"أخبار اليوم" تواصل رحلتها في مديرية الصلو :أسرار وغرائب وعجائب بالصلو ومعالم وحضارة وآثار طمست هويتها بين الدملؤة وأرض المعافر

2008-11-18 04:00:15

تحقيق/جميل العريقي

عزيزي القارئ الكريم كنا في حلقات ماضية قد رحلنا إلى هذه المديرية وغصنا بين معاناتها واستعرضنا بعض القضايا فيها، لكننا اليوم وفي هذه الحلقة سوف نبحر في عالم آخر، إنه عالم الآثار والمعالم التاريخية والحضارات المتنوعة فيها، سنرحل بين المدافن والكنوز والخبايا التي تركها الملوك الذين سكنوا هذه المديرية، لكن قبل أن نبدأ الغوص في التفاصيل في البداية لا بد أن نعطي لهذه المديرية حقها الأدبي الذي لا بد أن نأخذه في الاعتبار ولن ننساها وننسى تأريخها كما تناستها الدول وطمست هويتها، فأعذريني أيتها المديرية الغالية فمهما نسيك الزمن أنت مرسومة في القلب.  

  

لمحة جغرافية وتاريخية

تعتبر مديرية الصلو من أهم المديريات في الجمهورية اليمنية كونها تختزل حضارة عريقة ضاربة جذورها في أعماق التاريخ اليمني القديم، فهي تعد رافداً أساسياً من روافد الحضارة اليمنية، وستبقى شامخة في مدى الدهر لأنها غنية بالمعالم التاريخية والأثرية القديمة التي بقيت منها أطلال مندثرة وأحجار متناثرة على الأرض مثل الحصون والقلاع والأسوار المهدمة والسقايات العجيبة المنحوتة في الصخر الصلب وبعض الأحجار الضخمة التي نقشت فيها الآيات المختلفة والعبارات والزخارف وغيرها من أنواع الخطوط الحميرية التي تدل على حضارة هذه المديرية التي سكنها أشهر ملوك اليمن أو العرب فحسب مثل: " الأيوبيون الأتراك وغيرهم كما تحدثت بعض الكتب الأثرية ومن أشهر المعالم التاريخية فيها قلعة الدملؤة التاريخية" المعروفة "بقلعة المنصورة" نسبة للملك المنصوري الذي حكم فيها وسكنها في ذلك الوقت وكان يسمى "بطغطكين أيوب" أخوه صلاح الدين الأيوبي كما تحدث عنها بعض المؤرخون و"منطقة الجمنون" التي تحدث عنها الدكتور/ عبدالرحمن المجاهد في كتابه "أضواء الشمعة في تاريخ الجمنون والقلعة"، هذا الكتاب اختفى وكأن الأرض انشقت وابتلعته و"قصر المري"، هذا القصر قيل إنه كان يستلم فيه الضرائب من المزارعين وكان أيضاً يعتبر بمثابة محطة استراحة للقوافل التجارية التي كانت تمر من المنطقة وتستريح فيه ومنه تواصل مسيرتها ورحلتها نحو القلعة، فكانت تأتي القوافل المحملة بالبضائع والجبايات من كل مكان وتمر عبرها إلى أعلى الجبل نحو القلعة كما توجد آثار المدرج شاهدة حتى الآن و"مدارس أروس" التي توجد في عزلة الأشعوب على حد تعبير السكسكي في كتابه "السلوك في طبقات العلماء والملوك"، فمدرسة أروس بنيت بالقرب من هجرة عمق الأشعوب وتتميز بطابعها المعماري المطرز بالزخارف والنقوش الجميلة، كما تشير بعض النقوش إلى أن تاريخ بناء هذه المدرسة يرجع إلى عام "247ه" بينما تشير نقوش حجرة أخرى إلى تاريخ "217ه" كتاريخ للبناء كما تشير أخرى إلى تواريخ متضاربة عام "215ه" "506ه".

كما توجد بالصلو كثير من القباب والمزارات والمعالم الأخرى مثل "مدينة الأنوار التاريخية التي قيل إنها دفنت بفعل الطوفان والبعض قال إنها تهدمت وانتهت وامتدت يد بني الإنسان عليها وأخذت أحجارها لأغراض مختلفة ولكن بقيت الكثير من الأطلال والبقايا حيث قيل في بعض الروايات وعلى لسان الكثير من الناس إنها كانت مدينة كبيرة تابعة لبعض الحصون والقلاع في المديرية وقيل أيضاً إنها كانت تمتد من الغرب في م/الصلو إلى الشرق في م/خدير على بعد مسافة كبيرة تقدر بعشرات الكيلو مترات.

فلهذا نكون قد عرفنا مقدار أهمية مديرية الصلو عزيزي القارئ، فنحن لن نتحدث اليوم إلا عن بعض من هذه المعالم وما زالت هناك الكثير من المعالم لن نذكرها في هذه الحلقة وسوف نتحدث عنها في حلقات قادمة إن شاء الله.

الموقع

تقع مديرية الصلو وإلى الجنوب الشرقي من مدينة تعز وتبعد عنها بحوالي "45" كيلو متر تقريباً والصلو جبل ووادٍ خصيب التربة وكثيرة الينابيع والعيون ومتنوعة المحاصيل الزراعية كما تتنوع فيها الثمار المختلفة والخضروات وغيرها. . . إلخ.

كما تبلغ مساحتها حوالي "89. 3كم"، وعدد سكانها حسب آخر إحصائية حوالي "49. 802 نسمة" وتتكون من "11" عزلة و"65" قرية وتتباين قرى وعزل الصلو من حيث المساحة والسكان كما وصفها الهمداني في كتابه "الصفة" و"الصلو" جبل مقترن بجبل "أبي المغلس" الذي يقع شرق جبل الصلو الجامع لجبال السكاسك.

"أخبار اليوم" قامت بزيارة هذه المديرية الجميلة وكشفت الحجاب عن بعض معالمها التاريخية والأثرية ولكن في هذه الحلقة سوف نسلط الضوء على واحد من أهم المعالم التاريخية الشهيرة في مديرية الصلو إنها "قلعة الدملؤة" التاريخية التي ستكون وسنحط الرحال فيها فإلى البداية.

ليس في بلد مثلها

تواترت المعلومات والإشارات حول هذه القلعة (قلعة الدملؤة) نظراً لموقعها الاستراتيجي الحصين والتحصينات الدفاعية المتينة التي حولها من قبل حكام الدول التي زادتها شهرة وعراقة كما يشير إلى ذلك الهمداني قائلاً: إنها من عجائب اليمن التي ليس في بلد مثلها كما يقول "إن قلعة الجؤه لأبي المغلس في أرض المعافر وهي تطلع بسلم فإذا قلع لم تطلع" وفي موضع آخر "بسلمين في السلم الأسفل منها أربعة عشرة ضلعاً" والثاني فوق ذلك أربعة عشرة ضلعاً بينهما المطبق وبيت الجرس على المطبق بينهما ورأس القلعة يكون أربعمائة ذراع في مثلها فيها المنازل والدوار وفيها مسجد جامع فيه منبر وهذه القلعة ثنية من جبل الصلو يكون سمكها وحدها من ناحية الجبل الذي هي منفردة منه "مائة ذراع" عن جنوبها وهي عن شرقها من خدير إلى رأس القلعة مسيرة ساعتين وكذلك هي من شمالها ما يصل وادي الجنات وسوق الجؤة ومن غربها بالضعف في السمك مما عليه جنوبها وبها مرابط للخيول ومنهلها الذي يشرب منه أهل القلعة مع السُّلم الأسفل غيل عذب لا بعده وفيه كفايتهم وباب القلعة في الجهة الشمالية وفي رأس القلعة عدد من الصهاريج ومساقط مياه القلعة التي تهبط إلى وادي الجنات من شمالها ثم المأتي شمال سوق الجؤة إلى م/خدير وفي فترة الدولة الصليحية عام "439532" هجرية تمكن الملك علي بن محمد الصليحي من الاستيلاء عليها بعد صراع عنيف وحصار طويل لحامية "بني نجاح" التي كانت مسيطرة عليها عام "452" هجرية، كما يشير الدكتور/ محمد يحيى الحداد في كتابه تاريخ اليمن السياسي أن منصور بن المفضل بن أبي البركات سلم محمد بن سبأ ما كان يتفضره من المعاقل والمدن التي انتقلت إليه بعد وفاة السيدة أروى بنت أحمد الصليحي واتخذ محمد بن سبأ "قلعة الدملؤة" مقراً رئيساً له وأقام فيها إلى أن توفي في عام "548هجرية" واستمرت بعده سيطرة بني زريع عليها في عهد السلطان "عمر بن محمد بن سبأ" الملقب بالمكرم" حتى عام "560" هجرية وخلال عهد الدولة الرسولية يشير "الخزرجي" في كتابه "العقود اللؤلؤية" إلى أن الملك المظفر "يوسف بن عمر" استولى عليها عام "648 هجرية" وظلت تحت سيطرة ملوك بني رسول حيث دلت على ذلك الشواهد الأثرية المتناثرة حول "قلعة الدملؤة" والتي ما زالت موجودة حتى اليوم متناثرة مهملة على الأرض تحاور الزمن الماضي القديم الذي أعطاها الأهمية الكبرى التي ما زالت حديث الجميع في كل مكان من أرجاء الجمهورية وأصبحت أسطورة تحكى وستظل تلك النقوش والشواهد تجذب إليها الزوار والسياح وهذا دليل على عراقة بلادنا اليمنية التي ما زالت تزخر بالحضارة والتاريخ والآثار القديمة.

شواهد أثرية وحضارة مرمية على الأرض

منها عتبة المدخل المؤرخ عليها عام "778هجرية" وهي كتلة حجرية ضخمة طولها حوالي "1. 8 متراً" وعرضها حوالي "60 سم" مكسورة إلى نصفين عليها كتابة بخط النسخ البارز تتألف من ثلاثة أسطر تقرأ كالتالي "بسم الله الرحمن الرحيم إنا فتحنا لك فتحاً مبينا "أمر بعمارته مولانا ومالك عصرنا السلطان بن السلطان العالم العادل "ضرغام الإسلام غياث الأنام سلطان الحرمين والهند واليمن مولانا السلطان الأفضل من الأنام والمجاهد الملك أمير المؤمنين العباس بن علي بن داوود بن يوسف بن عمر بن علي بن رسول خلد الله ملكه ونصره رفعت العتبة المباركة بتاريخ الرابع والعشرين من رجب الأصم سنة ثمان وستين وسبعمائة مؤيداً بالنصر والتوفيق وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم" وتوالى الاهتمام بالحصن في الفترات اللاحقة للدولة الرسولية حيث دعى الإمام محمد بن أحمد بن الحسين أبي القاسم المعروف "بصاحب المواهب".

دعى لنفسه عام "1098 هجرية" من حصن المنصورة "الدملؤة بالصلو وأعلن الإمامة خلفاً لأبيه.

أسرار وخبايا ملوك الجاهلية والإسلام

توجد الكثير من الكنوز والخبايا التي ما زالت مدفونة بداخلها في الكثير من الأماكن التي لم يستطع أحد أن يعثر عليها حتى الآن، فالدملؤة التي أصبحت المسالك إليها منعدمة ومستحيلة بسبب إنعدام الطريق التي كانت تسلك من وإلى داخل القلعة وبعد أن تهدمت مدرجاتها التي كانت من الصخر الصلب تمتد حتى باب القلعة الذي يقع في الجهة الشمالية للقلعة كما تحدث عنها الهمداني في وصف آخر في كتابه "صفة جزيرة العرب حيث قال: "عنها إنها مخزن ذخائر الملوك وكنوزهم في الجاهلية والإسلام".

كلمات مختصرة تحمل في طياتها ألف قصة ورواية عن حقب مهمة من حِقب التاريخ التي توالت على قلعة الدملؤة كما تشير كتب التاريخ أيضاً.

لهذه القلعة تاريخ ارتبط بالدول اليمنية القديمة كالدولة الحميرية التي لا تزال بعض الأسوار موجودة وحتى تشهد اليوم بفن ومهارة البناء المعماري اليمني. <

 

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد