الزائر الذي يعيد إلى صنعاء بريق الأمل وروح الحياة وزغاريد الفرح..

هل سينجح بن عمر في مهمته هذه المرة؟!

2012-01-16 04:04:14 تحليل/ عارف العمري


في كل مرة يحل جمال بن عمر ضيفاً على اليمن يستبشر اليمنيون بمقدمه, وخصوصاً أولئك الذين يعيشون بين ثالوث الظلام المخيف ودوي الانفجارات المرعبة ودوامة الصراعات السياسية, فمع قدومه يحل الأمل في تجاوز منعطفات الصراع السياسي, ويستبشر اليمنيون بعودة الأمور إلى نصابها, وتهدأ الأجواء المشحونة بعواصف القلق والتوتر, على أمل إيجاد حلول قد تجنب اليمن متاهات الحرب الأهلية التي يتخوف منها الساسة والمثقفون.
يمثل جمال بن عمر في نظر أغلب اليمنيين الملاك المنقذ من الجحيم, وأقصد بالجحيم هنا جحيم المدافع والصواريخ ولعلعة الرصاص المسكوب فوق رؤؤس الأبرياء, فعند قدومه تلزم قذائف الهاون مكانها فوق تلة النقم المتربعة فوق رؤوس المواطنين, ويتحول بلاطجة القتل إلى حمائم للسلام, وتخرج المسيرات بحرية تامة تحيطها عناية الله ثم كرامة السيد جمال بن عمر, وتعود إلى منطلقها الأول دون أن تمس بأذى.
لدينا هنا في اليمن " سادة " لكنها لم تعد لهم مزية البركة كما كانت لأسلافهم من قبل, فوجودهم لم يعد له أهمية حتى يُستسقى بهم من القحط, وتدفع ببركتهم الزلازل والمحن, بل على العكس من ذلك تماماً فأينما حل " سادتنا" حل القتل والدمار وتجرع الناس مرارة النزوح وشظف العيش, وتحولت البلاد إلى خط أحمر مكتوب على جنباتها " خطر - ممنوع الاقتراب " ولا أخفيكم أن " سادة اليمن " هم سبب تخلف اليمن ودماره على مر التاريخ، فالباحث في تاريخ اليمن حتى قيام الثورة يدرك ذلك, والمتأمل لحرب 94م قد يفسر جزء من ذلك, وقد تكتمل الصورة عند الوقوف على أطلال الديار التي شهدت ستة حروب في شمال اليمن, ولازالت مشتعلة في حجة وكتاف صعدة والقادم يتبع, ما أريد قوله هو أن بركة جمال بن عمر فاقت بركة سادة اليمن الأخيار, وحكمة الرجل المغربي فاقت كثيراً حكمة أبناء اليمن التي يتغنون بها منذ زمن طويل.
جهد سياسي مشكور:
لعب مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة دوراً بناء في الدفع بعملية السلام إلى الأمام, وتوج عمله الدءوب بتوقيع صالح على المبادرة الخليجية في الرياض، ليستبشر اليمنيون بعودة الأمور إلى نصابها, ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم مرت خمسون يوماً أو يزيد قليلاً، أنجزت فيها الكثير من المهام الصعبة ولاحت في الأفق بوادر خير, ويتمنى البسطاء في اليمن أن تمر الأيام القادمة بسلام.
لقد استطاع اليمن أن يتجاوز الكثير من المنعطفات الخطيرة حتى الآن ولم تبق إلا عقوبة واحدة مابعدها أهون منها, ففي 7 ديسمبر من العام المنصرم تم تشكيل حكومة الوفاق الوطني بالمناصفة بين المؤتمر الشعبي العام وأحزاب المعارضة اليمنية برئاسة محمد سالم باسندوه, وتم الاتفاق على جميع الوزراء بالرغم من وجود شخصين يحملان حقيبتين وزاريتين يضع الكثير من المراقبين عليهما ألف علامة استفهام وخصوصاً في الحقائب التي كانت من نصيب المؤتمر الشعبي العام.
وكان تشكيل اللجنة العسكرية في 5 ديسمبر بقرار جمهوري من الرئيس بالإنابة الفريق عبدربه منصور هادي خطوة طيبة وإن كان عملها يشوبه بعض الأخطاء المفتعلة من قبل شخصيات لا تريد للمبادرة النجاح, المهم تم إنجازه حتى الآن شيء طيب والقادم قد يكون أفضل.

 ما الذي تبقى إذن؟
 حكومة الوفاق التي يرأسها المناضل محمد سالم باسندوة حظيت بدعم محلي وإقليمي ودولي وهي أول حكومة في اليمن تحظى بمثل هكذا دعم مشاهد للعيان, ورغبة من دول الجوار في احتواء أي تفجر للوضع قد يهدد أمن المنطقة العربية والقارة الأسيوية فان موقف دول التعاون الخليجي في توقيع المبادرة ومتابعة تنفيذها وإخراج اليمن من أزمته الاقتصادية أمر يضعه الخليجيون نصب أعينهم, بما فيهم دولة قطر التي انسحبت من المبادرة الخليجية بعد أن رأت أن هناك مماطلة في التوقيع عليها من قبل صالح.
من المفترض أن تتم في غضون الأسبوع الحالي ثلاث مهام محورية، ليصل اليمنيون إلى يوم 21 فبراير بسلام، لكن ثمة عوائق حالت دون ذلك, وتبرز المهمة الأولى في إنهاء حالة التوتر القائم في بعض الأحياء في العاصمة صنعاء واختفاء المظاهر المسلحة من العاصمة صنعاء وبعض المحافظات اليمنية كمدينة تعز.
اللجنة العسكرية حددت يوم 11 من الشهر الحالي مدة ثمانية وأربعين ساعة لإنهاء المظاهر المسلحة والبدء بإخلاء ماتبقى من مظاهر مسلحة, بمعنى أن يكون يوم الجمعة 13 يناير هو يوم إعلان صنعاء " عاصمة بلاسلاح ", لكنه وبحسب مصادر " أخبار اليوم " شوهد عدد من جنود الأمن المركزي وعدد من المدرعات في قاع العلفي, وبحسب جندي من جنود الأمن المركزي في تصريح للصحيفة فإن القوات مدعومة بعدد المسلحين ولا يزالون يتمركزون في شارعي الزبيري وصخر، ولا معلومات لديهم حول سحب القوات.
فيما لا تزال المتارس المرتفعة في حي الحصبة وصوفان، على حالها ويحتمي عدد من جنود الحرس، وعدد من المسلحين في تلك المتارس.
النقطة الثانية تتمثل في إقرار قانون الحصانة المختلف عليه والذي عاد بن عمر للمرة الثامنة بصيغة أخرى لتجاوز إشكاليات الحصانة التي أثير حولها كثير من اللغط.
والمهمة الثالثة تتمثل في تسمية الكتل البرلمانية للمرشح الرئاسي التوافقي الفريق/ عبدربه منصور هادي والذي وافق عليه المشترك, وانسحبت كتلة المؤتمر برئاسة سلطان البركاني من جلسة البرلمان احتجاجاً على تسمية المشترك لعبدربه منصور هادي.
ماذا يريد بن عمر هذه المرة؟
عاد جمال بن عمر هذه المرة محملاً بهموم نقل السلطة في اليمن وإبعاد صالح عن المشهد السياسي والذي بات يمثل خطراً لدول الخليج العربي من خلال تسريبات تلوح في الأفق حول تحالف صالح مع إيران لإفشال المبادرة الخليجية, هذه هي المرة الثامنة التي يصل فيها بن عمر إلى صنعاء, وهي المرة الأولى التي يحمل فيها مهمة استثنائية لإقناع صالح بالرحيل عن البلد, ولو بصيغة أخرى تكون أكثر إرضاء من ذي قبل.
الصيغة التي جاء بها بن عمر لإخراج صالح وأقاربه من البلد لمدة خمس سنوات قد تلاقي رفضاً من قبل صالح وصقور حزبه, وقد يصعب تنفيذها في وقت قياسي حسب ما يريده مبعوث الأمم المتحدة.
ماهو الحل إذن ؟
مهمة كهذه تبدو صعبة وصعبة جداً وقد تستغرق أسابيع طويلة إن لم تبوء بالفشل, لكن الأهم من ذلك هو التسريع في الانتخابات الرئاسية التي بدورها ستسقط ماتبقى لصالح من شرعية داخلية بعد انتزاع الشرعية الدولية عنه, وهذا ما يعمل عليه مبعوث الأمم المتحدة، حيث زار يوم السبت الماضي البرلمان اليمني وحث رئيس البرلمان على سرعة البدء في إجراءات الانتخابات الرئاسية , واستقبل أمين عام اللجنة التحضيرية للحوار الوطني الشيخ/ حميد بن عبدالله الأحمر بن عمر وبحث معه ذات الموضوع الذي بحثه مع يحيى الراعي - رئيس البرلمان.
خروج صالح من البلد تحت أي مسمى شيء مهم للغاية والأهم منه هو أن تجرى الانتخابات الرئاسية في وقتها.
 




المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد