يحتل مؤتمر الحوار الوطني المزمع انعقاده خلال الفترة القادمة أهمية بالغة لدى كل الأطراف اليمنية ومن الدول الراعية للاتفاقية الخليجية أو المعنية بأمن واستقرار اليمن.. ويعتبره الكثيرون بوابة للوقوف على مشكلات اليمن الكثيرة والعديدة والأزمات التي تعاني منه البلاد.. فقضية الجنوب وما خلفته آثار حرب 1994م والحرب في صعدة وبناء جيش على أسس وطنية وإعادة صياغة المشروع الوطني وتحديد نظام الحكم وشكل الدولة، إضافة إلى المشكلات الاقتصادية والأمنية التي يعاني منها اليمن، كل تلك قضايا ينبغي الوقوف عليها ومناقشتها وإيجاد الحلول الناجعة لها..حول مؤتمر الحوار الوطني و ما ينبغي أن يطرح فيه تحدث إلينا العديد من النخب الفكرية و السياسية والأكاديمية في هذا الاستطلاع

يرى الدكتور محمد يوسف - رئيس نقابة هيئة التدريس بجامعة الحديدة، رئيس تجمع "أكاديميون من أجل التغيير" بالحديدة- أن مؤتمر الحوار الوطني أمل تتعلق به قلوب اليمنيين وتنعقد عليه آمالهم، لما يمثله من خطوة مهمة تضمد الجراح وتخفف الآلام وتكسر حالة الجمود السياسي، كما تدفع باتجاه تحقيق المصالحة الوطنية وتقطع الطريق على المزايدين والانتهازيين والمتاجرين بقضايا الوطن فضلاً عن أن اللقاء في حد ذاته يعطي مؤشراً على حسن نية المشاركين ويدفع باتجاه بناء جسور الثقة وتعزيزها بين القوى السياسية والمكونات المشاركة في المؤتمر.
وأضاف: حتى يتحقق للمؤتمر النجاح فلابد من التهيئة الجيدة له بالتواصل الفعال مع مختلف القوى الوطنية والأحزاب السياسية والمنظمات الجماهيرية والمكونات الثورية والشخصيات الاجتماعية في الداخل والخارج بمختلف توجهاتها الفكرية وانتماءاتها السياسية دون إقصاء أو تهميش واستيعاب القضايا الوطنية حسب أهميتها وترتيبها حسب أولويتها، وإشراك الكفاءات والخبرات العلمية والأكاديمية في الإعداد للمؤتمر وصياغة أدبياته وتنظيم فعالياته التي يجب أن تكون تظاهرةً وطنية تعبر عن التنوع الجغرافي والفكري والسياسي والاجتماعي لليمن وتتجسد فيها معاني الحرية والديمقراطية والمواطنة المتساوية والقبول بالآخر واحترام رأيه مهما بدا مخالفاً أو غير منطقي.
وأكد يوسف انه يجب أن يناقش المؤتمر مختلف القضايا بحرية تامة وشفافية مطلقة وموضوعية عالية دون حدود أو قيود مع تشخيص دقيق للمشكلات وتحديد لآليات معالجاتها واعتراف مسؤول بالأخطاء والاعتذار عنها وتطلع إلى المستقبل والتأكيد على مبدأ الشراكة في بنائه.
ونوه بضرورة تفاعل كافة وسائل الإعلام الرسمية والأهلية وتغطية فعاليات المؤتمر، والحذر التام من تحويل المؤتمر إلى كرنفال فني أو مهرجان خطابي تلقى فيه الكلمات المنمقة والخطب الرنانة وتسيطر عليه المجاملات والابتسامات الصفراء بين الساسة لما يمكن أن يسببه ذلك من إحباط للإنسان اليمني وانتكاسة للمشروع الوطني وإطالة للصراع وتأخر في بناء اليمن الجديد.
تجنب أخطاء الماضي
أما الإعلامي عبد الحفيظ الحطامي فيقول إنه لا بد من مشاركة جادة لجميع من في الساحة اليمنية على قاعدة المسؤولية الوطنية وليس بنوايا الاقتصاص أو احتكار الحقيقة أو اختزال الوطن في مصلحة طرف أو جهة بعينها.
وأضاف: علينا أن ننطلق من هذا الحوار الوطني من قاعدة المصلحة الوطنية العليا ليس كشعار أو مجرد مزايدة أو لمجرد الحوار وذلك لتجنب أخطاء الحوارات السياسية الماضية التي كانت تفضي إلى مزيد من التخندق والأخطاء والتمزق الوطني، الحوار الوطني اليوم عليه أن يمضي ويسير باتجاه حماية سفينة الوطن من كل الجهات التي تسعى لإغراقها وذلك بمزيد من يقظة الضمير وارتفاع الحس الوطني والشعور بالمسؤولية الوطنية، يجب إن يكون منطلقه الحفاظ على الوحدة الوطنية والحفاظ على مصالح الوطن العليا وعلى سيادة البلاد وعلى ثروته، ويكون ملبياً لتطلعات اليمنيين على امتداد الخارطة اليمنية ويستوعب كافة المشكلات ويضع لها حلولاً مناسبة وجذرية وليست معالجات وقتية وآنية.
وأشار الحطامي إلى أن على الأطراف المعنية بالحوار أن تستوعب كل الأخطاء التي كانت ترتكب في الحوارات السابقة حتى تتجاوز الأخطاء، وأن لا يستثنى أحد من هذا الحوار، وأن يقف الجميع صفاً واحداً إزاء أي جهة تقف أمام انجاز مشروع الحوار الوطني أو تتآمر عليه أو تضع اعتباراً لأجندة أجنبية أو مصلحة ذاتية، وان تترجم بنود هذا الحوار إلى واقع عملي يشكل منطلقاً لحلحلة كافة القضايا الوطنية المؤرقة لليمنيين
حوار الشفافية
ويقول الدكتور العزي شريم - عضو هيئة التدريس بجامعة الحديدة- إنه عندما نتحدث عن ما يمكن طرحه من الأمور أو القضايا على مؤتمر الحوار الوطني لابد من التأكيد على الأساسيات أو المبادئ والشروط اللازمة والضرورية لنجاح مثل هذا المؤتمر الوطني, فالجميع يدرك انه ليس مؤتمرًا ترفياً وإنما الوصول إليه كان نتاجا للثورة الشبابية الشعبية السلمية وأهدافها ومسيرتها الرائدة ,وما قدمته من تضحيات ودماء.
لذلك أقول إن أي حوار قادم ووفقاً لما سبق لابد من اجل نجاحه أو إنجاحه أن تتوافر الأسس اللازمة والضرورية لتحقيق النجاح, وهنا يجب حتما أن تكون الأرضية للملعب السياسي ممهدة ومستوية لكافة اللاعبين والشركاء دون استثناء, وإن يتجه الجميع بعقول وصدور مفتوحة وبنوايا خالصة لوجه الله والوطن أرضاً وإنساناً، حتى نستطيع الوصول إلى دستور يمني حديث يحدد شكل وملامح نظام الدولة والحكم والأسس الكفيلة بوضع القوانين العصرية لبناء الدولة المدنية الحديثة، مما يؤدي إلى النهوض أو الانتقال النوعي باليمن والارتقاء به على كافة الأصعدة والمستويات وعلى أسس علمية سليمة.
ويقترح العزي تشكيل عدد من اللجان من ذوي الخبرة والاختصاص والمهتمين لتقديم الرؤى والدراسات ..في مختلف المجالات ومنها مثلا الاقتصادية –الصحية –الزراعة والمياه والبيئة –السياحة –النفط – الطاقة البديلة والمتجددة – والتعليم عموماً من رياض الأطفال وحتى التعليم العالي والبحث العلمي...الخ.
تهامة على الطاولة
ومن جهته قال الصحفي والناشط السياسي وديع عطا: اعتقد أن قيادة التغيير الوطني ممثلةً برئيس المجلس الوطني - رئيس مجلس الوزراء- باسندوة، وكذلك رئيس الجمهورية كونه وصل لمنصبه نتاجاً للثورة ، هذه القيادة تتجاهل شعباً ومعاناة بحجم تهامة ، تهامة أكبر جروح الوطن ، وأقدمها وجعاً.
وأضاف: تهامة أكثر فساد الأراضي ، وأكثر قضايا انتهاك حقوق الإنسان وامتهان الكرامة من لصوص الأراضي ، رموز لاستبداد والطغيان.. تهامة التي لم يُعترف بشهدائها الأحرار من الزرانيق أكثر من 800 وفي رواية أكثر من 1000 شهيد ، كانوا أول وأكثر ضحايا التصدّي للاستبداد والديكتاتورية العائلية ، لا أحد يعلم عن "الخادم" غالب الوجيه مموّل ثورة 48م أول ثورات التحرر اليمني.
 وتابع: أعتقد أن حواراً وطنياً لا تحضره تهامة بتاريخها السياسي المطمور، تهامة المعاناة ، بشهدائها بمظلوميها بضحايا الإهمال والتهميش، أوجاعٌ بحجم وطن.. ونسمع قيادات الدولة وطباخي الحوار يتحدثون عن صعدة وعن الجنوب وعن أرحب وعن بني جرموز ويتناسون أو بالأصح يتجاهلون جرحاً ووجعاً بحجم وعمق تهامة.
واستنكر: نزعم أن حكومة باسندوة حكومة تغيير، فما بال السجون الخاصّة لا تزال، وما بال الأراضي لا تزال تتعرض للنهب والسطو، ويتعرض ملاكها للانتهاك الآدمي، وما بال الفاسدون لا يزال صوتهم هو الأقوى في عهد التغيير.

مستقبل أفضل
ويرى الناشط فضل أحمد سعيد أن الحوار الوطني أصبح ضرورة وخيار لابد منه، بل أضحى بمثابة المنقذ لكافة القضايا المحلية المعلقة والتحديات منذ فترة طويلة والتي منها ما هو صنيع الثورة الشبابية لإجراء عملية التغيير للأفضل لمستقبل اليمن ومنها ما هو صنيع النظام السابق وسياسته الخاطئة في حل كثير من القضايا الوطنية وتهميشه المتعمد لدور المجتمع ومساعدته في عملية الحل.
وأضاف: كما هو معروف أن آلية ونظام علي صالح وسياسته تنتهج التخوين لكافة شركاءه ومحاولة إقصائهم، كما أنه لا يسعى للحل الجذري لكافة القضايا، خصوصاً ما يتعلق بالمناطق ومشاكلهم حتى طفت إلى السطح، لهذا تحتم في الواقع أن نتعامل معها بكل مصداقية وشفافية ودون تهميش لأحد أو منطقة أو فئة أو شريحة أو تنظيم أو جماعة.. فالكل مسئول عن الوضع الحالي والكل مسؤول للخروج باليمن إلى بر الأمان تحت مظلة وطنية واحدة، بعيداً عن أي مصالح ضيقة أو مشاريع.
وأشار إلى أنه لا يمكن أن ينجح مؤتمر الحوار إلا بصفاء النفوس والعقول على حد سواء وتجاوز الماضي وعدم استدعاه والاتجاه نحو المستقبل المتمثل في بناء دولة قوية ترعى حقوق المواطنين وترتقي بمستوياتهم الاقتصادية وتحافظ على أمن واستقرار البلاد وتصون وحدته.