المشهد السياسي اليمني اتفاق أم اختلاف؟

2008-11-23 03:38:33

عبدالباسط الشميري

إن المتابع للساحة اليمنية وما يجري من أحداث وصراعات حزبية وما يجري بين الحاكم والمعارضة من شد وجذب وتأييد ورفض وفعل ورد الفعل ما يشبه لعبة "القط والفأر"، وهو ما قد يوحي بعدم الانسجام والاتفاق، وما ينذر أيضاً بنتائج غير مأمونة العواقب ولا يحمد عقباها ولكن دعونا نترك هذه الرؤية المباشرة للأمور التي تصف الواقع كما تراه العين وحدها ودعونا ننظر إلى القضية وما يحدث من تصارع وتصادم بين عتاة المشهد السياسي اليمني من زاوية أخرى والأفضل أن نبتعد ما استطعنا عن الواقع وملابساته التي ربما تخدع الناظر إليها لأول وهلة فينعكس ذلك على الحكم واتخاذ القرار الصائب كما ينخدع المسافر في الأرض المنبسطة برؤية السراب، وفي اعتقادي أنه لكي نصل إلى نتيجة بنسبة تتجاوز ال "70%" لما قد ينتج عن كل هذا علينا أن ننظر إلى القضية من زاوية أقل بساطة وأكثر بعداً عن التعقيد والتهويل لأن الموضوعية في الحكم تتطلب عدم المغالاة وعدم الإفراط في الخيال والتعقيد، وأيضاً عدم البحث عن التوقعات المعقدة وإعطاء الأمور حجماً أكبر.

ومن هذه الزاوية الحاكم والمشترك وبالرغم مما يجري وفي رأيي أن الحاكم والمعارضة وبالرغم مما يجري بينهما وما قد يجري متفقان وإن ما يحدث ليس إلا اختباراً يقيس مدى احتمال كل طرف.

ولعلكم تستغربون هذا وربما تستنكرونه ولكن المنطق أياً كان ما يحدث إلا يحيلنا إلا إلى هذه النتيجة وإن كانت تبدو مستحيلة، فإذا ما استبعدنا المستحيلات فإن ما يبقى هو الحقيقة فقط كما يقول شكسبير وهو عينه ما يقوله المنطق، فالمشترك يعلن المقاطعة ويخرج في مسيرات تندد بظلم الآخر وما يقترفه من مخالفات لكل ما هو ثابت، ومع ذلك فالمشترك يدرك جيداً أنه لا يمكن له مقاطعة الانتخابات وترك الساحة للآخر لأن هذا يشبه حكماً بالإعدام والتهميش، كما أنه يدرك أن مقاطعته مهما تكن الأسباب التي تدعو إلى هذا هي في الوقت ذاته تعد استسلاماً للآخر، كما أنها قد تعني خذلان المشترك لكل من ينتمي إليه وتسليمه هذه الجماهير التي وثقت به إلى الآخر لقمة سائغة يضعها أنى يشاء، وقبل هذا وذاك مقاطعة المشترك الانتخابات تعني اعتزاله المبكر وخروجه من البرلمان، وبالتالي من الحياة السياسية برمتها، وهو ما يعني نهاية المشترك الحتمية إذا لا معنى لأحزاب المشترك بدون المشاركة السياسية والتمثيل في البرلمان، ولذا فإن من المستحيل أن لا تشارك أحزاب المشترك في الانتخابات القادمة ومع كل ما يقوم به ويدعو إليه إلا أنه ينتظر الفرصة المناسبة ليعلن عدوله عن المقاطعة والمشاركة في العملية الانتخابية وفي المقابل يمضي الحاكم قدماً في التحضير للانتخابات القادمة دون أن يأبه لكونه منفرداً أو يعير الآخر أدنى اهتمام، فقد قام بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات من وجهة نظره بعد أن تنازل أو لنقل رفض الآخر ممارسة حقه ومشاركة الآخر لأسباب أو حجج ربما ليست كافية لأن يخذل جماهيره ويستسلم تاركاً الدفة للآخر يوجهها أينما يريد، ثم وفي تحدٍ ربما لإصرار المشترك على الرفض والمقاطعة يتابع الشعبي العام طريقه منفرداً وبثقة تتزايد كل يوم فيشكل لجان القيد والتسجيل معطياً فرصة للآخر، وتشكيلها ضمن لجان القيد والتسجيل ولكنه يعود ليستبدل الأسماء بعد أن رفض الآخر مشاركة أعضائه وكوادره وهو يتابع ساخراً لتبدأ اللجأن عملها وكأن الأمور عادية ولا شيء هناك، ومع بداية عملية القيد والتسجيل تزداد حدة التوتر ارتفاعاً بين الجانبين ويدخل الصراع مرحلة أكثر عنفاً وذلك بتحريض المشترك للمواطنين وإقدامه على منع لجان القيد والتسجيل من ممارسة عملها وطردها من الكثير من المراكز الانتخابية التي وصلت إلى أكثر من "700" مركز بحسب ما نشر في كثير من الصحف.

ومع إصرار كل طرف على موقفه وتمسكه بوجهة نظره واعتقاد كل طرف بخطأ الآخر تضاربت الآراء والتحليلات حول ما قد تصل إليه الأمور وانهالت التوقعات تباعاً باتفاق الطرفين قبل موعد الانتخابات النيابية القادمة فيما توقع آخرون أنه وحتى إذا توصل الطرفان إلى اتفاق فتأجيل موعد الانتخابات يصبح ضرورة حتمية ليعيد كل طرف حساباته ويستعيد رباط' جأشه، إذا أنه وبحسب رأي ما لا بد لكل طرف أن يتوقف لالتقاط أنفاسه قبل أن يصبح مستعداً لمواصلة الطريق ولذلك فإن التأجيل بات ضرورياً وبحسب هوى كل فرد أخذت التوقعات والآراء تتصادم وتتلاقى ليصل الأمر بها إلى القول أن القضية أصبحت أكثر تعقيداً وأنه بات من المستحيل أن يلتقي الطرفان أو يتفقا لأنهما يسيران متوازيان كقضبان السكة الحديدية ولكي لا تتفاقم الأمور وينتقل الموضوع من التأزيم إلى الأزمة وتخرج الأمور عن السيطرة بحسب توقع ما يجب إيقاف هذا التدهور وتجميد المشهد السياسي برمته، وبالتالي تمديد فترة البرلمان الحالي إلى حين إيجاد حل يرضي جميع الأطراف ويتفق كل أطراف المشهد السياسي دون استثناء، وفي اعتقادي أن هذا الأخير إذا تم العمل به يعني كما تقول بعض مفرداته تعطيل وتجميد، ولكن لما يدور بين المعارضة والحاكم من صراعات وإنما هو تعطيل وتجميد للحياة السياسية في البلد برمتها وبالتالي هو هدم وتدمير وما أنجزته اليمن منذ إعادة تحقيق الوحدة المباركة في 22 مايو 1990م والرجوع بالبلد إلى ما قبل ذلك التاريخ كما أنه يعني وأد الديمقراطية التي ننتهجها ونسير وفقها وربما أدى ذلك إلى توقف عجلة التنمية والبناء وازدهار الحياة لانشغال الجميع بالكيد والكيد للآخر وهو ما لا نريده ولا يمكن أن نرضاه أو نسمح به كيمنيين نحب وطننا وندافع عنه.

وقبل أن نختم هذا الموضوع نقول صحيح أن الأمر قد يبدو شائكاً وبعيداً عن الحل والاتفاق لكن الأمور ستكون بخير إن شاء الله.

وسواء أجلت الانتخابات أو لم تؤجل فسوف تجري باتفاق الطرفين وبمشاركة كل أطراف المشهد السياسي ذلك لأننا ندرك أن كلاً من الحاكم والمعارضة يدرك ضرورة مشاركة الآخر وأهمية تواجده لأن غياب أحدهما يعني وجود خلل في المشهد السياسي وتوقف العملية الديمقراطية برمتها إذ أنه لا ضرورة للبرلمان، إذاً وما هي الفائدة التي سيجنيها الوطن؟ بل وحتى الحزب الحاكم نفسه إذا انفرد هو فقط بمقاعد البرلمان إذا أصر المشترك على رأيه؟ بل ما الداعي في هذه الحالة إلى بقاء البرلمان وقبل ذلك لن تكون هناك ضرورة لإجراء انتخابات من البداية، إذا كان الجميع ينوي البقاء على ما هو عليه، وهذا الأمر هو ما سيجري لو حدث العكس وكان المشترك في موضع الشعبي العام وهو في موضع المشترك، ومن هذا يبدو أن ما يجري كان متوقعاً ومحسوباً ويسير وفق آلية أو رؤى وضعت مسبقاً لتحقيق هدف أو أهداف ربما لم تستطع التوصل إليها أو توقعها، ولذلك يلوح لنا أن كلا الطرفين يدرك جيداً ما يقوم به وما يدعو إليه وكليهما وإن لم يتفقا أو يقصدا حدوث ذلك يعرفان أنه لا يمكن لأحدهما التوقف أو الانسحاب ولذا فكل منهما ينتظر الفرصة المناسبة وربما الوقت المناسب لتغيير رأيه. . والله الموفق

abast 66 @ maktoob. com

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد