حمــاس تــُستــَدرج إلى مــقتلــها في حــوار القاهرة (1-2)

2008-10-08 22:52:36

عدنان أبو عامر 

لم يعد سرا أن ما يجري التحضير له في القاهرة أبعد ما يكون عن مفردات الحوار والمصالحة والوفاق بين الفرقاء الفلسطينيين، ذلك أن هناك الكثير من الشواهد والمعطيات التي "زكمت رائحتها أنوف الفلسطينيين" وتركت بما لا يدع مجالا للشك أن "طبخة" ما تدبر، وأن هناك أيد كثيرة قد تكون مشاركة فيها، فلسطينية وعربية وإسرائيلية ودولية.

ولئن كان المقام هنا لا يتسع لتوزيع الاتهامات يمنة ويسرة، إلا أن وضع النقاط على الحروف، وتحمل المسؤوليات، أصبح محتما قبل فوات الميعاد، بعيدا عن عبارات الإطراء والمديح لحساب جهة، وكلمات التجريح والهجاء ضد جهة أخرى.

شواهد على عدم جدية الحوار

الكثير من الوقائع التي عاشتها الساحة الفلسطينية في الأيام والأسابيع الماضية، سواء أكانت في قطاع غزة أو الضفة الغربية، تعطي الكثير من الدلالات على أن الحوار الفلسطيني الداخلي، بعيد جدا أكثر من أي وقت مضى، قد تكون رغبة الكثيرين في هذين الإقليمين اللذين لا تتجاوز مساحتهما 22% من مساحة فلسطين التاريخية المحتلة تذهب باتجاه الحوار، لكن الأمنيات لا تكفي وحدها، وهذه بعض من الشواهد والمعطيات التي تفند هذه الأمنيات:

أولاً: قطاع غزة

بعيدا عن تقييم خطوة حماس في سيطرتها العسكرية على قطاع غزة، فقد تلت هذه الخطوة الكثير من الإجراءات القانونية والأمنية التي لا تدع مجالا للشك بأن الحركة ماضية في سيطرتها على القطاع، وبالتالي فإن كل حديث حول الحوار لا تراه الحركة مناسبا إذا ما اقترب من هذا "المحرم الخطر"، المتمثل بتراجعها عن سيطرتها أو حسمها أو انقلابها، سمه ما شئت.

وبإمكان المرء أن ينظر بعين المراقب الموضوعي لسلسلة الخطوات التي انتهجتها الحكومة المقالة في غزة، وتشير جميعها إلى أن ما حصل في القطاع قبل أكثر من عام تقريبا هو قدر محتوم، لأن كل ما تلا سيطرتها من تطورات يؤكد هذا التصور، ويمكن أن يستدل على ما مضى بما يلي:

1- جملة التعيينات الإدارية التي قامت بها الحكومة، بحيث صبغت الوزارات والمؤسسات الرسمية باللون الأخضر الفاقع، ليس بالضرورة أن يكون ذلك ترجمة لدعوات بعض قيادات حماس المطالبة ب"أسلمة المجتمع"، ولو من طرف خفي، لكن ما نلمسه ونراه في مقار المؤسسات الرسمية والحكومية يدعم هذا التوجه، الإداري وليس الفكري بالضرورة.

2- الحملات الأمنية التي قامت بها الشرطة ضد ما تسميه "المربعات الأمنية" التي لا تتفق بالمطلق مع مجتمعات القرن الحادي والعشرين، كما أن طريقة معالجة حماس لهذه الظواهر المرفوضة، لم تتناسب إطلاقا مع ما تنادي به من مبادئ سامية تحافظ على الإنسان كقيمة، واحترام حرماته وصون ممتلكاته.

ولئن كان الحديث يدور عن مربعات تتجاوز البعد الأمني الجنائي، وصولا إلى غايات سياسية تعتبرها سلطة رام الله منطلقا لها للانقضاض على القطاع مستقبلا، فقد كان بإمكان حركة حماس التي تسيطر حكومتها على غزة سيطرة شبه مطلقة، أن تلغي هذه الظاهرة بصورة أكثر عقلانية، وأقل سفكا للدماء، وأهم من كل شيء بعيدا عن تنفير الناس ممن وقعوا ضحية السلوك الدموي السابق للسلطة الفلسطينية.

3- التعامل الذي تبديه السلطة في غزة باعتبار هذا الإقليم الذي لا يمثل سوى 1% من مساحة فلسطين، وكأنه الرقعة الأكثر قداسة وأهمية وإستراتيجية لها من باقي المناطق المحتلة، وبالتالي فإن التراجع عنه يعتبر بنظر الكثيرين من قادة الحركة والناطقين باسمها تنازلا عن المقدسات وتفريطا بالثوابت، وهذا لعمري فهم قاصر وقراءة سطحية لوقائع الجغرافيا السياسية في الوطن المحتل السليب.

غزة الحبيبة على قلب كل فلسطيني استطاعت قهر المحتل الإسرائيلي طوال السنوات الماضية، ومثلت بالفعل "غزة في خاصرته" وتمنى "إسحاق رابين" ذات يوم أن يستيقظ ليجد أن البحر قد ابتلعها، لكنها مع كل ذلك فإنها لا تمثل ساحة الصراع الحقيقي والتاريخي معه، لأن الضفة الغربية المستباحة من الجيش الإسرائيلي هي نهاية الحل، وعليها تجري النقاشات والمفاوضات، وحولها تدور المباحثات السرية والعلنية.

لا يجوز بحال من الأحوال أن يتمسك الفلسطينيون بغزة، -وحق لهم أن يتمسكوا بها- وينسوا أو يتناسوا الضفة المحتلة، ويضعوها متأخرة على جدول أعمالهم.

ثانياً: الضفة الغربية

يختلف الباحثون في مدى حقيقة وصدق انزعاج السلطة الفلسطينية في رام الله من سيطرة حماس العسكرية على غزة، فهناك فريق لا بأس به يرى أن هذه السلطة وقع عليها نبأ الحسم أو الانقلاب، بردا وسلاما، ليتم إفساح المجال لإحكام سيطرتها على الضفة المحتلة.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد