في جنوب الوطن دعوة للتصالح والتسامح وفي شماله جمعة للاعتصام والاتحاد..

اليمنيون في مهمة رص الصفوف

2012-01-14 04:03:29 عارف العمري


تتعدد جراحات الوطن وتتسع أسبابها ومسبباتها, وقد تستمر آلام المخاض لسنوات طويلة, فتركة الماضي تبدو ثقيلة, ومعاناة الناس لا تقتصر على جانب دون الآخر, فثمة تداخل وتشابك يجعل من المتتبع له فاقداً للوعي ناهيك عن المعايش له, فمع معاناة الفقر وشظف العيش تبرز حالة التباين السياسي التي تفوق معاناة الفقر والبطالة بألف مرة, ويدفع الناس في هذا الوطن ثمناً باهظاً ليس من أموالهم وأوقاتهم فحسب, بل وحتى أرواحهم تصبح ثمناً لصراع سياسي الرابح الوحيد فيه أجندة لا صلة لها بهموم الناس, والخاسر الأكبر هو الشعب اليمني برمته.
في أغلب محافظات اليمن هناك ثورة يقودها الشباب وتقف الأحزاب السياسية المعارضة والجيش المؤيد للثورة وكذلك القبائل موقف المناصر والمؤيد لها, إلا أن ثمة ألغام تزرع في طريق التغيير في الشمال وفي الجنوب على حدٍ سواء قد تكون لها صلة بمشاريع خارجية, ويستفيد منظروها أموالاً طائلة لغرض الثراء ليس إلا.
في الشمال ثمة صراعات مذهبية لا علاقة لها بالثورة بين الحوثيين والسلفيين, راح ضحيتها المئات من الجانبين ولم تفلح وساطات محلية قادتها أحزاب سياسية ومشائخ قبليون في نزع فتيل التوتر بين الجانبين.
وتجددت مواجهات يومي الخميس والجمعة الماضيين بين الحوثيين وقبائل في مديرية كشر حجة بالقرب من منطقة ميدي الساحلية المطلة على البحر الأحمر وراح ضحيتها العشرات من القتلى والجرحى, فيما لا تزال المواجهات جارية بين القبائل الموالية للسلفيين أو ماسمي " تحالف القبائل اليمنية لنصرة المظلوم" والحوثيين في جبهة كتاف, في الوقت الذي تشهد فيه جبهة دماج هدوءاً نسبياً.
وفي المقابل فإن ثمة أطماعاً حوثية تمتد إلى خارج محافظة صعدة التي يسيطر عليها الحوثيون وسبق وأن جرت مواجهات مسلحة بين قبائل الجوف وبين الحوثيين راح ضحيتها المئات من الجانبين, وانعكس ذلك على محاولة الحوثي القفز على الواقع وحرق المراحل السياسية, ليبدأ صراع خفي حول السيطرة على الساحات من قبل الحوثيين والتي لم تؤتِ ثمارها حتى الآن.
ففي الوقت الذي فشل فيه الحوثيون السيطرة على منصة ساحة التغيير بصنعاء والتحكم في مسار المسيرات الشبابية ـ لجأ مؤخراً إلى إشهار حزب سياسي مبني على المذهبية، يتربع لجنته التحضيرية أشخاص من السلالة الهاشمية أو ما يسمى هنا في اليمن بـ" السادة " , وأتى تأسيس حزب الأمة ليكون نداً لحزب التجمع اليمني للإصلاح, كما سعى إلى إشهار جبهة إنقاذ الثورة والتي استدرج فيها أشخاصاً محسوبين على الحزب الاشتراكي على حين غفلة من حزبهم.
 دعوة إلى الوحدة والاتحاد
مثل هكذا صراعات دعت اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية الشعبية والمنسقية العليا إلى تسمية الجمعة 13 يناير بجمعة " واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا"، في إشارة واضحة إلى دعوة جميع الأطراف المتباينة فكرياً وسياسياً في الثورة إلى توحيد رؤيتها وانطلاقها في مسار واحد يضمن وصول سفينة الثورة إلى بر الأمان.
جمعة " واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا " أقيمت في ثمانية عشر محافظة يمنية من إجمالي واحد وعشرين محافظة يمنية, وتوسعت ساحات الاعتصام التي أديت فيها جمعة " واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا" إلى أربعين ساحة, وهو ما يشير إلى توسع الساحات وزيادة روادها مع اقتراب موعد الاستحقاق الرئاسي الذي سيجري في 21 فبراير من العام الحالي.
التصالح والتسامح في ذكرى أحداث يناير
هناك في الجنوب اليمني تبدو المشاكل بين شركاء الكفاح أكثر تعقيداً, وكلما اقترب حراكيو الجنوب من اتفاق ازدادت الهوة بين الجانبين, فهناك أكثر من تيار في الجنوب وكل ينظر إلى القضية الجنوبية من منظاره الخاص.
 وبحسب أحد المهتمين بالقضية الجنوبية فإنه يمكن أن نلخص الوضع السياسي المؤثر في الجنوب في تيارين لا ثالث لهما .. تيار يتبنى قضية استعادة قرار الجنوب المستقل وتيار آخر يفضل المضي في الإطار الوحدوي الحالي على أمل الإصلاح والتغيير .. وبين هذين الخيارين والاتجاهين يقف شعب مثخن بالجراح تلقى الضربات تلو الضربات والنكسات تلو النكسات, وكلما التأم له جرح إنبجس جرح آخر ولم يستطع هذا الشعب المغلوب على أمره التقاط أنفاسه إلا من أسعده الحظ بالاغتراب خلف الصحاري والمحيطات وصار هذا الهدف أملاً للكثيرين, منهم من ذهب ومنهم من ينتظر .
يقف كل تيار من هذين التيارين موقف الخصم المعاند للتيار الآخر، مدعياً أنه المعبر عن شعب الجنوب وأنه وحده من يستطيع إيجاد الحل والخروج بهذا الشعب الذي ذاق من الطرفين الأمرين إلى بر الأمان والاطمئنان ..
يوم الجمعة وافق ذكرى 13 يناير وهو يوم مشوؤم عند الجنوبيين وفيه وقعت مجزرة لكبار قادة الحزب الاشتراكي اليمني ولجنته المركزية وتبعته حرب ضروس بين الجنوبيين أخرجت علي ناصر محمد ومن معه من اللعبة السياسية إلى لاجئ في الشمال قبل إعلان الوحدة في 22 مايو 1990م, ومع توسع الخلافات بين الجنوبيين وخصوصاً في رؤيتهم للقضية الجنوبية بعد ثورة الشباب, عقدت مكونات الحراك الجنوبي لقاء التصالح والتسامح الذي انتهى بنهاية سوداوية تمثلت في مقتل شخصين من الحراك وإصابة أكثر من سبعة عشر شخصاً في محافظة عدن في مواجهة مع قوات الأمن المركزي.
وفي الخارج أقيمت في مصر يوم الخميس الماضي ندوة تحت عنوان " التصالح والتسامح.. نتجاوز الماضي لنبني المستقبل"، شارك فيها الأستاذ/ محسن محمد بن فريد ـ الأمين العام لحزب رابطة أبناء اليمن "رأي" والدكتور/ محمد حيدرة مسدوس، وعدد من السياسيين الجنوبيين, في أمل تجاوز الماضي البغيض الذي ظل ملقياً بظلاله على ساسة الجنوب وقد يستمر إذا لم تصلح نوايا شركاء الحراك الجنوبي.
بين دعوة الاتحاد والاعتصام في الشمال ودعوة التسامح والتصالح في الجنوب هناك آمال يعلق عليها اليمنيون في إخراج بلدهم من مرحلة الصراع والفوضى, وهناك توجه شعبي لرص الصفوف استعداداً لبناء الدولة المدنية بعد زوال الخطر في 21 فبراير القادم.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد