إلى كل خالة زوجة أب

2012-04-26 23:39:30 ألطاف الأهدل


الخالة زوجة الأب امرأة شاءت لها أقدارها أن تكون في هذا المكان فكانت، ولهذا لا أجد مبرراً قوياً لتلك العداوة التي تلقاها زوجة الأب من أبناء الزوج أو أمهاتهم، كما لا أجد مبرراً لحالة التأهب القصوى التي تفتعلها بعض الخالات مع أبناء الزوج، بل وحالات لا حصر لها من العنف والظلم والقهر والتنكيل وكأن زواج الأب من امرأة أخرى إعلان لبدء الحرب ليس إلا.
لعل الحكمة القائلة "كل إناءٍ بما فيه ينضح" ينطبق تماماً على سياق موضوعنا في هذا المقال، ولعل حسن اختيار الرجل للزوجة الثانية أو سواها يتوقف عليه صلاح الحياة من بعدها ولمصلحة الأبناء أولاً وآخراً وهذه قاعدة يجب أن يدركها الرجل قبل أن ينطلق بأحاسيسه بعيداً عن سرب أسرته الصغيرة دون أدنى استيعاب لما تجنيه يداه وكفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول أو كما يقول صلى الله عليه وسلم.
فلسفة الظلم ارتبطت بتشريع التعدد ليس بسبب خلل في التشريع، بل بسبب نفس الإنسان التي تأبى الارتقاء إلى درجة الخير والصالح والتخلص من أوساخ الحياة وشرورها، لهذا تبقى زوجة الأب بتسلطها المقيت قوية في نظر نفسها ويبقى أبناء الزوج سلطة مهضومة حتى إشعار آخر.
لقد جربت قبل اليوم أن أكون خالة - زوجة أب- وإليكم المعادلة:
منتهى الحب والاحترام يعطي نفس النتيجة وكما تدين تدان وما تزرعه اليوم ستحصده غداً، أبنائي اليوم متوائمون ومتآخون مع إخوتهم وأنا لا أشكو من عذاب الضمير أبداً والأساس في نجاح المعادلة هو الأب الذي يعدل بين الزوجات ويبقى على استعداد دائم لتحقيق ذلك.
إليكِ أيتها الخالة زوجة الأب - مع تحفظي على مثل هذه التسمية- فأنت في النهاية أم لهؤلاء الأبناء سواء حملتهم أحشاؤك أو لم تحملهم، ستبقين أماً لهم حتى تقوم الساعة، فإن كانوا كباراً أوصيك باحترامهم وتقديرهم وإنزالهم منزلة تليق بهم كل حسب حاجته لذلك وحسب استيعابه لموقفك معه، استخدمي أسلوب الهدية والحوار والنصيحة واكسبي ودهم وود زوجاتهم وأبنائهم ولا تتحرجي أن تكوني جدة طيبة لصغارهم، وقد لمست شخصياً متعة حقيقية في كلمة "جدة" أو "نينا" التي كان يدعوني بها أحفادي من أبنائي الذين لم تحملهم أحشائي.
وليس من الضروري أن تغزو التجاعيد بشرة وجهك ويصبغ الشيب لون شعرك لتكوني جدة، إنها روعة الحياة والأقدار التي تضعنا، حيث تشاء وليس حيث نشاء نحن، وعلى كل حال فللوقار طعم خاص، أحب أن أستمتع به جداً.
فإن قسوتِ على الصغار من أبناء زوجك فسوف تأتيكِ الأقدار بمن يقسو على أبنائك، إما بزوجة أخرى تأتي بعدك أو بمرض يبتليك به خالقك أو انفصال بينك وبين زوجك يصبح فيه أبنائك - بقوة الأعراف وبحكم الظروف المادية- بين يدي سواك من نساء الزوج، أو بوفاة الزوج وابتداء مرحلة الصراع بين الأبناء.
لا تستخدمي القسوة والعنف، ابذري الخير، ارعي من كان بين يديك من أبناء زوجك، خوفاً من الله وليس خوفاً من الزوج وتذكري حال قلوب أمهاتهم إن أنت قسوتِ وعنفتِ وشردتِ هؤلاء الصغار، أقسم لك أن الأيام دول وسيبتليك الله بمن يشرد أبنائك أمام ناظريك فلا تفعليها أبداً، لا تفعليها معذرة إلى الله وخوفاً من لحظة حساب تقفين فيها بين يدي الواحد القهار، لا تفعليها رحمة بجسدك من النار، الشر لا يولد إلا الشر ولقد رأيت بأم عيني من ابتلاها الله بأعداء من أحشائها حين كبر وأدرك ما كانت تصنعه الأم بأخوته وأخواته من الأب.
لا تستخدمي حب الزوج لك كسلطة تسيطرين بها عليه وعليهم، بل اجعلي هذه السلطة وسيلة لكسب ودهم لأجل أبنائك الذين سيمقتون يوماً هذا الشر الذي يسكن قلبك.
أنتِ منذ اليوم "ماما فلانة" ولست "الخالة فلانة" تلك الطيبة الودودة التي تحب زوجها وتحب كل من يمت له بصلة وتخاف الله فيمن استأمنها عليهم، خاصة حين يكونون صغاراً، اتقي الله قبل أن يحل عليك بلاء من الله عظيم لا تستطيعين منه فكاكاً وتذكري أن الحياة يوم لك ويوم عليك.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد