ريمة.. تنوع المعاناة وشمولية الفساد

2012-05-23 02:10:54 استطلاع/ ماجد البكالي


ريمه محافظة تتسم إلى جانب معاناتها الطبيعية المتمثلة في وعورة تضاريسها وشحة المياه فيها,بجملة من المعانات والصعوبات التي تأتي بشكل ممارسات إدارية تسلب المواطن ما بقي لديه من عوامل الاستقرار والبقاء فيها..ممارسات تتنافى والمسئولية المناطة بإدارة المحافظة, والمديريات, فبدلا من تذليل الصعوبات وتوفير عوامل الاستقرار للمواطن,ينطق الواقع بخلاف ذلك.
من خلال هذا التقرير الذي أجرته صحيفة "أخبار اليوم" نسلط الضوء على تنوع وشمولية معاناة أبناء المحافظة المتلازمة والفساد المستشري في غالبية ـ أن لم يكن ـ كل تفاصيل الحياة,ومجالاتها ومكاتب مؤسسات الدولة في المحافظة,ليكن المجلس المحلي الموكلة إليه أمانة الناخبين ومطالبهم,على رأس قائمة الضلال والصمت ..فإلى الحصيلة :

الفؤاد:التمييز والمتاجرة يتم حتى مع المشاريع الوهمية,وفي النهاية المواطن هو الخاسر
المسوري: السمسرة والمتاجرة بالوظيفة العامة واقع يعانيه أبناء ريمه بل وصل حد الاحتيال على الناس دون شيء
السلفي: الكادر الصحي بالمحافظة لا يعي أبجديات الإسعافات الأولية، والضحايا كُثر
الوليدي: منذ نهاية2009م لم يناقش المجلس موازنة المحافظة ولم يطلع أيضاً على الحساب الختامي,وكل ما في المحافظة تنظير فقط
عدد من أعضاء محلي ريمه يعملون مقاولين بلا أدوات ولا مهنة
فساد, وابتزاز
في محافظة ريمه مع تنوع معاناة أبنائها واستمراريتها, وشموليتها، فإن المحسوبية والوساطة تلعب دوراً بارزاً بل والأهم في زيادة معاناة الناس,وحرمان مستحقين فعليين من مشاريع خدمية هم في أمس الحاجة لها,وكمثال لذلك ندع الحديث للأخ/ ثابت محمد الفؤاد أحد عُقال ووجهاء ريمه والذي تحدث بقوله:منذ ما يزيد عن عقدين من الزمن ونحن في مدرسة  منطقة الحجال والتي تضم 3قُرى وتجمعات سكانية لا بأس بها فيها المئات من الرجال والنساء والأطفال اجتهد الأهالي في بناء مبنى عادي يتكون من غُرف واعتمدت المدرسة للتعليم الأساسي..ولكن المبنى غير مؤهل ولا صالح للتعليم منذ البداية ولا توجد مدرسة قريبة من سكان هذه القُرى ليذهب الطلاب إليها للتعلُم ويستغرق المشي إلى أقرب مدرسة ما يزيد عن ساعة ذهاباً ومثلها للعودة،ذلك بالنسبة لرجل قادر على السير أما الأطفال في التعليم الأساسي، فمن الصعب عليهم تحمل المشي لساعات تحت حرارة الشمس وفي مناطق وطُرق وعرة، المشي فيها مخاطرة..المهم إننا تابعنا إنشاء مبنى للمدرسة لسنوات,ونزلت مناقصة بتنفيذ مشروع المدرسة,وفجأة يتحول المشروع وما زال نظرياً إلى منطقة أُخرى تحويل نظري أيضاً وبمسببات واهية,ولم يُنفذ حتى في المنطقة، التي تم إيهام أهلها بمشروع مبنى مدرسة,ولكننا نرى في ممارسات كهذه متاجرة بل وسلباً لأموال الناس بالباطل، كون من يتم إيهامه بمشروع وبتوجيهات نظرية لا يحصل على ذلك إلا بعد أن يدفع مبلغاً مالياً متعباً له سواء كان عضو مجلس محلي أو عاقل عُزلة..أي أنه حتى الوهم عندنا في ريمه يُباع بفلوس،لأن وعي الناس وثقافتهم محدودة في هذه الأمور وبالمثل الشعبي (قِلة الأُلف مصيبة) أي قِلة التعود على شيء أو أمر ما,يكون مصيبة نتيجة كثرة الأخطاء التي يقع فيه من لم يتعود بعد.
ونحن في ريمه لم نتعود قبل 2004م على شي اسمه مشاريع دولة فجأة تنفذ عدد منها إلى 2007م ثم تحولت إلى مشاريع نظرية يتم ابتزاز المواطنين ممن لديه حماس لخدمة المنطقة، يتم ابتزازه وإيهامه بهذه المشاريع التي لا وجود لها على الواقع وسُلب أبناء ريمه بسببها أكثر مما تقدمه لهم ولمحافظتهم الدولة من موازنة صافية بالمالية قبل وصولها للمحافظ, ليهدر المال العام إلى جانب أموال الناس..وبالعودة إلى المدرسة فأن أكثر من 130طالباً يدرسون في العراء دون مبنى والمنطقة بأمس الحاجة للمبنى، لاسيما أن التعليم كان هدفاً لثورة 26سبتمبر و14أكتوبر التي تفصلنا عنهما 50عاماً انتهت خلال هذه الفترة الزمنية أجيال, دون أن نرى لهذا الهدف أثراً في واقعنا ولا وجود,وقامت الثورة السلمية مطلع العام الماضي في إطار ما عُرف بالربيع العربي,فهل ستعيننا وأمثالنا في كل اليمن وتحقق ما نشدته من المساواة والعدالة الاجتماعية,وإزالة الفساد بدءاً برموزه, ونحن لدينا محافظ كساد وفاسد منذ 2007م تعاني المحافظة فساده وسوء إدارته فهل من نهاية لما تعانيه المحافظة وأبنائها؟.
فساد خاص
معاناة أبناء ريمه ليست محصورة في مصادرة حقهم في المال العام وإهدار موازنات المشاريع الخدمية المخصصة للمحافظة، بل طالت ممارسات الفساد وتطال المال الخاص والابتزاز الفاضح للمواطنين تحت مسمى,توظيف,أو معاملات,أو....وللاستشهاد على ذلك نورد أحد الحالات,مع أن الضحايا بالمئات سنوياً، فالحاج/عبد الله سعد المسوري أحد المواطنين الذين تعرضوا للاحتيال,حيث تؤكد الوثائق التي قدمها لنا أنه سُلب منه مبلغ 450000ريال تحت مسمى توظيف عدد3 من أقاربه,ومن قِبل سمسار موجه في مكتب التربية,وأعطى المذكور سندات استلام بالمبلغ الذي سلبه مشهود عليها ومحددة أنها مُقابل توظيف 3أشخاص عن كل شخص 150000ريال,ويؤكد المسوري أنه أمضى سنوات من المتابعة في النيابات والمحاكم وأقسام الشرطة لطلب غريمه الذي أوهمه بفتوى لمكتب الخدمة بالمحافظة تحمل ختم الخدمة وأسماء من أراد توظيفهم,مؤكداً بأنه إلى اليوم لم يتم القبض على الجاني وتسليمه للعدالة,مع أنه قد خسر في المتابعة لغريمه والتنقل بين ريمه وصنعاء قرابة 200000ريال...لم يكن هذا الشخص هو الوحيد الضحية، فمئات الأشخاص صاروا ضحايا مع العلم أن غالبيتهم لا يجد من الأدلة الخطية ما يعينه على استرجاع حقه كون تعامله كان محشواً بثقته أنه يتعامل مع أعلى شخص في المحافظة,ظنه في غنى عن أمور كهذه...مع إجماع المصابين حال اجتماعهم,وحتى من أُعطي له حقه في التوظيف تحديداً ـ يجمعون على أن جميعهم من يقترب من طلب هذا الاستحقاق مهما كان مستحقاً لا بُد أن يُسدد للمحافظ حتى وأن حمل توصيات,إلى جانب المؤهلات؟؟..كما تجب التأكيد على أن تلك الممارسات المتركزة في قمة الهيكل الإداري للمحافظة انسحبت على كل الإدارات والمكاتب التنفيذية بالمحافظة,لتتم عرقلة كل معاملة أو إجراء أو عمل هو جزء من واجب الموظف العام فلا يتم إلا مدفوعاً أن تم.

الصحة
أما الصحة فذهاب المريض إلى مستشفى المحافظة أو احد المراكز الصحية أن وجدت في بعض المديريات يراه غالبية المواطنين،سعياً للموت على بصيرة, فإن أراد المريض أدوية فأسعارها جنونية وكأنك في منطقة تعاني حظر الأدوية منذ عشرات السنين,علاوة على ذلك فالكادر العامل في قطاع الصحة وكأنه خارج نطاق التغطية لا يعي متطلبات المهنة ولا يجيدها أو دخلاء عليها..
 عن معاناة المواطنين في المحافظة من خدمات الصحة نورد واحداً من الشواهد وندع الحديث في ذلك للأخ/جمال السلفي أحد أقارب الطالب/صدام عبده علي العبدلي والذي وافته المنية إثر إصابته بجرح ناتج عن الألعاب النارية,وقيام المركز الطبي في مديرية السلفية بتغطية الجرح بشاش بدون تعقيمه أو تطهيره,ولا عمل مضادات حيوية, خطأ طبي لف حياة الطالب/العبدلي, واتضح ذلك ـ حسب السلفي ـ عند نقله إلى أمانة العاصمة للتداوي يفاجأ الأطباء ببقايا كرتون الألعاب النارية, وكذا مادة البارود في الجُرح وأن انتشار البارود سبب في تسمم كامل للجسم أدى إلى وفاته إثروصوله بساعات،ـ وكل الحديث سالف الذكر للأخ/جمال السلفي ـ فهذه واحدة من نتائج الطب في محافظة ريمه,وهي الوفاة لطالب في عمر الزهور نتيجة خطأ طبي,في الإسعافات الأولية العادية التي يعيها غالبية الناس العاديين والذين لم يدرسوا الطب,يدركون أن تنظيف الجرح وتعقيمه والمضادات الحيوية إجراءات روتينية وضرورية للتعامل مع أي جروح؟... فكيف الحال مع من يتم رقوده في مركز طبي أو مستشفى..وفي كل جزئيات وتعاملات الصحة ممارسات ضارة بالمجتمع (بارواح الناس,وأموالهم)..غير أن قِلة وعي المواطنين ومحدودية ثقافتهم بالجانب الصحي وإيمانهم فقط بأن الموت قضاء وقدر,دون المناقشة في الأسباب مثل بيئة خصبة لفساد القطاع الصحي وانهيار الخدمات الصحية تماماً في بعض مناطق المحافظة,مع أن غالبية المناطق لا خدمات صحية فيها.                           
مجلس مناقصات
ولم تقتصر معاناة ريمه على مواطنيها العاديين، بل طالت المجلس المحلي بالمحافظة ليهمش ويصادر واجبه والمؤمل منه.. عن بعض من واقع هذا المجلس تحدث الأستاذ/ إسماعيل الوليدي عضو محلي ريمه ومستشار المحافظة للشؤون المحلية بقوله: المجلس المحلي لم يناقش أو يقر موازنة المحافظة والحساب الختامي منذ نهاية 2009م ويتفرد بذلك المحافظ فقط،موضحاً أن حضور أعضاء المجلس المحلي أن حدث لاجتماع ما فمن أجل مبلغ الـ25000ريال فقط التي تُدفع للعضو بدل تلك الجلسة،وتكون عندما يريد المحافظ أن يتصور فقط,أو يمرر أمور ما يستغلها،ولا تُناقش في الاجتماع أي موضوعات مهمة ولا فعلية وإنما تقرير نظري لموضوعات وقضايا كأوراق التقرير يوقع عليها عضو المجلس المحلي كي يحصل على بدل الجلسة,ولا وجود في الواقع حتى لـ30%من التنظير الذي يقال إنه تم، وبعض الموضوعات يقال إنها لم تتم ويتم الحديث والتنظير بإحالتها للجان المختصة,وهناك تسكن بسلام وتطمس من الواقع وتظل حبيسة الأدراج في المكاتب
مؤكداً:بأن المحافظ دمر كل شيء وأهدر المال العام وموازنة المحافظة تحت مسمى مشاريع وهمية,واصفاً ذلك بالبند الوحيد في الجمهورية ربما.
مشيراً إلى أن أسباب تواطؤ وصمت بعض من أعضاء محلي ريمه راجع لاشتراكهم مع المحافظ في صرف موازنات لمشاريع وهمية هم فيها مقاولون, والخظمي يعتمد ويوجه بالصرف...علاوة على أنهم غير مؤهلين ولا جديرين بالمسئولية،فهم ما بين وجهاء ومشايخ عدد منهم ليس لديه مؤهل ولا يجيد الكتابة والقراءة بصورتها الصحيحة,ومنشغلين بأعمال خاصة ويستغلن عملهم أعضاء في محلي ريمه للسيطرة على المناقصات فقط مع أنهم لا يملكون حتى أدوات المقاولة ليقوموا بعد ذلك إما بإعطاء بعضها لمقاول ما وبأرباح طائلة,وبعضها الآخر يغيب مع الأموال التي تُصرف لتنفيذه...وفي رده على سؤلنا عن دوره كمستشار للمحافظة للشؤون المحلية أكد أنه لم تُعرض عليه أو تُطلب منه أي استشارة طوال سنوات الماضي؛ مرجعاً ذلك إلى أن كل شيء في المحافظة عشوائي,ولا توجد إدارة لشؤون المحافظة وإنما لف ودوران على موازنتها ومخصصات المشاريع,والاحتيال والدبلجة لكيفية صرفها فقط,ولا عملاً للاستشارات ولا للدراسات,ولا لكوادر مؤهلة,ولا لشخصيات وطنية فعلية..
خلاصة
نخلص من خلال هذا التقرير إلى أن محافظ ريمه بإجماع أبناء المحافظة مهد للفساد وساعد بممارساته وقراراته على تعميق وانتشار ممارسات الفساد والإضرار بمصالح الناس لتغدو: فساداً صريحاً.. ومن خلال واقع محافظة لم تتغير حتى بعض من ملامحها الخدمية وبنيتها التحتية طوال 4سنوات مضت,بل ازدادت الأوضاع سوءاً, كما تؤكد الوقائع وأحاديث عدد من أعضاء محلي ريمه أن المحافظ عمد إلى تجدير الفساد والتشجيع على ممارسته من خلال استعانته وتعاونه مع من يراه أهلاً لممارسة الفساد والعمل لصالحه أولاً, واستبعاد ومحاربة من لا يقبل بالمتاجرة بموازنة المحافظة ومشاريعها الخدمية,وإقصاءه حتى من حقوقه الأساسية,والأزمة له قانونا..المواطن في المحافظة هو الضحية الأول في صحته وعيشه وأساليب تعامل الجهات الرسمية معه،لسان حال غالبية سكانها يتساءل:هل الدولة تحمينا أم تسلبنا وهل نحن رعايا فعليين أم لا؟,ولماذا لا تعاملنا بما يستحقه المواطن الأصلي من الخدمات,والحقوق؟ وهل صرنا محافظة لنتحول إلى جباية وتُسلب من ميزانية الدولة مليارات الريالات باسم ريمه وأبنائها,دون أن يصلنا منها أي خدمات ملموسة على الواقع:صحية,تعليمية,طُرق,و..؟

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد