رسائل الإمام الشهيد حسن البنا (الحلقة العشرون )

2012-08-15 01:01:39 أخبار اليوم/ خاص


لو كانت لنا حكومة
لو كانت لنا حكومة إسلامية صحيحة الإسلام , صادقة الإيمان , مستقلة التفكير والتنفيذ , تعلم حق العلم عظمة الكنز الذي بين يديها , وجلال النظام الإسلامي الذي ورثته , وتؤمن بان فيه شفاء شعبها و وهداية الناس جميعا ... لكان لنا أن نطلب إليها أن تدعم الدنيا باسم الإسلام , وأن تطالب غيرها من الدول بالبحث والنظر فيه , وأن تسوقها سوقا إليه بالدعوات المتكررة والإقناع والدليل والبعثات المتتالية , وبغير ذلك من وسائل الدعوة والإبلاغ , ولاكتسبت مركزا روحيا وسياسيا وعمليا بين غيرها من الحكومات , ولاستطاعت أن تجدد حيوية الشعب , وتدفع به نحو المجد والنور , وتثير في نفسه الحماسة والجد والعمل .
عجيب أن تجد الشيوعية دولة تهتف بها , وتدعو إليها , وتنفق في سبيلها , وتحمل الناس عليها , وأن تجد الفاشية والنازية أمما تقدسها , وتجاهد لها ,وتعتز باتباعها , وتخضع كل النظم الحيوية لتعاليمها , وأن تجد المذاهب الاجتماعية والسياسية المختلفة أنصار أقوياء , يقفون عليها أرواحهم وعقولهم وأفكارهم وأقلامهم وأموالهم وصحفهم وجهودهم , ويحيون ويموتون لها.
ولا نجد حكومة إسلامية تقوم بواجب الدعوة إلى الإسلام , الذي جمع محاسن هذه النظم جميعا وطرح مساوئها , وتقدمه لغيرها من الشعوب كنظام عالمي فيه الحل الصحيح الواضح المريح لكل مشكلات البشرية , مع أن الإسلام جعل الدعوة فريضة لازمة , وأوجبها على المسلمين شعوبا وجماعات قبل أن تخلق هذه النظم , وقبل أن يعرف فيها نظام الدعايات :
 (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (آل عمران:104) .
ولكن أنّى لحكامنا هذا , وهم جميعا قد تربوا في أحضان الأجانب , ودانوا بفكرتهم , على آثارهم يهرعون , وفي مرضاتهم يتنافسون ؟ ولعلنا لا نكون مبالغين إذا قلنا إن الفكرة الاستقلالية في تصريف الشؤون والأعمال لم تخطر ببالهم ,فضلا عن أن تكون منهاج عملهم.
لقد تقدمنا بهذه الأمنية إلى كثير من الحاكمين في مصر , وكان طبيعيا ألا يكون لهذه الدعوة اثر عملي , فإن قوما فقدوا الإسلام في أنفسهم وبيوتهم وشؤونهم الخاصة والعامة لأعجز من أن يفيضوه على غيرهم , ويتقدموا بدعوة سواهم إليه , وفاقد الشيء لا يعطيه .
ليست هذه مهمتهم أيها الإخوان , فقد أثبتت التجارب عجزهم المطلق عن أدائها , ولكنها مهمة هذا النشء الجديد , فأحسنوا دعوته , وجدوا في تكوينه ,وعلموه استقلال النفس والقلب , واستقلال الفكر والعقل , واستقلال الجهاد والعمل , واملأوا روحه الوثابة بجلال الإسلام وروعة القرآن , وجنّدوه تحت لواء محمد ورايته , وسترون منه في القريب الحاكم المسلم الذي يجاهد نفسه ويسعد غيره .
طبيعة فكرتنـا
أيها الإخوان المسلمون ...
بل أيها الناس أجمعون ...
لسنا حزباً سياسياً , وإن كانت السياسة على قواعد الإسلام من صميم فكرتنا..
ولسنا جمعية خيرية إصلاحية ، وإن كان عمل الخير والإصلاح من أعظم مقاصدنا..
ولسنا فرقاً رياضية ، وإن كانت الرياضة البدنية والروحية من أهم وسائلنا..
لسنا شيئاً من هذه التشكيلات ، فإنها جميعاً تبررها غاية موضعية محدودة لمدة معدودة ، وقد لا يوحي بتأليفها إلا مجرد الرغبة في تأليف هيئة ، والتحلي بالألقاب الإدارية فيها.
ولكننا أيها الناس : فكرة وعقيدة ، ونظام ومنهاج ، لا يحدده موضع , ولا يقيده جنس ، ولا يقف دونه حاجز جغرافي ، ولا ينتهي بأمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها , ذلك لأنه نظام رب العالمين ، ومنهاج رسوله الأمين .
نحن أيها الناس ـ ولا فخر ـ أصحاب رسول الله ، وحملة رايته من بعده ، ورافعو لوائه كما رفعوه ، وناشرو لوائه كما نشروه ، وحافظو قرآنه كما حفظوه ، والمبشرون بدعوته كما بشروا ، ورحمة الله للعالمين (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) (صّ:88) .
أيها الإخوان المسلمون :
هذه منزلتكم , فلا تصغروا في أنفسكم , فتقيسوا أنفسكم بغيركم , أو تسلكوا في دعوتكم سبيلا غير سبيل المؤمنين , أو توازنوا بين دعوتكم التي تتخذ نورها من نور الله ومنهاجها من سنة رسوله , بغيرها من الدعوات التي تبررها الضرورات , وتذهب بها الحوادث والأيام .
لقد دعوتم وجاهدتم , ولقد رأيتم ثمار هذا المجهود الضئيل أصواتا تهتف بزعامة رسول الله وهيمنة نظام القرآن , ووجوب النهوض للعمل , وتخليص الغاية لله , ودماء تسيل من شباب طاهر كريم في سبيل الله , ورغبة صادقة للشهادة في سبيل الله . وهذا نجاح فوق ما كنتم تنتظرون , فواصلوا جهودكم , واعملوا , (وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ) (محمد:35) .
فمن تبعنا الآن فقد فاز بالسبق , ومن تقاعد عنا من المخلصين اليوم فسيلحق بنا غدا , وللسابق عليه الفضل . ومن رغب عن دعوتنا , زهادة , أو سخرية بها , أو استصغارا لها , أو يائسا من انتصارها , فستثبت له الأيام عظيم خطأه , وسيقذف الله بحقنا على باطله فيدمغه فإذا هو زاهق.
فإلينا أيها المؤمنون العاملون , والمجاهدون المخلصون , فهنا الطريق السوي , والصراط المستقيم , ولا توزعوا القوى والجهود .
 (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (الأنعام:153) .
حسـن البنــا
 
من هم الإخوان المسلمون؟
بِسْــمِ اللهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيـمِ
الْحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللهُ
والصلاة والسلام علي سيدنا محمد إمام المجاهدين وعلي آله وصحبه ومن جاهد في سبيل دعوته إلى يوم الدين
من هم الإخوان المسلمون؟
أيها الإخوان المسلمون :
بعد عامين من مؤتمركم الماضي بدار آل لطف الله (في الثالث عشر من ذي الحجة سنة 1357 هجرية ) دار فيهما الفلك دورته ، ورأي العالم فيها مختلف الأحداث والظروف ، وانفجر أخيراً (مخزن البارود) ، ودوي علي الأرض من جديد نفير الحرب بعد أن زعم أهلوها أنهم قد أقروا فيها السلام ، تجتمعون الآن ـ أيها الإخوان ـ لتراجعوا صفحة أعمالكم ، ولتبينوا مراحل منهاجكم ، ولتتحدثوا إلى أنفسكم وإلي الناس عن دعوتكم من جديد ، لعل في ذلك تبصرة وذكري ، والذكري تنفع المؤمنين .
أيها الإخوان المجاهدون الذين اجتمعت الليلة من أقصي مصر المباركة إلى أقصاها ..
أحب أن تتبينوا جيداً من أنتم في أهل هذا العصر ؟ .. وما دعوتكم بين الدعوات .. وأية جماعة جماعتكم .. ولأي معني جمع الله بينكم ووحد قلوبكم ووجهتكم ، وأظهر فكرتكم في هذا الوقت العصيب الذي تتلهف فيه الدنيا إلى دعوة السلام والإنقاذ .
فاذكروا جيداً أيها الاخوة .. أنكم الغرباء الذين يصلحون عند فساد الناس ، وأنكم العقل الجديد الذي يريد الله أن يفرق به بين الحق والباطل في وقت التبس عليها فيه الحق بالباطل ، وأنكم دعاة الإسلام ، وحملة القرآن ، وصلة الأرض بالسماء ، وورثه محمد r وخلفاء صحابته من بعده ، فضلت دعوتكم الدعوات ، وسمت غايتكم علي الغايات ، واستندتم إلى ركن شديد ، واستمسكتم بعروة وثقي لا انفصام له ، وأخذتم بنور مبين وقد التبست علي الناس المسالك وضلوا سواء السبيل , والله غالب على أمره.
تجــرد
واذكروا جيداً أيها الإخوان أنه ما من رجل منكم ـ أومن إخوانكم الذين حبسهم العذر عن حضور مؤتمركم ـ يرجو بمناصرة هذه الدعوة والعمل تحت رايتها غاية من غايات الدنيا أو عرضاً من أعراضها ، وأنكم تبذلون من ذات أنفسكم وذات يدكم ، لا تعتمدون إلا علي الله ، ولا تستمدون المعونة والتأييد إلا منه ، ولا ترجون إلا ثوابه ولا تبتغون إلا وجهه , (وَكَفَى بِاللهِ وَلِيّاً وَكَفَى بِاللهِ نَصِيراً) (النساء:45)
فهــم
واذكروا جيداً أيها الإخوان .. أن الله قد من عليكم ، ففهمتم الإسلام فهماً نقياً صافياً ، سهلاً شاملاً ، كافياً ووافياً ، يساير العصور ويفي بحاجات الأمم ، ويجلب السعادة للناس ، بعيداً عن جمود الجامدين وتحلل الإباحيين وتعقيد المتفلسفين ، لا غلو فيه ولا تفريط ، مستمداً من كتاب الله وسنة رسوله وسيرة السلف الصالحين استمداداً منطبقاً منصفاً ، بقلب المؤمن الصادق ، وعقل الرياضي الدقيق ، وعرفتموه علي وجهه : عقيدة وعبادة ، ووطن وجنس ، وخلق ومادة ، وسماحة وقوة ، وثقافة وقانون . واعتقدتموه علي حقيقته : دين ودولة ، وحكومة وأمة ، ومصحف وسيف ، وخلافة من الله للمسلمين في أمم الأرض أجمعين :
 (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) (البقرة:143) .
      أُخــوّة
واذكروا جيداً أيها الإخوان .. أن كل شعبة من شعبكم وحدة متصلة الروح مؤتلفة القلوب ، جمعتها الغاية السامية علي هدف واحد وأمل واحد وألم واحد وجهاد واحد ، وأن هذه الوحدات المؤتلفة يرتبط بعضها ببعض ويتصل بعضها ببعض ويحن بعضها إلى بعض ويقدر بعضها بعضاً ، وتشعر كل أمة منها أنها لا تتم إلا باخوتها ولا تكمل أخوتها إلا بها ، كلبنات البناء المرصوص يشد بعضه بعضاً ، وأنها جميعاً ترتبط بمركزها العام أوثق ارتباط وأسماه وأعلاه ، روحياً وإدارياً وعملياً ومظهرياً ، وتدور حوله كما تدور المجموعة المتماسكة من الكواكب المنيرة حول محورها الجاذب وأصلها الثابت ، لتحقق بذلك قول الله تبارك وتعالي : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات:10) .
جـهاد
واذكروا جيداً أيها الأخوة أن الله تبارك وتعالي قد بارك جهادكم ونشر فكرتكم وجمع القلوب عليكم ، فلا يمر يوم حتى تتكون لكم شعب وينتصر لمبادئكم عدد غير قليل ممن كانوا يجهلونها أو ييأسون من نجاحها أو يتبرمون بها أو يكيدون لها ، وبذلك وصلت دعوتكم إلى مختلف الطبقات ، وتغلغلت في المجتمعات ، ووجدت الأتباع والأنصار في كل الأوساط البيئات :
ـ آلاف من الشباب المؤمن مستعدون للعمل والجهاد في سبيل الإصلاح الحق .
ـ دور في كل مكان مجهزة للدعوة والإرشاد والتوجيه الصالح .
ـ فرق منظمة تزاول الرياضة البدنية والروحية بلذة وشغف وسرور .
ـ شعب منبثة في القرى والكفور والنجوع والمدن والحواضر تربو علي الخمسمائة تتعاون وتتكاتف وتتسابق في الخيرات .
ـ ألسنة وأقلام مفصحة مبينة تكشف للناس عن جمال الإسلام وروعة الإسلام وحقائق الإسلام.
ـ بعثات مستمرة تنفر في سبيل الله لتتفقه في الدين ولتعلمه الناس .
هذه بعض آثار جهادكم أيها الإخوان ترونها واضحة تتضاعف وتزداد : (ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ) (الأنعام:88) .

تضـحية
واذكروا جيداً أيها الإخوة أن دعوتكم أعف الدعوات ، وأن جماعتكم أشرف الجماعات ، وأن مواردكم من جيوبكم لا من جيوب غيركم ، ونفقات دعوتكم من قوت أولادكم ومخصصات بيوتكم وأن أحداً من الناس أو هيئة من الهيئات أو حكومة من الحكومات , أو دولة من الدول .. لا تستطيع أن تجد لها في ذلك منة عليكم , وما ذلك بكثير على دعوة أقل ما يطلب من أهلها النفس والمال :
 (إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) (التوبة:111) .

إخـلاص
اذكروا هذا جيدا ـ أيها الإخوان ـ لا للفخر و لا للمباهاة , ولكن لتعلموا أن الله قد كتب لدعوتكم من الإيمان والإخلاص والفهم والوحدة والتأييد والتضحية ما لم يكتبه لكثير من الدعوات الرائجة السوق , العالية البوق , الفخمة المظاهر , وتلك الصفات هي دعائم الدعوات الصالحة . فاجتهدوا أن تحرصوا عليها كاملة ، وأن تزيدوها في أنفسكم ثباتاً وقوة ، واعلموا أنه ليس لكم في ذلك فضل ولا منة , (بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (الحجرات:17).

هـل نحن قوم غـامضون؟
أيها الإخوان المسلمين ..
بعد اثني عشرة عاماً مضت وأنتم تجهرون بدعوتكم وتبلغونها للناس , لا زال هناك فريق يتساءل عن الإخوان المسلمين , ويراهم أمامه جماعة غامضة , فهل أنتم قوم غامضون؟ وسأجيب على هذا السؤال بصراحة ووضوح . وسأتكلم عن غاية الإخوان المسلمين , وعن وسيلتهم وعن موقفهم من الهيئات المختلفة , وعن موقفهم في هذه الظروف الحاضرة التي تظلل الناس حوادثها . والكثير منكم أحاط بذلك علما , وقد سبق لنا أن فصلناه في رسائل الإخوان وكتاباتهم ومحاضراتهم , وإنما نذكر ذلك الآن في إيجاز تذكرة للغافل وتعليما لمن لم يكن يعلم .
غاية الإخوان المسلمين
يعمل الإخوان المسلمون لغايتين : غاية قريبة يبدو هدفها وتظهر ثمرتها لأول يوم ينضم فيه الفرد إلى الجماعة , أو تظهر الجماعة الإخوانية فيه في ميدان العمل العام . وغاية بعيدة لابد فيها من ترقب الفرص وانتظار الزمن وحسن الإعداد وسبق التكوين .
فأما الغاية الأولى فهي مساهمة في الخير العام أيا كان لونه ونوعه , والخدمة الاجتماعية كلما سمحت بها الظروف .
يتصل الأخ بالإخوان , فيكون مطالبا بتطهير نفسه وتقويم مسلكه وإعداد روحه وعقله وجسمه للجهاد الطويل الذي ينتظره في مستقبل الأيام , ثم هو مطالب بأن يشيع هذه الروح في أسرته وأصدقائه وبيئته , فلا يكون الأخ أخا مسلما حقا حتى يطبق على نفسه أحكام الإسلام وأخلاق الإسلام , ويقف عند حدود الأمر والنهي التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه : (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا , فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا , قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا , وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) (الشمس:7-10) .
وتتكون الجماعة من جماعات الإخوان ، فتتخذ داراً وتعمل علي تعليم الأميين وتلقين الناس أحكام الدين وتقوم بالوعظ والإرشاد والإصلاح بين المتخاصمين ، وإقامة المنشآت النافعة من مدارس ومعاهد و مستوصفات ومساجد في حدود مقدرتها والظروف التي تحيط بها ، وكثير من شعب الإخوان ينهض بهذه الواجبات يؤديها غلي حالة مرضية من حسن الأداء .
فهل هذا ما يريده الإخوان المسلمون ويجهزون أنفسهم له ويأخذونها به ؟!
لا أيها الإخوان ليس هذا ك ما نريد ، هو بعض ما نريد ابتغاء مرضاة الله .. هو الهدف الأول القريب ، صرف الوقت في طاعة وخير حتى يجيء الظرف المناسب وتحين ساعة العمل للإصلاح الشامل المنشود .
أما غاية الإخوان الأساسية .. أما هدف الإخوان الأسمى .. أما الإصلاح الذي يريده الإخوان ويهيؤن له أنفسهم .. فهو إصلاح شامل كامل تتعاون عليه قوي الأمة جميعاً وتتجه نحوه الأمة جميعاً ويتناول كل الأوضاع القائمة بالتغيير والتبديل .
إن الإخوان المسلمين يهتفون بدعوة ، ويؤمنون بمنهاج ، ويناصرون عقيدة ، ويعملون في سبيل إرشاد الناس إلى نظام اجتماعي يتناول شؤون الحياة جميعاً اسمه (الإسلام) .. نزل به الروح الأمين علي قلب سيد المرسلين ليكون به من المنذرين بلسان عربي أمين .. ويريدون بعث الأمة الإسلامية النموذجية التي تدين بالسلام الحق ، فيكون لها هادياً وإماماً ، وتعرف في الناس بأنها دولة القرآن التي تصطبغ به والتي تذود عنه والتي تدعو إليه والتي تجاهد في سبيله وتضحي في هذا السبيل بالنفوس والأموال .
لقد جاء الإسلام نظاماً وإماماً ، ديناً ودولة ، تشريعاً وتنفيذاً ، فبقي النظام وزال الإمام ، واستمر الدين وضاعت الدولة ، وازدهر التشريع وذوي التنفيذ . أليس هذا هو الواقع أيها الإخوان ؟! وإلا فأين الحكم بما أنزل الله في الدماء والأموال والأعراض ؟ والله تبارك وتعالي يقول لنبيه r : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ) (المائدة:49) .
والإخوان المسلمون يعلمون ليتأيد النظام بالحكام ، ولتحيا من جديد دولة الإسلام ، ولتشمل بالنفاذ هذه الأحكام ، ولتقوم في الناس حكومة مسلمة ، تؤيدها أمة مسلمة ، تنظم حياتها شريعة مسلمة أمر الله بها نبيه r في كتابه حيث قال : (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُون , إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ) (الجاثـية:18-19) .

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد