اليومي, ولا يوجد لديهم ادخار لأنها لا توجد أموال كي يدخرونها أصلاً، مؤكداً على أن الأعياد لدى عدد كبير من الناس أضحت كوابيس ومضيعة للوقت في هموم لا أول ولا آخر لها.. وسبباً في تضاعف مديونيات الناس وتجميد للحياة والحركة الاقتصادية الراكدة أصلاً, مشيراً إلى أنه لم تعد لدى الناس رغبة لتقبل واستقبال الأعياد ويتعاملون معها كالأيام العادية أياماً خالية من الفرحة, بل مشحونة بالغم, والقلق الناجم عن متطلبات وصرفيات، والإنسان فارغ ولا عمل؟ وكل الناس الآخرين يعانون نفس المعاناة وتاركين أعمالهم وغير مبدين ضيقهم من العيد من باب قضاء عادة ويعين الله.

عيد بلا سبب:
من جانبه يرى الأخ/ عبدالولي أحمد محمد، أن العيد وأحداث فرحه في قلوب الناس لابد أن يكون لذلك معطيات ملموسة وواقع فعلي يدفعان بالناس إلى الفرحة الفعلية وليس مجرد عيد لعادته التي اعتادها إباؤنا وأجدادنا نقلدهم بفرح وأن كنا في أشد الحالات معاناة وفقراً ووو.. فذلك تكلف مصطنع لا قيمة منه ولا يستفيد منه المقلد ولا يغير في الواقع شيئاً, ناهيك عن أن الأعياد الدينية سنناً مستحبة وليست فرضاً منزلاً ولا حتمي الوجوب، إذ أن العبرة بأداء الفروض لا بالخسائر وتدمير اقتصاديات الشعوب العربية والإسلامية بأعياد كل ما فيها استهلاك وتبذير من يملك المال واستهانة ولا مبالاة بمن لا يملكه, موضحاً أن ذلك هو واقع المجتمعات الإسلامية اليوم... أمة -حسب قوله- تفرح مع من فرح وترقص مع من رقص دون أن تعرف حتى السبب, مؤكداً على أن الواقع الحقيقي الذي سيدفع اليمنيين للفرحة والاحتفالات هو عند حدوث تغيير لمنظومة الحكم السابقة التي سلبت الشعب حقوقه ومقدراته, عندها سيفرح الشعب؛ لأنه انتصر لحقه واستعاد كرامته وسيادته.

على الحاصل:
وفي ذات سياق استقبال العيد تحدث الأخ/ ياسين عبده صالح بالقول: الاستقبال يكون للضيف أما العيد، فهو خسارة وتعب وإهدار للوقت, والصديق المخسر عدو مبين، فما بالك بأيام.. نسايرها من قبالها ومثل خواتها, ورعا الله أيام ما كنا نستحي من العيد ونستقبله عندما كان الجيب دافئ، أما ذا الحين يرحب على الحاصل, ونزيد نعلق له مدرهة نهزه لوما يعقل وما يودفش يجيء عندنا في ظروف مثل هذه. 

الظلام والفوضى
ليس المهم العيد ولا كيف نستقبله، "يجيء أو يسير ما منه غير الخسارة.. المهم قل لي كيف سيكون مستقبل بلادنا وهل بانستقر ونعيش في أمن وتتوفر للمواطن الخدمات.. وأي حين بايسرجوا ويخرجونا من الظلمي ويرجعوا المياه نتنظف ونستضي عمرنا، لكن عيد في الظلمي أنا ومن أعيد؟ أنا والجن,وبما نغسل العيد ونروش الصحون" ذلك ما تحدث به الحاج/ محمد الصعفاني.
ويوافقه في ذلك الأخ/ علي الخيال - الذي تحدث قائلاً: نستقبل العيد بالفوانيس والشموع ونضوي له لا يصدم بالمتاريس والحواجز الترابية ونتيمم بالتراب لأداء صلاة العيد, ونتزاحم على ثلاجات الدجاج الفرنسي المشغلة بالمواطير الصيني وسعرها يوازن ثمن طلي لأنها مثلجة بدبات الغاز المركوزة, وإذا ما لحقناش ضحينا ببيضه, ونقرأ سورة ياسين والطور إن الله لا يسمعنا بعد العيد صوت ماطور.
ومما لاحظناه أثناء نزولنا إلى الأسواق الشعبية - خلال هذه الأيام وخصوصاً لدى محلات الذهب- إقبال كبير من النساء اليمنيات على بيع مجوهراتهن أو بعضها لتتمكن الأسر من شراء المتطلبات الضرورية للعيد كاللحوم وعسب العيد عند زيارة الأرحام والأقارب.. ولا سامح الله من أوصل الناس إلى هذا الوضع.

غياب:
وكان المعروف خلال سنوات الماضي أن الجمعيات الخيرية تقوم بدور وإن كان محدوداً في تخفيف معاناة بعض الأسر الفقيرة والأيتام، غير أنها في عامنا هذا وقبل عيد الأضحى تستقبل العيد، شأنها شأن الفقراء أنفسهم ولا توجد لديها من المشاريع المعتادة ككسوة العيد ولحوم الأضاحي والسلات الغذائية ـ التي تقدمها للأيتام والفقراءـ ولا بنسبة 5% مما تقدمه سنوياً ذلك ما أكده الشيخ/ عبدالخالق حنش -مدير جمعية الإحسان الخيرية فرع صنعاء- مؤكداً أن العمل الخيري في اليمن يعاني أسوأ فتراته ومراحله، مرجعاً ذلك للأوضاع التي تمر بها اليمن والتي أنهكت وأثرت على كل رجال الأعمال والخيرين.

خلاصة:
ومن خلال الأحاديث السابقة لمن استطلعت آراؤهم حول كيفية استقبالهم للعيد وغيرهم كثر يتفقون معهم الرأي..يتضح بجلاء أن غالبية اليمنيين يستقبلون العيد بهمومهم التي يعيشونها ويعانون منها: مصير الوطن وانقطاع الخدمات الضرورية أما ارتفاع الأسعار واشتعالها فيرون أنهم قد ملوا الحديث عن ذلك علاوة على أنهم لا ينوون شراء متطلبات العيد المعتادة فيرون أنه ليس من الضروري المدح بأذن أصنج ,وأن الطفرات الذي لا يملك قيمة شراء بعض السلع كالأصلع الذي لا يحق له اقتناء مشاط ,فلماذا يسأل بنظرهم ويتحدث عن أسعار وهو خارج الدائرة لن تستفيد منه المنتجات الصينية, ولا الإيرانية, ولا كباش الحبشة, ولا لوز وزبيب خولان وبني مطر, بل نلاحظ أن البعض لجأ إلى الأسلوب القصصي الساخر في حديثه عن استقبال العيد.. وذلك كما يراه علماء النفس أسلوب من أساليب التعويض.. يحاول من خلاله اليمنيون أن ينتزعوا ابتسامة من خضم المعاناة والقلق والهموم التي يمتلئ بها واقعهم, ومع كل ذلك فإن إيمان اليمنيين بركن القدر يمثل كل تطلعاتهم وآمالهم ومصدر أطمأناهم في ظروف كهذه..وكان الله في عون اليمنيين جميعا وألبسهم ثياب الصبر بحلة جديدة.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد