الوحدة هي هدف سامي لكل الشعوب ومصدر قوة للدولة. والشعب ولا يوجد شعب يهوى تمزيق الوطن وتفتيته وكل الدول الكبرى تكونت من وحدات وولايات اتحدت وشكلت دولة قوية من أجل مجتمع قوي وتنمية وتقدم لصالح المجتمع والشعب أو الشعوب المكونة للدولة والوطن.
في اليمن لا يوجد خلاف على أن الوحدة حلم وهدف فالثورات اليمنية وفي المقدمة أكتوبر وسبتمبر كان هدفها الأول هو الوحدة وأيدلوجية الثورات اليمنية والثوار والشعب هي الوحدة.
وفي الجنوب قبل الشمال كانت الوحدة روح الشعب الذي يتنفس بها.
والتاريخ يتحدث بأن الوحدة مشروع ترعرع وكبر في الجنوب وحرب الاستقلال هو حرب من اجل الوحدة وثورة أكتوبر ثورة قاعدتها الوطنية،
الوحدة وقادتها ومفكريها وأدباءها وكل الأدبيات الوطنية والفنية والأدبية والفكرية والسياسية تتكلم بلغة الوحدة وتتغنى بالوحدة وذاكرة الوطن وحدوية تعبر عن الشعب شمالا وجنوبا.
وهناك مزج وتداخل للدماء والأفكار والتضحيات والشهداء وغرف عمليات الثورة بين الجنوب والشمال وتعز وعدن تحديدا،
كل الشعب اليمني كان ينشد بروحه للوحدة إلا أن العاطفة والروح كانت أعلى من الجنوب، النشيد الوطني اليمني نشيد الوحدة عدني جنوبي النشأة وعلم الوحدة قادم من الجنوب علم الجبهة القومية،
هذه حقيقة بل أن الحروب التي تحركت شمالا كانت باسم الوحدة ومن اجلها وهذا تاريخ لا يمكن أن يمحى،
لم يختلف الناس حول الوحدة كمشروع وطني فالوحدة متغلغلة في عمق الشعب والأرض،
وشمسان وعيبان متعانقان أمد الدهر وفي كل الظروف وهي علامة رشد الشعب،
والاختلاف قد يأتي حول شكل نظام الحكم والانحرافات التي تحدث بسبب الحكم والحاكم ونزواته الانفرادية لا علاقة لها بالوحدة التي يجري استغلالها في حالة ضعف الشعب كما تستغل الأمور العظيمة لصالح مطامع صغيرة وهذا لا يقلل من الوحدة ولا يجعلها مدانة أو جرم فتبقى هدف سامي للشعب،
ربما يخفت وجهها بفعل الظروف القهرية العابرة لكن سرعان ما تعود متوجهة عبر الأجيال وحنينهم.
ومن أجل ذلك ارتفعت أصوت من أجل إصلاح الحكم وإصلاح مسار الوحدة وهي تعني هنا مسار الحكم عن طريق بناء الدولة وإصلاح النظام وشكله.
وقد أبدع اليمنيون عندما خاضوا أكبر حوار في تاريخ اليمن واختاروا شكلا للنظام الاتحادي عبر مخرجات الحوار الوطني للحفاظ على وحدة الدولة والشعب وضمان العدالة وتوزيع الثروة وبنا دولة لكل اليمنيين يحكمها النظام والقانون ودستورا يختاره الشعب وللأسف أجهضت هذا المشروع من القوى المناهضة للوحدة ولم تطبق الفكرة على الواقع لكنها منجز لن يموت كما أن الوحدة فكرة لا تقبل الموت.
إن الأجيال اليمنية لن تخطي مسار الآباء ولن تسلك طريق يمزق اليمن العظيم لكنهم سيسلكون طريق العظماء مع إصلاح مستمر للمسار وحفاظا على جوهر النظام وروحه المعبر عن وطن عظيم وشعب واحد، وكل المشاريع التي تذهب بعيدا عن الوحدة ستجد نفسها في دائرة الوحشة وفي صحراء قاحلة لا ماء فيها ولا زرع سوى ازيز الريح وعواء الذياب وسراب بقيعة.
واليمني مهما كان فبطبيعته اجتماعي يحب البيت والأسرة والعائلة والوطن الواحد وعليه أن يبدأ من حيث انتهى الآباء حاملا معه تراكم التجارب متجاوزا الأخطاء القاتلة للشعوب الممزقة للأوطان والتي تحيل حياتهم جحيما وغربة موحشة في وطنهم.