تــُلقي فيها المعلمات الدروس وعيونهن يحلقن في الجدران خوفاً من السقوط.. عزلة الأعبوس بين انهيار مدرسة الحرية وفساد مدرسة الشعب

2008-12-17 03:22:42

* جدران متشققة وفصول أشبه بحضائر البهائم

 

تحقيق/أبو مصعب الصبيحي

الأعبوس عزلة من مديرية حيفان بمحافظة تعز يسكنها "35" ألف نسمة موزعين على سبعة مراكز محلية في مناطق متفرقة على طبيعة جبلية صعبة وشاقة منازلها شاهقة تلامس الضباب في الشتاء تحيط بها الأشجار على هيئة جميلة خصوصاً عند تساقط الأمطار وهي عزلة معزولة عن خدمات الدولة توزع ساكنوها بين فئة هاجرت المدن واستوطنت العواصم والحفر وفئة صابرة تجالد الويلات وتصارع الزمن من أجل العيش والسعي خلف مصادر الأرزاق ينحتون في الصخر بكل قواهم لتسوية مساحات للمساكن كما اشتهر أهالي الأعبوس بتنوع الثقافات وسعة المعارف والعلوم ورفدوا الميدان السياسي والاقتصادي والثقافي بنماذج فريدة لأن المعاناة صنعت الإبداع والنضال والانطلاق في ميادين الحياة أضحى كل عبسي رقماً مميزاً يشار إليه بالبنان ذلك لأن العلم والتعليم وصل إليهم قديماً نستعرض في التحقيق التالي صورتين بسيطتين من مئات الصور الطافحة والمشاهد المؤلمة التي يكتوي بنيرانها كل عبسي ينشر العدل والمساواة والعيش الشديد وبما أن الأعبوس اشتهر قاطنوها بالتفوق التعليمي فإننا اختزلنا الحديث فقط عن مدرستين أحدها تحت الانقاذ والثانية شاهد "ما شافش" حاجة.

 

> مدرسة الحرية انهيارات وإهمال رسمي

مدرسة الحرية بنات كانت تسمى مدرسة البعث وهي من أوائل المدارس التي أنشئت في 56م وأول مدرسة لتعليم البنات في محافظة تعز تأسست على جهود خيرية ذاتية وتبرعات المواطنين وتكاتف شعبي جماهيري يبلغ عمرها حوالي "54" عاماً تتكون من مباني صغيرة ضيقة بعضها فوق بعض تخرج منها المئات من الخريجين موزعين على مؤسسات الدولة منهم أساتذة الجامعات ووكلاء الوزارات وقادات ألوية ومعسكرات ورجال أعمال وأطباء بالمستشفيات منهم من يعيش ومنهم من قضى نحبه وما زالت مدرسة الحرية بجدرانها المتشققة تنعي ذاتها تتفتت أخشابها بفعل الحشرات ومياه الأمطار وانتهت فترة الصمود فلا فرق بين فصول مدرسة الحرية وبين مرابض وحظائر البهائم قالت ثلاث من معلمات المدرسة وبصوت يتقطع حسرات "بصراحة نحن نلقي الدروس التربوية بخطر نقضي ساعات التعليم في حالة يقظة وانتباه خوفاً من الكتل الحجرية والأسمنت المتساقط وبشكل شبه يومي وتتوقف العملية التعليمية في موسم الأمطار لأن الفصول تتحول إلى مستنقعات مائية فيما تحدثت طالبات الصف السابع عن الثعابين والحشرات الخطيرة والساحة المتواجدة على نواحي المدرسة تسبب لهن مخاوف وهلع وتستوطن جدران المدرسة وتداهمهن بشكل مفزع وتحدثت الطالبة أنيسة عبدالعليم عن عدم وجود مساحة واسعة أمام المدرسة، كل المعلمات تحدثن بشطط وتبرم وإستنكار في وصف وضعية مبنى مدرسة الحرية المقيد بأغلال وسلاسل فساد النظام وتكلمت إحدى التلميذات بهدوء واستحياء قائلة "السلطة المسؤولون على طاولة الدولة لكن يا فصيح لمن تصيح حكومتنا اذن من طين وأخرى من عجين" وقد اعتبرت طالبات ومعلمات الحرية هذا النزول الإعلامي الصحفي بادرة خير لعلها توقظ ضمائر السلطة ويتحقق حلم الطالبات والمعلمات وأولياء الأمور بمدرسة جديدة وبالمقابل استهل أحد الآباء في مركز النوبة عباراته الغاضبة قائلاً: "السلطة تزيد من الطالبات والمعلمات الأصوات الانتخابية فقط لكنها لا توفر أدنى اهتمام لهذه المدرسة السلطة تتشدق وتبهرر بانجازات توسيع قاعدة تعليم الفتاة وتستجلب الأموال والمساعدات من المنظمات لكنها تتغاضى وتتهرب من آهات وأنات ومطالب طالبات مدرسة الحرية بنات في بني علي أعبوس، وأشارت الأستاذة أنيسة مقبل غالب نحو فصول حديثة مصنوعة من الزنك والذي أصبح مشكلة أخرى فهي قطع شديدة البرودة أيام الشتاء وشديدة الحرارة أثناء الصيف وتظل الطالبات في حالة قشعريرة وارتعاش من لسعات الريح الباردة خصوصاً هذه الأيام ويطول بناء التفكير ليكون الاستنتاج إهمالاً رسمياً ولو طال الزمن.

فساد مدرسة الشعب حسيمة

مدرسة الشعب جسيمة بالأعبوس هي أيضاً أسطورة أخرى بقالب عجيب، إنها قضية طويلة الوصف عجيبة الأدوار تصلح أن تكون مسلسل تراجيدياً باختصار مدرسة الشعب تم اعتمادها مركزيا بمبلغ باهض استلم المقاول المناقصة وبدأ العمل فقط بوضع أساسات ثم غادر ولم يعد وتم استلام أقساط المبنى لكن في الواقع لا شيء قام عضو المجلس المحلي محمد علي بمتابعة موضوع المدرسة وبذل كل رخيص وغالي في سبيل بناء المدرسة ولجأ إلى المحكمة واستخرج حكماً قضائياً بإلزام المقاول بالنزول لبناء المدرسة في الحسيمة الاعبوس ولكن الحكم القضائي لم ينفذ، استنفذ محمد علي طاقاته ولديه وثائق رسمية وتخويلات كتابية رسمية وتقارير اللجان المحلية والخارجية وصور فوتغرافية ومستندات كثيرة تؤكد معاني المهزلة وبشاعة الفساد المالي والإداري في المقاولات والتآمر حتى على المحاضن التربوية لصناعة جيل أمي لا يقرأ ولا يكتب ولم يجد المبنى والفصول للتعليم وواصل عضو المجلس المحلي محمد علي سيف سرد المواقف والقصص والصعوبات والعراقيل من أجل إستعادة المبنى المعتمد في جداول موازنة الدولة والغائب عن واقع الحياة مضى عليه أكثر من خمس سنوات بحث محمد علي عن العدل فوحدة غائب وظل ماشياً يسأل عن الإنصاف والنصرة لإستعادة المدرسة الغائبة ولم يجد من يؤازره وبذل كل ما في وسعه وما زال يتوعد قائلاً: "لن نصمت ولن نهدأ فما ضاع حق وراءه مطالب" ولم يجد بعض مواطني مركز المحجمة غير مناشدة وزير التربية إنقاذ مئات الطلاب والطالبات تحترق أجسادهم كل صباح يسألون عن مصير مدرستهم الضائعة بفعل خربشات الفساد والمفسدين كما اقترح بعض الناس تسليم حيثيات ومستندات قضية المدرسة لهيئة مكافحة الفساد لبراءة الذمة والبحث عن الناس وتسليم مستندات قضية المدرسة لهيئة مكافحة الفساد لبراعة الذمة والبحث عن أرض لبناء المدرسة حتى لا تطول المأساة وتتفاقم يوماً بعد يوم في ظل منظومة الاختلاسات والفساد.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد