منذ عشرة أيام تقريباً وجماعة الحوثي المسلحة تقوم بوضع الملصقات واللوحات واللافتات القماشية الدعائية ـ الخاصة بإحياء المولد النبوي ـ على صاحبه أفضل الصلاة والتسليم في معظم شوارع المدن الرئيسية وفي أكثر من محافظة، خاصة في تلك المحافظات التي ترى قيادة الجماعة أن مؤيديها في تزايد مستمر.. حتى وقت قريب كانت جماعة الحوثي تحيي فعالياتها بسرية تامة، وفي أماكن مغلقة، لعديد من الأسباب أولها رفض السلطات الرسمية السماح لها بإقامتها بصورة علنية، لإدراكها بأن الفعالية يوظف فيها الدين ويتم استغلالها باسم الفعاليات الدينية، الغرض منه سياسي وليس دينياً، وهو ما تدركه قيادات جماعة الحوثي نفسها..
اليوم ونتيجة هشاشة السلطة المركزية، وضعف أجهزة الدولة، بات الوضع مختلفاً تماماً، فجماعة الحوثي المسلحة ـ التي كانت تقيم فعالياتها في مناطق محدودة وغرف مغلقة ـ تقوم حالياً بالعمل على حشد أكبر عدد ممكن لإقامة فعالياتها دون أي اعتراض رسمي يقابله حيرة شعبية، لهذا الصمت.. إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف، تشكل اليوم أرضية خصبة لفعالية سياسية وعملية استعراض مسلحة لجماعة التي بدأت منذ أكثر من ثلاثة أسابيع لحشد إمكانياتها لإقامة مهرجانها الاستعراضي في العاصمة صنعاء تحت يافطة "المولد النبوي الشريف" فالملصقات التابعة للحوثيين الخاصة بذكرى مولد خير خلق الله صلوات الله عليه، تم استغلالها في نشر شعار الصرخة أو شعار الموت المعروف الذي تردده عناصر الجماعة وتتخذ منه شعاراً للتعريف بنفسها والزعم بأنها تعادي أسرائيل وأميركا.. حيث تم إلصاق شعار "الموت مع معظم اللوحات الدعائية الخاصة بالاحتفائية التي ستقيمها جماعة الحوثي المسلحة عصر يوم الخميس في منطقة "قاع القيضي" على الشارع العام المسمى "شارع المائة" وتعتبر هذه المنطقة أحد المناطق التابعة لمديرية سنحان، مسقط رأس الرئيس السابق/ علي عبدالله صالح وتعتبر أيضاً منطقة "قاع القيضي" واحدة من أهم المواقع المسيطرة على المدخل الجنوبي لأمانة العاصمة، وقريبة أيضاً لسكان العاصمة وقرى ثلاث مديريات هي "سنحان، خولان، بني مطر".
المعلومات الواردة حول هذه الاحتفائية التي يشهدها الشارع اليمني لأول مرة في أمانة العاصمة، تفيد بأن أطقماً مسلحة وعناصر مدججين بالسلاح من أتباع الحوثيين، بدأوا بالتواجد في المنطقة منذ نحو أسبوع بدواعي الحماية الأمنية للمنطقة التي سيقام فيها الحفل، الذي يرى فيه المواطن اليمني مخالفاً تماماً لما متعارف عليه في إحياء ذكرى مولد منقذ البشرية، والنبي الأكرم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتقوم وزارة الأوقاف سنوياً بتوزيع الخطباء والدعاة على معظم المساجد، لإلقاء المحاضرات والخواطر والكلمات التي تستعرض السيرة العطرة لخير خلق الله، وإحياء هذه المناسبة داخل المساجد بعيداً عن أي استغلال سياسي لها.
قيادة جماعة الحوثي تدرك بأن ارتباط الأحتفائية الاستعراضية التي ستقيمها يوم الخميس بذكرى المولد النبوي الشريف، تدرك بأن هذا الارتباط سيوفر لها الأرضية المناسبة لإقامة أي فعالية سياسية وعملية استعراضية للقوة التي باتت عليه الجماعة.. الحشد الذي يقوم به الحوثيون والإمكانات المسخرة التي تم تخصيصها لإقامة هذه الفعالية في أمانة العاصمة يؤكد بأن جماعة الحوثي ستحول هذه المناسبة الدينية إلى فعالية سياسية تستعرض فيها قوتها تحت يافظة نصرة النبي الأعظم ـ الذي تنكر الجماعة سنته عليه الصلاة والسلام كواحدة من أهم معتقدات فريق الاثنى العشرية التي تنتمي لها جماعة الحوثي ـ خاصة وأنها تأتي قبيل فترة وجيزة من زيادة أعضاء مجلس الأمن وانعقاد واجتماع لأعضائه في اليمن..
