الإعلام في دول الربيع العربي..

بدخان: الإعلام مهنة من لا مهنة له ويجب أن يعترف بها وتكون لها قوانينها ومحدداتها .. حامد: الفصل بين الملكية والإدارة يجب أن يتبع في كل المؤسسات الصحفية والإعلامية

2012-11-04 23:29:01 إعداد/ عبدالله الوشاح


مما لا شك فيه أن الإعلام يشكل عمود ارتكاز في أي بناء ديمقراطي ولا يمكن الحديث عن مجتمعات حرة دون الحديث عن إعلام حر ومستقل ومهني كما ينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة التاسعة عشرة منه على أن لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية وإن كان مشروع الاستبداد السياسي في المنطقة العربية قد بدأ بالسقوط أيها الإخوة فإن عملاً شاقاً ومهماً ونوعياً ينتظر النخب الحاكمة في بلدان الربيع العربي وهو عمل لن يصح أو يستقيم دون أن تكون أساساته ومنطلقاته سليمة وشفافة..
وهناك تقارير تؤكد أن عدد القنوات الفضائيات العربية بلغت 733 قناة أغلبها مملوكة لمؤسسات خاصة، يبلغ نصيب دول الربيع العربي منها كالتالي: تبث في تونس 10 قنوات فضائية منها 3 قنوات حكومية ويتوقع أن تصل إلى 39 قناة قريباً، فيما يبلغ عدد الصحف فيها 125 صحيفة بين يومية وأسبوعية، أما مصر ففيها 54 قناة فضائية منها 31 قناة خاصة، في حين تبلغ عدد الصحف التي تصدر هنا 552 ما بين يومية وأسبوعية، أما ليبيا فيوجد فيها 20 قناة تلفزيونية منها 3 قنوات رسمية، أما اليمن فتبلغ عدد القنوات الفضائية فيه 14 قناة منها 4 قنوات رسمية و10 قنوات خاصة، في حين تبلغ عدد الصحف فيها 482 صحيفة ما بين يومية وأسبوعية وشهرية، ووفقا للإحصاءات يعد التلفزيون المصدر الأكثر ثقة لدى الرأي العام في دول الربيع العربي يليه الراديو فالصحف.
وفي هذا المنوال استضاف برنامج "في العمق" على قناة الجزيرة، الكاتب والصحفي/عبد الوهاب بدرخان، والأستاذ/ حسن حامد ـ رئيس مدينة الإنتاج الإعلامي الأسبق في مصر.. وقد تشاطرا القول كلاهما حول الإعلام ودوره في ثورات الربيع العربي..
تحولات الإعلام في الربيع
 حيث أوضح عبد الوهاب بدرخان أنه ينطبق على الإعلام اليوم ما ينطبق حالياً على كل القطاعات، بمعنى أن هناك في دول الربيع العربي بحثاً في الدستور في إنهاض الاقتصاد في مراجعة القوانين في سلوكيات وزارات الداخلية وأجهزة الأمن، فإذن الإعلام هو جزء من هذه المنظومة عموماً، ولكن يتميز الإعلام بشيء واحد وهو أنه كان له ـ ربما ليس كل الإعلام في بلدان الربيع العربي، ـ فضل على الثورات التي حصلت كان له دور فيها، هناك إعلام واكبها، واكب بعد إذن المراحل الانتقالية والتي لا تزال حتى الآن..
مضيفاً بقوله: إنما حصل أيضاً تحول في النظرة للإعلام، الناس كان احد شعاراتها الحرية وبالتالي كل الأنظمة أو بدايات الأنظمة التي نشأت على أنقاض الأنظمة السابقة تحاول أن تحقق شيء من احترام الحرية وبالأخص تسهيل توسع الإعلام وازدهاره كجزء أيضاً من خدمة موضوع الحرية، لا شك أن هناك أيضا ورشة قوانين بدأت لوضع قوانين لتنظيم مهنة الإعلام لأنها فوضوية، وهناك فوضى حاليا ما نشهده حالياً هو عملياً مشهد فوضوي للإعلام لأنه احترام الحرية جعل الحكومات الانتقالية تفلت الحبل على الغارب من دون أي ضوابط،، من قبضة مشددة إلى انفراط..ثم إن هذا الانفراط أخذ أيضاً يضايق إلى حد ما الحكومات الانتقالية، فلذلك نرى أن هناك مشاكل حصلت بين الإعلاميين بين مؤسسات إعلامية والحكومات، هناك شرطة تعرضت للإعلاميين في تونس، هناك حالة من التوتر بين الإعلام والحكومة الانتقالية في مصر، أيضا مشاكل في ليبيا ربما يعني لم نسمع عن مشاكل جوهرية أيضا بدايات توسع نحو طابع مختلف، كل مدينة أصبح لها عدة قنوات تلفزيونية خاصة وطبعا إذاعات وغير ذلك.. منوهاً إلى أن هناك شيء كان يبشر فيه الجميع وهو أنه انحسار للصحافة المكتوبة بالعكس صار في ازدهار للصحافة المكتوبة في دول الربيع العربي، هناك توسع أيضا في وسائل الإعلام السمعي والبصري وتوسع آخر في الإعلام الالكتروني، وبالتالي يعني العملية الآن في ذروة ازدهارها وانتشارها، إنما أعتقد أنه عندما تبدأ الأنظمة نفسها بعد كتابة الدستور وبعد استقرار الأنظمة نفسها ووضع القوانين، لا بد أن يتوضح المشهد أكثر وينحسر التوسع الأفقي لكي يبقى الإعلام القادر على البقاء لأنه فيه هناك غث وسمين حالياً.
من جانبه اتفق حسن حامد مع ما ذكره بدرخان بتشخيصه الحالة إنها حالة فوضى وحالة تحول تكثر فيها الأشياء الخارجة عن السياق والخارجة عن المنطق والخارجة عن الأصول المرعية، هناك دائماً في مراحل التحول مثل هذا الانفلات ولكن هنا تحول فجائي، لأن الحدث الكبير الذي حدث في العالم العربي وخاصة في دول الربيع العربي جاء فجأة لم يكن هناك أي مقدمات تقول إن ما حدث بهذا الحجم وبهذه القوة، داهم الجميع أشد المتفائلين بحدوث تحولات أو حدوث تغيرات، لذلك نجد مثلما سبق وقيل أن هناك ضغطاً وهناك قمعاً لوسائل الإعلام، وسائل الإعلام التي كانت مقموعة وكانت تحت ضغوط شديدة من أنظمة الحكم انفلت عيارها وانطلقت وبالتالي حدث هذا الموقف المنفلت، ساهم في ذلك وزاد عليه أيضاً أن أجهزة الإعلام ليست هي الوحيدة في الساحة، فالإعلام الالكتروني الآن له اليد الطولى وله اليد السبق وخصوصاً أنه كان مساهماً إسهاماً مباشراً وجوهرياً في عملية التحول في ثورة 25 يناير..
وأضاف حامد أن المشاكل التي كانت قائمة في العهد السابق كانت تتمثل في مشكلة الحرية، حرية الإعلام لم تكن مكفولة ولم تكن قائمة فالتدخل الحكومي تدخل واضح وتدخل سافر وكان الإعلام لا يقول إلا ما يريده الحاكم، المسألة بالنسبة أيضاً بالنسبة لاتحاد الإذاعة والتلفزيون على سبيل المثال.
مشاكل الإعلام الرسمي
وعلى ذات الصعيد قال عبد الوهاب بدخان إن مشكلة الحرية هي مشكلة عامة وبالتالي هي تنعكس على الإعلام بشكل خاص لأنه هو الإعلام هو في الواجهة في حين انه هناك أنواع أخرى من الحريات غير محترمة..هو جزء منها، لكن هو مضطر أن يعكس عدم حريته وعدم حرية القطاعات الأخرى، بمعنى هو واجهة مسألة الحرية التي تهم كل الناس..
وأضاف: طبيعة الارتباط بالحكومة طبعاً لأن الإعلام ليس وظيفة هو عمل يجب أن نصفه دائماً بأنه عمل مضطر يكون فيه الإعلامي إبداعي وحتى بكل القطاعات سواء تقنية ولا صحفية مجردة، المشكل في نظرة الحكومات الإعلام بأنه هو وسيلة في خدمة الدولة وبالتالي يعني الحكومات نظرت دائما إلى الإعلام على انه هو تابع لها، هو يقوم بوظيفة معينة، في معظم الدول العربية لم يكن هناك إعلام خاص باستثناء لبنان لم يكن هناك إعلام خاص، في لبنان كان التلفزيون إعلاما محتكرا للدولة... باستثناء إعلام مكتوب فقط لم يكن هناك إذاعات خاصة، منوهاً إلى أن الحرب الأهلية هي التي فجرت المشهد الإعلامي اللبناني وأوجدت القنوات الخاصة.. وبهذا لبنان نموذج استثنائي..نعم إنما في كل الدول أصبحت وزارة الإعلام هي المكان الأسهل فيه توظيفاً..
موضحاً بقوله: إنه كلما ذهب نائب أو صاحب أو وجيه أو صاحب مصلحة إلى وزير أو شخص يريد توظيف يقول له ابعثه على الإعلام، مهنة من لا مهنة له للأسف وهذا انتقل إلى المشكلة الأخرى التي يجب فيها أن يعترف بهذه المهنة تكون لها قوانينها أن تكون لها محدداتها الاعتراف بحرية الإعلام ليس فقط من خلال الدستور بكلمة بمادة يجب أن يكون هناك قوانين تفصل كيف تحترم حرية الإعلام وألا يعامل الصحفي بالأحكام الجنائية كما يحصل في كثير من الدول، يعني قوانين الجرائم الجنائية هي التي تطبق على مخالفات الصحافة في أي مكان أو التلفزيون، هذا يجب أن يحدد أيضاً، كيف يجري التعامل مع الصحافة؟ أيضاً في قوانين نفسها إذا اعترف بالإعلامي كمهنة يعني لها محدداتها مثل المصرفي مثل أصحاب المهن الخاصة مثل أي شيء آخر يصبح له أيضاً كيان قانوني وبالتالي تصبح الحرية جزءاً من حقيقته وهويته.
تنظيم الملكية
وحول تبعية وسائل الإعلام قال حسن حامد إنها قضية كبيرة جداً وأن مصر تمثل حالة خاصة جداً من هذا المنظور، أولاً النظام في مصر نظام اتحاد الإذاعة والتلفزيون علاقته بوزارة الإعلام نظريا اتحاد الإذاعة والتلفزيون كيان يشبه البي بي سي البريطانية، والقانون المنظم لهذا العمل وهو قانون رقم ثلاثة عشر وضع منذ فترة طويلة وكان وزير الإعلام في ذلك الوقت هو الكاتب الكبير الأستاذ/ محمد حسنين هيكل الذي وضع هذا التنظيم وجعل اتحاد الإذاعة والتلفزيون هيئة عامة وهذه الهيئة العامة لها استقلاليتها ولها مجلس أمناء هو الذي يدير هذا الكيان، لكن بعده تغيرت هذه العبارات في نفس القانون وأصبح لوزير الأعلام الدور المهيمن على سياسات اتحاد الإذاعة والتلفزيون على إدارة هذا الكيان الكبير فمن حيث الشكل كل شيء قائم على أساس أنه جهاز عام يخدم الشعب ولا يتبع الحكومة بشكل أو بآخر، ولكن واقع الأمر وحسبما قرى عبر سنوات طويلة هناك هذه التبعية فلكي يتغير النظام الموضوع ليس يعني يمثل مشكلات كبيرة، لأن الأساس موجود الأساس الذي وضعه الأستاذ هيكل مازال قائماً بالتالي يسهل جداً تحويل المؤسسة إلى مؤسسة.
إعلام ما بعد الثورات
مصر:
وقد تحدث الأستاذ/ حامد عن القنوات الخاصة في مصر قائلاً إنه كانت هناك انتقادات لنظام الحكم السابق كانت هناك الكثير من الصراحة التي تتسم بها برامج الـ Talk Show المسائية الخاصة بالقنوات الخاصة، مشكلة الجهاز الحكومي أو القطاع الحكومي في الإعلام مشكلة اكبر بكثير من القطاع الخاص، وهو كان قطاعا مع النظام الحاكم ومع الحاكم مئة في المائة وبالتالي تغيره أو تحوله أصبحت المسألة جديدة عليه، مسألة تحتاج إلى ممارسة تحتاج إلى ضبط الإيقاع، فأعتقد انه حتى هذه اللحظة هناك تحسس لموقع الأقدام في الإعلام المصري، وحتى الآن لم يجد هذا الإعلام النبرة الصحيحة ولا الإيقاع المناسب له للتعامل بالذات مع نظام الحكم.
وأشار إلى أنه كانت هناك بعض الخلافات التي تنشأ بين الحين والآخر ما بين الصحفيين العاملين في القنوات الخاصة وبعض أصحاب هذه القنوات، فبطبيعة الحال صاحب القناة له توجهه وله مصالحه التي يحاول أن يخدمها بأكبر قدر ممكن من خلال هذه القناة، وهذا ربما يتعارض وفي كثير من الأحيان أن يتعارض توجه الصحفي مع توجه مالك القناة، وبالتالي تحدث هذه الانشقاقات تحدث الاستقالات وبالتالي طبعا تصبح المسألة إما حرية الصحفي في أن يواجه الانتقادات الواجبة أو التي يراها من وجهة نظره المهنية وإما أنه يتخلى عن هذا الدور وبالتالي يفقد نفسه ويفقد مهنيته ويفقد ثقة الجمهور فيه.
اليمن:
وفي سياق متصل تحدث تقرير في البرنامج ذاته عن الإعلام في اليمن، حيث أشار إلى أن إعلام ما بعد الثورة اليمنية يبدو مختلفاً، إذ تشهد الساحة الإعلامية ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة الحريات الإعلامية وانتشار الفضائيات والصحف والإذاعات بمختلف توجهاتها، قنوات فضائية وصحف ومواقع الكترونية وإذاعات تعمل بعد الثورة بسقف مفتوح بما فيها الإعلام الرسمي الذي بدا بعد النظام السابق أكثر قرباً من واقع التغيير والثورة بعد أن كان يدافع عن الرئيس السابق علي عبد الله صالح ونظامه.
من جانبه قال نبيل البعداني ـ مدير الأخبار في الفضائية اليمنية ـ إن الحكومة السابقة كانت هي حكومة ربما على مواجهة مع الثورة وقوى الثورة السلمية ولكن الآن نحن في فترة توافق وفي فترة حكومة وفاق وطني، كانت أول مرتكزات الاتفاق أن يعود هذا الإعلام إلى موقعه الطبيعي، أن يكون إعلام الشعب وليس إعلام حزب أو إعلام جهة.
إلى ذلك أوضح التقرير أن تبعية بعض القنوات ووسائل الإعلام تعود إلى الرئيس السابق علي صالح وحزب الإصلاح وحركة الحوثيين التي اتهمها البعض بتلقي أموال إيرانية بعد إشارة الرئيس الانتقالي عبد ربه منصور هادي إلى تمويل إيراني بما وصفه بالتخريب في اليمن.. مضيفاً بقوله إن عندهم أكثر من خمس قنوات تتكلم عن اليمن 24 ساعة، كفى بالقنوات، إذا لم تتخذ إجراءات، وإجراءاتنا ستكون صعبة ومرة عليهم.
كما تبقى مسألة التمويل الشائكة المتهمة بها بعض القنوات، أحد أبرز التحديات أمام الإعلام اليمني بعد الثورة، إذ يؤثر ذلك التمويل على توجه القناة ورسالتها الإعلامية، مما قد يسهم في توتير الأجواء السياسية والاجتماعية في يمن ما بعد الثورة.
التمويلات
وفي ذات الإطار وحول التمويلات الضخمة لوسائل الإعلام واستغلالها مقابل هذا التمويل يقول عبد الوهاب بدر خان:صراحةً في العالم العربي الممولون بحاجة إلى تثقيف في هذا الموضوع يعني هو يتعامل مع الإعلام كما يتعامل مع أي سلعة تجارية وبالتالي لا تستغرب كيف يتعامل مع الإعلاميين إذا أي واحد أخطأ يعني أخطأ في نظره يعني في أدائه أو في خلاف سياسي، الأصحاب أصحاب التمويل حالياً هم الذين بحاجة إلى أن يراجعوا ثقافاتهم..
 مستدلاً بمثال أن في الغرب تمول شركات كبيرة، مثلاً تمول قنوات فرنسية شركة مقاولات كبيرة، مثلاً تأخذ أكبر المشاريع هي التي تمول أكبر قناة تلفزيونية.. ديزني تمول ACBفي شبكة ACB جنرال إلكتريك تمولNBC شركات يعني..
وأوضح بدخان أن في الغرب يعرف الممول أن عليه ضوابط من القانون، لأن القانون يعترف بالإعلام ويعترف بحرية الإعلام وفي مناخ حرية وإذا وسيلة الأعلام راعت أكثر من اللازم مصالح الممول فإنها تفضح وتنتقد على الملأ وتصبح يعني يصبح وضعها سيء يعني مزيد من الضغط على الوسيلة التي تمولها يعني أن هذه الوسيلة ستخسر حصل هذا في بعض الدول العربية في إحدى الدول الخليجية أن هناك مثلاً ممول أخضع جريدته لخلاف شخصي مع شركة مع صاحب شركة أخرى وبالتالي الجريدة التي كان يمولها نزل توزيعها- لا نريد أن نسميها يعني- نزل إلى مستوى لا نريد أن نسميها يعني متدني جداً جـداً يعني في بعطيك مثل آخر يعني مردوخ، روبرت مردوخ.. أحد كبار الملاك نستطيع أن نقيّم كيف هي العلاقة من خلال مثلاً تعامله مع جريدة تايمز، جريدة تايمز لم تبادر إلى فضح قضية التنصت التي تورطت فيها جريدة أخرى لمردوخ إنما التايمز لا زالت محترمة ولا تزال النظرة إليها جريدة ذات مصداقية، لأنه مردوخ لا يتدخل في السياسة التحريرية هم يعرفون ما هي مصالحه ويحاولون مرافعتها ويحاولون، إنما عندما يكون هناك حدث وهو في قعر هذا الحدث.
نماذج ناجحة
وفي ذات السياق أفاد حسن حامد أن هناك أنظمة قائمة تقدم لنا نماذج نجاحها لوسائل التمويل بالنسبة للقنوات العامة وهذا هو النموذج الذي يجب أن تقوم عليه المؤسسة الإعلامية الرسمية في مصر المتمثلة في اتحاد الإذاعة والتلفزيون لا بد أن تمول بنفس الطريقة التي تمول بها المؤسسات العامة الكبرى مثل الـ BBC في انجلترا الـ NHK في طوكيو ونماذج كثيرة من هذه المؤسسات الإعلامية الرسمية الكبيرة، فالتمويل يأتي من خلال رخص التشغيل، فرخصة التشغيل التي تحصل عليها المؤسسة تأتي من الأفراد المستفيدين من أجهزة التلفزيون والذين يشاهدون خدمات هذه المؤسسة وبالتالي تضمن أن الجمهور العادي هو الذي يمول هذه المؤسسة الكبيرة، وبالتالي لا تخضع هذه المؤسسة لأي ضغوط مالية من أي جهة كانت وفي مقدمتها الجهات الحكومية فلا فضل لأي أحد سوى الجمهور.
مضيفاً بقوله: إذا كان هناك تدخل للجهات التنفيذية في اختيار أعضاء مجالس الأمناء أو المديرين التنفيذيين لهذه القنوات يمكن أيضاً الفصل بين الملكية وبين الإدارة وهذا نموذج الفصل بين الملكية والإدارة يجب أن يتبع في كل المؤسسات الصحفية والإعلامية وليس فقط في المؤسسات الرسمية يعني بمعنى أنه حتى صاحب رأس المال الذي يملك صحيفة أو يملك محطة تلفزيون أو محطة راديو يجب أن يعلم أن هذا النوع من العمل لا ينطبق عليه القواعد المعمول بها في المؤسسات التجارية الصرفة، لأن التعامل مع الفكر والتعامل مع الجوانب الإعلامية كالأخبار وغيرها أمر يختلف تماماً عن بيع السيارات مثلاً.
بدر خان من جانبه يفيد بقوله: إن المناخ العام في كل بلد هو الذي يفرض وأقصد بالمناخ هنا ليس فقط مزاج شعبي ولا مزاج حكومي أقصد قوانين يعني عندما تكون هناك قوانين تحترم مهنة الصحافة لا يستطيع الممول أن يذهب بعيداً في تدليل نفسه بمطالبه..
وحول امتلاك الحكومات مؤسسات إعلامية قال عبد الوهاب بدخان إنه ليس من العيب أنت تملك هذه الحكومات مؤسسات إعلامية، إنما ليس أي حكومات مثلاً نحن شفنا نمط من الحكومات العربية كيف تصرفت بالإعلام هي تعتبر ليس فقط الإعلام الحكومي إنما أيضاً الإعلام الخاص هو جزء من لعبتها أي إعلام معارض في مصر خلال عهد الرئيس مبارك لم يكن قادراً على الظهور.
وذكر بدخان أن تمويل شبكات الإعلام الإخباري مكلف جداً وأنه لا يمكن أن يكون التمويل ذاتي من القطاع الخاص أو من مشاريع خاصة يجب ويمكن للدولة أن تبقي علي نسبة معينة من التمويل لكي لا تقع المؤسسة إنما الدولة نفسها هي توجد شركاء وهذا يفسح يعني يصير فيه تهوية للجو العام للمؤسسة لا تعود فقط حكومية وبالتالي يمكن أكثر أن نقيس مسألة الحرية فيها.
إلى ذلك لخص الأستاذ/ حامد كل ما تم ذكره بقوله: إن هناك العديد من النقاط يجب مراعاتها أولاً الفصل بين الملكية والإدارة هذا شرط أساسي لقيام مؤسسات إعلامية ناجحة، الأمر الآخر هو التدريب أنه بدون تدريب عال للكوادر المهنية يصبح الأمر شديد الصعوبة في بلوغ مستوى مقبول للمؤسسة الإعلامية، الأمر الآخر ليس كل شيء مرتبط بالمؤسسات ذاتها فقط ولكن هناك أمر أساسي يتعلق بحرية تدفق المعلومات بحرية الكلام وحرية انتقال الأفكار وحرية المعتقد حرية الفكر يعني ضمان الحريات هذا أمر أساسي، هناك أيضاً مسألة توفير المعلومات للصحفيين يعني بدون حرية المعلومات وانتقالها وأيضاً وجود متحدثين رسميين باسم مؤسسات التنفيذية بحيث أن الإعلامي يستطيع الحصول على الخبر بسهولة ويسر مثلما يحدث في العالم الغربي..
 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد