الدكتور أحمد الدغشي في حوار فكري لا تنقصه الصراحة: من المخجل أن يغدو رجالات العلم والفكر أتباعًا أذلاء للانتهازيين من السياسيين

2007-06-17 19:09:44

حاوره/ إبراهيم مجاهد

الصراع السني الشيعي في المنطقة، أين يكون تمرد الحوثي من هذا الصراع، انقلاب الحركة السلفية على الثوابت القطعية، انفتاح الإصلاح، الدور الايراني وخدمة القومية الفارسية ، حزب العدالة والتنمية التركي انموذجاً، انعزال شباب الأمة العربية والإسلامية عن قضاياهم، ايجاد مرجعية للحركات السنية، ولماذا المشروع الإسلامي قادم لا محالة؟!.

هذه القضايا وغيرها من القضايا الفكرية تطرق اليها حوارنا مع الدكتور والمفكر الإسلامي/ احمد الدغشي الذي كنت احسبه متشدداً إلاَّ أني اكتشفت غير ذلك وهو ما سيكتشف القارئ الكريم نهاية هذا الحوار واقول هذا وأنا على ثقة من ذلك، ولن اطيل وإلى نص الحوار -الذي احسبه- لم تنقصه الصراحة. .

 



 > هل لنا أن نعرف كيف يقرأ الدكتور أحمد الدغشي الصراع السني الشيعي الحاصل في المنطقة ؟.
- الدغشي : يعود الصراع السني الشيعي الحاصل اليوم في المنطقة - بالدرجة الأساس- إلى العامل السياسي، حيث استطاع بعض السياسيين المنتمين بيئيا إلى الطائفتين من غير المعروفين عادة بالالتزام الديني إلى ركوب موجة الطائفية المذهبية واختطاف المذهب ، وجرجرة الجميع وراءهم. وأحيانا -كما في الحالة اللبنانية مثلا-يقودهم أفراد لا ينتمون من الأساس إلى أيّ من المذهبين. ومن المخجل أن يغدو رجالات العلم والفكر أتباعا أذلاء لأولئك الانتهازيين من السياسيين، فإذا ببعضهم يردد في ضعف ظاهر أن السنة فعلت بالشيعة كذا والطرف الآخر يرد بالضد. . . وهنا أعجبني وصف شيخ المجاهدين العراقيين (حارث الضاري) -أثناء محاضرة عامة له بجامعة صنعاء- ذلك الذي يجري في العراق بأنه إن صح أن يكون طائفيا فإنه طائفية سياسية لا مذهبية!! ودعني أذكر لك أسماء محدودة من حيث التصنيف الطائفي بمعنى الالتزام الديني والمذهبي. وأمثلة ممن لاصلة لها بذلك من الأساس، من الواقع في أبرز منطقتين تموجان بما يسمى ( الصراع الطائفي): العراق ولبنان، ففي العراق: أحمد الشلبي -مثلا- هل له أدنى علاقة بمعيار ذلك الالتزام والاستقامة وفق المذهب الشيعي الإمامي ؟ أم أنه الدليل الأمين للغزاة الأمريكيين، مع أننا نراه يحج بين كل فينة قصيرة وأخرى إلى كل من واشنطن، والنجف حيث يقيم صنمها الأكبر علي السيستاني- وليعذرني إخواني الشيعة فقد أن أوان التحرر من سياسة القطيع وعبادة طغاة البشر تحت عباءة السلطة الدينية أو السياسية -!! وكذا إياد علاوي ذو الانتماء الشيعي البيئي الذي يتحالف اليوم مع جبهة التوافق العراقية( السنية) مع أن من أكبر مآثره مذبحتا الفلوجة الأولى والثانية. . . . هل نسيتم ؟ هؤلاء في مقابل العلماء الشيعة المجاهدون وأبرزهم: الآيات والمراجع التالية: جواد الخالصي ،وأحمد البغدادي، وحسين المؤيد وفاضل المالكي وأتباعهم. و ومن الطرف المصنف بيئيا على السنة : عدنان الباجه جي فهل لهذا الرجل أدنى صلة بالالتزام والاستقامة وفق المذهب السني أم أن الرجل من أبرز الوجوه الأمريكية القادمة مع المحتل والمؤيد المطلق لسياساته حتى اللحظة. وخذ اجتهاد الحزب الإسلامي العراقي (إخوان مسلمون) بقيادة الدكتور طارق الهاشمي في المشاركة في حكومة المالكي ومجلس نوابه. وزيارة الدكتور الهاشمي طهران وواشنطن، وتصريحه بعد عودته من واشنطن بأن خروج أمريكا من العراق في الظروف الراهنة غير موائم؟! ثم ترأس شخصية سنية (محمود المشهداني) محسوبة على جبهة التوافق مجلس النواب ، مع التذكير بأن المشهداني اتهم بالخيانة من قبل أطراف سنية، وبعد أن تم التآمر عليه سياسيا لإقصائه من رئاسة المجلس أعلنت جبهة التوافق تمسكها به! وهل الصراع الذي يدور بين حين وآخر بين الجيش الإسلامي في العراق (سنة) وما يسمى دولة العراق الإسلامية (القاعدة) طائفي؟ وفي لبنان هل الداعية الدكتور فتحي يكن شيعي لأنه تحالف مع حزب الله في موضوع المقاومة والوقوف ضد حكومة السنيورة،؟ وهل السنيورة (السني) يمثل أهل السنة حقا، لمجرد خلافه السياسي مع حزب الله (الشيعي) مع أن حكومته مدعومة صراحة من الصهاينة والأمريكان؟ وقد قيل :"قل لي من يصفق لك أقل من أنت". ثم أين تضع من يقود ذلك الصراع ويجرجر السنيورة والحريري (السُنيَين) نحو المربع الأمريكي الصهيوني: وليد جنبلاط(الدرزي ) وسمير جعجع (الماروني) هل هما سنة أيضا؟ وفي المقابل أين تضع الرئيس الأسبق للحكومة رشيد كرامي(السني) و قائد الجيش اللبناني الأسبق ميشيل عون (الماروني) المتحالفين مع حزب الله (الشيعي)؟ ثم لماذا الاعتقاد الغريب بأن السنة وحدهم من (تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى)؟ فهذا المرجع الشيعي اللبناني البارز مهدي العاملي: مفتي جبل عامل وصور يعلن اختلافه مع حزب الله وقائده حسن نصر الله سواء في موضوع الإقدام على معركة يوليو(تموز) العام الماضي، أم في الصراع الدائر اليوم حول شرعية حكومة السنيورة(السنية) التي يقف المرجع العاملي إلى جانبها ؟ وهكذا تجد أن العامل السياسي هو المحرك الأساس لكل هذه الذي يصفونه صراعا مذهبيا أو طائفيا.

 

# هل من روابط فكرية لأحداث التمرد الذي تشهده مناطق في صعدة مرتبطة بالصراع الشيعي السني الدائر في المنطقة ؟.
الدغشي:ربما، لكنها في الأساس- في ظني- لا تخرج عن العامل السياسي، وإنما يستغل الفكر المذهبي غطاء لذلك. بيد أنه لابد من التمييز هنا بين الأفراد العاديين وأعني أولئك الشباب الذين تلقوا تعبئة عقدية (عمياء) فهؤلاء غالبا ما يكونون معتقدين بسلامة ماينادون به، وبين بعض القيادات السياسية التي تبغي تحقيق أمجاد لها من وراء ذلك. . و إذا كان من غير المستغرب- في الأصل- أن يتفاعل ذوو النظرة المذهبية أو أي من الاعتبارات في الخارج لما يقدم عليه نظراؤههم أو المحسوبون عليهم في الإطار نفسه في أي مكان آخر، وأن يفرحوا لفرحهم ويحزنوا لحزنهم، فلا شك أن ذلك ليس على إطلاقه أمر مشروع، فالتفاعل الذي يتجاوز حدود المشروع إلى الدخول في تصدير أفكار دخيلة تتناقض و خصوصيات أي مجتمع ونسيجه الاجتماعي؛ إنما يعدّ إسهاما في إثارة فتنة عمياء كهذه التي نعاني منها اليوم في محافظة صعدة.

 

> ماهي وجهة نظرك في البيانات المنسوبة للحوزات العلمية الشيعية المساندة للحوثيين؟.
- الدغشي : هذا يؤكد ماقلته في إجابتي السابقة مباشرة.

 

> فكريا كان ينظر الى التيارات السلفية أنها أحد التيارات الإسلامية المتشددة المنغلقة على الآخر وما يلحظ حاليا بأن هناك انفتاحا؟ - هل لكم أن توضحوا لنا أسباب وعوامل الانفتاح؟ وهل له علاقة بالانفتاح الذي طرأ على بعض الحركات الإسلامية بعد أحداث 11 سبتمبر؟.
- الدغشي : سنة الله الكونية والشرعية أن لا يبقى شيء من أمور الاالفكر والاجتهاد عصيا على التغيير، غير أن المؤسف أن بعض فصائل العمل الإسلامي- ومنها السلفية- كانت تزعم أنها تنطلق من الثوابت القطعية، في الكليات والجزئيات، فإذا بنا نجد انقلابا هائلا في المفاهيم والأفكار والمسلكيات، وغدت السلفية- موطن السؤال- سلفيات عديدة، يمكن تصنيفها في اتجاهات ثلاثة رئيسة متعارضة هي: السلفية التقليدية، والسلفية الجديدة- ولا أستطيع أن أصفها بالتجديدية بإطلاق-، والسلفية المقاتلة (الجهادية). ولعل أسباب ذلك يرجع-بالدرجة الأساس- إلى أنها جميعا ليست مستقلة الفكر والمنهج، من خلال بيئتها ومشكلاتها الذاتية، بل نجد تبعية لافتة - في الغالب- لدوائر رسمية خارجية وغير رسمية. وأعتقد أن أزمات الخليج الثلاث التي بدأت في 79،90، 3 200م على التوالي كانت الأسباب المباشرة من وراء ذلك التحول. غير أن الثانية منها كانت الأبرز في صناعة التحوّل الهائل في مسارها ، بسبب الموقف من الغزو الأجنبي الذي قادته الولايات المتحدة ، فقد تباين بين التأييد للموقف الرسمي لدول الخليج وفي مقدّمتها العربية السعودية، وهذا هو موقف السلفية التقليدية ممثلة في المؤسسة الدينية الرسمية في السعودية ومن يتبعها في المنطقة، وبين الموقف الرافض لذلك التدخل ، وقد مثل هذا الموقف بعض رموز المدرسة السلفية الجديدة وفي مقدمتهم في ذلك الحين سفر الحوالي وسلمان العودة وناصر العمر، ومن يتابعهم على نحو مقصود أو غير مقصود في المنطقة. ولم تكن قد تشكلت بعد السلفية المقاتلة فكان دخول القوات الأجنبية إلى جزيرة العرب بمثابة الإعلان عن قيامها استنادا إلى الحديث الشريف:" لا يجتمع دينان في جزيرة العرب". وبالنسبة لعلاقة ذلك بأحداث سبتمبر فمن الواضح أن لجزء من ذلك التحول علاقة به، فبعد أحداث الرياض عام 2003م وما تلاها من تفجيرات متلاحقة في الرياض وغيرها، خرجت فتاوى جديدة بل مناقضة أحيانا لفتاوى سابقة سلفية من السعودية وخارجها تدين الذي يجري باسم (الجهاد)، كما ظهرت فتاوى مؤيدة للذي يجري، وأخرى لا تخفي تعاطفها مع من يقف وراء التفجيرات!.

 

> وجهت في آخر لقاءاتك الصحفية انتقادات لاذعة لحزب التجمع اليمني للإصلاح ونتائج مؤتمره الأخير. . لماذا لم يذهب الدكتور الدغشي لاعتبار ما يحدث تطورا فكريا أو انفتاحا؟.
- الدغشي : ماورد من نقد سلبي للإصلاح في حوار موقع (الإسلام اليوم) لم يكن في اتجاه التطور والانفتاح، فالعبد الفقير من أكثر الأصوات مناداة بذلك في سواء في تجمع الإصلاح - بحكم أنه أكبر الأحزاب الإسلامية والسياسية في البلد-أم في غيره من فصائل العمل الإسلامي. والدليل على ذلك أني أشدت بالإصلاح وأثنيت عليه وعلى حركة الإخوان كثيرا في الحوار ذاته في جوانب أخرى، وإن لم يكن موضوع التطور والانفتاح من بينها ضرورة. غير أني أجد في سؤالك فرصة سانحة للرد على كثير من القراء والمتسائلين عن حقيقة ما ورد في حوار موقع (الإسلام اليوم) مع العبد الفقير،تجاه نقد الإصلاح، حيث أبرزت العديد من المواقع والصحف ولا سيما في الداخل ومنها موقع (أخبار اليوم) وصحيفتكم هذه (أخبار اليوم) ذلك في (مانشت) عريض فحواه" الدغشي: الإصلاح يعاني من مفاسد تربوية، والإصلاح هم الفاعلون، وغيرهم مجرد(كمبارس). . . . . الخ". وقد عودتنا المناكفات السياسية والحزبية أن تستغل صحف كل طرف ضد بعضها أيّ خبر أو تصريح- بصرف النظر عن صحته ودقته- لتوظفه ضد الطرف الآخر، والغريب أنني لست طرفا حتى يستغل حديثي ضد طرف آخر، وإن منحتموني- على سبيل المثال- في الموقع والصحيفة موقع (قيادي في التجمع اليمني للإصلاح)، وآخرون وصف (القيادي البارز)، والذي أعرفه عن نفسي أنني شخصية مستقلة ذات علاقة طيبة بكل من يعمل عملا مشروعا في الساحة، وأعتز بانتمائي إلى تيار الوسطية الإسلامية العام ليس أكثر! وللافت أنه بات بإمكان كل طرف سياسي أو حزبي أن يستغل الشيء ونقيضه - إن شاء- ، فمثلا هذا الحوار نفسه، وضع له عنوان في موقع الإسلام اليوم -وهو موقع سلفي مستنير يشرف عليه الشيخ سلمان العودة- :" الدغشي: العودة تجاوز الإخوان بأفكاره المستنيرة". ونقل الحوار موقع (إسلام أون لاين)- وهو موقع محسوب على الإخوان المسلمين، يشرف عليه فضيلة الإمام يوسف القرضاوي- واتخذ له العنوان التالي:" الدغشي: السلفيون الجدد نسخة مزيدة ومنقحة من الإخوان المسلمين". وجاء عنوان بعض المواقع والصحف الرسمية عندنا أو المحسوبة على السلطة في الداخل تحت العنوان المشار إليه فيما سبق، فيما جاء العنوان الموضوعي والمعبّر تماما عن حقيقة الحوار ومضامينه في موقع (الظاهرة الإسلامية)- وهو موقع محايد غير مصنف على أي من أطياف السياسة أو الأحزاب يديره ويشرف عليه الصديق حسام تمام من مصر- تحت عنوان (الدغشي وحوار الإخوان والسلفية وهموم العمل الإسلامي). ولك الآن أن تقارن :أي ّ من تلك العناوين سليم؟. قد تقول إنها جميعا سليمة!ربما! فقط على القارئ أن يكون فطنا لما يعتقده بعض الأعزاء الصحفيين فن إثارة لا يتعارض مع أخلاق العمل الصحفي ولا مهنيته! وأن يراجع مضامين الخبر كاملا من أصوله لا من الشارح الصحفي وبمجرد العنوان.

 

> بالعودة إلى الصراع السني الشيعي أين يقرأ الدكتور الدغشي الدور الإيراني في هذا الصراع؟ وهل دورها (إيران) يخدم المذهب الإمامي أم القومية الفارسية الفارسية؟.
- الدغشي : الدور الإيراني متورط -مع الأسف- بلا أدنى شك في الصراع الدموي الدائر اليوم في العراق. وتكاد هذه الحقيقة تمثل إجماعا لدى كل علماء السنة ومفكريها بوجه خاص -وبعضهم على علاقة حسنة بل متميزة مع طهران أمثال الإمام القرضاوي والدكتور محمد سليم العواء والأستاذ فهمي هويدي- الذين اجتمعوا في بداية العام الميلادي الحالي بالدوحة في إطار مؤتمر( حوار المذاهب الإسلامية)، وقد شرفت- مع زملاء آخرين- بالحضور معهم. وها أناذا أؤكد أن الدور الإيراني لايزال -بكل مرارة- مستمرا في دعم بعض الأطراف، ولم يستجب لتوصيات المؤتمر التي وقع عليها بعض رموز المذهب الإمامي وفي مقدمتهم آية الله محمد علي تسخيري الأمين العام للمجمع العالمي لتقريب المذاهب الإسلامي. وهناك خلاف بين الباحثين والمحللين هل يخدم هذا الدور المذهب الإمامي أم القومية الفارسية؟ وأنا أميل إلى الثاني بالنظر إلى بعض المعطيات التي تؤكد ذلك من مثل وقوف إيران مع الحكومة الإذربيجانية (العلمانية) في قهرها وعسفها ضد المعارضة هناك. مع أن أغلبية الأذربيجان - وفي مقدمتهم المعارضة- شيعة. وقمعها لمجموعات شيعية معارضة في عربستان! بل إن وقوفها اليوم مع بعض العصابات الدموية في العراق مثل هذه التي تنتسب إلى ماكان يعرف ب(الثورة الإسلامية في العراق) و(منظمة بدر)، أو مايسمى ب(جيش المهدي)،فهل هذه السياسة من مصلحة المذهب الإمامي بالنظر إلى مستقبل العراق وحتمية التعايش بين أبنائه؟ وحتى لو سلمنا بأن سياستها تخدم المذهب الإمامي فإن ذلك لايخرج عن الاستغلال السياسي البشع لورقة المذهب! وهنا يصدق قول العلامة الدكتورمحمد سعيد رمضان البوطي حين وصف الثورة الإسلامية في إيران بأن من أكبر عيوبها- في بداياتها تحديدا- أنها :" انتصرت للمذهب ولم تنتصر للإسلام".

 

> هناك من لمس وجود انسجام بين المشاريع الغربية مع أجندة عديد من التيارات الإسلامية8 في دول المنطقة؟ فهل تلمسون ذلك؟خاصة إذا ما رأينا انفتاح تجمع الإصلاح على الآخر الأمريكي والأوروبي في الآونة الأخيرة؟.
- الدغشي : ليس من الدقة ولا الأمانة ولا الموضوعية في شيء وصف تصرفات بعض الرموز من هذا الفصيل الإسلامي أو ذاك بأنه انسجام أو نحوه لتيار كامل مع المشاريع الغربية. البعض يطرح حزب العدالة والتنمية التركي نموذجا على ماتقول، لكن دعني أعرب لك - شخصيا- عن إعجابي الكبير بسياسة (حزب العدالة والتركي) على الصعيد الداخلي، وهو حزب ذو مرجعية إسلامية- كما لايخفى- في بلد يُراد له أن يكون أم العلمانية. والغرب وبالذات الغرب الأمريكي يظهر مباركته لحكومة العدالة والتنمية فهل نقول إن ذلك انسجام مع المشروع الغربي؟ ليس بالضرورة فأحيانا لتقاطع المصالح دور لايستهان به في ذلك. صحيح أن هناك بعض المآخذ على هذا الحزب لاسيما فيما يتصل بسياسته الخارجية، لكن ذلك لايعني أنه منسجم عن قصد وسبق إصرار مع المشروع الغربي. وإلا فقل لي لماذا لم يتوافق المشروع الغربي مع جبهة الإنقاذ في السودان سواء قبل الخلاف الذي جرى بين ركنيها البشير والترابي أم بعد ذلك مع أن التهم الظالمة للترابي من قبل العديد من الإسلاميين لاتحصى بعمالته للغرب ومروقه من صحيح الإسلام؟ حتى إخوان مصر لم يسلموا من قبل غلاة العلمانية في مصر من تهم العمالة للإدارة الأمريكية ، لكون مسئولا أمريكيا أو وفدا أو نحو ذلك التقى مسئولا في الحركة أو بعض أفراد الجماعة في مصر أو خارجها. هذه تهم ظالمة أربأ بمسلم صادق غيور أن يسارع إلى تلقفها وترديدها. نعم لا شك أن الإدارة الأمريكية - مثلا- تسعى للتأثير على بعض الحركات وكسبها وإيقاعها في فخ العمالة لها ، ولذلك تعمد إلى بعض الشخصيات المنتمية إل هذا الفصيل أو ذاك في الحركات الإسلامية لاستضافتها إلى واشنطن تحت ذرائع عدة، والإكثار من دعوتها إلى السفارة، والمشاركة في أنشطة متعددة الوجوه برعاية الإدارة الأمريكية أو سفاراتها، وأعتقد أنها تمكنت بشكل مباشر أو غير مباشر من التأثير على عدد محدود من بعض العناصر المنتمية إلى الحركة الإسلامية بمستوياتهم التنظيمية المختلفة، لكن ذلك جرس إنذار لخطورة مايراد لا أن هذه الحركة أو تلك كمنظومة متكاملة قد وقعت في ذلك الفخ.

 

> لماذا يشعر الكثير بأن شباب الأمة العربية والإسلامية أصبحوا في معزل عن أهم قضاياه؟.
- الدغشي : أصبح معظمهم في وضع انعزال ، لجملة أسباب منها: ضعف التنشئة التربوية والاجتماعية على الصعيد الأسري أولا،ثم الضعف التربوي العام في العملية التعليمية، ولا سيما مانسميه نحن التربويين بمنزلق الانعزالية في المدرسة، أي التركيز على تحصيل التلميذ أكثر من تكليفه بأنشطة غير صفية تربوية واجتماعية تعدّ في قائمة التقويم الأساسية، وكذا ضعف الاهتمام من قبل العلماء والمريين بهؤلاء الشباب، وتراجع الاهتمام التربوي من قبل بعض فصائل العمل الإسلامي بالجوانب التربوية والتزكوية،فإذا أضفنا لذلك ضعف أو ربما انعدام التنسيق والتكامل بين مؤسسات التربية بوجوهها المختلفة، هذا إلى جانب إشغال الوسائل الإعلامية ، والتقنية المعلوماتية الحديثة للشباب بسفاسيف الأمور وتجاهل معاليها، مع إدراك مايسمى بحقيقة الغزو الثقافي والفكري للشباب. إذا عرفنا ذلك كله استطعنا أن نعرف سبب ذلك الانعزال.

 

> هل تتفقون مع من يرى بضرورة إيجاد مرجعية للحركات الإسلامية السنية في العالم؟.
- الدغشي : أتفق مع من يرى ذلك لكن ليس بالضرورة أن يكون على نحو ماهو قائم في الفكر الشيعي الإمامي، وإنما على غرار المحاولة المقدّرة التي يسعى لإرسائها وترسيخها فضيلة الإمام يوسف القرضاوي فيما يعرف بالاتحاد العام العالمي لعلماء المسلمين، وهي فكرة تستحق المؤازرة والتسديد، رغم ظهور العديد من العقبات والتحديات أمامها.

 

> لماذا؟.
- الدغشي : لأن معيار العالم الشرعي لايزال غير محدد ولا منضبط بدقة حتى الآن ، ولأن بعض الأمراض الحزبية والمذهبية والاجتماعية لاتزال تمثل عقبة كؤدا فيما يبدو. ولذلك فقد فطن الشيخ الإمام القرضاوي ومن معه في الفكرة إلى جعلها إطارا عاما لايقتصر على السنة وحدهم بل ضمت إلى جانبهم الشيعة الإمامية والزيدية والإباضية جميعا، وهذه أكثر رحابة من التضييق على المرجعية في إطار طائفي أو مذهبي أو نحوهما.

 

> هل ثمة مشروع إسلامي في المنطقة؟.
- الدغشي : إن فكر المحنة الذي فرض على الحركة الإسلامية دخوله في الخمسينات إلى الثمانينات من القرن الميلادي المنصرم لا تزال مؤثرة سلبا حتى اللحظة على مسار الصحوة الإسلامية بصورة عامة ، خاصة مع عودة هذه المحنة في أكثر من قطر ولا سيما مصر. ومع ذلك ثمة محاولات مقدرة على المستوى الفردي وجزء محدود من الجهد المؤسسي. رغم أن الغرب العدواني وفي مقدمته الولايات المتحدة لا يزال يسعى بكل إمكاناته لعرقلة كل جهود بلورة ذلك المشروع، مع أنه قادم لا محالة، بعز عزيز أو بذل ذليل.

 

> ما هي الأسباب التي أدت إلى فهم الإسلام بطريقة خاطئة في الغرب مؤخرا واتهامه بعدم الانسجام والتماشي مع الأديان الأخرى؟مع العلم إن الجامعات البريطانية أعادت تقويم مجال الدراسات الإسلامية وأسلوب تدريس الإسلام في جامعاتها؟.
- الدغشي : أولى هذه الأسباب سلوك المسلمين أنفسهم ، ولا سيما هذا الاتجاه التكفيري : اتجاه العنف باسم الجهاد، ثانيا الغرب يتأكد من يوم لآخر أن إحدى مكوناته هي العدوان والإقصاء لكل من خالفه حتى لو كان من أبناء جلدته ، بدليل ما أسمي بالحربين العالميتين الأولى والثانية، فقد كانت بين الغربيين أنفسهم ، ثم وقوفها السافر ضد الحركات الإصلاحية الوسطية المعتدلة، أو تلك التي تجاهد العدو المعتدي على بلدانها مثل حركتي حماس وحزب الله والمقاومة العراقية فتصنفها دوائر صناعة القرار الغربية في قوائم (الإرهاب)!.

 

> هل من سؤال كان يتوقع الدكتور أحمد الدغشي أن نطرحه عليه وفاتنا الاستفادة منه؟.
- الدغشي : لا أبدا فقد كفيتم ووفيتم، شكرا جزييلا لكم.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد