الذكرى الأولى لشهيدات الثورة السلمية11/11/2011 في جمعة "لا حصانة للقتلة"

2012-11-10 02:06:37 تتذكرهم/ وئام الصوفي


في جمعة لا حصانة للقتلة 11/11/2011 شن نظام الرئيس السابق "صالح" حرب إبادة على الحالمة تعز وسكانها بكافة الأسلحة الثقيلة والخفيفة صدروا آلة الموت والدمار بحقد أسود وعاثوا في الأرض فساداً.. غبر مبالين بما يرتكبوه من جرائم ومجازر بحق المدنيين.. وشهدت تعز في جمعة لا حصانة للقتلة 11/11/2011 أسوأ وأعنف أيامها الدامية، حيث هاجمت قوات الأمن المحتجين في مدينة تعز، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 15 مدنياً بينهم ثلاث شهيدات في القصف على مصلى النساء بساحة الحرية وإصابة عشرات آخرين.
في هذه السطور نسرد قصص عدد من الشهداء سرقت تلك العصابة حلم ربيعهم في يوم الجمعة 11/11/2011 أثناء قصف قوات صالح أحياء ساحة الحرية بتعز في جمعةٍ كان شعارها "لا حصانة للقتلة"..

الطفل أسامة الشرعبي.. الطفل الرجل
لم يترك النظام السابق شيئاً بشعاً إلا وبادر بارتكابه وفى تعز خاصة تتجلى شناعة جرمه في قتله للبراءة والطفولة، ففي جمعة لا حصانة للقتلة في 11/11/2011 اخترقت رصاصة قناص غادر ظهر الطفل أسامة الشرعبي وهو مطلقاً بسمة الخلود.
أسامة وضع بصمات كثيرة في قلب كل من عرفه وابتساماته يوزعها في كل أرجاء حارته، أخوانه محمد ووفاء وعبدالله افتقدوه كثيراً وأمه لازالت لم تشفِ من صدمة الخبر الفاجع ودائماً تردد على لسانها علي صالح أنتزع قلبي.
تقول والدة الشهيد المكلومة وهي تبكي إن أسامة كان بمثابة روحها, وتقول الحمدلله على كل حال وحسبي الله ونعم الوكيل.
وتضيف: أسامة كان طفلاً هادئاً لا يحب اللعب بالشارع ولا يحب المشاجرة مع أي أحد، كان ذكياً رغم صغر سنه كان يعمل ببقالة والده كرجل كبير.
وتتابع: في يوم الجمعة 11/11/2011 صحا أسامة بالصباح وكان يريد الخروج وأنا منعته بسبب القصف المستمر، وعندما توقف القصف خرج أسامة مع عبدالله شقيقه الأكبر للبقالة وفي الطريق كان يسأل عبدالله وقال له لو قتلت أنت يا عبدالله أنا بموت بعدك وأنا إذا قتلت أنت ماذا ستفعل؟.
ومنذ بداية الثورة كان يردد أسامة كلمة كفنوني في ثيابي إن مت شهيداً.
وكان أسامة طالباً في الصف الثالث في مدرسة الأضواء الأهلية استشهد أمام بقالتهم بطلقة رشاش من جبل جره دخلت من الظهر ومزقت الكبد والحجاب الحاجز.
تقول الأم المسكينة إنها لم تعرف لحظة إصابة ولدها، فظلت تنتظرهم على الغداء، فاتصل بي أبو أسامة فقال لي أسامة أصيب في يده وفجأة نظرت لوجه ابني عبدالله فلقيت دماً على صدره، فسألته قال لي أسامة مصاب فشفته بالتلفزيون بسهيل يبعد ملابسه كان قوياً فكنت مطمئنة فجلست بالبيت ومن شدة النزيف تم نقله للمستشفى الدولي، فدخل غرفة العمليات الساعة12ونصف ظهراً وخرج الساعة8 مساءً، العملية ما نجحت كان الدكاترة كلما خلصوا العملية النزيف يزيد فكانت ثلاثة عمليات فعملوا له 5 آلاف سيسي دم، فخرج من العمليات الساعة8 مساءً للعناية المركزة فرجع أبو أسامة للبيت لأنه كان تعبان.
وفي الصباح اتصلتُ بأخي وسألته عن أسامة فقال لي بخير ولم يكلمني أنه قد توفى.. حسبي الله ونعم الوكيل.

الطفل محمد رزاز.. استشهد وهو ينتظر الإفطار
في جمعة لا حصانة للقتلة 11/11/2011 كان الطفل محمد في البيت يلعب مع إخوته الصغار أثناء انتظار وجبة الإفطار التي تعدها أمه ليذهب إلى الساحة لأداء صلاة الجمعة وفجأة تخترق رصاصتان نافذة المنزل لتصيب رأس محمد الذي فارق الحياة على الفور.
تقول أم الشهيد بحزن عميق: كان محمد ذكياً وخدوماً وبسبب ظروفنا المادية الصعبة أصر محمد أن يشارك ويعمل إلى جانب والده، وفي يوم الجمعة كنا داخل البيت جميعاً وأنا كنت أجهز لهم وجبة الإفطار". تبكي أم محمد وتقول:"كنا بجانبه وإذا برصاص تدخل من النافذة، فاستقرت رصاصتان برأس محمد.. أنا سلمت أمري إلى الله وحسبي الله ونعم الوكيل"..
 أضافت:"مهما حصل صالح على حصانات في الدنيا لكن بالآخرة لن يكون هناك حصانات وسيخلد بنار جهنم وقودها الناس والحجارة.
فــــاجعة
أما والد الشهيد محمد رزاز فيتحدث:" ماذا أقول كانت اللحظة فاجعة وفلذة كبدي أمامي تستقر في جمجمته رصاصتان غادرتان وتختطفه من أمامي يد قناصة صالح لتوجه له رصاصة في رأسه، وهو يلعب مع إخوانه فتركته قتيلاً..

الشهيد/ هاني الشيباني.. اخته تكتب بدمه: "إرحل ياسفاح"
كان الشهيد هاني حسن الشيباني يسكن في حي الكوثر بتعز مع عائلته في منزلهم القريب من ساحة الحرية مما جعله وأفراد أسرته مشاركين في الثورة منذ انطلاقتها..
تحدث والده واصفاً إبنه هاني بالقول: الصبر عنوانه والصدق طريقه والأمانة والإخلاص رأس ماله، كان هاني باراً بوالديه مكرساً وقته وعمله في خدمتهم.
وفي يوم جمعة لاحصانة للقتلة لم يسلم حي الكوثر من قصف عصابة صالح الهستيري.. تقول أم الشهيد هاني - البالغ من العمر"٢٤" عاماً - إن هاني في صباح الجمعة صحا من نومه على أصوات القذائف والمدفعية التي تطال ساحة الحرية طالباً منها إعداد الفطور، فدخلت المطبخ لأعد الطعام فبينما أنا كذلك سقطت أول قذيفة على المنزل قام بعدها هاني ليتحسس موقع انفجار تلك القذيفة بعد أن تأكد أنها في المنزل من خلال دوي الانفجار وتحديداً في غرفتي.. وعقب الانفجار دخلت رصاصات من نافذة الغرفة متجهة صوب هاني الذي يقف في الصالة خلف باب خشبي واخترقت تلك الرصاصات جسده ودفعت به الى الأرض وسقط قتيلاً.
وفي موقف ارتفعت له القبعات إجلالاً وإكباراً عكس قوة امرأة ثائرة استطاعت وفاء الشيباني أخُت الشهيد أن تشعر مناصري النظام وقواته أنهم جبناء حد الخنوع وأضعف من امرأة لتكتب على الجدران بدم أخيها الشهيد: "إرحل يا سفاح".
وفي لحظة فاجعة من فواجع مجزرة تعز تمالكت وفاء كل قواها وبدأت بعزيمة يحسدها أشداء الرجال وهي تزغرد بجوار جسد أخيها هاني وفي مشهد مروع.

تفـــــــــــــــــاحة ، زينب ويـــــــــــــــــاسمين..
ثــــــــــــــــــــــلاثي الفـــــــــــــــــــداء والبطــــــــــــــــــــــــولة

 في وقت صلاة جمعة لا حصانة للقتلة 11/11/2011 بدأ القصف عنيفاً، فسقطت قذائف الهاون (والأر بي جي) على أحياء عديدة من محافظة تعز وفندق المجيدي المتاخم للساحة فلم يسلم مصلى النساء من القصف فأدى إلى إستشهاد ثلاث نساء: تفاحة، زينب وياسمين.
تفاحة العنتري.. كان شعارها النصر أو الشهادة
في ظهر الجمعة١١-١١-٢٠١١م المسمى بجمعة لا حصانة للقتلة لم تعد الشهيدة تفاحة إلى منزلها لأنها كانت مع موعد أخر مع حياة جديدة كانت تفاحة برغم إمطار قوات صالح بالقذائف على ساحة الحرية كانت في مقدمة الصف ولم تبرح مكانها إلا زادت إصراراً وعزيمة ورافعة السبابة الوسطاء النصر أو الشهادة فاخترقت شظايا قذيفة صالح الغادرة رقبتها فروت بدمها الزكي ساحة الحرية وثرى البلدة الطيبة ومن يستطيع أن يصدكي إلى الخلف أيتها الحبيبة وقد أقسمتي بأنكي ستمضين في مسيرتك السلمية فمضيتي إلى ساحة أخرى في الفردوس وإلى قصر لا منزل صغير في الدنيا.
تفاحة العنتري الأستاذة والمربية الفاضلة في مدرسة مجمع طيبة في الحوبان ـ كانت تقطع المسافات الطويلة من منزلها قاصدة ساحتها وساحة كل الأحرار والحرائر في الحالمة لمشاركتهم نضالهم الثوري وأداء صلاة الجمعة في تلك الساحة المسافة كبيرة بين ماض محزن في ظل نظام مستبد، ومستقبل تحلم به تفاحة ورفيقاتها متمثل بيمن جديد، ينعم فيه جميع أبنائه بخيراته، متساوين في الحقوق والواجبات، وشركاء في بنائه، وكان شعارها دوماً النصر أو الشهادة .

ياسمين الأصبحي.. تمنت أن يكون عرسها في الساحة
الشهيدة ياسمين سعيد سيف علي الأصبحي من مواليد عام ١٩٨٧قرية الاصابح - شعبة جعف – الحجرية، طالبة في السنة الثانية في كلية التربية جامعة تعز قسم تربية خاص وحاصلة على تسع شهادات في دورات تدريبية متنوعة.. أما ياسمين الثائرة فهي منذ بداية انطلاق الثورة توقفت عن دراستها لتشارك أبناء وطنها ثورتهم وكانت أحد أبناء مدينة الثورة تعز الذين أشعلوا شرارة الثورة منها لتنتقل شرارتها المباركة إلى جميع ربوع الوطن، ليكتمل بذلك فصول ثورة شعب ينشد الحرية ويصعب إخمادها ممن يحاولون ذلك، فأنى لهم فهي إرادة الشعب التي لا تقهر مستمدة من إرادة الله وهي السيل الجارف الذي تجرف أمامها كل من يعترض طريقها..
ياسمين الثائرة شاركت في المسيرات التي تنطلق من ساحة الحرية وكان لها نشاط كبير وملفت للنظر في الساحة، وبعد محرقة ساحة الحرية في ٢٩/٥/٢٠١١، سعت ياسمين جاهدة لإعادة وهج الساحة ونشاطها من خلال المشاركة في المسيرات اليومية الصباحية والمسائية. 
كانت ياسمين مخطوبة - وفي هذا الشأن نتقدم إلى خطيبها بتعازينا بالإضافة إلى جميع أهلها -  وكانت تتمنى أن تقيم عرسها في الساحة فباعت دبلتها وجمعت التبرعات لإعادة المنصة (منصة ساحة الحرية) أفضل مما كانت فكان لها ما أرادت.
ساهمت في عدة فعاليات ومشاركات في الساحة وكان لها مشاركة ومساهمة فاعلة في شراء العديد من البطانيات للساحة وكذلك جوائز الدورات التدريبية وكان عيدها هذا العام ممثلاً في صناعة الكعك وبعد صلاة العيد في الساحة كانت في طلعتها البهية وبساطة تعاملها تقوم بزيارة الجرحى والمصابين هي وزميلاتها بمجهود ذاتي وفردي لمعايدهم وتقديم ظروف فيها مبالغ مالية رمزية مع كعك العيد. ورفعت ياسمين في آخر أيامها شعار (الموت ولا المذلة) وكأنها ترى مصيرها أمام عينيها. وفي١١/١١/٢٠١١ استشهدت ياسمين في ذلك القصف الذي شنته قوات السلطة على المتظاهرين في الساحة مستهدفة مصلى النساء في ساحة الحرية بتعز بقذيفة أطلقتها قوات صالح المتمركزة في مستشفى الثورة الذي أصبح ثكنة عسكرية حينها.، حيث اخترقت شظية رأسها، بينما هي كانت تستمع لخطبة الجمعة مستعدة للصلاة ولكن كان لها لقاء آخر مع ربها شهيدة مطلقة بسمة الخلود في عرسها الأول والأخير.
ــــــــــــــــــــــ
زينب الشيخة الجليلة والثائرة البطلة
كانت الشهيدة الحافظة لكتاب الله/ زينب حمود قائد العديني هي الأخرى في تلك اليوم من شهيدات الثورة السلمية اللواتي قدمن أنفسهن رخيصة في سبيل هذا الوطن الذي عشنه وآثرن بأنفسهن من أجله وسطرن في تاريخ هذا الوطن أروع البطولات الذي ستدرسه الأجيال القادمة وتقف إجلالاً وإكباراً لصانعات هذا التاريخ كزينب وتفاحة وياسمين ومن قبلهن عزيزة.
تقول إحداهن في وصف زينب بأنه كلما اقتربت من محياها كاد يشع من وهجها نوراً لا يمكن الإفصاح عنه بأبعد مدى من أجمل الكلمات وأرق العبارات وأعلى مقام من كل مقال، وقصة حياتها قصة كفاح ونضال، وتميز وإبداع وأخلاقيات وسلوكيات يعجز التعبير عن وصفها.
تخرجت الشهيدة زينب من حلقة مسجد أم القرى التابعة لجمعية معاذ العلمية لخدمة القرآن الكريم والسنة النبوية الذي عكفت فيها خمسة أعوام لتنهل من علمها في مجال العلوم الشرعية على يد كوكبة من المشائخ، بعد أن قضت عامين في حفظ كتاب الله في مركز الزهراء التابع لجمعية معاذ العلمية. حفظت كتاب الله إجازة وسنداً وراجعته وختمته مرتين، الأخيرة كانت على يد الشيخ/ علي المسوري وكانت تتأهب لختمه مرة ثالثة وحصلت على إجازة مفتية من مشائخ عدة لتصبح شيخة علم ومعلمة وحافظة لكتاب الله، بالإضافة إلى شهادات عديدة يصعب حصرها.
زينب صاحبة الأخلاق العالية بصمتها تدخل قلوب الآخرين دونما استئذان، كانت مصطحبة كتابها على الدوام ولم يبرح لسانها ذكر الله، كانت القدوة الحسنة والكل يحب الإقتداء بها من أهلها وأصدقائها ومحبيها، وكانت المداومة والمحافظة على صلاتها في أوقاتها وهي الصائمة كل اثنين وخميس والقائمة في الليل، رافعة كفيها تتضرع لبارئها وتدعوه بالنصر والظفر لثورتها التي أهدتها روحها الغالية على نفوس الكثيرين ممن عرفها، عرفها الناس وهي تسعى لمنفعتهم ومن أجل إسعادهم، كما عرفتها تعز وكل مساجدها صالحة ومصلحة وخادمة لكتاب الله وسمحة كريمة، ومثالية متفانية في خدمة وطنها ومجتمعها، ومن أجمل صفاتها صمتها وسماحتها وخفة طبعها ووفائها لوطنها ومجتمعها.
عشقت الشهيدة زينب ساحة الحرية وخيامها ووضعت بصماتها في كل عبارة ثورية خطتها أناملها، فقد كانت صاحبة الخط الجميل والذوق الرفيع والصوت الشجي وهي تتلو آياتاً من القرآن الكريم. 
وحرصت على المشاركة في المسيرات التي تخرج في تعز الثورة منذ انطلاقة ثورة الشباب السلمية وكانت أشد شغفاً وحباً لساحة الحرية، فكانت إحدى العاملات في لجنة التفتيش والنظام. 
وبعد محرقة ساحة تعز واستعادة الساحة عملت في تكتل "مناضلات ثورة اليمن" وكانت أكثرهن نشاطاً وحيوية في تقديم الأطباق الخيرية ومساعدة الجرحى وأسر الشهداء وكتابة اللوحات في المسيرات وفي الفعاليات التي ينظمها تكتل مناضلات ثورة اليمن وشباب 11 فبراير.
وفي جمعة "لا حصانة للقتلة" كانت الشهيدة زينب كما هو الحال مع رفيقاتها وصعدت إلى الملأ الأعلى مع تفاحة وياسمين.
25 عاماً من عمرها عامرة بالفضيلة والنجاح وقد عاهدتها صديقاتها وأهلها ومحبوها على أن يواصلوا مشوار كفاحها وأنهم على دربها سائرون.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد