رئيس المركز القومي للدراسات والبحوث في غزة بفلسطين الدكتـــور عبــدالله الحورانــــــي لـ«أخبـار اليــــــــــــــوم»: منظمة التحرير الفلسطينية اعترفت بإسرائيل بل اعترفـت بما هو أتفه من ذلك وهو حق دولة إسرائيل في الوجود

2007-03-31 23:05:51

 حاوره/ إبراهيم مجاهد

القضية الفلسطينية شهدت تراجعاً كبيراً نتيجة تراجع الواقع والأمة والنظام العربي» بهذه العبارات التي تحمل مدلولات واسعة واستنتاجات جمة بدأ الدكتور عبدالله الحوراني -رئيس المركز القومي للدراسات والبحوث في غزة بفلسطين، وعضو المؤتمر القومي العربي والمحلل السياسي الفلسطيني- حواره مع صحيفة «أخباراليوم» كاشفاً في الوقت ذاته عن العديد من المشاكل والازمات التي تنخر الداخل العربي فأدت إلى ما أدت إليه من الضعف والانكسار والتنازل العربي ليس لتحقيق مصالح عليا للشعب الفلسطيني أو لاحدى الشعوب العربية الاخرى، وانما حرصاً ووفاءً للادارة الاميركية وربيبتها اسرائيل ولو ادى ذلك إلى تشريد شعب بأسره ومحاصرته ومحاولة الفتك به، وهكذا يتسابق- العرب- بحسب د. الحوراني- لارضاء اميركا وطاعتها لا التمرد أو الخروج عنها.

وفي هذا الحوار ايضاً يشخص الحوراني الواقع العربي اليوم مع قراءة فاحصة للمستقبل، اضافة إلى شرحه حقيقة سيناريو المبادرة العربية الاخيرة ومن وضعها وماذا تضمنت؟ وكذلك ماذا يدور وراء الكواليس من اتفاقات أو على الاصح «مؤامرات» هدفها في النهاية القضاء على الوجود العربي والهوية العربية وعلى يد اناس من بني العرب انفسهم؟! ويحمل الحوراني المفكرين والمثقفين والسياسيين العرب النصيب الاكبر من التدهور والضياع الذي اصاب امة العرب، ولم ينس الدكتور الحوارني- في حواره هذا ايضاً -قضية صعدة اليمنية والتدخل الفارسي بل خصها بنظرة من تحليلاته كون اليمن جزءاً من الارض العربية. . الكثير من التفاصيل تجدونها في طيات هذا الحوار فإلى نصه:

 


القضية الفلسطينية شهدت تراجعًا كبيرًا

> هل يمكن للدكتور عبدالله الحوراني ان يطلع الشارع العربي والأمة العربية إلى اين تسير القضية الفلسطينية في ظل حكومة الوحدة الوطنية؟.

- القضية الفلسطينية لا يوجد شك انها شهدت تراجعاً كبيراً في السنوات الاخيرة وهذا التراجع نتيجة تراجع الواقع العربي والتراجع الذي اصاب الامة العربية والنظام الرسمي العربي وتخلي الانظمة الرسمية العربية عن القضية الفلسطينية واعتبار الصراع وكأنه صراع فلسطيني اسرائيلي وليس صراعاً عربياً اسرائيلياً وترك الفلسطينيين وحدهم يخوضون معركة تحرير ارضهم واستعادة وطنهم، هذا امر ادى إلى ضعف الحالة الفلسطينية في مواجهة العدوانية الاسرائيلية، وهذا أدى إلى استمرار طرد اللاجئين من اراضيهم وممتلكاتهم منذ عام 48م حتى اليوم، وادى ايضاً إلى استمرار الاحتلال الاسرائيلي لأراضي الضفة والقطاع منذ عام 67م حتى اليوم لمدة «40» عاماً وكله نتيجة تجزئة الصراع العربي- الاسرائيلي وتحويله إلى صراعات بين هذا القطر أو ذاك؛ الفلسطينيون يواجهون اسرائيل، سوريا تواجه اسرائيل، لبنان تواجه اسرائيل، مصر. . . . الخ، لكن لو ظلت القضية قضية عربية موحدة وان العرب جميعاً يواجهون العدوان الاسرائيلي لما امتد الحال بالفلسطينيين وضياع حقوقهم كل هذه السنوات وكل هذه العقود الطويلة هذا اولاً، وثانياً :لو ان العرب لم يتحالفوا مع الإدارة الاميركية ومع الغرب بشكل عام مع معرفتهم بأن الغرب هذا هو صانع وداعم اسرائيل وهو الذي يعزز وجودها داخل المنطقة العربية ويدعون انهم يقفون مع الفلسطينيين ضد اسرائيل، ولكن طالما انهم يثقون مع الولايات المتحدة الاميركية عملياً هم لا يدعمون الشعب الفلسطيني، وثالثاً :اصبحت النظرة الرسمية العربية للقضية الفلسطينية هذه وكأنها نظرة انسانية ندعمهم ببعض المال هنا أو ببعض الغذاء هناك لا ان ندعمهم بمواد سياسية تجبر اميركا واسرائيل والمجتمع الدولي على ان يقدم للفلسطينيين حقوقهم، هذا هو الحال الذي اوصلنا إلى هذه الحالة، والشعب الفلسطيني بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية فلا شك ان تشكيل مثل هذه الحكومة كان انجازاً لدى الشعب الفلسطيني لانه على الاقل وضع عنواناً لوقف الصراعات الداخلية الفلسطينية، وهذا شيء ايجابي ولكن يحتاج إلى ترجمة اكبر، اي ان الوحدة الوطنية ليست قاصرة على تشكيل حكومة من مختلف القوى السياسية، وليست قاصرة فقط على لقاءات القيادات السياسية الذي تمثل المجتمع الفلسطيني، والوحدة الوطنية تمثل وحدة الشعب ووحدة ثقافة ووحدة تربية تجاه مختلف قضايا الوحدة الوطنية، تعني وجود الآخر والرأي الآخر والتعاون مع الرأي الآخر والتوحد في كل المواقف، وهذه المسألة تحتاج إلى جهد من الحكومة بين الفلسطينيين متمثلة بالقوى السياسية لأن هذه الحكومة جاءت في اعقاب صراعات -للأسف الشديد- مزقت الشعب الفلسطيني وزرعت الفرقة في صفوفه وحتى وصولاً إلى اطفالهم، ونحن بحاجة إلى جهود كبيرة لتعزيز مفهوم هذه الوحدة عند المواطن والطفل الفلسطيني والشاب حتى نتقارب من بعضنا اكثر واكثر لكي نحسن صورتنا امام المجتمع الدولي، وبالتالي يصبح المجتمع الدولي مؤيداً لنا وتصبح قضية الوحدة الوطنية وحدة حقيقية يحزمها المجتمع الدولي، ويستطيع ان يساعدنا على فك الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني؛ حصار الجوع، حصار الموت والقتل والعدوان الاسرائيلي اليومي والمطاردة الاسرائيلية والاغتيالات الاسرائيلية اليومية للشعب الفلسطيني، وهذه تحتاج إلى وقفة لا تعتمد على الجهد الفلسطيني فقط، بل تعتمد على الجهد العربي والجهد الدولي والمجتمع العربي اذا كان صحيحاً رحبت بحكومة الوحدة الوطنية ورعت مثل هذه الحكومة عليها ان تتبناها وان تسوقها إلى المجتمع الدولي لا ان تقبل شروط المجتمع الدولي، وخاصة شروط الإدارة الاميركية التي تحاول فرضها على هذه الحكومة، حكومة عملياً قبلت بالشرعية الدولية وقبلت بالمبادرات العربية واعلنت عن احترامها التزامات منظمة التحرير الفلسطينية واتفاقاتها التي وقعتها الحكومات السابقة مفوضة منظمة التحرير ورئىس منظمة التحرير ورئىس السلطة الوطنية محمود عباس بأن يقوم هو باجراء المفاوضات، ماذا يريد المجتمع الدولي اكثر من ذلك من هذه الحكومة؟ وهل بعد ذلك تستطيع ان يصدق احد ان اسرائيل ترفض التعامل مع هذه الحكومة طالما ان هذه الحكومة فوضت الرئيس وانتم تقبلون الرئيس اذاً لماذا يرفض المجتمع الدولي ان يتجاوب مع متطلبات الحل السياسي في الشعب الفلسطيني لزوال الاحتلال وتحقيق حق العودة للاجئين الفلسطينيين واقامة السلام اذا كانوا معنين باقام السلام؟ فحكومة الوحدة تكون هي مقدمة لمثل هذه الخطوات وان يتبنا العرب هذه الخطوط.

 


اللاجئون وعنصرية إسرائيل

> في ظل الحديث عن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، برأيكم هل ستجد هذه المشكلة حلاً، ولماذا تخشى إسرائيل من حلها؟.

- جوهر القضية الفلسطينية هو قضية اللاجئين لأن مشكلة فلسطين بدأت عندما احتلت اسرائيل ارض فلسطين وطردت الشعب الفلسطيني، وبالتالي لا يمكن ان تحل هذه القضية ولا يمكن ان يستقر أو يوقف الشعب الفلسطيني نضاله إلا اذا تمكن هؤلاء المطرودون من اراضيهم إلى العودة إلى اراضيهم وممتلكاتهم، فاسرائيل ترى ان عودة هؤلاء إلى ممتلكاتهم ينهي الطبيعة اليهودية للدولة الاسرائيلية التي تمر عليها الدولة الاسرائيلية، وهذا يجب ان يفضح عنصرية اسرائيل، ونحن لا نطالب بزوال اسرائيل نحن نطالب بعودتنا إلى اراضينا حتى ولو كانت الحكومة اسرائيلية لأنه مليون وربع مليون عربي يعيشون داخل اسرائيل ويحملون الهويات الاسرائيلية، ولكنهم يعيشون في اراضيهم وبالتالي يمكن لكل الفلسطينيين المهاجرين اللاجئين الذين يبلغ عددهم «6» ملايين لاجئ فلسطيني من اصل «10» ملايين مواطن فلسطيني، وبالتالي اسرائيل ترفض هذه العودة لانها تريد دولة يهودية نقية العرق قائمة على العنصرية، وهذه نقطة يجب ان تهيج العالم عليها لا ان تدفع العالم إلى تأييدها، عندما صوتت الجمعية العامة للامم المتحدة في السبعينيات على اعتبار ان الحركة الصهيونية هي حركة عنصرية شبيهة بالحركة العنصرية التي كانت قائمة في جنوب افريقيا كان العالم جاء حكمة نتيجة رؤيته لطبيعة هذه الدولة الاسرائيلية، لكن للأسف الشديد عاد هذا العالم متراجعاً والغى هذا القرار، والآن عليه ان يرى كيف تصر اسرائيل على هذه العنصرية، فاسرائيل عندما ترفض عودة اللاجئين تتخوف من ان يلغي الطبيعة اليهودية للدولة وتخشى ان تزول دولة اسرائيل، ونحن لم نعلن اننا نريد ان نزيل دولة اسرائيل واصلاً منظمة التحرير اعترفت بدولة اسرائيل وللأسف اعترفت بما هو اتفه من ذلك وهو بحق دولة اسرائيل في الوجود، اي ان ازالة دولة اسرائيل ليست في البرنامج الاداري الفلسطيني ولكن في البرنامج عودة اللاجئين، وبالتالي ما دام أن إسرائيل تخشى من قضية عودة اللاجئين واسرائيل طبعاً لولا انها ترى ان الادارة الاميركية المهيمنة على هذا العالم تقف إلى جانبها في هذه القضية ما كان يمكن أن تتمسك بهذه القضية، ولولا ان اسرائيل ترى حالة الضعف العربي التي بلغت درجة الاستسلام للادارة الاميركية والشروط الاميركية حداً كبيراً جداً ما كانت اسرائيل تتمسك بهذه الشروط، ومثال على ذلك ان شارون -رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق -عندما طرح ما يسمى خطة خارطة الطريق ذهب إلى واشنطن والتقى مع الرئىس بوش ووضع شروطاً وتحفظات على قبوله لخارطة الطريق، منها «14» تحفظاً «3» منها تمثل اهم التحفظات: اولاً: إلغاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين، ثانياً :عدم الانسحاب إلى حدود الرابع من حزيران عام 67م، وقد اخذ ضمانات مكتوبة من الرئىس بوش في هذا الموضوع، وبالتالي اسرائيل الآن منسجمة مع الموقف الاميركي في هذه القضية، واكثر من ذلك في تلك الجلسة التي اخذ منه هذه الضمانات أخذ منه موافقة على قتل الرئيس الشهيد ياسر عرفات، وأنه سيحاصره حتى الموت، فالمسألة إذاً أن اسرائيل مدعومة اميركياً وبسكوت عربي.

 


إسرائيل والسلام

> في ظل الحديث عن الهوية الاسرائيلية والعنصرية اليهودية د. عبدالله! برأيكم الهوية الاسرائيلية بتعدداتها هل هي مؤهلة لاقامة سلام؟.

- المسألة متى اسرائيل تصبح مستعدة لقبول السلام؟! لن تصبح اسرائيل مستعدة لقبول السلام إلا اذا تغيرت الوقائع التي تواجهها.

اولاً: ان تصبح قوة ووحدة الشعب الفلسطيني ورفضه للتنازلات واصراره على تحقيق حقوقه الوطنية بتماسك وتوحد قوي حول هذه القضية بحيث لا تستطيع اسرائيل ان تحدث اي ثغرة فيه.

ثانياً: اذا رأت ان الموقف العربي كله قد توحد حول هذه القضية واصبح ينظر للقضية الفلسطينية على انها قضية قومية كما كان ينظر إليها سابقاً، وانه مستعد لدعم النضال الشعبي الفلسطيني ومستعد للتلميح للادارة الاميركية ولكل قوى الغرب، ان الامة العربية لن تقبل بأن يستمر الاحتلال الصهيوني، عندها اذا حست اسرائيل بمثل هذه التغيرات فستصبح اكثر تأهيلاً لأن تقبل بعملية السلام، لكن ما يغري اسرائيل هو الضعف الفلسطيني والضعف العربي والهيمنة الاميركية على المنطقة العربية هذا ما يغريها، ولذلك اذا حدث شيء هذه الايام انا برأيي لن يكون اكثر من عمليات تسويات محدودة ومؤقتة ولكنها لن تؤدي إلى سلام شامل وعادل مالم تتحقق كامل الشروط للشعب الفلسطيني.

 


حقيقة «المبادرة العربية»

> في ظل الحديث عن الدور العربي الضعيف وفي ظل هذا الدور الذي غاب تماماً، ما الذي يعوله المواطن العربي على القمة العربية؟.

- القمة العربية لم تعد منذ زمن بعيد مصدر تفاؤل للشعب الفلسطيني ولا حتى لكل الامة العربية، لانه ليس فقط الشعب الفلسطيني وحده يتعرض للاحتلال والقمع والقتل، بل هناك اراضي لبنان تتعرض للاحتلال واراضي سوريا تتعرض كذلك، العراق دمر واحتل كله للأسف الشديد تم امام اعين العرب وبموافقات منهم وبتسهيلات، بالتالي هذه الدول العربية التي تخضع للادارة الاميركية وللسياسات الاميركية من الصعب ان نتفاءل بانها ستقدم على خطوة، الآن يجري الحديث مثلاً عن المبادرة العربية، ربما لا يعرف المواطن العربي ان هذه المبادرة التي اطلقت في آذار مارس عام 2002م جاءت في اعقاب احداث ال«11» من سبتمبر ايلول في الولايات المتحدة الاميركية وتدمير الابراج الاميركية، تدمير الابراج الاميركية اعطى فرصة للادارة الاميركية ان تشوه صورة العرب وانهم ارهابيون و. . . . . الخ، فربما اراد العرب بتلك المبادرة ان يحسنوا من صورتهم انهم ليسوا ارهابيين وانهم دعاة سلام بدليل انهم يقدمون مبادرة للسلام واستعداداً للتصالح مع اسرائيل اذا قبلت بدولة فلسطينية وحل قضية اللاجئين و. . . . الخ، وقد لا يعرف المواطن العربي ان هذه المبادرة صيغت بمشاورات مع الاميركان مع الصحفي الاميركي الصهيوني توماس فريدمان ولم يوضع فيها بند واحد عن حق العودة، وانما اضيف موضوع حق العودة اثناء انعقاد القمة في بيروت وبطلب لبناني فوضع، لكن هذه المبادرة التي مضى الآن عليها «5» سنوات ماذا فعل العرب لتحقيقها؟ اي خطوة خطوها لوضع آلية لها؟ لم تشكل لجنة واحدة للعمل على تأكيد المبادرة العربية، لم بشكل وفد عربي واحد ليذهب للعالم لاقناعه بالمبادرة العربية، لم تجر اي محاولة ولم توضع اي آلية، اي انها كانت مجرد اطلاق صوت في الهواء لا اكثر ولا اقل، الآن عاد الحديث عنها لا لتطبيقها، وانا اقول بمنتهى الصراحة :رغم ادعاءات الكثير من المسؤولين العرب وقرار وزراء الخارجية العرب اننا لن نعدل هذه المبادرة العربية وانما لتوضع آلية لتفعيلها تستجيب للمطالب الاميركية والاسرائيلية، وفي مقدمة هذه المطالب التي لن تحدث في نصوص قرارات القمة العربية وانما في آلية التفعيل عندما يجري التحرك لتفعيلها، هناك امران سيحدثان :اولاً: سيجري تراجع في تطبيق مفهوم حق العودة للاجئين الفلسطينيين كما تطالب اسرائيل وكما اعطتها الضمانات بذلك الادارة الاميركية، والامر الثاني، وهذا ما طرحته كوندوليزا رايس الثلاثاء 2007/3/27م في مؤتمرها الصحفي بأنها طلبت من العرب، وربما يصبح طلبها امراً لهم، ان يعطوا مؤشرات لاسرائيل عن استعدادهم لاقامة علاقات طبيعية معها حتى يشجعوها على الانسحابات واقامة دولة فلسطينية، اي ان المبادرة التي كانت تنص على ان التطبيع العربي لن يأتي إلا بعد استجابة اسرائيل للانسحاب من الاراضي وعودة اللاجئين واقامة الدولة الفلسطينية واعادة القدس بعد أن يطبع العرب، الآن الادارة الاميركية تطالبهم ان يطبعوا اولاً ليشجعوا اسرائيل على اقامة ذلك، هذا التخوف سهل ان يحدث أصلاً لهذا الامر تحت عنوان تفعيل المبادرة العربية.

 


الواقع العربي والمستقبل

> د. عبدالله ! الواقع العربي في ظل هذا التفكك كيف تنظرون إليه وكيف تقرؤون المستقبل العربي في ظل التحديات الراهنة؟.

- انا اقول بصراحة :هذا يحتاج إلى جهد ووقت طويل، ويحتاج إلى النظام الرسمي العربي الذي يقوم على المصالح القطرية والذي يرتبط بمصالحة مع الغرب ومع الادارة الاميركية، ربما لن يلتفت كثيراً وهو بالفعل لا يلتفت إلى وحدة هذه الامة وقضايا هذه الامة، بل اصبح كل قطر عربي يبحث عن مصالحه الخاصة، وطالما هو كقطر وحيد وصغير سيكون مضطراً للخضوع للشروط الاميركية، وبالتالي هذا ما يضعف الواقع العربي، كيف نخرج من هذه الدائرة؟ هل الحكام العرب وضعهم الحالي جاهزون للخروج والتمرد على الادارة الاميركية، ووضع كل طاقات وقدرات الامة من خدمة كل مصالح الامة واهدافها؟ انا اشك في ذلك لان الكل يسعى إلى ابقاء الحماية الاميركية لوجوده في هذا الموقع أو ذاك، هذا يتطلب اعادة الوعي للشعب العربي واعادة تثقيف المواطن العربي على الثقافة القومية وعلى وحدة الامة، نحن غابت من مفاهيمنا كل مفاهيم الثقافة القومية، لم نعد نتحدث عن وطن عربي بل صرنا نتحدث عن الشرق الاوسط، هكذا فرض الغرب عليه لان اسرائيل موجودة في هذا الشرق الاوسط وتركيا وايران، أي ان مفهوم الوحدة والوطن العربي لم تعد نتحدث عن الوحدة العربية بل صرنا نتحدث عن مصالح قطرية لكل قطر وارتباطاته، لم نعد نتحدث عن الامة العربية ودورها ورسالتها الحضارية لهذا العالم، انا اريد هنا ان اشير اليوم أو بالامس السيد المبجل «وزير الخارجية السعودية» بسخرية شديدة قال استخدم شعاراً قال: الامة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة، نظر إليه بسخرية وتلفظه بسخرية وضحك وضحك المجتمعون، عندما تصبح الامة ورسالتها الخالدة مثار ضحك لهؤلاء الوزراء فكيف نتوقع من هذا النظام الرسمي العربي ان يعيد بناء هذه الامة وقدرتها ووحدتها، ولذلك تقع مسؤولية اعادة بناء هذه الامة على الشعب العربي، والشعب العربي يحتاج إلى اعادة وعي وتثقيف، اعادة بناء قواه السياسية وقواه المجتمعية على هذه القاعدة، قاعدة الامة الواحدة والشعب الواحد والقضايا الواحدة والعدو الواحد، وهذا سيحتاج إلى وقت طويل وإلى اجيال قادمة، يجب ان نسعى من اجل تطوير مفاهيمها بهذا الاتجاه.

 


صعدة وإفساد العقل العربي

> هناك خلخلة في هوية الانتماء العربي احدثت آثاراً سلبية على المستوى القطري قبل القومي، ما حدث في اليمن -تمرد صعدة نموذجاً -فكيف تعالج هذه الخلخلة في اطار فكري يغلب هوية الانتماء على الطائفية؟.

- هذا هو تقريباً ما اشرت إليه، هذا دور المفكرين والمثقفين العرب وهذا يتطلب اقامة مؤسسات ثقافية وفكرية واعلامية عربية تتعمد النهج القومي وتتبنى الفكر القومي لتنشره في المجتمع العربي، وانا اعطي امثلة على ذلك، هذا دليل التراجع ، خذ الآن حجم الفضائيات العربية التي ربما تصل الى اكثر من «200» فضائية، اذا اردنا ان ننظر إلى رسالة هذه الفضائيات التي تسوقها للمواطن العربي، نجد ان الفضائيات التي تتبع النظام الرسمي العربي تسوق سياسات الانظمة الرسمية وتسوق القطرية لمواطنيها، وهناك فضائيات لم تتفق عليها دول عربية ولكنها تتبنى السياسات الغربية وتسوق الغزو وللعراق سهلت الغزو وبررت الغزو على العراق وتعاملت مع العملاء. . . الخ، هناك فضائىات مذهبية تنشر المذهبية والطائفية في الوطن العربي، وهناك فضائىات الاصولية التي تسيء للاسلام وتشوه صورة الاسلام الحقيقية، وهناك فضائيات تسوق الفن والثقافة المتدنية والهابطة إلى عقل الطفل العربي والشعب العربي، اي ان هناك افساداً عاماً للعقل العربي، بين كل هذه الفضائيات هل نرى فضائية واحدة تسوق الثقافة والفكر القومي؟ لا. . وتسوق وحدة القضايا العربية وضرورة الوحدة العربية في مواجهتها وتنظر للعدو اياً كان مسماه اميركياً، اسرئيلياً، بريطانياً، نظرة واحدة؟ فلذلك -كما قلت- نحن نحتاج إلى اعادة تثقيف وتوعية المواطن العربي على هذه المفاهيم القومية عبر مؤسسات اعلامية وثقافية وفكرية وفضائية تنشر هذة الثقافة لدى المواطن العربي.

 


الغزو الصفوي ودور الأنظمة

> تتعرض العديد من دول المنطقة لغزو فارسي تتظافر جهوده مع الغزو الاستعماري الغربي، كيف يمكن مواجهته، وما هي أوليات الأمة لمواجهة التحديات الفارسية الاورد اميركية؟.

- من فتح الباب لهذا الغزو الصفوي الفارسي هو هذا النظام العربي الرسمي الذي هيأ لغزو العراق، انا اسمي غزو العراق والعدوان على العراق عدواناً عربياً لان الاراضي التي انطلق منها العدوان الاميركي البريطاني اراضٍ عربية، والمياه التي انطلق منها العدوان مياه عربية، والاجواء التي انطلق منها العدوان اجواء عربية، فقط استخدم الجنود الاجانب وربما تمويهاً لهذا العدوان بتمويل عربي من اجل استهداف العراق، لماذا استهدف العراق؟ لان العراق كان يحمل مشروعاً قومياً عربياً وحدوياً معادياً للصهيونية وللولايات المتحدة الاميركية، رافضاً الاستسلام ورافضاً التفريط بحقوق الشعب الفلسطيني، كل هذه الاسباب تكاتفت قوى العدوان الغربي ضد العراق واستهدفت النظام الرسمي العربي اداة لهذا الامر ومن يدعون أنهم ثورة إسلامية في إيران جاءت حررت إيران من حكم الشاه، هم أعلنوا رسمياً انه لولا معاونتهم للادارة الاميركية ما تمكنت اميركا من احتلال العراق واحتلال افغانستان، اي انهم ايضاً كانت لهم نفس الاهداف وهو تدمير عروبة العراق وهم يدمر عروبة العراق الآن ودمر مشروعه القومي ويقسم العراق الآن، هم الولايات المتحدة من جهة وعملاؤها العراقيون وايران الفارسية من جهة وعملاؤها الصفويون، وللأسف الشديد ان هذا الخطر لم يعد يطال العراق بل بات يهدد كل منطقة الخليج العربي وكل الجزيرة العربية وبلاد الشام، وبدأ يمتد إلى بلاد المغرب العربي تحت مسميات مذهبية دينية، ولكن في واقعها هي احقاد قومية فارسية ضد الامة العربية، وماتزال تنتظر لثارات ضد العرب الذين قضوا على الامبراطورية الفارسية، والا كيف نفهم ان يقام لأبي لؤلؤة المجوسي -قاتل سيدنا عمر -مزار تحج إليه ألوف الايرانيين يومياً ويقيمونه في ايران؟ اذاً هذا البعد ولا يواجه هذا البعد القومي الفارسي الا بالقومية العربية وباعادة احياء الروح القومية للامة وللمواطن العربي.
 

> تمرد الحوثي هل هو احد هذه الاحقاد؟.

- بالتاكيد الحوثي انا لا ادري ما الذي اخرجه ومن وضعه لولا انه ذهب إلى ايران وتثقف في قم وشوهوا افكاره وارسلوه ليقوم بهذا الدور، وهذا يشكل خطراً ليس على اليمن فقط وانما على منطقة الجزيرة.

> المتابع للمد القومي يلاحظ انحساراً قوياً لة بالقياس اذا ما قورن بما قبل احداث «11 سبتمبر» فما هي اسباب هذا الانحسار، ولماذا تخلت الاحزاب والقوميات على أيديولوجيتها القومية؟.

- هذا قبل ذلك بكثير تراجع النظرة لوحدة الارض ووحدة القضايا ووحدة العدو ووحدة قبل احداث الحادي عشر من سبتمبر.

> لكن لوحظ الآن أكثر؟.


- هو الآن اصبح لان هذه الحكومات العربية باتت تشعر انها متهمة بالارهاب وتريد ان تبرئ نفسها من هذا الارهاب، فصارت تخضع اكثر فاكثر للسياسة الاميركية وتلبي الشروط الاميركية، وهؤلاء الذين يدعون انهم يقاومون الارهاب هم من خلقوا تربة الارهاب- اذا جاز التعبير.

 


عبدالله الحوراني في سطور

 

عبدالله الحوراني «أبو منيف»

- كاتب ومفكر سياسي


- من مواليد قرية المسمية.


- أكمل دراسته الإعدادية والثانوية في قطاع غزة.


- حاصل على الإجازة الجامعية في الآداب من جامعة دمشق عام 1964م.


- متزوج وأب لأربعة أولاد: منيف وعمرو ومعتز وخالد.


- بدأت تجربته النضالية أواسط الخمسينيات في التصدي لمشاريع توطين اللاجئين، ثم ضد الاحتلال الصهيوني لقطاع غزة عام 1956 في العدوان الثلاثي، واعتقل لفترة وجيزة.


- عمل في مجال التدريس، مدرساً ثم مديراً لمدرسة في مخيم اللاجئين بخان يونس، وعرفت باسمه حتى الآن، بسبب دورها في النشاط الوطني.


- أبعد من قطاع غزة عام 1963 بسبب نشاطه السياسي.


- عمل في دبي في مجال التدريس لمدة سنتين، من 63 1965، ثم أبعد منها ورحل بسبب نشاطه السياسي أيضاً، حيث كانت دبي تخضع لسلطة المعتمد البريطاني.


- عمل في سوريا في حقل الإعلام وكان مديرا لإذاعة فلسطين ثم مديرا لهيئة الإذاعة والتليفزيون السوري، ثم مديرا عاما لمعهد الإعلام بسوريا ثم التحق بالثورة.


- منذ 1969 عمل مديرا عاما لدائرة الإعلام والتوجيه القومي ثم عضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية من 84 إلى 1996م.


- رأس وأسس الدائرة الثقافية في منظمة التحرير الفلسطينية، وأشرف على كل الأنشطة الثقافية الفلسطينية.


- عارض أوسلو وخرج من اللجنة التنفيذية بناءً على ذلك.


- لكنه لم يغادر منظمة التحرير، فهو رئيس اللجنة السياسية في المجلس الوطني الفلسطيني.


- أسس المركز القومي للدراسات والتوثيق في غزة فلسطين ويتولى رئاسته.


- مهتم بالقضايا القومية، فكرياً وسياسياً، وجل نشاطه في مجال الكتابة والندوات والمحاضرات، والمؤتمرات القومية، مكرس لهذه القضايا. وله عدة مؤلفات في هذا المجال منها :


> التطبيع الثقافي وأثره في الصراع العربي الصهيوني.


> التحالف الغربي الصهيوني والأمة العربية.


> رؤية عبد الناصر للصراع العربي الصهيوني.


> اللاجئون الفلسطينيون قضية وموقف.


- يعتبر من أهم المختصين بقضية اللاجئين والمدافعين عن حق العودة، والناشطين في تعبئة الشعب الفلسطيني وتنظيمه للدفاع عن هذا الحق.



المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد