اتفاقيات وزارة الثروة السمكية مع المستثمرين مصيدة

2012-06-09 02:11:09 تقرير/ ماجد البكالي


من المفترض أن تكون وزارة الثروة السمكية مساهمة بما لا يقل عن 25% من الدخل القومي، كون اليمن تمتلك شريطاً ساحلياً يزيد عن 2500كم، ومياه إقليمية تتميز بتنوعها الحيوي، إلا أن الواقع يخبر بغير ذلك إلى حدٍ بعيد.. ناهيك عن التساهل في تدمير البيئة البحرية بسبب اتفاقيات لم تكن أكثر من مصيدة للثروة واستنزاف الخزينة العامة.

الزينة:
ومن الاتفاقيات التي أبرمتها الوزارة لتدمير البيئة البحرية وطرد الأسماك من المياه الإقليمية اليمنية, وبما يتنافى والتوجه العالمي للحفاظ على التنوع الحيوي هي اتفاقية (اسماك الزينة) بين الوزارة ومركز البوصي للأحياء المائية، حيث أكد التقرير الصادر عن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة أن الوزارة أعطت المستثمر ترخيصاً بمزاولة اصطياد اسماك الزينة، حيث اتضح ذلك من خلال قسيمة تحصيل تحمل الرقم (417754) للمستثمر بتوريد 3000 ريال مقابل رسوم قارب وبتاريخ /4/2/2012م.
وأوضح التقرير أن الاتفاقية مخالفة لقانون الصيد لعام 2006م، لاسيما اللوائح التنفيذية, حيث لم تتضمن ملف شروط كملحق لاتفاقية تحدد أماكن الاصطياد ومواعيده وكمياته، وبدون معرفة المخزون لهذا النوع من الأسماك, ولا توجد دراسات علمية وواقعية للبيئة البحرية بنت عليها الوزارة مشروعية الاستثمار في هذا المجال, بل وبالمخالفة للتوصيات التي قدمتها الهيئة العامة لأبحاث علوم البحار.
ويشير التقرير إلى أن ورود عبارة: "أن الترخيص باصطياد هذا النوع من الأسماك هو بغرض التجربة لمعرفة الأثر البيئي"، هي عبارة تم إيرادها للتبرير على التوقيع على الاتفاقية مع المستثمر ليس إلا؟ وبالمخالفة للمادة رقم (92) من قانون الصيد رقم (2) لسنة 2006م.. وباللامبالاة ولا الاستفادة من الآثار السلبية التي خلفها الاصطياد لأسماك الزينة والذي استمر منذ 1995م وحتى 2003م والذي تسبب في اختفاء كثير من أسماك الشعاب المرجانية والإضرار بالبيئة البحرية والتنوع الحيوي.
ومن ضمن الخسائر المادية التي تتسبب فيها الاتفاقية وتعد إهداراً للمال العام- كما ورد في التقرير- هو مخالفة السعر الوارد في الاتفاقية على السعر في السوق العالمية, تتسبب هذه المخالفة ذات الصلة بفارق السعر فقط 922000دولار تسعمائة واثنان وعشرون ألف دولار.
ويشير التقرير إلى أن هذا الجزء من الإهدار للمال العام تم نتيجة للعرض المرفوع من محامي الوزارة إلى وكيل الوزارة لقطاع الإنتاج.. وإذا كانت تلك خسائر ناجمة عن الرأي القانوني فقط، فهي تُظهر أيضاً اختلالات تعانيها الشئون القانونية بالوزارة, ليس في هذه الاتفاقية فحسب، بل في عدد من الاتفاقيات اختلالات تتطلب الوقوف أمامها بحزم.
مع أن الأخ/ مدير الشئون القانونية بالوزارة أكد لنا بأن الشؤون القانونية تُعد مدافعاً وفق القانون وتنتصر للوزارة أن ظُلمت، ووفق أدلة وبراهين، لكن عندما يصدر عن الوزارة من المحاضر أو الاتفاقيات الرسمية ما لا يدع للقضاء سوى تأييده.. عندها من المستحيل على الشؤون القانونية بالوزارة أو أي محامي في العالم إثبات خِلاف ذلك.
مركز المعلومات:
المؤسف أن الاتفاقيات التي هي لصالح المستثمرين تدفع فيها الوزارة تعويضات للمستثمرين نتيجة تسببها في إيقاف أحدهم, أو بسبب اختطاف الإريتريين لقارب أحدهم تدفع تعويضات كل أيام الاختطاف أو التوقف (رحلات,وصرفيات,و..إلخ)، لكن عندما تكون الاتفاقيات لصالح مشروع ما من شأنه خدمة الثروة السمكية وتتأخر لأشهر أو سنوات فلا مشكلة!!.
فمركز معلومات الثروة السمكية والذي يعول عليه رصد المعلومات المتعلقة بالثروة السمكية وضبط الإنتاج السمكي من خلال ربط المركز الرئيسي بعدد 250 من مراكز الإنزال السمكي على امتداد الشريط الساحلي, بل وسيعين ذلك على محاربة التهريب للثروة السمكية وبما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد الوطني, علاوة على ذلك، فإنه يمكن من رقابة قوارب الصيد العاملة في المياه الإقليمية بما يعين على التزام كل قارب بمساره ومسافته المحددة ومن تحديد القوارب المتسللة إلى المياه الإقليمية, ومن خلال رصد وتتبع عبر الأقمار الصناعية ونظام إنذار.
ورغم إنفاق ما يزيد عن 600 مليون ريال حتى الآن لتنفيذ هذا المركز, مع أن البدء بتنفيذه تم منذ مطلع العام 2011م، غير أنه لم يستكمل حتى الآن، بل لم يتحقق حتى مجرد الربط الداخلي في إطار المركز الرئيسي بالوزارة.
وفي هذا الشأن تحديداً أكد الأخ/ وكيل الوزارة لقطاع الإنتاج والتسويق أن العمل مستمر في سبيل استكمال هذا المركز للقيام بمهامه وأنهم بصدد تركيب الأجهزة في مراكز الإنزال، بل تم الانتهاء من تركيب أكثر من 50 جهازاً وبعدها سيتم إنزال النظام الذي تعمل وفقاً له هذه الأجهزة، مشيراً إلى أن التأخير في استكمال تنفيذ المركز هي الظروف التي مرت بها بلادنا في العام2011م, والتي أثرت على كل شيء - حسب وصفه.
تعويضات:
وبما أن الاتفاقيات تأتي لصالح المستثمرين دائماً، فهي تعمل على إنهاك الخزينة العامة للدولة بملايين الدولارات، لاسيما أن غالبية تلك التعويضات تتم وفق محاضر لجنة عمليات الاصطياد بالوزارة, ولم تُعد مهمة القضاء سوى المصادقة عليها؛ وهروباً من انكشاف تلك المخالفات ومن مبالغها المهولة الضارة بالمال العام.
لذلك بدلاً من إحالة من تقرر تعويضهم من المستثمرين الهروب إلى وزارة المالية لتعويضهم, وحتى لا ينكشف الأمر لأن الأرقام ستكون كبيرة والفضيحة أكبر، لهذا فالوزارة تقوم بتعويض المستثمرين من البحر (الثروة القومية التي لا يستفيد منها شعبها), وتعويضهم برحلات صيد بدون أي ضوابط تشترطها عليهم.
ولكن وكم تبلغ قيمة الرحلة للقارب الواحد, وللشهر الواحد, وللعام الواحد؟
وبما أن تعويضات الوزارة أضحت تقريباً لكل الاتفاقيات التي أبرمتها مع المستثمرين: فهذا المستثمر/ الخولاني تم تعويضه بـ(150) رحلة صيد - شريطة عمل القوارب المصرية معه ـ دون أجهزة رقابة, وبدفع إتاوة مقطوعة 8800 دولار أمريكي للرحلة الواحدة, والتفريغ في الموانئ المصرية حسب النظام السابق، والنظام السابق هنا يعني باتفاقية القبال العشوائي التي لم تسر عليها أحكام ولوائح قانون الصيد رقم (2) سنة 2006م.
وكذا المستثمر/ القاضي فقد تم تعويضه بـ(14) رحلة صيد, والمستثمر باقيس تم تعويضه بـ(150) رحلة, وكذا المستثمر الكميم, والشركة اليمنية الأردنية, مع العلم أن 150 رحلة تعني أكثر من 2,400,000$ مليونين وأربعمائة ألف دولار أمريكي.
فكم إجمالي الرحلات لكل من تم تعويضهم؟ وكم قيمتها الإجمالية؟
وجميعها إهدار للمال العام؛ كونها تعويضات ليست عن مال دفعه المستثمرون لخزينة الدولة وإنما لإجراءات خاطئة قامت بها الوزارة مع كل هؤلاء تتنافى مع اتفاقيتها معهم, تلك الإجراءات في مجملها متمثلة عن توقيف الوزارة للمستثمر عن العمل فجأة لسبب غير منصوص عليه في الاتفاق, أو لمحاولات منبوذة, وبعد ذلك يطالب المستثمر بتعويضه عن أيام أو أشهر توقفه عن العمل, بل إن من بين من تم تعويضهم مستثمرون كانت عليهم مديونيات للوزارة بمئات الآلاف من الدولارات, فتحولت نتيجة الممارسات سالفة الذكر إلى تعويضات بملايين الدولارات.
هذه المعلومات وغيرها تحدثت عنها عدد من الوثائق الرسمية منها: مذكرة مرفوعة من مدير عام الرقابة والتفتيش البحري, ومستشار الوزير للشؤون البحرية.
خلاصة:
عدم قيام الوزارة بواجبها ومسؤولياتها في الحفاظ على الثروة السمكية ودعم الاقتصاد الوطني وتواطؤ معنيين في الوزارة مع المستثمرين في إهدار المال العام باتفاقيات سمكية, ولا مبالاة المعنيين في الوزارة بالاقتصاد القومي وعدم قيام الوزارة بواجبها ومسؤولياتها إزاء ممارسات كهذه ذات صلة باختصاصه ومهددة باقتصاد الوطن، إضافة إلى طبيعة ونوع التعويضات التي تقدمها الوزارة للمستثمرين تؤكد أنها ممارسات ملأها الفساد والتأمر على المال العام ونتيجة لهذا الواقع المؤلم لم يبرز الدور الحقيقي للثروة السمكية في الاقتصاد القومي عدا بنسبة1%.
عناوين جانبية:
•   تتهرب الوزارة من تعويض المستثمرين الذين طالتهم أخطاؤها بإحالتهم إلى البحر ومنحهم رحلات صيد
•   تقرير الجهاز: الوزارة أعطت ترخيصاً باصطياد مدمر للبيئة البحرية وطارد للأسماك ومهدر للمال العام

الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة: أن وزارة السمكية أعطت المستثمر ترخيصاً بمزاولة اصطياد اسماك الزينة بالمخالفة لقانون الصيد..

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد