أداة سعر الفائدة والأرقام المنسية

2008-12-06 13:53:59

علي بخيت

 


لقد شكلت فرضية الفائدة التجارية حجر الزاوية في الرؤى الاقتصادية، وحيث تعتبر النظرية الإسلامية حرمة اعتبار المال سلعة تباع لمن يدفع أكثر، تأتي المدارس المالية المعاصرة بجدلية إدراك النظرية الماركسية خطورته والتي تفترض حتمية انهيار الاقتصاد من خلال اعتماد إنعاش الاستثمار على ممارسات الإقراض الاستهلاكي أو الاستثماري للرأسمالية وفق فرضية الأجور العمالية وحتمية الوصول لحالة من ارتفاع في الإقراض يتعذر معها السداد وهذا ما حدث اليوم، بالطبع الرأسمالية حلولها لن تمثل إجابات للفقير لتجاهلها القيم الاجتماعية والاشتراكية فيها استبداد وممارسات سيئة وفوز الرأسمالية قائم على قدراتها على التطور السريع.

 


أما اليوم فإن سعر الفائدة تعد حجر الزاوية في لعبة العملات لدعم الاستهلاك بالإضافة إلى كونها إحدى السياسات المالية متوسطة المدى وخاصة في النظام الرأسمالي من خلال القيمة التي يدفعها البنك على إيداعات المصارف التجارية وهي نوعان وفق ما يعرف بسعر الخصم وهو ما يأخذه المصرف المركزي من البنوك التجارية لتغطية احتياجها من السيولة.

 


والثاني يسمى سعر الفائدة وهو ما تأخذه المصارف التجارية من الأفراد والشركات مقابل توفيرها للسيولة. هذا وتأتي أغلب إجابات اليوم من خلال النظرية المالية للعالم كينزو الذي تقوم أفكاره على فرضية قدرة الدولة على إنعاش الاستثمار من خلال أداة تخفيض سعر الفائدة والضرائب وبذلك يتحقق النمو وفق فرضية حتمية تدخل إنفاق الدولة حال الكساد.

 


لكن المتأمل لأداء الدول اقتصادياً اليوم، يلاحظ لسان حالها يقول إن اقتراض الحكومات دون حدود أو أن طباعة العملة سوف تجعل المجتمع ثريا والحقيقة أن في الحالتين سوف تصبح العملة أرخص من سعر الورق الذي تطبع عليه، وفي أحسن الأحوال لن تستطيع شراء السلع لتدني القوة الشرائية للعملة، وفي النهاية بحلول 2015 تدرك الدول أزمة المديونية وعجز الموازنات المالية سوف تقوم برفع سعر الفائدة ورفع الضرائب وتستمر فرضيات الأزمة أو بداية الخروج منها.

 


أما المؤشرات المالية للسياسات المتبعة من قبل المصارف المركزية لأداة سعر الفائدة تأتي على خلفية أزمة مالية تحولت إلى أزمة اقتصادية جوهرها سعر الفائدة والاستهلاك وتتلخص في الآتي:

 


1- أهمية إدراك حقيقة عدم مقدرة المصرف المركزي التدخل في سياسات المصارف الاستثمارية ولكن القدرة على ضمان بيئة استثمارية جيده للقطاع المصرفي.

 


2- الإنقاذ لم يأت إلا من أموال العامة والمصارف لم تترجم رد الجميل من خلال تخفيض سعر فائدتها على الإقراض الفردي أو التجاري.

 


3- خفض سعر الفائدة لتحقيق خفض قي قيمة العملة على أمل إنعاش الصادرات والسياحة.

 


4- انتهاء عهد التمويل الرخيص وبدء اندماج الشركات التجارية على حساب حملة الأسهم والتسريح العمالي الخالي من الضمانات والمستفيد أعضاء مجالس الإدارة المتسبب الوحيد في الأزمة.

 


5- مفهوم خفض سعر الفائدة، ألا وهو قدرة المصارف التجارية على الحصول على المال بأسعار رخيصة. 6- فرضية جودة سياسات خفض سعر الفائدة تعتمد على قبول المصارف ترجمة الخفض بخفضها هي أيضاً قيمة إعطاء القروض من خلال تشجيع الناس على الاقتراض.

 


7- مدى ضعف المدرسة الآسيوية بما فيها العملاق الياباني، فيما يتعلق بممارسات العملة دولياً من خلال أداة سعر الفائدة لعدم تحكمها بعاملين الصادرات وتدفق الأموال الأجنبية.

 


8- الغائب المهم في سعر الفائدة والمحرك الأساسي للاستهلاك الفردي بطاقات الائتمان والتي لم تتحمل شركاتها المسؤولية مع كونها طرفاً في الأزمة المالية.

 


وأخيرا لابد من إدراك حقيقة مغايرة الوضع الخليجي في آثار عناصر الأزمة، وبالتالي مغايرته في أدوات الإنقاذ لاختلاف التواجد المصرفي الأجنبي في الحجم ونسب النشاط في السوق المحلي،كما أن خفض سعر الفائدة الأميركي لمعالجة شح السيولة وخفض سعر الفائدة في دول المنطقة يزيد فائض السيولة ورفعها كان كفيلاً بجلب رؤوس الأموال ودعم القوة الشرائية للعملة بل ودعم فرص الادخار بالإضافة إلى كبح عملية الإقراض وتقليل السيولة لتقليل الأسعار وتضخمها.

 


كما أن أداء الدولار جيد فلا يوجد خوف لدى العملات المرتبطة به ضرورة للخفض لتجنب المضاربات عليها وفق مفهوم العلاقة الطردية بالاحتياطي الأميركي فلماذا الخفض؟ والاهم إدراك خطر خفض الفوائد على الاقتراض أو ما يعرف بالريبو القياسي وهو إقراض المصرف المركزي للبنوك بسعر فائدة منخفض وإقراض البنوك للأفراد والشركات بسعر أعلى لتحقيق كسب من فرق السعرين وهذا كفيل بإشعال مستويات التضخم بسبب وفرة الكاش بكميات كبيره لدى الجميع.

 


وفي الختام، لابد من إدراك ما يعيشه الاقتصاد اليوم، وهو ما يعرف تناقض الإنفاق وفق نظرية كينز، حيث تحرص الشركات في حال الكساد على الاحتفاظ بما لديها من سيولة على حساب الإنفاق وهذا لا يضر بحملة الأسهم، بل بالبيئة الاستثمارية وبالشركات ذاتها نتيجة عزوفها عن الإنفاق لتفضيلها إبقاء الكاش لضمان بقائها في فترة الكساد ويتبعه عزوف الأفراد عن الإنفاق وهذا يسبب انهيارا في الطلب، والاهم منه هو استحالة إنعاش الاستهلاك من خلال دعم الدولة للمديونية والتي ستتحملها الأجيال المقبلة والحل هو إعادة صياغة آليات الاستثمار وتطوير آليات الإقراض.

 


* باحث في الاقتصاد الدولي

 



 


 

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد