رسائل الإمام الشهيد حسن البنا (الحلقة الرابعة عشرة)

2012-08-08 01:00:20 أخبار اليوم/ خاص


ففي رسالة خاصة إن شاء الله .
لإخوان المسلمون و القانون
قدمت أن الدستور شيء و القانون شيء آخر , و قد أبنت موقف الإخوان من الدستور , و أبين لحضراتكم الآن موقفهم من القانون .
إن الإسلام لم يجئ خلواً من القوانين، بل هو قد أوضح كثيراً من أصول التشريع وجزئيات الأحكام، سواء أكانت مادية أم جنائية، تجارية أم دولية ، والقرآن والأحاديث فياضة بهذه المعاني، وكتب الفقهاء غنية كل الغنى بكل هذه النواحي، وقد اعترف الأجانب أنفسهم بهذه الحقيقة، وأقرها مؤتمر لاهاي الدولي أمام ممثلي الأمم من رجال القانون في العالم كله .
 فمن غير المفهوم ولا المعقول أن يكون القانون في أمة إسلامية متناقضًا مع تعاليم دينها وأحكام قرآنها وسنة نبيها، مصطدماً كل الاصطدام بما جاء عن الله ورسوله، وقد حذر الله نبيه ص من ذلك من قبل، فقال تبارك وتعالى: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ , أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة:49-50) , ذلك بعد قوله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ـُ الظَّالِمُونَ ـ الْفَاسِقُونَ) (المائدة:44 , 45 , 47) ، فكيف يكون موقف المسلم الذي يؤمن بالله وكلماته إذا سمع هذه الآيات البينات وغيرها من الأحاديث والأحكام، ثم رأى نفسه محكوماً بقانون يصطدم معها؟ فإذا طالب بالتعديل قيل له: إن الأجانب لا يرضون بهذا ولا يوافقون عليه ، ثم يقال بعد هذا الحجر والتضييق : إن المصريين مستقلون وهم لم يملكوا بعد أن يتمتعوا بحرية الدين، وهي أقدس الحريات .
على أن هذه القوانين الوضعية كما تصطدم بالدين ونصوصه تصطدم بالدستور الوضعي نفسه الذي يقرر أن دين الدولة هو الإسلام , فكيف نوافق بين هذين يا أولى الألباب ؟
 وإذا كان الله ورسوله قد حرم الزنا وحظر الربا ومنع الخمور وحارب الميسر وجاء القانون يحمى الزانية و الزاني ويلزم بالربا ويبيح الخمر وينظم القمار فكيف يكون موقف المسلم بينهما ؟ أيطيع الله ورسوله ويعصى الحكومة وقانونها والله خير وأبقى ؟ أم يعصى الله ورسوله ويطيع الحكومة فيشقى في الآخرة والأولى ؟ نريد الجواب على هذا من رفعة رئيس الحكومة و معالي وزير العدل و من علمائنا الفضلاء الأجلاء .
أما الإخوان المسلمون فهم لا يوافقون على هذا القانون أبدا ولا يرضونه بحال وسيعملون بكل سبيل على أن يحل مكانه التشريع الإسلامي العادل الفاضل في نواحي القانون ولسنا هنا في مقام الرد على ما قيل في هذه الناحية من شبهات أو ما يعترض سبيلها من توهم العقبات ولكننا في مقام بيان موقفنا الذي عملنا وسنعمل عليه متخطين في سبيله كل عقبة موضحين كل شبهة حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله .
و لقد تقدم الإخوان المسلمون إلى معالي وزير العدل بمذكرة إضافية في هذا الموضوع , و لقد حذروا الحكومة في نهايتها من إحراج الناس هذا الإحراج , فالعقيدة أثمن ما في الوجود , و سوف يعاودون الكرّة , و سوف لا يكون ذلك آخر مجهودهم (وَيَأْبَى اللهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)(التوبة:32)
الإخوان والقومية والعروبة والإسلام
كثيرا ما تتوزع أفكار الناس في هذه النواحي الثلاثة : الوحدة القومية والوحدة العربية والوحدة الإسلامية وقد يضيفون إلى ذلك الوحدة الشرقية ثم تنطلق الألسنة والأفكار بالموازنة بينها وإمكان تحققها أو صعوبة ذلك الإمكان ، ومبلغ الفائدة أو الضر منها و التشجيع لبعضها دون البعض الآخر .
فما موقف الإخوان المسلمين من هذا الخليط ومن الأفكار والمناحي ؟ ولا سيما وكثير من الناس يغمزون الإخوان المسلمين في وطنيتهم ويعتبرون تمسكهم بالأفكار الإسلامية مناعة إياهم من الإخلاص للناحية الوطنية .
والجواب عن هذا أننا لن نحيد عن القاعدة التي وضعناها أساسا لفكرتنا وهى السير على هدى الإسلام وضوء تعاليمه السامية . فما موقف الإسلام نفسه من هذه النواحي ؟
إن الإسلام قد فرضها فريضة لازمة لا مناص منها وأن يعمل كل إنسان لخير بلده وأن يتفانى في خدمته , و أن يقدم أكثر ما يستطيع من الخير للأمة التي يعيش فيها وأن يقدم في ذلك الأقرب فالأقرب رحما وجوارا حتى أنه لا يجز أن تنقل الزكوات أبعد من مسافة القصر – إلا لضرورة – إيثارا للأقربين بالمعروف فكل مسلم مفروض عليه أن يسد الثغرة التي هي عليها وأن يخدم الوطن الذي نشأ فيه ومن هنا كان المسلم أعمق الناس وطنية لأن ذلك مفروض عليه من رب العالمين وكان الإخوان المسلمون بالتالي أشد الناس حرصا على خير وطنهم وتفانيا في خدمة قومهم , وهم يتمنون لهذه البلاد العزيزة المجيدة كل عزة ومجد وكل تقدم ورقى , وكل فلاح ونجاح , و قد انتهت إليها رياسة الأمم الإسلامية بحكم ظروف كثيرة تضافرت على هذا الوضع الكريم , و إن حب المدينة لم يمنع رسول الله أن يحن إلى مكة و أن يقول لأصيل , و قد أخذ يصفها (يا أصيل دع القلوب تقر) و أن يجهل بلالا يهتف في قرارة نفسه :
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة            بواد وحولي إذخر وجليـل
وهل أردن يوما ميـاه مجنة            وهل يبدون لي شامة وطفيل


 فالإخوان المسلمون يحبون وطنهم , ويحرصون على وحدته القومية بهذا الاعتبار لا يجدون غضاضة على أي إنسان يخلص لبلده , وأن يفنى في سبيل قومه وأن يتمنى لوطنه كل مجد وكل عزة وفخار , هذا من وجهة القومية الخاصة .
ثم إن الإسلام الحنيف نشأ عربيا و وصل إلى الأمم عن طريق العرب , و جاء كتابه بلسان عربي مبين , و توحدت الأمم باسمه على هذا اللسان يوم كان المسلمون مسلمين , و قد جاء في الأثر : إذا ذل العرب ذل الإسلام , و قد تحقق هذا المعنى حين دال سلطان العرب السياسي و انتقل المر من أيديهم إلى غيرهم من الأعاجم و الديلم و من إليهم , فالعرب هم عصبة الإسلام و حراسه . 
و أحب هنا أن ننوه إلى أن الإخوان المسلمين يعتبرون العروبة , كما عرفها النبي , فيما يرويه ابن كثير عن معاذ بن جبل رضي الله عنه : (ألا إن العربية اللسان , ألا إن العربية السان) .
ومن هنا كانت وحدة العرب أمرا لابد منه لإعادة الإسلام وإقامة دولته وإعزاز سلطانه , ومن هنا وجب على كل مسلم أن يعمل لإحياء الوحدة العربية وتأييدها ومناصرتها، وهذا موقف مجموعة البحث من الوحدة العربية .
بقي علينا أن نحدد موقفنا من الوحدة الإسلامية , و الحق أن الإسلام كما هو عقيدة وأنه قضى على الفوارق النسبية بين الناس فالله تبارك وتعالى يقول : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات:10) , والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (المسلم أخو المسلم) والمسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على سواهم .
 فالإسلام والحالة هذه لا يعترف بالحدود الجغرافية ولا يعتبر الفروق الجنسية والدموية , ويعتبر المسلمين جميعا أمة واحدة , ويعتبر الوطن الإسلامي وطنا واحدا مهما تباعدت أقطاره وتناءت حدوده .
وكذلك الإخوان المسلمون يقدسون هذه الوحدة ويؤمنون بهذه الجامعة , ويعملون لجمع كلمة المسلمين وإعزاز أخوان الإسلام وينادون بأن وطنهم هو كل شبر أرض فيه مسلم يقول (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وما أروع ما قال في هذا المعنى شاعر من شعراء الإخوان :
ولست أدرى سوى الإسلام لي         وطنا الشام فيها و وادي النيل سيان
وكلمـــا ذكر اسم الله فى بلــد            عددت أرجاءه من لب أوطـاني
يقول بعض الناس : إن ذلك يناقض تيار الفكرة السائدة في العالم فكرة التعصب للأجناس و الألوان , و العالم الآن تجربة موجة القوميات الجنسية , فكيف تقفون أمام هذا التيار , و كيف تخرجون على ما اتفق عليه الناس ؟
و جواب ذلك أن الناس يخطئون و أن نتائج خطئهم في ذلك ظاهرة ملموسة في إقلاق راحة الأمم و تعذيب ضمائر الشعوب مما لا يحتاج إلى برهان , و ليست مهمة الطبيب أن يجاري المرضى و لكن أن يعالجهم و أن يهديهم سواء السبيل , و تلك مهمة الإسلام و من وصل دعوته بالإسلام .
و يقول آخرون : إن ذلك غير ممكن و العمل له عبث لا طائل من تحته و مجهود لا فائدة منه , و خير للذين يعملون لهذه الجامعة أن يعملوا لأقوامهم يخدموا أوطانهم الخاصة بجهودهم .
و الجواب على هذا أن هذه لغة الضعف و الاستكانة , فقد كانت هذه الأمم مفرقة من قبل متخالفة في كل شيء : الدين و اللغة , و المشاعر و الآمال و الآلام , فوحدها الإسلام و جمع قلوبها على كلمة سواء , و مازال الإسلام كما هو بحدوده و رسومه , فإذا وجد من أبنائه من ينهض بعبء الدعوة إليه و تجديده في نفوس المسلمين , فإنه يجمع هذه الأمم جميعا من جديد كما جمعها من قديم , و الإعادة أهون من الابتداء , و التجربة أصدق دليل على الإمكان .
يهتف بعض الناس بعد هذا بالوحدة الشرقية , و أظن أنه لم يثر هذه النعرة في نفوس الهاتفين بها إلا تعصب الغربيين لغربهم و سوء عقيدتهم في الشرق و أبنائه , و هم في ذلك مخطئون , و إذا استمر الغربيون على عقيدتهم هذه فستجر عليهم الوبال و النكال , و الإخوان المسلمون لا ينظرون إلى هذه الوحدة الشرقية إلا من خلال هذه العاطفة فقط , و الشرق و الغرب عندهم سيان إذا استوى موقفهما من الإسلام , و هم لا يزنون الناس إلا بهذا الميزان .
وضح إذا أن الإخوان المسلمين يحترمون قوميتهم الخاصة باعتبارها الأساس الأول للنهوض المنشود , و لا يرون بأسا بأن يعمل كل إنسان لوطنه , و أن يقدمه للوطن على سواه , ثم هم بعد ذلك يؤيدون الوحدة العربية باعتبارها الحلقة الثانية في النهوض , ثم هم يعملون للجامعة الإسلامية باعتبارها السياج الكامل للوطن الإسلامي العام , ولى أن أقول بعد هذا : إن الإخوان يريدون الخير للعالم كله , فهم ينادون بالوحدة العالمية لأن هذا هو مرمى الإسلام وهدفه ومعنى قول الله تبارك وتعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء:107) .
و أنا في غنى بعد هذا البيان أن أقول أنه لا تعارض بين هذه الوحدات بهذا الاعتبار , و بان كل منهما يشد أزر الأخرى يحقق الغاية منها , فإذا أراد أقوام أن يتخذوا من المناداة بالقومية الخاصة سلاحا يميت الشعور بما عداها , فالإخوان المسلمون ليسوا معهم و لعل هذا هو الفارق بيننا و بين كثير من الناس .
الإخوان المسلمون و الخلافة
و لعل من تمام هذا البحث أن أعرض لموقف الإخوان السلمين من الخلافة و ما يتصل بها , و بيان ذلك أن الإخوان يعتقدون أن الخلافة رمز الوحدة الإسلامية , و مظهر الارتباط بين أمم الإسلام , و إنها شعيرة إسلامية يجب على المسلمين التفكر في أمرها و الاهتمام بشأنها , و الخليفة مناط كثير من الأحكام في دين الله , و لهذا قدم الصحابة رضوان الله عليهم النظر في شأنها على النظر في تجهيز النبي و دفنه , حتى فرغوا إلى تلك المهمة و اطمأنوا إلى إنجازها .
و الأحاديث التي وردت في وجوب نصب الإمام , و بيان أحكام الإمامة و تفصيل ما يتعلق بها , لا تدع مجالا للشك في أن من واجب المسلمين أن يهتموا بالتفكير في أمر خلافتهم منذ حورت عن منهاجها ثم ألغيت بتاتا إلى الآن .
والإخوان المسلمون لهذا يجعلون فكرة الخلافة والعمل لإعادتها في رأس مناهجهم ، و هم مع هذا يعتقدون أن ذلك يحتاج إلى كثير من التمهيدات التي لابد منها , و أن الخطوة المباشرة لإعادة الخلافة لابد أن تسبقها خطوات :
لا بد من تعاون تام ثقافي و اجتماعي و اقتصادي بين الشعوب الإسلامية كلها ، يلي ذلك تكوين الأحلاف والمعاهدات ، وعقد المجامع والمؤتمرات بين هذه البلاد ،و إن المؤتمر البرلماني الإسلامي لقضية فلسطين و دعوة وفود الممالك الإسلامية إلى لندن للمناداة بحقوق العرب في الأرض المباركة لظاهرتان طيبتان و خطوتان واسعتان في هذا السبيل , ثم يلي ذلك تكوين عصبة الأمم الإسلامية , حتى إذا تم ذلك للمسلمين نتج عنه الاجتماع على (الإمام) الذي هو واسطة العقد ، ومجتمع الشمل ، ومهوى الأفئدة ، وظل الله في الأرض .
الإخوان والهيئات المختلفة
الإخوان المسلمون و الهيئات الإسلامية
و الآن و قد أفصحت عن رأي الإخوان و موقفهم في كثير من المسائل العامة التي تشغل أذهان الأمة في هذه الأوقات , أحب كذلك أن أفصح لحضراتكم عن موقف الإخوان المسلمين من الهيئات الإسلامية في مصر , ذلك أن كثيرا من محبي الخير يتمنون أن تجتمع هذه الهيئات و تتوحد في جمعية إسلامية ترمي عن قوس واحدة , ذلك أمل كبير و أمنية عزيزة يتمناها كل محب للإصلاح في هذا البلد .
والإخوان المسلمون يرون في الهيئات الإسلامية على اختلاف ميادينها تعمل لنصرة الإسلام ، ويتمنون لها جميعا النجاح ، و لم يفتهم أن يجعلوا من منهاجهم التقرب منها والعمل على جمعها و توحيدها حول الفكرة العامة ،و قد تقرر هذا في المؤتمر الدوري الرابع للإخوان بالمنصورة و أسيوط في العام الفائت , و أبشركم بأن مكتب الإرشاد حين أخذ يعمل على تنفيذ هذا القرار , وجد روحا طيبة من كل الهيئات التي اتصل بها و تحدث إليها , مما يبشر بنجاح المسعى مع الزمن إن شاء الله .
الإخوان و الشبان
كثيرا ما يتردد سؤال على أذهان الناس : ما الفرق بين جماعة الإخوان المسلمين و جماعة الشبان ؟ و لماذا لا تكونان هيئة واحدة تعملان على منهاج واحد ؟
و أحب قبل الجواب أن أؤكد للذين يسرهم وحدة الجهود و تعاون العاملين أن الإخوان و الشبان و بخاصة هنا في القاهرة , لا يشعرون بأنهم في ميدان مناقشة و لكن في ميدان تعاون قوي وثيق , و أن كثيرا من القضايا الإسلامية العامة يظهر فيها الإخوان و الشبان شيئا واحدا و جماعة واحدة , إذ أن الغاية العامة مشتركة و هي العمل لما فيه إعزاز الإسلام وإسعاد المسلمين , و إنما تقع فروق يسيرة في أسلوب الدعوة و في خطة القائمين بها و توجيه جهودهم في كلتا الجماعتين , و إن الوقت الذي ستظهر فيه الجماعات الإسلامية كلها جبهة موحدة غير بعيد على ما أعتقد , الزمن كفيل بتحقيق ذلك إن شاء الله .
الإخوان المسلمون و الأحزاب
و الإخوان المسلمون يعتقدون أن الأحزاب السياسية المصرية جميعا قد وجدت في ظروف خاصة , و لدواع أكثرها شخصي لا مصلحي , و شرح ذلك تعلمونه حضراتكم جميعا .
و يعتقدون كذلك أن هذه الأحزاب لم تحدد برامجها و مناهجها إلى الآن , فكل منها سيدعي أنه يعمل لمصلحة الأمة في كل نواحي الإصلاح , و لكن ما تفاصيل هذه الأعمال , و ما وسائل تحقيقها ؟ و ما الذي أعد من هذه الوسائل , و ما العقبات التي ينتظر أن تقف في سبيل التنفيذ , و ما أعد لتذليلها ؟ كل ذلك لا جواب له عند رؤساء الأحزاب و إدارات الأحزاب , فهم قد اتفقوا في هذا الفراغ , كما اتفقوا في أمر آخر هو التهالك على الحكم وتسخير كل دعاية حزبية وكل وسيلة شريفة وغير شريفة في سبيل الوصول إليه , و تجريح كل من يحول من الخصوم الحزبيين دون الحصول عليه .
ويعتقد الإخوان كذلك أن هذه الحزبية قد أفسدت على الناس كل مرافق حياتهم وعطلت مصالحهم , وأتلفت أخلاقهم , ومزقت روابطهم , وكان لها في حياتهم العامة والخاصة أسوأ الأثر .
ويعتقدون كذلك أن النظام النيابي , بل حتى البرلماني , في غنى عن نظام الأحزاب بصورتها الحاضرة في مصر , و إلا لما قامت الحكومات الائتلافية في البلاد الديمقراطية فالحجة القائلة بأن النظام البرلماني لا يتصور إلا بوجود الأحزاب حجة واهية وكثير من البلاد الدستورية البرلمانية تسير على نظام الحزب الواحد وذلك في الإمكان .
 
كما يعتقد الإخوان أن هناك فارقاً بين حرية الرأي والتفكير والإبانة والإفصاح والشورى والنصيحة ، وهو يوجبه الإسلام ، و بين التعصب للرأي و الخروج على الجماعة والعمل الدائب على توسيع هوة الانقسام في الأمة وزعزعة سلطان الحكام ، و هو ما تستلزمه الحزبية و يأباه الإسلام و يحرمه أشد التحريم ، و الإسلام في كل تشريعاته إنما يدعو إلى الوحدة و التعاون .
هذا مجمل نظرة الإخوان إلى قضية الحزبية و الأحزاب في مصر , و هم لهذا قد طلبوا إلى رؤساء الأحزاب , منذ عام تقريبا أن يطرحوا هذه الخصومة جانبا و ينضم بعضهم إلى بعض , كما اقترحوا التوسط في هذه القضية على صاحب السمو الأمير عمر طوسون .. كما طلبوا من جلالة الملك حل هذه الأحزاب القائمة حتى تندمج جميعا في هيئة شعبية واحدة تعمل لصالح الأمة على قواعد الإسلام .
و إذا كانت الظروف لم تساعد في الماضي على تحقيق هذه الفكرة , فإننا نعتقد أن هذا العام كان دليلا على صدق نظرة الإخوان , و كان مقنعا لمن كان في شك بأنه لا خير في بقاء هذه الأحزاب , و سيواصل الإخوان جهودهم في هذا السبيل , و سيصلون إلى ما يريدون بتوفيق الله و فضل يقظة الأمة , و بتوالي فشل رجال الأحزاب في ميادينها سيتحقق قطعا ناموس الله : (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ) (الرعد:17) .
يظن بعد رجال الأحزاب أننا إنما نقصد بهذه التعاليم هدم حزبهم خدمة لغيره من الأحزاب و جريا وراء منفعة خاصة , و ليس أدل على خطأ هذه النظرة من أن هذا الوهم قد سرى إلى نفوس الأحزاب جميعا , فكثير من رجال الوفد من يتهم الإخوان المسلمين بأنهم يعملون لمحاربته و بأنه وحده هو المقصود بهذه النعوت و الأوصاف , و بأن الإخوان إنما يحملون الناس على محاربته و الانفضاض عنه , و بأنهم إنما يقصدون بذلك خدمة الحكومة و تقوية الأحزاب الممثلة فيها , و في الوقت الذي نسمع فيه هذه التهمة بعينها من أحزاب الحكومة أيضا ! فهل هناك دليل أصدق من هذا على أن الإخوان يقفون من الجميع موقفا واحدا , و يصدرون فيه عن عقيدتهم , و يعملون فيه بوحي من ضمائرهم و إيمانهم ؟
أحب أن أقول لإخواننا من دعاة الأحزاب و رجالها : إن اليوم الذي يستخدم فيه الإخوان المسلمون لغير فكرتهم الإسلامية البحتة لم يجئ و لن يجئ أبدا , و إن الإخوان لا يضمرون لحزب من الأحزاب أيا كان خصومة خاصة به , و لكنهم يعتقدون أن من قرارة نفوسهم أن مصر لا يصلحها و لا ينقذها إلا أن تنحل هذه الأحزاب كلها , و تتألف هيئة وطنية عاملة تقود الأمة إلى الفوز وفق تعاليم القرآن الكريم .
و بهذه المناسبة أقول إن الإخوان المسلمين يعتقدون عقم فكرة الائتلاف بين الأحزاب , يعتقدون أنها مسكن لا علاج , و سرعان ما ينقض المؤتلفون بعضهم على بعض , فتعود الحرب بينهم جذعة على أشد ما كانت عليه قبل الائتلاف , و العلاج الحاسم الناجح أن تزول هذه الأحزاب مشكورة فقد أدت مهمتها وانتهت الظروف التي أوجدتها و لكل زمان دولة و رجال كما يقولون .
الإخوان و مصر الفتاة
بهذه المناسبة لابد لي أن أعرض لموقف الإخوان المسلمين من جماعة مصر الفتاة , لقد تكونت هذه جماعة الإخوان منذ عشر سنين و تكونت جماعة مصر الفتاة منذ خمس سنين , فجمعية الإخوان تكبر جمعية مصر الفتاة بضعف عمرها تماما , و مع هذا أيضا شاع في كثير من الأوساط أن جماعة الإخوان من شعب مصر الفتاة , و سبب ذلك أن مصر الفتاة اعتمدت على الدعاية و الإعلان في الوقت الذي آثر فيه الإخوان العمل و الإنتاج , و ما علينا من ذلك كله فسواء أكان الإخوان هم الذين رسموا لمصر الفتاة طريق الجهاد و العمل للإسلام أم أن مصر الفتاة هي التي أظهرت الإخوان و أبرزتهم للناس , و هم قد ولدوا قبلها و سبقوها إلى الجهاد و الميدان بخمس سنوات أي بمثل عمرها , و ذلك أمر نظري لا يقيم له الإخوان وزنا , و لكن الذي أنبه أريد أن إليه في هذه الكلمة أن الإخوان المسلمين لم يكونوا يوما من الأيام في صفوف مصر الفتاة و لا عاملين لها , و لا أقصد بذلك أن أنال منها أو من القائمين بدعوتها و لكن أقول تقريرا للواقع , و أن جريدة مصر الفتاة هاجمت الإخوان و اتهمتهم تهما غير صحيحة و زعمت أنهم يعتدون عليها و يتهمونها و ذلك غير صحيح أيضا , و نحن معشر الإخوان لم نعقب على ما كتب أهمية , و لا نحب أن نؤاخذ بشيء منه , و أرجو أن يكون ذلك هو شعور الإخوان جميعا .
و أن كثيرا من الناس يود لو اتحدت جماعة مصر الفتاة مع الإخوان المسلمين , و هذا شعور ما من شك في أنه جميل نبيل فليس أجمل من الوحدة و التعاون على الخير , و لكن من الأمور ما ليس يفصل فيه إلا الزمن وحده , في مصر الفتاة من لا يرى الإخوان إلا جماعة وعظية و ينكر عليهم كل ما سوى ذلك من منهاجهم , و في الإخوان من يعتقد أن مصر الفتاة لم ينضج في نفوس كثيرا من أعضائها بعد المعنى الإسلامي الصحيح نضجا يؤهلهم للمناداة بالدعوة الإسلامية خالصة سليمة , فلنترك للزمن أداء مهمته و إصدار حكمه و هو خير كفيل بالصقل و التميز .
و ليس معنى هذا أن الإخوان سيحاربون مصر الفتاة بل إنه ليسرنا أن يوفق كل عامل للخير و إلى الخير , و لا يحب الإخوان أن يخلطوا البناء بهدم , و في ميدان الجهاد متسع للجميع .
ذلك موقفنا من مصر الفتاة مادامت قد أعلنت أنها ليست حزبا سياسيا , و أنها تعمل و ستظل تعمل للفكرة الإسلامية و لمبادئ الإسلام , و في ذلك الواقع انتصار جديد لمبادئ الإخوان المسلمين .
بقي أمر أخير ذلك هو موقف الإخوان من مصر الفتاة في قضية تحطيم الحانات , و معلوم أنه ما من غيور في مصر يتمنى أن يرى فوق أرضها حانة واحدة , و قد ألقى الإخوان تبعة هذا التحطيم على الحكومة قبل الذين فعلوه , لأنها هي التي أحرجت شعبها المسلم هذا الإحراج و لم تفطن إلى ذلك التغيير النفساني , و الاتجاه الجديد القوي الذي طرأ عليه من تقديس الإسلام و الاعتزاز بتعاليمه , و قديما قيل : (قبل أن تأمر الباكي بالكف عن البكاء , تأمر الضارب بالكف أن يرفع العصا) , و نحن نعتقد أن هذا التحدي لم يحن وقته بعد , و لابد من تخير الظروف المناسبة أو استخدام منتهى الحكمة فيه , و إنفاذه بصور أخف ضررا و أبلغ في الدلالة على المقصد , كلفت نظر الحكومة إلى واجبها الإسلامي , و بالرغم من أن المقبوض عليهم لم يعترفوا , فقد وجه الإخوان إلى معالي وزير العدل , يلفتون نظر معاليه فيه إلى وجوب النظر في هذه القضية نظرة خاصة تتناسب مع الدافع الشريف فيها , و أن يسرع بإصدار تشريع يحمي البلاد من هذه المهالك الخلقية .
 
موقف الإخوان من الدول الأوربية
 
بعد هذا البيان عن موقف الإخوان المسلمين , الذي يمليه عليهم الإسلام , في أهم القضايا الداخلية , يحسن أن أتحدث إلى حضراتكم عن موقفهم من الدول الأوربية :
الإسلام كما قدمت يعتبر المسلمين أمة واحدة تجمعها العقيدة و يشارك بعضها بعضا في الآمال و الآلام , و أي عدوان يقع على واحدة منها أو على فرد من المسلمين فهو واقع عليهم جميعا .
أضحكني و أبكاني حكم فقهي رأيته عرضا في كتاب (الشرح الصغير على أقرب المسالك) قال مؤلفه : (مسألة امرأة مسلمة سبيت بالمشرق وجب على أهل المغرب تخليصها و افتداؤها و لو أتي ذلك على جميع أموال المسلمين) , و رأيت مثله قبل ذلك في كتاب ( البحر في مذهب الأحناف ) , رأيت هذا فضحكت و بكيت و قلت لنفسي : أين عيون هؤلاء الكاتبين لتنظر المسلمين جميعا في أسر غيرهم من أهل الكفر و العدوان ؟؟
أريد أن استخلص من هذا أن الوطن الإسلامي واحد لا يتجزأ , و أن العدوان على جزء من أجزائه عدوان عليه كله , هذه واحدة , و الثانية أن الإسلام فرض على المسلمين أن يكونوا أئمة في ديارهم , سادة في أوطانهم , بل ليس ذلك فحسب , بل إن عليهم أن يحملوا غيرهم على الدخول في دعوتهم و الاهتداء بأنوار الإسلام التي اهتدوا بها من قبل .
و من هنا يعتقد الإخوان المسلمين أن كل أمة اعتدت و تعتدي على أوطان الإسلام دولة ظالمة لابد أن تكف عن عدوانها و لابد من أن يعد المسلمون أنفسهم و يعملوا متساندين على التخلص من نيرها .
إن إنجلترا لا تزال تضايق مصر رغم محالفتها إياها , و لا فائدة في أن نقول إن المعاهدة نافعة أو ضارة أو ينبغي تعديلها أو يجب إنفاذها فهذا كلام لا طائل تحته و المعاهدة غل في عنق مصر و قيد في يدها ما في ذلك شك , و هل تستطيع أن تستطيع أن تتخلص من هذا القيد إلا بالعمل و حسن الاستعداد ؟ فلسان القوة هو أبلغ لسان , فلتعمل على ذلك و لتكتسب الوقت إن أرادت الحرية و الاستقلال .
و إن إنجلترا لا تزال تسئ إلى فلسطين و تحاول أن تنقص من حقوق أهلها , و فلسطين وطن لكل مسلم باعتبارها من أرض الإسلام و باعتبارها مهد الأنبياء , و باعتبارها مقر المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله , ففلسطين دين على إنجلترا للمسلمين لا تهدأ ثائرتهم حتى توفيهم فيه حقهم , و إنجلترا تعلم ذلك العلم , ذلك ما حداها إلى دعوة ممثلي البلاد الإسلامية إلى مؤتمر لندن , و آنا ننتهز هذه الفرصة فنذكرها بأن حقوق العرب لا يمكن أن تنقص , و بأن هذه الأعمال القاسية التي يدأب ممثلوها على ارتكابها في فلسطين ليست مما يساعد على حسن ظن المسلمين بها , و خير لها أن تكف هذه الحملات العداونية عن الأبرياء الأحرار , و إنا لنبعث لسماحة المفتي الأكبر من فوق هذا المنبر أخلص تحيات الإخوان المسلمين بها و أطيب تمنياتهم , و لن يضر سماحته و لن يضير آل الحسيني أن تفتش دورهم و يسجن أحرارهم , فذلك مما يزيدهم شرفا إلى شرفهم و فخارا إلى فخارهم , و نذكر الوفود الإسلامية بمكر إنجلترا و خداعها و بوجوب القيام على حقوق العرب كاملة غير منقوصة .
و بهذه المناسبة أذكر الإخوان بأنه قد تألفت لجنة عامة بدار الشبان المسلمين من الجمعيات الإسلامية جميعا , للتعاون على إصدار قرش موحد يوزع من أول السنة الهجرية إغاثة لفلسطين المجاهدة , و سيحل هذا الطابع محل كل الطوابع المختلفة لكل الهيئات , فالوصية للإخوان أن يبذلوا جهدهم في تشجيع هذه اللجنة بتوزيع طوابعها حين صدورها , و بتصفية ما قد يكون موجودا لديهم من حساب الطوابع القديمة و إعادتها إلى المكتب لإعدامها .
و لنا حساب بعد ذلك مع إنجلترا في الأقاليم الإسلامية التي تحتلها بغير حق , و التي يفرض الإسلام على أهلها و علينا معهم أن نعمل لإنقاذها و خلاصها .
أما فرنسا التي ادعت صداقة الإسلام حينا من الدهر فلها مع المسلمين حساب طويل , و لا ننسى لها هذا الموقف المخجل مع سوريا الشقيقة , و لا ننسى لها موقفها في قضية المغرب الأقصى و الظهير البربري , و لا ننسى أن كثيرا من إخواننا الأعزاء , شباب المغرب الأقصى الوطني الحر المجاهد , في أعماق السجون و أطراف المنافي , و سيأتي اليوم الذي يصفى فيه هذا الحساب , (وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) (آل عمران:140) .
و ليس حسابنا مع إيطاليا بأقل من حسابنا مع فرنسا , فطرابلس العربية المسلمة الجارة القريبة العزيزة , يعمل الدوتشى و رجاله على إفنائها و إبادة أهلها و استئصالها و محو كل أثر للعروبة و الإسلام منها , و كيف يكون فيها أثر للعروبة و الإسلام و قد اعتبرت جزءا من إيطاليا ؟ و لا يجد الدوتشي بعد ذلك مانعا يمنعه من أن يدعي أنه حامي الإسلام و أن يطلب بهذا العنوان صداقة المسلمين !!
 
أيها الإخوان المسلمون :
 
هذا الكلام يدمي القلوب و يفتت الأكباد ! و حسبي هذه الفواجع في هذا البيان , فتلك سلسلة لا آخر لها , و انتم تعرفون هذا , و لكن عليكم أن تبينوه للناس , و أن تعلموهم أن الإسلام لا يرضى من أبنائه بأقل من الحرية والاستقلال ، فضلاً عن السيادة وإعلان الجهاد ، ولو كلفهم ذلك الدم والمال فالموت خير من هذه الحياة , حياة العبودية و الرق و الاستذلال ! و أنتم إن فعلتم ذلك و صدقتم الله العزيمة فلابد من النصر إن شاء الله :
 (كَتَبَ اللهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَ رُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (المجادلة:21) .
 
 
 
خـاتـمـة
أيها الإخوان المسلمون :
تقدمت إليكم في هذا البيان بخلاصة وافية موجزة عن فكرتكم في مظهرها الخاص , و اليوم كنت احب أن استعرض معكم بعض المشاكل الاجتماعية و الاقتصادية القائمة في المجتمع المصري , و إن شئتم فقولوا الإسلامي فإن الداء يكون واحدا في الجميع , لولا ضيق الوقت , و لولا أن ينحصر في واحدة هي : ضعف الأخلاق و فقدان المثل العليا , و إيثار المصلحة الخاصة على المصلحة العامة , و الجبن عن مواجهة الحقائق , و الهروب من تبعات العلاج , و الفرقة قاتلها الله , هذا هو الداء , و الدواء كلمة واحدة أيضا هي ضد هذه الأخلاق , هي علاج النفوس أيها الإخوان و تقويم أخلاق الشعب :
 (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا , وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) (الشمس:9-10) .
 
أيها الإخوان المسلمون :
لقد قام هذا الدين بجهاد أسلافكم علي دعائم قوية من الإيمان بالله ، و الزهادة في متعة الحياة الفانية وإيثار دار الخلود ، والتضحية بالدم والروح والمال في سبيل مناصرة الحق ، وحب الموت في سبيل الله والسير في ذلك كله علي هدي القرآن الكريم .
    فعلي هذه الدعائم القوية أسسوا نهضتكم و أصلحوا نفوسكم وركزوا دعوتكم وقودوا الأمة إلي الخير ، (وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ) (محمد:35) .
 
أيها الإخوان المسلمون :
لا تيئسوا فليس اليأس من أخلاق المسلمين ، وحقائق اليوم أحلام الأمس ، وأحلام الأمس ، وأحلام اليوم حقائق الغد . ولا زال في الوقت متسع ، ولا زالت عناصر السلامة قوية عظيمة في نفوس شعوبكم المؤمنة رغم طغيان مظاهر الفساد . والضعيف لا يظل ضعيفاً طول حياته ، والقوي لا تدوم قوته أبد الآبدين : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) (القصص:5) .
 
إن الزمان سيتمخض عن كثير من الحوادث الجسام ، وإن الفرص ستسنح للأعمال العظيمة ، وإن العالم ينظر دعوتكم دعوة الهداية والفوز والسلام لتخلصه مما هو فيه من آلام , وإن الدور عليكم في قيادة الأمم وسيادة الشعوب ، وتلك الأيام نداولها بين الناس ، وترجون من الله ما لا يرجون ، فاستعدوا واعملوا اليوم ، فقد تعجزون عن العمل غداً .
 لقد خاطبت المتحمسين منكم أن يتريثوا و ينتظروا دورة الزمان ، و إني لأخاطب المتقاعدين أن ينهضوا و يعملوا فليس مع الجهاد راحة : 
 (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت:69)
وإلي الأمام دائماً ...
والله أكبر  ولله الحمد

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد