أنت تسأل والشعراوي يجيب

2012-07-27 02:07:22 أخبار اليوم/ خاص


ونحن نعيش هذه الأجواء الإيمانية.. والنفحات الربانية بعد أن دخلنا الأسبوع الثاني من شهر رمضان المبارك، نواصل نشر فتاوى إمام الدعاة الراحل فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي، والتي تتعلق بأحكام الصيام، وما ترمز إليه الآيات القرآنية الكريمة والخاصة بالركن الرابع في الإسلام، مخاطباً كل العقول والأعمار والثقافات بفلسفة الصوم وأسراره، بأسلوبه الشيق البسيط الذي يقرب الأفهام النائية، فتدخل إلي قلوبنا بلا استئذان..

س:في رحلة الإيمان إلي الصوم، ماهي فلسفته وعلة الامتناع عن تناول الطعام والشراب طوال شهر رمضان؟
(ج):لا أحب أن يقبل المكلفون علي الأمر التكليفي لعلة أو لما فيه من أسرار وحكم، لأن المؤمن لو أقبل على فعل الأمر لعلة، لصار إيمانه بالعلة.. والمفروض أن يكون الإيمان بالأمر، فهمت العلة، أو لم تفهمها!.
ومن هنا يظهر الفرق بين إنسان، غير مؤمن لو أظهرت له علة شيء تتصل بذاته لأقبل عليها، وبين المؤمن الذي يقبل على الفعل لأنه من الله، ولذلك، فإني أؤكد أن علة كل حكم: الأمر به.. لكن الناس قد يلتمسون عللاً وحكماً بعد مزاولتهم للأمر الذي أمرهم الله به والعلة والحكمة لم يعرفا قبل مزاولة الأمر، ولكن بعد فعل الأمر ومزاولته وممارسته..فمثلاً: زاولت الصيام فظهرت لك فوائد وحكم، وعلل في أداء فريضة الصوم، فقلت إن للصوم فوائد منها هذا ومنها ذاك، فالفوائد لم تتبين قبل الصيام ولكنها تبينت بعد مزاولة الصيام فعلاً.
فالذين يقولون علته كذا، وحكمته كذا، قالوا ذلك بعد تنفيذ الأمر لا قبله، وإدراكهم للعلة أتى متأخراً بعد التنفيذ، فإقبالهم على الأمر ليس بدافع العلة، ولكن لإيمانهم بمن أمر وهو الله عز وجل، لكن الله سبحانه وتعالى قد يبين العلة أو بعض العلة، أو عمومية العلة!.. ومعلوم أن الصيام هو الركن الوحيد من أركان الإسلام الذي يوصف بالسلبية، بمعني أن التكليف فيه نهي عن الطعام، والشراب، والجماع، أما باقي الأركان فكلها أوامر إيجابية ومن كل هذا يتضح لنا دون غموض: أن الأصل أن تفعل ماتؤمر به وإن لم تفهم العلة.
ولنضرب لذلك مثلاً: العلة في تحريم الخنزير لم تكتشف إلا بعد أربعة عشر قرناً, فهل نوقف تحريمه حتى نتبين العلة؟..طبعاً لا, وإنما حرم لحمه ثم ظهرت الحكمة بعد ذلك، ولم يكن التحريم متوقفاً على ظهور العلة!.

س:وماذا ترمز إليه هذه الآية الكريمة: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَي الَّذِينَ ُمِنْ قَبْلِكُم)..هل صيامنا بضوابطه فرض على الأمم السابقة؟ أم كان هناك فرق بين الضوابط؟
(ج):(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَي الَّذِينَ ُمِنْ قَبْلِكُم) مطلق الإمساك، الإمساك بالنسبة للبطن والفرج حتى الليل، ومعنى هذا أنه فرض علينا بضوابطه كما فرض على الأمم السابقة.. وهذا يوضح لنا أيضاً أهميته كعبادة حقة لله تعالي جل شأنه، ومن ثم لابد أن يكون حرصنا على صفاء هذه العبادة، وأن تكون خالصة لوجه الله أمراً ضرورياً له أهميته البالغة.

س:وتكملة آية الصيام يقول الله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قبلكم لعلكم تتقون).. مامعني التقوي هنا؟
(ج):قول الحق سبحانه: (لعلكم تتقون) بعد الأمر بالصوم هو بيان للعلة..إذن: فعلة الصوم المأمور به أن نتقي، أي شيء نتقيه..التقوى في حقيقتها ومعناها اللغوي، أن تجعل بينك وبين شيء يضرك وقاية.
إذن: الصوم فرضه الله لكي يجعل بيننا وبين مايضرنا وقاية، وحجاباً، وستراً، في الأمر التكليفي، الوقاية التي يجب، أن يعني بها المكلف، الوقاية من الشيء الذي لايزول عنك، وذلك هو عذاب النار, وأما كل شيء يأتي ويزول فليس هو المقصود منه الوقاية، فيكون أهم شيء في التقوى هو أن تتقي الشيء الثابت اللازم الذي لايزول
فرصة رمضانية للتوبة.

س: التوبة مستحبة في رمضان.. لماذا ؟
(ج):إنها مستحبة خلال منعك من الحل, فهي فرصة أن تتوب إلى الله وترجع إلى ساحته وجنابه في رمضان، لقد امتنعت عما تعودت، وتلجأ إلي الله ونيتك خالصة.

س:ما الحكمة في تشريع التوبة، وقبولها من قابل التوب وغافر الذنب؟
(ج): تشريع التوبة وقبولها من الحق تبارك وتعالي جاءت صيانة لحركة الهداية في الأرض, لأن التوبة لو لم تشرع لكان مجرد وقوع إنسان في معصية ذريعة له أن يستشري في الأرض بالمعاصي، وحينئذ يفسد الكون بمجرد غفلة إنسان واحد, لأنه إذا كان قد طرد من الرحمة بمجرد المعصية الواحدة كافية لأن يطرد من رحمة الله، فتصور أن واحداً يعصي ربه ثم ييأس من قبول ربه توبته، ماذا يكون موقفه في الكون؟ إنه سيعربد فيه انحرافاً وانحلالاً وطغياناً وجبروتاً وحينئذ يغري غيره بالأسوة السيئة في أن يكون مثله، وحينئذ يكون العالم كله شرا ًفي صدام الحياة ومعاركها أي أن مشروعية التوبة من الحق هي فتح مجال لرجوع الإنسان الذي انحرف إلى طريق السواء والسداد..
لذلك فالحق جعل للإنسان العذر في الغفلة والنسيان والعذر في أن نفسه قد تضعف مرة فتصيبه المعصية ولكن ذلك لايعني أن يستشري في باب المعصية وبين أن الله أفرح بتوبة عبده العاصي من أحدكم وقع على بعيره وقد أضله في فلاة.. كل ذلك حرصاً علي سلامة وصيانة حركة الحياة.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد