عاصمة السياحة تغرق بين أكوام القمامة

2013-02-27 15:52:41 كتب/ نشوان الحاج


 إب حيث تتنفس الهواء النقي وتستمتع عيناك بالخضرة الدائمة.. لم يعد ذلك عنوان عاصمة السياحة اليمنية الآن.. فكلما يممت وجهك في أي اتجاه من شوارع وأرصفة اللواء الأخضر فلن تجد سوى أكوام القمامة تتكدس هنا وهناك, فالباحات والجزر الصغيرة المخصصة للزارعة وسط الشوارع غدت مقالب للقمامة تنبعث منها الروائح الكريهة، مكونة وسطاً مناسباً لانتشار الأمراض والأوبئة في ظل تقاعس الجهات الرسمية، وإضراب عمال النظافة، وهو الأمر نفسه الذي طال العديد من المحافظات بسبب إهمال قضايا عمال النظافة ومطالبهم.


لا يفصلنا عن بداية العام الجاري سوى أربعين يوماً حين أعلنت المبادرات الشبابية أن اليوم الأول من العام سيكون يوم نظافة عامة لشوارع وأحياء المدينة, قيادات السلطة المحلية احتفلت بالمشروع واستغلته لابتزاز الشركات والتجار باسم دعم حملة النظافة التي لم تتعد مشاركتها سوى مهرجان التدشين والتي تسابق أعضاؤها على التقاط الصور والتصاريح الإعلامية مدفوعة الأجر الذي خصص للتغطية الإعلامية في القنوات الرسمية (مبلغ 1,500,000) ريال وبعدها تبين أن ما نهب باسم حملة النظافة حوالي (63)مليون ريال .
وفي يوم النظافة الأول من العام الجاري بعيداً عن البرتوكولات الرسمية وكرنفالات الزيف ومهرجانات الصور, خرج أبناء إب من شباب وشيوخ وأطفال للمشاركة في تنظيف مدينتهم, باذلين جهداً رائعاً رسموا من خلاله أبهى معاني الجمال, أعادوا لمدينتهم اعتبارها لتكون عروساً السياحة اليمنية من خلال تلوين أرصفة الشوارع وعمل الرسومات الجدارية المعبرة والعبارات الإرشادية البيئية والشعارات الوطنية استمراراً لجهودهم الثورية, معبرين للمجتمع من حولهم أنهم مستمرون في عطاءاتهم الثورية, منتقلين إلى ثورة البناء التي تحتاجها البلاد.. لكن ثمة مثل شعبي يقول(مخرب غلب ألف بانٍ).

عمال النظافة
عمال النظافة صناع الجمال الذين يمنحون مدننا قيمتها ورونقها, إنهم يمنحوننا أروع قيم الإنسانية, يحيون في أرواحنا قيم الحسن, بجهودهم ينشرون النور في أنفسنا, إنهم أجمل ما في مدننا، ولن نبالغ لو قلنا إنهم يجبوننا أكثر منا، لكنهم دائماً ما يتعرضون لممارسات تعسفية من قبل قيادة صناديق النظافة والتحسين وسط تجاهل وتغافل السلطات المحلية لمطالبهم في تثبيتهم الوظيفي, بحيث أمضى الكثير منهم أكثر من خمسة عشر سنة ومازال يعمل بنظام التعاقد, كما أنهم عرضة للكثير من الإجراءات والتعسفات, بالإضافة إلى الحرمان من أبسط الحقوق كالرعاية الطبية لهم وأسرهم, فهم عرضة للأمراض والأوبئة، لطبيعة عملهم, فعملية التثبيت الوظيفي التي تحدث تكون في غالبها لصالح الموظفين الإداريين الذين يشكلون أضعاف أعداد عمال النظافة من أربع إلى خمس مرات أو بعضهم مغترب في الخارج محسوبون على نافذين من قيادة السلطة المحلية والصندوق الذين دائماً ما يقومون بتوظيف أقاربهم ومعارفهم بعيداً عن المعايير أو الاحتياج والخطط الإدارية المتعارف عليها في المصالح الحكومية, وهم يعتبرون ذلك حقاً شخصياً يمنح لها سنوياً, هؤلاء يعيشون نفس الأجواء التي اعتادوا عليها منذ تأسيس الصندوق إلى اليوم ولم يشعروا أن ثمة تغييراً قد حدث في البلاد يحتم عليهم التعامل معه بإيجابية..
تم تثبيت الكثير من العمال والمراقبين بعد التأكد من صحة بياناتهم وبقى عدد(93) فرداً لم تستكمل إجراءاتهم, لعدم صحة بياناتهم التي رفعت من الصندوق بشكل خاطئ حسب تصريح مدير مكتب الخدمة لإحدى القنوات.. احد قيادات نقابة عمال النظافة في تصريح لنفس القناة يوضح أن العرقلة من إدارة الصندوق وليست من جهة أخرى.

النظافة وسيلة أعداء التغيير
يمثل صندوق النظافة الصندوق الأسود الذي لا يعلم مكنوناته سوى أشخاص قليلين هم الذي يديرونه بصورة غير مباشرة, فلم تطله أعين الأجهزة الرقابية منذ تأسيسه, بحيث لا يخضع لأي أسلوب من الرقابة على إيراداته أو مصروفاته, بحيث سخر من الوهلة الأولى لتمويل الأنشطة الحزبية لحزب المؤتمر ونافذين من قياداته في السلطة المحلية, لذلك يستخدم اليوم من أجل رسم صورة سيئة عن الثورة ومخرجاتها, خاصة وأن النظافة تمثل احتياجاً جمعياً لكل الناس والتقصير فيها يظهر بشكل سريع أمام أعين الناس وبذلك يحصل التذمر وتتولد لديهم القناعات بعدم جدوى التغيير والثورة, ومن اجل تشويه صورة ومعاني الثورة أوساط الناس من خلال تحشيد آلة إعلامية كبيرة في أوساط المجتمع بأن الحكومة ترفض تثبيت العمال, فما معنى أن يقف احدهم بجوار أكوام القمائم وينادي بأعلى صوته: أين باسندوه, ماله ما يخرج ينظف الشوارع.. فيجيبه آخر جالس يشتري السيارات: ما قدر يمنح عمال النظافة حقهم.. ويأتي احد عمال النظافة من غير أصحاب البشرة السوداء مفصحاً عن مالم يفصح به الأوائل قائلاً: تستأهلوا أنتم شعب يمني, قد كنتم على علي صالح قلتم تشتوا ثورة, هذا وما قد له إلا سنة فكيف بعد خمس سنوات ( فإذا عرف السبب بطل العجب).

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد