أحلام العرشي - مدير عام دار الايتام....

أنا هنا من أجل اليتيم

2012-08-03 02:05:07 حاورتها/ غادة العبسي


قبل حوالي أربعة أشهر أعلن أيتام دار الأيتام في شارع تعز إضراباً مفتوحاً عن الطعام، تلاه خروج إلى شارع تعز وقطع الشارع، كان كل ذلك احتجاجاً منهم على سوء معاملتهم وعدم حصولهم على حقوقهم الأساسية المتمثلة في التغذية ومصاريف الجيب واللبس والسكن الملائم.
ملحق "أخبار الأسرة" كان له السبق في نقل معاناتهم، والوقوف إلى جانبهم، وبالفعل بدأت الحكومة تنظر إلى مطالبهم، وتحركت في هذا السياق وكان أو لما فعلته هو تعيين الأستاذة/ أحلام العرشي - مديراً عاماً للدار، وذلك بتكليف رسمي من رئاسة الوزراء.
وحين بدأت الأستاذة أحلام في مزاولة مهامها كان لنا معها هذا الحوار، الذي يعد جس نبض عن الكيفية التي ستسير عليها الدار، وعن السياسة التي سيتم إتباعها.. فإلى نص الحوار:

البداية:
× كيف تم تعيينك في الدار؟
- تلقيت اتصالاً من رئاسة الوزراء بلغت من خلاله بأنه تم تعييني من قبل رئاسة الوزراء لتحمل مسئولية إدارة الدار؛ لأنهم لم يجدوا الشخص المناسب لتحمل هذه المسؤولية، حيث وأن الإدارة السابقة قد تم تغييرها وهناك مدير مكلف، تم تعيينه إلى حين وصول المدير المسئول.
× هل تحمست للفكرة؟
بالطبع.. أنا رحبت بالفكرة كثيراً؛ لأن هذه دار رعاية للأيتام، حيث وأني متقاعدة، تعد وهذه فرصة جميلة لأن أعمل في خدمة الأيتام في نهاية عمري، وأنا لا اعتبرها وظيفة، بل عمل أتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى في آخر المطاف، أنا أعتبر العمل من أجل الأيتام شرف لي وإن كانت المهمة صعبة جداً.
× ما هو المهمة الأولى التي قمت بها حال وصولك إلى الدار؟
حين بدأت العمل في الدار حين جئت إلى هنا في البداية كان همي الأول هو أن أتعرف على مكامن الخلل في الدار، وكيف هي الحياة فيه، لذا كان لابد من أن أطلع على كل شيء قبل أي شيء، وطفت في الدار ووجدت أن هناك ليس فقط مشكلة، بل مأساة يجب أن نتداركها ونجد الحلول الجذرية لها؛ لأنها تحتاج إلى إعادة بناء من جديد.
خلق حياة:
× أين وجدت الخلل؟
 في كل النواحي، سواء الإدارات العاملة في الدار أو الأقسام الموجودة فيه، ترتيب أوضاع العاملين في الدار سواء القدامى أو الجدد الذي نحتاج وجودهم في الدار، حياة اليتيم هنا حيث شعرت من أول وهلة بأننا بحاجة إلى خلق حياة تليق باليتيم، في الجهة المقابلة هناك أشياء زائدة لا حاجة للدار بها وهي تعد فائضة وعبء على الدار.
وما الذي توصلت إليه؟
حتى يسير العمل بطريقة صحيحة فقد بدأت بعمل اجتماعات للإدارات كل على حدة، حيث أتضح لي أني مسؤولة عن تسع إدارات موجودة في الدار، منها إدارات أساسية وهناك إدارات تم إضافتها، وهناك بالفعل تداخل في عمل هذه الإدارات، ولا تقوم بعملها الحقيقي خاصة أنني جئت في فترة إجازةـ لذا لا أستطيع الحكم الآن؛ لأن العمل الآن يعتبر بحافز أو ما شابه ذلك، حيث أقيم مركزاً صيفياً في الدار على مستوى المديرية وآخر على مستوى الدار.
الأسس:
× هل وضعت يدك على المشكلة الحقيقية من خلال هذه الاجتماعات؟
العمل هنا لم يكن متقناً وهو حضور شكلي وأي عمل يقومون به للأيتام غير مبني على أسس، يقومون به بسرعة، المهم الانتهاء منه وليس جودته، كما أن المهام مهمشة كل ما في الأمر هو أنهم يقومون بتغطية عمل لتسير الأمور سهلة، وبالروتين الذي اعتادوا عليه، وللأسف لاحظت أن الإدارة والموظفين الموجودين في الدار والقائمين على الأيتام إجازاتهم طويلة، ولاحظت أن البعض الآخر يقوم باجتهادات هنا من أجل أن تحسب له عمل إضافي بغض النظر عن الفائدة التي يحصل عليها الأيتام من اجتهاده، لأن مصلحة الأيتام لا تعتبر أولوية عند البعض ولا أقول الكل، فهناك من القائمين على الدار لديهم رغبة في تقديم الأفضل ولكن تواجههم صعوبات كثيرة.
مشاكل الموظفين:
× ما هي هذه المشاكل؟
من خلال الاجتماعات التي تعقدها الإدارة مع موظفي إدارات وأقسام الدار، تبين أن كثيراً من المشاكل الخلل الموجود في الدار عائد إلى سوء تصرف الإدارات السابقة من حيث عدم الجدية والاهتمام في توفير الأشياء الأساسية للدار، وأنا لا ألوم هنا الإدارات السابقة فقط؛ لأنها لم تكن تمتلك ميزانية تشغيلية للدار من أجل تشغيل الدار بالشكل المطلوب، ليس لديهم حلول لهذه المشاكل الموجودة في الدار وهذه الحلول تأتي حين يشعر القائم على الدار أن الدولة تساهم بميزانية تشغيلية ثابتة بحيث أنها تكون سنوية وقتها لن تتضرر الدار ولا القائمين عليها ولا الايتام، الذين صبروا إلى أن عجزوا عن الصبر ووصل بهم الأمر إلى الخروج إلى الشارع وليسمعوا المجتمع والحكومة صوت معاناتهم، بالفعل كان هناك إهمال وقصور كبير من حيث الجهد الذي يبذل، خاصة الموظفين الذين شعروا أن جهودهم لن تعود لهم بالمردود الذي يساعدهم في الحياة الكريمة.
الأمر الآخر الأطفال بحاجة إلى العناية والأشخاص القائمون عليهم ليسوا موظفين رسمين، بل متعاقدون بمبالغ زهيدة جدا تتراوح بين تسعة وعشرة آلاف، وهذه لا تكفي ولا تساوي الجهد الذي يبذلونه أو يفترض أن يبذلونه للقيام بواجبهم تجاه هؤلاء الأيتام، تخيلي هناك في الدار موظفون متعاقدون بهذه المبالغ الزهيدة منذ عشرة وخمس عشرة وعشرين سنة، لم يتم تثبيتهم، وكان على الإدارات السابقة أن تقوم بمتابعة تثبيتهم، أنا علي الآن أن أعمل من أجل أن يكون كل العاملين في الدار موظفين متخصصين ورسميين من الدولة وليسوا متعاقدين؛ لأن المتعاقد لا أستطيع أن أضمن أن يقوم بعمله بالشكل المطلوب في ظل وضع مادي سيء لن يساعده على منحه حياة مستقرة، أيضاَ المتطوعون لا حاجة لهم في الدار لأني لن استطيع متابعته لأنه غير ملزم ولا يحق لي محاسبته، لذا اشعر أن ترتيب هذه الأمور هو حجر الأساس لإعادة بناء وترميم كل ما لحق بالدار في الفترات السابقة، سواء في القسم الداخلي أو المؤسسة التربوية أو ما يخص الأم البديلة.
المصداقية:
× وماذا بشأن الأيتام أنفسهم؟
الأيتام هنا بحاجة إلى رعاية تلم بجميع الجوانب المهمة في حياتهم سواء كانت تربوية أو تعليمية أو نفسية أيضاً رعاية من حيث التغذية والصحة والنظافة ومكان سكنهم، أيضاًَ التوعية والإرشاد الأيتام يحتاجون كل هذا لنصنع منهم أفراد فاعلين في المجتمع، هؤلاء أيتام ولابد أن هناك ميزانية لهم سواء من الدولة وإن لم تقم الدولة بواجبها ناحيتهم، فهناك ميزانية من فاعلي الخير وهم كثر ويحضرون إلى الدار، ولكن هناك اجتهادات من القائمين على الدار، فهناك رسائل ترفع إلى فاعلي خير وبعدها يعلم فاعل الخير أن ما تبرع به لم يذهب إلى شريحة الأيتام، وبذلك تفقد الإدارة مصداقيتها عند فاعلي الخير و يفكرون أن هؤلاء يبتزونا على حساب الأيتام.
الحلول..
× ما هي الحلول لمثل هذه الإشكاليات ؟
بالنسبة للحلول الخاصة بهذه المشكلة والتي بدأت الآن تفعيلها في إدارتي للدار، مثلاً فاعل خير يأتي ولديه مبالغ يرغب أن يسلمها للأيتام أنفسهم، وهذه الطريقة غير مستحبة ولكن حرصا منه أن تصل إلى الأيتام ليستفيدوا منها؛ خاصة أن فاعل الخير لديه تجارب سابقة تؤكد أن الأيتام لا يستفيدون مما قدمه لهم، لذا أنا أرسيت أسس يجب أن نسير عليها ليضمن أولا فاعل الخير أن ماله يذهب إلى حيث يريد هو، وثانيا الأيتام يستفيدوا من هذه الأموال التي جاءت باسمهم، وتتمثل هذه الأسس في أن فاعل الخير الذي يرغب في صرف مبلغ معين للأيتام، لا يأتي به نقداً إلى إدارة الدار أو إلى الأيتام أنفسهم، بل عليه أن يودعه في حساب الدار في البنك ويأتينا بقسيمة البنك التي تثبت ذلك، ويسخر المبلغ للأيتام بالشكل المطلوب ويستفيدون منه كما يجب، ويكون طريقة صرف المبلغ على مسئولية مدير الدار واللجنة المكلفة.
× ماذا عن الأشياء العينية التي تستهلك بسرعة ولا تحتمل البقاء طويلاً؟
الأمر الآخر بالنسبة لفاعل الخير الذي يأتي إلى بوابة الدار ليوزع أشياء عينية سريعة الاستهلاك كالعصائر المعلبة والساندويتشات أو التمور، أنا منعت هذه الممارسات حيث أن هناك من يقوم بتوزيع معلبات منتهية الصلاحية، وأصدرت توجيهات أن لا يتم توزيع شيء من هذا إلا بالتنسيق مع إدارة الدار وتوزع على الأيتام بسرعة وأولا بأول ولا يتم تخزينها.
بادرة خير:
× مشاكل الأيتام التي كانت سبب في ثورة الأيتام، هل من حلول قمتم بها؟
مشاكل الأيتام مثلاً مشكلة التغذية تم الاتفاق مع مقاول يعطيهم التغذية على حسب الطبلة والأصناف، ولكن هناك مشكلة أن المقاول لم يتم صرف حسابه من قبل الدار للسنوات الماضية، ولكنه مع ذلك لم يتوقف عن صرف المواد الغذائية، من باب أن الأيتام هم المتضرر الوحيد من توقفه عن صرفها، وهذا أمر جيد أنه مراعٍ ضميره، وقد تم الاتفاق مع أمانة العاصمة على أساس عمل مناقصة خاصة بالتغذية لكي تكون ثابتة، حالياً أمر التغذية محلول إلى الآن.
 بالنسبة للقسم الداخلي هناك إهمال وتقصير من قبل بعض القائمين عليه، ولكن هناك الكثير من الأشياء التي يجب توفيرها، كالأسرة والفرش والبطانيات والملايات، كذلك النظافة، حيث أن العمر الافتراضي لهذه الأشياء قد انتهى ولم تعد صالحة لاستخدام الطالب وهذه ليست من مسئوليات القائمين على القسم، حيث في كل غرفة يوجد تسعة آسرة على اعتبار أنها أسرة واحدة، ولكن لا يوجد دواليب لوضع ملابسهم وأدواتهم ولا نظافة.
الحمد لله أنا وفقت في الحصول على عدد ألف بطانية من وزارة الدفاع وبالفعل وصلت إلى الدار، أيضاً سبعمائة ملاية سيتم توزيعها بعد تنظيم الأسِرة، وهذه ابلغنا فاعل خير أنه سيقدم أسرة للدار كامل، بالنسبة للفرش والمخدات سيتم شرائها قريباً إن شاء الله، وسيتبقى لدينا الخزانات سنحاول أن نوفرها للطلاب ومبدئياً ربما نوزع حقائب لكل طالب ليتم وضع ملابسهم وأدواتهم فيها إلى حين توفر الخزانات، وبهذا نكون رتبنا فعلياً البيئة التي يحتاجها الطالب ليشعر بالاستقرار في مكان نومه ومذاكرته.
مشكلة المصروف اليومي أنا رفعتها لرئاسة الوزراء من أجل توفير ما يخص الطلاب من مصاريف، أيضاً ما يخص الملابس تقريبا نحن بدأنا بالاتفاق فيما يخص ملابس العيد والمدرسة وما يأتي من فاعلي الخير، شركة توتال قامت بعمل فعالية في الدار وزعت فيها كروت لكل طالب بمبلغ خمسة آلاف ريال لشراء ملابس العيد من محلات العزاني.
مشكلة الحقيبة المدرسة أنا اتفقت مع الوزارة أن توزع في بداية العام حقيبة مدرسية متكاملة مع البدلة المدرسية.
بالنسبة للأنشطة هي فعالة ويقوم بها الأيتام باجتهاداتهم الشخصية بالتنسيق مع منظمات وأنا اشكر هذه المنظمات، ولكن الآن عليها أن لا تقوم بعمل إلا بالتنسيق مع الإدارة حتى نعيد بناء الدار بشكل منظم وصحيح.
لدينا مشكلة إيجارات المحلات الخاصة بالدار، فقد تم الاتفاق أنها ستصرف مباشرة الى إدارة الدار.
تنظيم..
× ماذا عن الرعاية التوعوية للطلاب؟
النظام داخل الدار غير صحيح، ربما هناك رعاية من قبل الجامع لطلاب الدار حيث يجب أن نرسخ الجانب الديني في أذهان الطلاب، ولكن ليس الجميع يستجيب هناك طلاب يتمردون ويعود ذلك لأسباب وسلوكيات أكتسبها الطالب من خارج الدار، وأحياناً انعدام الثقة، أيضاً هناك بعض الموظفين لا يعتبروا بالنسبة لليتيم قدوة، حالياً سأقوم بعملية التدوير بالنسبة للموظفين وربما استثني واستغني، ولكن حتى لا أدخل في مشاكل مع أحد هنا، أعلنت للموظفين أن هذا العام سيكون هناك مراقبة لكل شخص يعمل في الدار، ومدى التزامهم بالمهام الموكلة إليهم، إذا لم يتم يقوموا بالمهام كما ينبغي فمن حقي كمدير عام للدار أن أتخذ الإجراءات اللازمة بما يتناسب مع مصلحة الدار.
× الأمور الإدارية التنظيمية؟
هناك أمور إدارية أيضاً غير منظمة في الدار مثلا اكتشفت عدم وجود ملفات للمتواجدين في الدار سواء الموظفين أو الأيتام، فملفات الأيتام مجموعة بطريقة عشوائية غير منظمة ، على الرغم أن المفترض أن يخصص ملف متكامل عن الطالب فيه دراسة لحالته النفسية والاجتماعية، أيضاً مستواه الدراسي، مشاكله في المدرسة.
وهذه الأمور المبدئية أو الترتيبات الأولية التي قمت بها والحمد لله أني جئت للدار في وقت الإجازة الصيفية حتى نستطيع ترميم ما يمكن ترميمه فيها وقبل بدء العام الدراسي.

 بطاقة:
الاسم: أحلام العرشي..
مديرة مدرسة ثانوية بلقيس النموذجية في الشيخ عثمان بعدن
أكملت مدة خدمتها خمس وثلاثين عاماً، وتقاعدت.
أم لابنتين.

noorgada@hotmail.com

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد